يا رياضَ المُنى وروضَ الأمانِ |
لكِ مِني تَحيةُ الهيمانِ |
أنتِ أمنيتي ومَهْوى فُؤادي |
ومناطُ الشُعورِ من وجداني |
لاحَ في خاطري خيالك لما |
داعبت غَفْوَة الكرىَ أجفاني |
فتنسمتُ من رُبَاك عبيراً |
عَبقرِيَ الشَذى` سَرى` في كياني |
وجَلا برقُكِ المُضيء غيوماً |
جَلَّلت بالسواد بِيضَ الأماني |
إيه أرضَ الحجاز يا مهبطَ الوحي ويا منبَع الهُدَى والبيان |
أنتِ مَهْد الإسلام مُذلاَحَ في الأفق هلالاً ومأرِزُ الإيمان |
أَشْرَقتْ مِنك للهدايةِ شمسٌ |
بَسَطَتْ نُورَها على الأكوانِ |
فَتَهادتْ مواكِبُ الفَتح تَتْرى |
وتَنَادت كَواكبُ الفُرسَانِ |
فيك للمجد والفَخَارِ مناراتٌ عِظامٌ وحَسْبُكِ الحَرمَانِ |
كلُ قلبٍ إليكِ يَهوي ويَهْفُو |
في اشتياقٍ كَلَهفةِ الظمآنِ |
إيه أُمَ القُرى سقَتك الغوادي |
ورعا الله فيك تلك المَغَاني |
أَنْتِ مهدُ الصِّبا ومجْلا شَبابي |
ومقرُ الصِحَاب والإخوانِ |
ما تركناك عن قِلىّ أو جَفَاءٍ |
أو سَئِمْنَا على رُباك التداني |
بل حَدانا إلى الرياضِ اشتياقٌ |
لِرُبُوعٍ ريَّانَةِ الأَفْنَانِ |
هي لِلمُلْكِ مَعْقِلٌ وهي لِلأُسْدٍ عرينٌ مُوطَّدُ الأركانِ |
فاسْتَقرَّت بنا الحياةُ وأَلْقَينا عَصَانَا في المَرْبَعِ الفَينانِ |
يا عروساً بِها ازْدَهَى شاطىءُ البحر وغَنَّى لها بَدِيعَ الأَغانِي |
أنتِ ثَغْرُ الحجازِ يا لَكِ من |
ثَغْرٍ بِعَذْبِ ابتسامةِ المُزْدَان |
قد كساك الإلهُ حلَة حُسْنٍ |
فَتَبَاهَيْ بالشاطىءِ الفتَّانِ |
واسْبَحي في الضِيَاءِ يَسْطعُ في أَرْجَائك الفيح من عُقُودِ جُمانِ |
وازْدَهي بالعُلُومِ شِيدَتْ لَها فيك صروحٌ مَتِينةُ البُنْيانِ |
وبِفنٍ تشدو أغاريدُه فيك بأحْلَى وأعْذَبِ الألحانِ |
واسْعدي بالنساءِ من رائداتٍ |
وشَوادٍ إلى العلاءِ روانِ |
وافخري بالرجالِ أبنائك الصِيدِ تساموا للمجدِ عَبر الزمانِ |
من شُيوخٍ لَهُم نَدينُ بفضلٍ |
وشبابٍ بهمْ تُنَاطُ الأماني |
من كعبد المقصودِ جامعَ شَمْلٍ |
لِرجَالِ العُلُومِ والعِرفانِ؟ |
مجلسٌ مثلُ رَوضة حفَّها |
الزهرُ فمن سَوسنٍ إلى أُقْحوان |
[وابتسام] كما تفخَّ نَوْرٌ |
فوقَ غُصنِ الحديقةِ الريانِ |
ومحيَّا يفيضُ بِشْراً وإيناساً |
كَزَهْرِ الرياضِ في نَيْسانِ |
أيها السَامِعُونَ عَفواً فَقدْ جاشَ فُؤادي ولم يُعبِّرْ لِساني |
فاعْذرُوني إذا تقاصَرَ شِعري |
واسْمَحُوا لِي إذا اسْتَطال بَياني |
فلقد عشت في حياتي على خَطَّينِ منْ رِقَّةٍ ومِن عُنْفُوانِ |
بين سيفٍ لَهُ عَليَّ حقوقٌ |
ويراعٍ يَختْالُ فوق بَناني |
قد بَدأتُ الحياةَ خدن كتابٍ |
أصْطَفِيه عن سَائِر الأَخْدَانِ |
ثم سِرْنَا في الأَرْضِ نَسْعَى لِمَجْدٍ |
داعَبَتْنَا رُؤاهُ باللَمعانِ |
ثم عُدنا والعَود أحمدُ للكُتبِ ونِعَم الجليسُ في ذا الزَمَانِ |
خيرُ ما يتركُ الفتَى خَلْفَهُ ذِكرٌ حَمِيدٌ يَجْري بِكُلِ لسانِ |