شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قصائد للشاعر العراقي الأستاذ يحيى عباس السَّماوي (1)
ـ 1 ـ
أعطيت الكلمة للشاعر المبدع الأستاذ يحيى عباس عبود السماوي فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم.. بعد أفضل الصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين، الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم السلام عليكم أيها الطيبون..
بدءاً سأعترف بشيء سأفترض وجود شيء آخر؛ الاعتراف هو أنني حاولت منذ أيام أن أجمع النهر بكوزي فلم أستطع؛ أريد أن اقول كلمة شكر.. ولكن أنَّى لي أن اقولها إن كنت مثقوب الحنجرة؟ وكيف لي أن أعبر عن حب أهل لي إذا كانت الكلمات أكبر من حنجرتي؟ أسأل الله ألا أكون في حلم الآن.
لقد عافى شعري الشيخ الأديب، ولقد بات فضله ملمحاً كخضرة عينيه؛ وأقسم بالله أنني أصغر من أن أعبر عن شكري، ولذا سأقول: أشكر الشيخ الكريم الأديب باسم ثلاثة ملايين مشرد عراقي، وباسم أخواني المحصنات في وطن غير محصن، باسم الشرف المستباح، وباسم وطن كان يشبه قصيدة شعر فأصبح يشبه تابوتاً، وإني أخجل لأنني لم أستطع أن أسأل تلك السيدة الطيبة التي ولدتني فيما إن كانت قد ولدتني على ظهر هودج؛ وأنني كنت مربوطاً إلى رحمها بسوط شرطي وليس بحبل مشيمة؛ وإلاَّ فلماذا أصبح وجهي شارعاً تتمشى عليه صفعات بعث بغداد؟ ولماذا كتب علي أن أعيش التشرد في وقت لم أكن أعرف فيه موسى الحلاقة.
سأبتدر شيئاً أيها الطيبون، سأفترض أنكم صبورون وستتحملون مني هذا الشوق الَّذي أزعم أنه شعر، بيد أني سأطلب منكم بتوسل أن تغفروا ضعفي أمام مشاكسة عيني لو أساءتا العلاقة مع روحي، وإذا حدث وأمطرت سماء عيني فليس بكاء لا والله، إنما لأنني اعتدت طيلة جيلين ألاَّ أبكي؛ فقد عرفنا ـ في العراق ـ أن الَّذي يبكي يجلب اللذة للجلاد، فلذا كنت أكابر وأضحك مع أن قوس النار يلتف حول عنقي، وإذا حدث وخانتني عيناي فإن حبي لكم لن يخون، أعاهدكم على أن أحبكم كل الحب باستثناء شيئين سأحبكم أكثر من أشياء كثيرة، باستثناء شيئين: الدين والوطن؛ فأنا لا أسمح لحبيب أن يصل هاتين الصفتين. أخشى أن تخونني الكلمات.
وهذه قصيدة عنوانها: ((يا غابة الفضل)) أهديها إلى كريم الأدب، وهو أديب الكرم الشيخ عبد المقصود خوجه.
((يا غابة الفضل)) (2)
كفى بفضلك نوراً عند ذي نكد
أن أشمس الليل رغم الهم والكمد
ويا نديا وريق الظل في وطن
أراده الله يبقى كالخلود ندي
من بعض فضلك هذا الشعر أنضده وكان منذ ربيع غير منتضد
يا غابة الفضل تسقي من مكارمها غراسها من أب حر إلى ولد
أنزلتني منك قلباً شع من نسك
فباركته حقول النسك بالرغد
مهلاً فديتك إني غير مقتدر
حمل الجبال وغابات الندى بيدي
حقائبي ضجرت مني وأضجرني أني أخيط قميص النفي في جلد
أجل تعبت ومل البحر أشرعتي
ألعنة؟ فأعيش النفي للأبد
عطشان أبحث عن ماء يعمدني
بالماء إن قليبي كالفرات صدي
كل الفوارس قد عادت لساحلها
فما لنورس قلبي بعد لم يعد
يرود بعض بغاث البغي من عسل
وغير قيح صديد القهر لم أرد
أدور حول نواعيري فما وصلت
قوافلي غير بئر مقفر حرد
تثاقل الفجر لم يقرب لنافذتي
وحول شرفة أهلي سيف مرتصد
فيا جليد ليالي النفي كن لهباً
بين العراق ويا نيران فابتردي
يا شهقة الضوء في قنديل أزمنة
خبت هناك ألا بالله فاتقدي
أنا الغريق بأمواهي يمزقني
سيفي وينهش ناب الحزن من جسدي
لمن تفتح زهر الشوق في مقلي
وعربد الوجد كالطوفان في كبدي؟
لمن وهبت مياه العشق إن شفتي
تَعْيَى ويوهن هذا البعد من عضدي؟
بيني وبين حقول الرافدين دم
على الدروب وصحراء من الكمد
عام وبعض حطام العام لا خبرٌ
ممن أحب ولا ليلي بمبتعد
فإن كتمت لهيب الوجد أحرقني
وإن فضحت رأيت النار في بردي
أنيخ قلبي لأحلامي وما طرقت
إلاَّ وتطرقني الأحلام في نكد
فيا حطام شبابي كيف تشفع لي
كهولة ورماد العمر ملء يدي
وقيل ما قيل عني أنني دنف
عيناه من سهرٍ: حقلان من رمد
وقيل عني مجنون يؤرقه
راح المدائن لا ريحانة الرؤد
وأنني سندباد دون أشرعة
بحاره دمعه لا موجة الزبد
وكنت أحسبني طفلاً إذا ركضت
بي السنون أتاني طائر السعد
جلست أنبش أيامي أمعصية؟
وهل على بردتي البيضاء من سَوَد
إني سألتك غفراناً فما عرفت
عيناي موبقة أو جرم مفتسد
وكنت منذ ربيع العمر مُنغرساً
جذراً بظلمة كهف مرعب صلد
وإذ خرجت فلا طفلي ولا أبتي
سوى حقول جراحات بلا ضمد
وكان شكل رغيف الخبز ـ من سغب ـ
نجماً من الطين في سقف بلا وتد
سألتك العفو يا أماه عن ولد
ما خان ثديك لما غاب عن عمد
ويا تقية صفحاً ثم معذرة
فلون جرحك من عيني ومن كبدي
جار اللئام وما جار الزمان وقد
أبى وليدك كفراناً بمعتقد
فيا دوارس مني شوق مغترب
ضُمي لصدر أبي في رقة ولدي
لك السلام قبور الأهل قاطبة
تنعَّمي برياض الواحد الأحد
أكاد حتى رفات الميت أحسده
غداة يملك أرض القبر في بلدي
أعدَّ لي وطني لما فتنت به
سيفين قد شهقا جيلين في جسدي
أجالد الروح يا روح اصبري فلنا
وعد مع المرتجى والمنهل الغرد
وإن من رحلوا عنا ستجمعنا
إليهم بعد حين دارة الصمد
جنى الوجاق فلا أخت لتسجره
ولا العجوز وجمري غير منخمد
وأعجب العجب المفضوح في وطني
أن المشرد أضحى موضع الحسد
تركت دجلة يعوي في خرائبها
كلب وتمرع ذئبان بلا عدد
فما جلست إلى شطآنها غرداً
إلاَّ ويسبقني نحو العذاب غدي
تمخض الرجس يوماً في مرابعها
فليت ((صبحة)) (3) لم تحبل ولم تلد
فيا كريم عشير الحرف شرفني
منك السؤال عن المحزون للأبد
ويا أديب عشير الجود في مقلي
شكر وفي خافقي شكر وفي خلدي
أبا الفضائل عذراً إن قافيتي
تعيى ويخذلني حرفي فلم أجد
فيا مسرة كوني زاده أبداً
ويا نعيم استرح في داره وزد
ويا ضياء استحم في روض مقلته
ويا نجوم على شباكه احتشدي
كفى بفضلك نوراً لم يَعُدْ رمدٌ
في مقلتيَّ ولا قلبي بمنتكد
 
طباعة

تعليق

 القراءات :362  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 182 من 192
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثاني - النثر - حصاد الأيام: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج