شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفي سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه ))
ثم أعطيت الكلمة لصاحب الاثنينية سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم..
- والصلاةُ والسلام على أشرفِ المرسلين وخاتم النبيين.. سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الكرام الطاهرين.
- أيها الأحبةُ الكرام:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
- تدور بنا عجلةُ الأيام في سرعتِها الرهيبة، تدفعُنا للمضي قُدماً مع تيارِها الضاري، وندفعُها عُنفاً لنلتفت للوراء قليلاً عَلنا نقتبسُ من تجارِبنا وتجارِب الآخرين، ما ينيرُ لنا الطريقَ الموحشَ نحو هاوية المجهول.. ومن الأساتذةِ الكبارِ القلائلِ الَّذين حاولوا بكلِ جهدٍ وحرصٍ الوقوفَ في وجهِ التيارِ الجارِف، والاستفادةَ من معطياتِ التاريخ، أستاذُنا الكبير الدكتور العلامة حسن ظاظا.. فمرحباً به وبصحبه الكرام، وبوجوهِكم النيرة في هذا الحفل الَّذي نضيئُه شمعةً لتكريمه، وهو الَّذي أعطى الكثيرَ بما يفوقُ مِراراً تقصيرنا تجاهه.
- أستاذُنا الدكتور حسن ظاظا غالبَ المرضَ، والظرفَ الصحي الَّذي يمرُّ به لكي يمتعنا بلقائه، ذلك أنه اعتاد عبر سنوات عمره المديد بإذن الله على العطاءِ بغيرِ حساب، فكانت استجابَته الكريمة لدعوةِ "الاثنينية" تكريماً لنا غير مستغربٍ عليه، وهو الَّذي نعرفُ حبّه للعلمِ، والعلماءِ، والكلمةِ الصادقةِ، والوفاءِ لهذا الكيانِ الكبير.
- كما تعلمون أيها الأحبة.. أن الكثيرَ قد كَتب عن الصهيونيةِ واليهودية، ولا نبخُس ما تم من محاولاتٍ لكشفِ هذا الأخطبوط الَّذي مد أذرعتَه ليجتاحَ عالَمنا الإِسلامي والعربي بغير هوادة، غير أن هناك حقيقة يجب أن نقولها للتاريخ، وهي أن كتاباتِ الأستاذ الدكتور حسن ظاظا لها عمقٌ خاص ينبع من كونِه عالماً أصيلاً ببواطنِ ونوايا الأخطبوط الصهيوني العالمي، وقد استقى علمَه من القومِ أنفسهِم، حين ألزمَ نفسَه بتعلُّم لغتِهم التي يعتبرها البعضُ من اللغاتِ الميتة، ولكنهم أحيوها إمعاناً في التمسك بمخططهم الجهنمي للتوغلِ في جسدِ الأمةِ العربيةِ والإِسلاميةِ عن عمدٍ وإِصرار.
- وهكذا جاءت كتاباتُ الأستاذ الدكتور حسن ظاظا فريدة في محتواها وعمقِها وتحليلاتِها؛ بحيث يضعُ لنا النتائجَ نلمسُها ونستشعرها بكل الحواسِ الممكنةِ، دون أن يساورَنا ريبٌ في أنها قد أتت من أستاذٍ كبير، له باعٌ طويلٌ في سبرِ غورِ أسرارِ العدو الأبدي، وقد درسَ أستاذُنا تاريخَ الفكرِ اليهوديِ منذ عهودٍ سحيقة.. منذ عهد إبراهيم عليه السلام.. ليقولَ لنا كلمتَه في النهاية، وما أصدقَها من كلمةٍ حين يقول: (إنني لا أرى السلام مع اليهود مستحيلاً، ولكنني لا أرى له مع الصهيونية طريقاً واضحة؛ إلاَّ أن يغيرَ القومُ من أنفسهِم وأخلاقهِم وتخطيطهِم الجهنمي الخبيث، وما أظنُ هناكَ أملاً في ذلك في المستقبل القريب) هذه كلمة حقٍ خلُصَ إليها في كتابهِ القيم: (أبحاثٌ في الفكر اليهودي).. وقد جاء الدليلُ تلو الدليل من واقعِ الأحداثِ التي عشناها جميعاً، وآخرُها مذبحةُ الجمعةِ الحزينةِ في الحرم الإبراهيمي الشريف.
- إضاءةٌ أخرى وقفَ عندها أستاذُنا الدكتور حسن ظاظا، عندما أشارَ بعد درسٍ وتمحيصٍ إلى الاحتواءِ اليهوديِ لمعظمِ الآثارِ الإنسانيةِ وادعائِها لنفسه، رغمَ أنه بعيدٌ عنها كلَ البعدِ نظراً لطبيعةِ الفكرِ الديني اليهودي العنصري، لكن سياحتَهم في العالم مكنتهم من اقتباسِ معظمِ حضاراتِ الأمم ونسبتِها إليهم دون وجلٍ أو حياء، حتى أنهم يتفاخرون بالديمقراطيةِ والحريةِ وحقوقِ الإنسان، في الوقتِ الَّذي يمارسون فيه أمامَ سمعِ العالمِ وبصرِهِ أشنعَ أنواعِ العنصريةِ والبربريةِ والإِرهاب.. هذا الجانبُ يكشفه لنا الأستاذ الدكتور حسن ظاظا بكلِ هدوء وتؤدةٍ في كتابه: (الفكر الديني اليهودي) واضعاً اللبنةَ الأولى لمزيدٍ من البحوثِ في هذا المضمار الهام.
- وكما جاء في الأثر.. أن من عرفَ لغة قومٍ أمن شرهم.. فإن ضيفَنا الكبير قد عرف لغةَ اليهود لا ليأمنَ شرهم فقط، وإنما ليضيءَ لنا شمعةً في النقعِ الَّذي أثاروه حولَ العالِم لكي يتعاطَف معهم، على أساسِ أنهم شعبُ الله المختار، وأنهم ضحيةُ النازية، وأنهم مستضعفون في الأرض؛ وفي ذاتِ الوقت عملوا على بناءِ شخصيةٍ فوقية عنصريةٍ إرهابيةٍ؛ تسعى إلى تأكيدِ اغتصابِها للأرضِ العربيةِ.. وقد بسط أستاذُنا الكبير هذا الموضوع ضمن كتابه القيم: (الشخصية الإسرائيلية) ليكون كلُ قارئٍ على علمٍ تام بهذه المجموعة البشرية التي يجب عليه أن يتصدى لها بفهمٍ وواقعية، تؤهله لمقارعةِ الحجة بالحجة في عالمٍ ليس فيه للضعفاء مكان.
- كما أن هناك مؤلفات أخرى لضيفنا الكبير، تناولَ خلالَها اللغاتِ السامية والعربيةِ وكلُّها ذاتُ قيمة كبيرة، ولا غنى لأي مثقف أو دارس عن الاستزادة بها.. وهي تشكل في مجموعها بوابةً كبيرة لمزيد من الدراساتِ والبحوثِ التي نأمل أن تتكثفَ، حتى نخرجَ من النفقِ الضيق الَّذي نعيشُه اليومَ نتيجةَ تراكماتٍ لا داعي للخوض في تفاصيلها.. ونسأل الله (العلي القدير) أن يجعلَ هذا الجهد الخير في ميزانِ حسناتِه، وينفعَ به، ويجعلَنا قادرين على تناولِ مؤلفاتِه بالدرسِ والاجتهادِ اللازمين تحصيلاً وتطبيقاً.. لأننا في معركةٍ شرسةٍ لها من كل سلاحٍ نوع بل أنواع.. ولعل من أهمها سلاحُ الكلمة؛ وسلاحُ الفكرِ، وسلاحُ الإعلام، وسلاحُ الإيمانِ التامِ بقضايانا المصيرية..، ونتطلع بكل شغفٍ لمزيدٍ من هذه النقاطِ المضيئة.. والشموعِ النيرة، فلئن تضيءْ شمعة مرة خيرٌ من أن تلعنَ الظلام ألفَ مرة.
- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :730  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 118 من 155
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.