شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > كتاب الاثنينية > الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها > الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية > (بركة ماجن) كانت المتنفس الوحيد الذي يجد فيه أمثالنا الصغار مكاناً للهو والمرح
 
حوار صريح جداً مع صاحب (الاثنينية) عبد المقصود خوجه:
(بركة ماجن) كانت المتنفس الوحيد الذي يجد فيه أمثالنا الصغار مكاناً للهو والمرح (1)
أجراه: شاكر عبد العزيز
ضيف هذا الحوار.. الصريح جداً.. يأخذك بعذب كلامه ويبهرك بوهج حضوره في عالم الاهتمام بالكلمة والثقافة والأدب والفكر.. فعلى الرغم من أنه رجل أعمال ناجح في مشاريعه التجارية والعقارية فإنه أصبح صاحب أكثر الصالونات الأدبية شهرة في بلادنا والبلدان العربية الشقيقة وأقصد بها (الاثنينية) التي إذا ما ذكر هذا الاسم إلا واقترن بها على الفور اسم صاحب هذا الحوار الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه.. فكيف اجتمع.. عالم (الثروة) مع (عالم الثقافة والفكر) وهل يمكن للإنسان أن يجمع بين هذين العالمين؟ في آن واحد؟.. حاولنا الاقتراب من صاحب الاثنينية في حوار (غير نمطي) نطوف معه عن زملاء الطفولة المبكرة في (مكة المكرمة) أحب البلاد إلى الله.. ونعرّج على مرحلة الشباب والصبا ثم مرحلة النضج والعمل الوظيفي الذي بدأه في الديوان الملكي لدى المفوضية السعودية في بيروت ثم مديراً لمكتب الصحافة في السفارة ببيروت ثم مديراً للمكتب الخاص للمديرية العامة للإذاعة.. إلى أن تقلّد منصب المدير للإدارة العامة للإذاعة والصحافة والنشر إلى أن ترك العمل الحكومي طواعية عام 1393هـ وتفرغ للعمل الخاص.
.. يكشف الأستاذ عبد المقصود خوجه في هذا الحوار عن جوانب جديدة.. من حياة والده الذي تولى رئاسة تحرير (أم القرى) والخارطة الثقافية في المجتمع المكي في هذا الوقت.
.. كما يروي جانباً من الذين ساهموا بالكتابة في كتاب (وحي الصحراء) الذي ألّفه والده مع صديقه (عبد الله بلخير) ولعلّ من المصادفات التي يروي لنا الشيخ عبد المقصود خوجه تأصيلها أن يكون والده محمد سعيد خوجه هو أول من نادى بضرورة (الكشف الصحي للمتزوجين من الرجال) في العدد 26 من صحيفة (صوت الحجاز) الصادر في 2/6/1351هـ أي قبل سبعين عاماً من الآن؟
.. الحديث مع الأستاذ الأديب عبد المقصود خوجه حديث ذو شجون فقد اختار كلماته بعناية شديدة ليجيب عن أسئلة (البلاد) بصراحة فجاء هذا الحوار الثري بالمعلومة.. والمعنى والمصداقية التي نلمسها من خلال ثنايا الحوار.
ـ سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه.. نود إطلالة سريعة على مرحلة الطفولة المبكرة.. أين كانت.. ومن هم زملاء هذه المرحلة.. ومع من تتواصل حتى الآن؟
ـ الميلاد.. والطفولة المبكرة كانتا في أحب البلاد إلى الله، مكة المكرمة، وزملاء تلك المرحلة كثر وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر.. مع حفظ الألقاب: بكر بابصيل، وعبد الرزاق حمزة، ومحمد عمر العامودي، وعباس غزاوي، وعبد الله أبو السمح وحسن جوهرجي، وإبراهيم الطاسان، والسيدين أمين وعبد الله عطاس، والدكتورين محمود سفر وفايز بدر رحمه الله ونوري عيد، ومحمد أنعم، وفؤاد أبو الخير.. ومن أصدقاء الصبا.. مع فارق السن د. محمد عبده يماني، وعبد الرحمن هرساني، وغيرهم.. وعفواً لمن سهى عليَّ ذكر اسمهم، وهذا من عفو الخاطر.. فسامحونا.
ـ مرحلة الشباب المبكر.. ماذا تذكر منها؟ وأين كانت؟
ـ لعل ما يسمىَّ البركة ـ بركة ماجن ـ كانت المتنفس الوحيد الذي يجد فيه أمثالنا من الصغار ـ وحتى الكبار ـ مكاناً للهو والمرح، وبالنظر إلى أنني تربيت يتيماً فقد كان السيد الجليل عقيل عطاس رحمه الله بعطفه وحنان أبوَّته وعظمة الرجال من أمثاله، يصر على أن يأخذني مع ابنيه السيدين الزميلين الفاضلين أمين وعبد الله إلى بركة ماجن عصر كل جمعة، ولن أنسى حرصه عليَّ وعلى أخي، حيث كان يمسكنا بيديه في الطريق جيئة وذهاباً، تاركاً ابنيه للعمِّ خليل الذي كان يرافقه، ونعود بعد تلك النزهة إلى ذات الحياة الرتيبة الهادئة.. هذه الصورة ستبقى من الصور المجسدة بكل أبعادها الكريمة إذ لا أجد الكلمات التي أصف بها هذا الإيثار فيما حبانا به ونحن اليتيمين مع ابنيه، أما الذكريات فكثيرة، وتزاحمها والاسترسال فيها أمر يحتاج إلى صفحات، وابتسارها عقوق لتفتيت وتكسير هذه الذكريات بجمال ومضاتها وعبقها وحلاوة أيامها.. فللحج ذكريات، وللعيد ذكريات، ولندرة المطر وشح الماء على مكة المكرمة ذكريات، ولرمضان الذي صمت فيه نصف نهار وأنا طفل ذكريات، فهل يعي ويدرك أبناء الجيل الحاضر معنى ذلك؟ ففي الوقت الذي أصبح بالإمكان اختصار المسافات وربط شرق العالم بغربه في ثوانٍ أصبح التواصل بين الناس رغم قلة مقوّمات حضارتها عظيمة بعظمة أخلاقياتها، ذات مضامين ضاربة في أعماق النفس، ولها مزيج من الروحانيات والخصوصيات باجتماعياتها التي تتقاصر عن وصفها الكلمات، ولكن يبقى في النتيجة عبق تلك الذكريات مشعاً بألقها الدائم لتطغى على ما حولها.. تلك صفحة.. بعدها أتت دمشق حيث أكملت دراستي، وكانت آنذاك درَّة الشرق بعلمائها الأفذاذ، وحلقات علمها، وحضارتها الباذخة.
ـ ما هي أهم المحطات الوظيفية سواء في الحكومة أو القطاع الأهلي التي مررت بها؟
ـ عملت مندوباً من الديوان الملكي لدى المفوضية السعودية في بيروت، ثم مديراً للمكتب الصحفي بعد أن أصبحت سفارة.. وذلك في فترة 1375 ـ 1377هـ الموافق (1956 ـ 1985م).. ثم عيّنت مديراً للمكتب الخاص، للمديرية العامة للصحافة والإذاعة والنشر في جدة وذلك في فترة 1377 ـ 1379هـ الموافق (1958 ـ 1960م).. ثم مديراً للمكتب الخاص، ومديراً للإدارة العامة للإذاعة والصحافة والنشر في جدة خلال الفترة 1381 ـ 1383هـ الموافق (1961 ـ 1963م).. وفي عام 1383هـ الموافق 1963م طلبت التقاعد الاختياري من العمل الحكومي، واتجهت إلى الأعمال الحرة حيث أسست عدة شركات في مجال أعمال البناء والمقاولات والصناعة والفندقة.
ـ من هم أصدقاء الوالد المقربين الذين تذكرهم؟
ـ لقد كان للوالد رحمه الله بحكم عمله الصحافي والإداري وموقعه في خارطة الثقافة في المجتمع المكي، علاقات اجتماعية واسعة.. وعلاقات برجالات الدولة، بصفته رئيس تحرير صحيفة أم القرى الناطق الرسمي باسم الحكومة يوم لم يكن هناك وزارة إعلام ولا إذاعة ولا تلفزيون.. وأذكر من أصدقائه الخلص معالي الشيخ عبد الله بلخير رحمه الله، وسعادة الفاضل الأستاذ أحمد ملائكة متعه الله بالصحة والعافية، والذي لا يمكن أن تسميه إلا بسيدي أحمد وهذه من الآداب الحجازية، أسهموا بالكتابة في مؤلفه الموسوم (وحي الصحراء) مع صديقه عبد الله بلخير.. وأذكر منهم لمن لم يطلَّع على ذلك الكتاب (مع حفظ الألقاب ورحم الله من انتقل إلى دار البقاء وحفظ من على قيد الحياة ومتَّعه بالصحة والعافية) أحمد إبراهيم الغزاوي، أحمد السباعي، أحمد العربي، أحمد قنديل، حسين سراج، عبد القدوس الأنصاري، علي حافظ، عزيز ضياء، محمد حسن فقي، محمد حسن كتبي، وغيرهم ممن لا يتسع المقام لذكرهم.
ـ يعتبر والدكم الأديب محمد سعيد عبد المقصود خوجه ـ يرحمه الله ـ ممن نادوا بضرورة الفحص الطبي قبل الزواج.. وها هي رؤيته قد تحققت بعد أمد طويل.. كيف كان استقبالكم للأخبار وهي تتناقل الدعوة الجديدة المحسوبة لوالدكم سلفاً؟ وهل ترون أن روّادنا الأوائل وجدوا منا ما يستحقونه من إشادة وتذكر بأدوارهم الرائدة؟
ـ والدي (رحمه الله) أول من نادى بضرورة (الكشف الصحي للمتزوجين من الرجال).. وذلك في العدد 26 من صحيفة صوت الحجاز الصادر في 2/6/1351هـ.. أي قبل أكثر من سبعين عاماً.. وله أولويات أخرى، وقد جاء في مقاله ما يلي:
((إني أقول وأكرر قولي بضرورة إخراج كشف طبي للزوج فقط، ولا أقول للزوجة معه، لأسباب لا تخفى على من تدبر وأبصر، قبل عقد النكاح، لأن ذلك مفيد لنا ولازم لسلامة حياتنا، وحفظ نسلنا، ونظراً لأن هذا من واجبات مصلحة الصحة فإني ألفت نظرها إلى ذلك العمل اللازم، وهي أدرى بالطرق التي يمكنها أن تطبق النظرية تطبيقاً يصونها من العبث، لأن ذلك ضروري للأمة.. ومصلحة الصحة (لم تكن وزارة آنذاك) لا شك تعرف ذلك.
وفي مجتمع كانت تكتنفه الكثير من العادات البالية واجه والدي انتقاد الساخطين على أفكاره بصبر وأناة متمسكاً بكل حرف كتبه إلى أن اختاره الله عزّ وجلّ إلى جواره.. رحل مبكراً قبل أن يرى هذا اليوم الذي اعترف فيه المجتمع بصدق ما ذهب إليه.
وإن كنت سعيداً بما وصلت إليه قناعة المجتمع المعاصر بهذه الرؤية، ومسروراً بتوجيه معالي وزير الصحة الأستاذ الدكتور أسامة عبد المجيد شبكشي بتكثيف التوعية الإعلامية لحملة الفحص الطبي قبل الزواج إلا أنني حزين لما آل إليه مجتمعنا (الحاضر) من تجاهل لرموز (الماضي) ومعطياتهم الخيِّرة.
يحق للأمم أن تفخر بروّادها الأوائل الذين ساهموا في (التأسيس) بوعي يتجاوب مع متطلبات المرحلة، ويستشرف تطلعات المستقبل.. وإذا كانت ذاكرة التاريخ قد حفظت لنا أسماء عديدة أشرقت في سماء الوطن، فإن تذكير الجيل الجديد بأولئك الأفذاذ واجب على كتّابنا ومفكرينا، وغيرهم.. بما يمليه الإحساس بالدور الرائد الذي قاموا به وضحوا من أجله.. هل أصبحنا ذلك المجتمع الذي وصفه أديبنا الراحل محمد حسين زيدان بـ (الدَّفان)؟
لقد أطلت الجواب ولي مع القارئ الكريم موعد آخر إن شاء الله أتحدث فيه بالتفصيل عبر مقال خاص عن هذا الموضوع.
ـ الاثنينية امتداد لسنَّة حميدة بدأها الوالد (يرحمه الله).. ما هو أسلوب الوالد الذي جمع حوله أهل الأدب والمثقفين من أهل مكة؟
ـ كان والدي ـ يرحمه الله ـ من محبي الأدب، والكتابة الصحفية ـ خصوصاً المقالة الاجتماعية ـ ويحرص دائماً على الالتقاء برجال الفكر والأدب.. وفي مكتبه بجريدة أم القرى التي كان يرأس تحريرها مع إدارة مطبعتها ـ يحرص على عقد جلسات صباحية يجتمع فيها مع بعض أصدقائه من الأدباء والكتّاب والشعراء. ولك أن تتصور ما يدور في مثل هذه اللقاءات من محاورات أدبية، وتعليقات على طروحات صحفية أثيرت هنا وهناك في الصحف.. ومن هذا المجلس الصباحي والآخر المسائي الذي يعقد أحياناً في المنزل تولدت فكرة كتاب (وحي الصحراء)، وأفكار أخرى ذات توجهات خيرية واجتماعية.. وتبرز ((حفلة التعارف)) التي كان يدعو لها والدي كل عام في اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة بمنى ويحضرها عدد كبير من الشخصيات ورجال الأدب في البلاد وخارجها، كأقوى رابط سعى إليه الوالد لتفعيل الحركة الأدبية والاستفادة من الخبرات الثقافية التي يحملها أدباء من أقطار أخرى أتيحت لهم فرصة أداء فريضة الحج.
ـ سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه، هل حققت الاثنينية أغراضها؟ وماذا تأملون لها في المستقبل؟
ـ تهدف (( الاثنينية )) في المقام الأول إلى تكريم الشخصيات الأدبية المعاصرة التي أسهمت بعطاءات مميزة في مجال الفكر والثقافة والأدب، وكان لها رصيدها من التجارب الجديرة بالاسترجاع والتأمل، وتناقلها بين الأجيال.. ومن خلال فعاليات الاحتفاء بالضيف ينبثق النور المشع ببهاء الأدب وروعة الذكريات المضمخة برحيق التجارب، فنسعى إلى توثيق ذلك بالصوت والصورة، والتسجيل الحرفي في كتاب سلسلة الاثنينية الذي يصدر بعد نهاية كل موسم، والذي يهدى إلى رجالات الأدب ومحبيه، وكبار شخصيات المجتمع.
أما ما نأمله للاثنينية ـ مستقبلاً ـ فإن ذلك ينطلق من رغبات محبيها التي نستشفها من آرائهم ومقترحاتهم، ومن خلال التشاور والبحث عما يمكن إضافته، وقد أشرت في مقدمة الجزء (التاسع عشر) من (الاثنينية) بأنها تبحث دائماً عن إضافات تثريها ولا تخرج بها عن إطارها العام، فكانت فكرة (جائزة الاثنينية) قيد البحث والتمحيص والتدارس والتشاور مع ثلة من كبار الأدباء والمفكرين لتنضيح على نار هادئة وتواكب بمشيئة الله انطلاقة مهرجان اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية.. ولديّ فكرة موازية (أتمناها كحلم) لترسيخ (( الاثنينية )) كمنتدى ثقافي أدبي في بلد الفائز الأول، بما يتفق وعادات وتقاليد ذلك البلد وما يراه رجالات علمه وأدبائه، على أن تقوم (( الاثنينية )) الأم بدورها في تقديم خبرتها والتوأمة بينها وبين نظيراتها.
كما نأمل أن نسعد بتكريم بعض المبدعات وإتاحة الفرصة لهن لإدارة الحوار بما يتفق وتعاليمنا الدينية، وعاداتنا وتقاليدنا.
ـ (( الاثنينية )) بدأت تعرف جيداً داخل الوطن وعلى المستوى العربي.. ما هي أهم الانتقادات التي توجَّه إليها في رأيك؟
ـ أحمد الله أن (( الاثنينية )) أصبحت معروفة داخل الوطن وعلى المستوى العربي، فهذا فضل منه سبحانه وتعالى أن وفقنا لتصل (( الاثنينية )) لهذه المكانة المرموقة.. أما سؤالك عن أهم الانتقادات التي توجَّه إليها، فإن من الطبيعي الاعتراف أولاً بالنقد وأهميته لأي عمل يكتسب صفة الحيوية.. لأنه السبيل الأقوم للوصول إلى المستوى الأفضل.. ونحن ـ دائماً ـ نضع في الاعتبار الرؤية النقدية تجاه ما نؤديه من أعمال.. ومن خلال ما ينشر أو يقال عن الاثنينية ـ إيجاباً أو سلباً ـ نعمل على الأخذ بالأفكار الناضجة التي نجد فيها ما يساهم على التطوير نحو الأحسن.. وإذا كنا نحمل (حسن الظن) بأي انتقاد يوجَّه إلى الاثنينية فإن ذلك لا يعني الالتفات إلى ما نشعر أن فيه ما يراد به التقليل من شأن الآخرين، أو محاولة لتثبيط الهمم.
ـ يقولون إنك محافظ على التراث القديم الذي عرف في بلادنا من قبل وهو (( البشكات )) التي كان يعقدها أهالي جدة الكبار في بيوتهم وأن الاثنينية هي امتداد لهذا التواصل القديم بين الأجيال.. فهل توافق على هذا الرأي؟
ـ البشكة في العرف البلدي تمثّل تجمعاً يومياً يتم بانتظام بين الأصحاب في الحي، وغالباً ما يكون وقت الفراغ حيث يتداول فيه مختلف الأحاديث دون تحديد لموضوع معيّن، أو وقعت محدد.. وقد يفضِّل بعض أفراد البشكة ممارسة بعض الألعاب المسلية مثل ((الكيرم)) أو ((الدومينو)) أو لعبة ((الورق)) أما (( الاثنينية )) فإنها كما ذكرت لها هدفها المحدد في إطار تكريم بعض الرموز الأدبية والاجتماعية، كما لها جوُّها الأدبي الخاص، ونوعية مرتاديها من رجال الفكر والثقافة والأدب.
وأوجه الشبه في الحالتين تلتقي في إطار حميمية اللقاء، واستمرار الود والتواصل بين الأصدقاء.
ـ ما هو الفرق في رأيك بين (اثنينية) عبد المقصود خوجه و (ثلوثية) محمد سعيد طيب؟
ـ أي منتدى يخدم الفكر والثقافة في المجتمع هو إضافة خيّرة ترقى بهذا المجال نحو الأفضل.. والثلوثية لا شك من المنتديات التي لها فاعليتها المؤثرة في الساحة الثقافية ومجلسها يضم أفراداً من صفوة المثقفين، وأنا من مرتادي هذا المجلس كلما سنحت الفرصة لذلك، فأجد فيه متعة الإصغاء لما يدور من أحاديث يعطّر أجواءها أخي الأستاذ محمد سعيد طيب بلفتاته اللطيفة وتعليقاته الساخرة.. ولا أجد فارقاً بين المجلسين سوى أن (( الاثنينية )) لها نمطية متطلبات الصور الاحتفالية المواكبة للتكريم.
ويظل الهدف (الثقافي) السامي هو القاسم المشترك بطبيعة الحال.
ـ غرفة جدة، هل أدت دورها لخدمة صغار التجار والمستثمرين في المدينة.
ـ مما لا شك فيه أن الكمال غاية لا تدرك، والأمور دائماً نسبية، وأعلم أن هناك محاولات ومساعيٍ مشكورة لدعم الفئة التي أشرتم إليها، والتي تمثل جانباً كبيراً من الحركة التجارية بالمحافظة، كما أن أنشطتهم واسعة ومتنوّعة، لذا أحسب أن تأمين كل احتياجاتهم أمر صعب المنال في الوقت الراهن.
ـ ماذا تعلمت من والدك؟
ـ كما أن كل أب يروم الرفعة والخير لابنه، فإن الفتى يتمنى أن يكون مثل أبيه.. ولأني لم أدرك في حياة والدي سوى مرحلة الطفولة الأولى لي، فإن ملامح الصورة تبدو أكثر إشراقاً وإبهاجاً في نفسي حين تذكر سيرته، كإنسان عاش الحياة مكافحاً ومجاهداً في سبيل رقي وطنه وأمته، من خلال عمل تحمَّل مسؤوليته وارتقى به للأفضل، وفكر ساهم به في تنوير مجتمعه عبر الكلمة الصادقة التي توّج بها كل مقالاته الصحفية.
وإن كنت قد وفقت فيما يراه الناس عملاً طيباً يعود خيره على الوطن والمجتمع فإن ذلك بتوفيق الله تعالى ثم ما غرسته القدوة الحسنة في وجداني من حب للعمل، وعشق للثقافة والأدب، وكأي فتى معجب بأبيه.
ـ ماذا تقول لابنك؟
ـ (إن الفتى من يقول ها أنذا..).
ـ أنت كثير الأسفار.. موقف طريف أو محرج حدث في الخارج وما زلت تذكره ولم تنسَه؟
ـ لا يحضرني موقف محدد، والمواقف الطريفة والمحرجة تحتاج إلى صفحات ولكن لي أن أقول ينطبق على كثير منها مثلنا الشعبي (كل دقة بتعليمة).
ـ ماذا تقول لهؤلاء:
صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز:
ـ لقد حباك الله سبحانه وتعالى بإمارة أعظم بلدين على الكرة الأرضية: مكة المكرمة ومن قبلها المدينة المنورة (على سكانها أفضل الصلاة والسلام) وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
معالي المهندس عبد الله يحيى المعلمي:
ـ صداقتي بوالدك رحمه الله تجعلني أفرح لنجاحاتك.. امتداداً لفرحة مواطن بابن مميز هو ثمار تربية صالحة.
لحضور ((الاثنينية)):
ـ أسعد دائماً برؤيتكم، وأشرف بحضوركم في هذا المنتدى الذي يزهو بكم، وبكل محبي الحرف.. وحين يدعوني الموقف للترحيب بكم أقول لنفسي: أرحب بمن؟ وهذه اثنينيتكم أنتم، أحضرها مثلكم، وأقتعد مقعدي كأي فرد منكم.. فهي منكم، وإليكم، وبكم ـ بعد توفيق الله وفضله ـ تستمد وجودها الحيوي في الساحة الثقافية، كل ما أرجوه التواصل الدائم والمشاركة الإيجابية المثمرة.
الدكتور/هاشم عبده هاشم:
ـ سعداء بمنحنا شاعرية الكلمة.. وعمق التحليل الموضوعي والاجتماعي في مقالاتكم القيّمة.
الأستاذ/ إياد مدني (وزير الحج):
ـ معالي أخي السيد إياد.. حجبتكم مسؤوليات الوزارة عن اثنينيتكم، واشتقنا لشهد قلمكم، فهل لنا من الطيب نصيب؟
الدكتور/غازي القصيبي ـ الأديب والشاعر والوزير:
ـ تفضل مرة في إحدى رسائل إخوانياته الأنيقة بعبارة: ((لا بد من صنعاء ولو طال السفر)) ويبدو أن رحلتكم مع ((الماء)) ما زالت تبعدكم عن ((صنعائنا)) وما زلنا نرتقب تشريف (( الاثنينية )) هدفاً استراتيجياً.
النادي الأدبي بجدة:
ـ آملاً التواصل والتنسيق بين ((النادي)) و (( الاثنينية )) لنفيد ونستفيد.
الأستاذ /عبد الله زينل ـ رئيس غرفة جدة:
ـ تحمَّلتم مسؤولية جسيمة.. وإرضاء الجميع غاية لا تدرك، أعانكم الله، وأنا به من المعجبين، فهو من خيرة المثقفين.. وسيترك بإذن الله ذكراً لا ينساه له الوطن.
الأستاذ/محمد سعيد طيب:
ـ يا طيب.. كثِّر من الطيب.. وهذا مثلنا المكي.. فماذا أقول لسليل بيت كريم إلا ونعم.
الشيخ إسماعيل أبو داود ـ شاهبندر تجار جدة:
ـ لقد سطرتم تاريخ الغرفة التجارية بأحرف من نور.. ولم تزل في حاجة إلى كريم رعايتكم.. وسيذكرك التاريخ كمفرد علم.
الكاتب الصحفي والاقتصادي الشيخ/وهيب سعيد بن زقر:
ـ أجزم بأن لديكم الكثير الذي يمكن أن تضيفوه للساحة اقتصادياً وثقافياً وأدبياً.. لكنكم مقلِّون.. مقلِّون.. سامعني يا أبا عبيدة؟
الشيخ صالح عبد الله كامل:
ـ قبل المال فهو صالح وكامل إن شاء الله.. وإذا كان لكلٍ من اسمه نصيب فقد عمل فأوفى وأجاد في كل حقل طرقه ((والكامل)) هدفه وله منه نصيب وافر.
لبرامج القناة الأولى في تلفزيوننا السعودي:
ـ منافسة الفضائيات على (وقت) المشاهد تحتاج إلى جهود مضنية، ودراسات مكثفة.
سعادة الشيخ/عبد المقصود خوجه.. اختر خمسة لم تذكرهم من قبل ووجِّه لهم رسائل تلغرافية قصيرة:
اختار فقط مجموعة من الأحبة.. هم ذوو أساتذتنا الكبار الذين أسهموا في بدايات نهضتنا الأدبية عن طريق مساهمتهم في كتاب (وحي الصحراء) راجياً منهم تزويدي بما لديهم من تراث وإبداعات لم ينشر لهؤلاء الأساتذة الكبار حتى أشرف بنشرها ضمن (كتاب الاثنينية).. احتفاء بهم.. وإثراء لفعاليات مكة المكرمة عاصمة الثقافة الإسلامية ممتناً كريم تجاوبهم.
ـ ما هي صورة العرب بعد أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية؟
ـ أحداث 11 سبتمبر استغلها الحاقدون على العروبة والإسلام، وعلى رأسهم الصهيونية العالمية التي وجدتها فرصة لإثارة الفتن والكراهية كي تزيد من جراحات الأمة العربية، فهي المستفيد الأول من هذا الصراع.
ولا ينبغي أن نعمم الصورة الكريهة على الأقطار كافة في الغرب، أو حتى الولايات المتحدة الأمريكية.. فهناك من يدرك الحقائق بنظرة ثاقبة ويتعامل مع المواقف الخطيرة بتعقل.. وفي عالم نضجت فيه المعرفة الإنسانية، وتوافرت في وسائله التقنية المعلومة الواضحة، وامتدت فيه مساحة التحاور مع الآخر، كان لا من بد أن تختفي صور الصراع البغيض، ليحل السلام والتفاهم الإنساني بين كافة الشعوب المحبة كافة للتقارب والعمل لما فيه خير البشرية.
ـ ماذا تود أن تقول لقناة (( الجزيرة )) القطرية؟
ـ كلمة واحدة لا يجهل معناها أحد ((أحسن القول ما وافق الحق)) أما أسلوب ((الإثارة)) فإنه لا يمكن أن يُخفي على المشاهد الحقائق التي يدركها، ويحاول الغير طمسها بالباطل.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـ كيف يستطيع العرب والمسلمون تغيير صورتهم التي شوّهها الإعلام الغربي في العديد من الدول الأوروبية؟
ـ من المعلوم أن اللوبي الصهيوني يسيطر على مساحة واسعة من الأجهزة الإعلامية العالمية ويسخرها بطبيعة الحال لمصالحه.
وإذا كان مثلنا العربي يقول (لا يفل الحديد إلا الحديد) فإن الواقع الحالي يؤكد أنه (لا يفل الإعلام المغرض إلا الإعلام القوي المناهض) وهذا يتطلب معرفة واعية للأساليب الإعلامية الحديثة وتوفير الإمكانيات والتقنية المتطورة اللازمة لهذا العمل الشاق.
ومما يؤسف له أن نجد الإعلام العربي ـ خصوصاً ما يبَّث عبر الفضائيات ـ قد جنح بعيداً عن المسار الصحيح الذي يجب أن يسلكه للدفاع عن الصورة العربية والإسلامية وإبرازها في مظهرها الجميل.. بل العكس نلاحظ أن أكثر القنوات قد ساهمت في تعتيمها بما تعرضه من برامج ومسلسلات متدنية المستوى، وحوارات لا تخدم وحدة الصف، وإنما تعكس صورة الحقد وإثارة النزعات الدينية بين أفراد الأمة الواحدة.
ـ قناة باللغة الإنجليزية تخاطب أمريكا والغرب.. ما رأيك في هذا الاقتراح؟ وهل تشارك في تمويله؟
ـ هذا جزء من العمل الكبير الذي تحدَّثنا عنه سابقاً والذي يهدف إلى مواجهة الإعلام الغربي بإعلام متطور يمكننا من إيصال الرسالة بوضوح وباللغة التي يفهمها الآخر.. وبدون هذه الوسيلة في التخاطب قد تغيب أشياء هامة ولا تصل إلى وعي المتلقي المستهدف.. اللغة هامة في التخاطب والتفاهم بين الشعوب.
وعملية إنشاء القناة المذكورة تدخل ضمن جهاز فني كبير يستدعي إمكانيات وضوابط أخرى لا تتم دون دراسة فنية متأنية وجهد جماعي مشترك منظم.
ـ متى نرى مذكراتك الخاصة؟ وهل بدأت في كتابتها؟
ـ إذ كانت المذكرات التي تريد أن تراها ((خاصة)) كما وصفتها في سؤالك، فإنها بطبيعة الحال لا تعني أحداً، ولن تفيده بشيء، وإذا حاولت كتابتها فإنني أفضل الاحتفاظ بها لنفسي.
أما إذا كانت المذكرات ذات طابع عام يشتمل على مواقف وأحداث وتجارب يمكن أن يستفيد منها الآخرون فإنني لن أتردد ـ عندما يحين ويتاح الوقت ـ في رصد ما أجده هاماً ومفيداً.. ويمكن القول إنني قد بدأت بالفعل مرحلة التذكر والتأمل للشروع في الكتابة مستعيناً بالله تعالى ثم ما تختزنه الذاكرة وما أحتفظ به من الصور والوثائق والمكاتبات الشخصية والكتابات القديمة والحديثة.. وإذا اكتمل المشروع ووجدت أنه سيشكل إضافة فعندها يستحق النشر.
ـ لمن تقرأ؟ وماذا تقرأ؟ وأحب القراءات إلى قلبك؟
ـ أقرأ لأي كاتب لديه طرح مفيد.. كما أقرأ في أي مجال لأن فسيفساء الحياة لا تقف عند موضوع معيّن.. غير أن القراءات الأدبية هي الأحب إلى قلبي.
ـ مهرجان الجنادرية الثقافي والتراثي. ماذا تقول عنه؟
ـ مهرجان الجنادرية تظاهرة وطنية ثقافية جديرة بالتقدير.. بدأ كبيراً وظل يمنحنا كل عام العديد من المشاهد والفعاليات المتجددة.. هذا المهرجان يعكس صورة ثقافية من التراث في لوحات جميلة نزهو بالعراقة.. متمنياً له تقدُّماً موفقاً.
ـ ونحن في خضم الأحداث التي تدور رحاها في المنطقة.. ما تعليقكم على ما يدور الآن في العراق الشقيق؟
ـ أسأل الله عزّ وجلّ أن يزيل الغمة التي أرخت سدولها على هذا البلد العريق.. تاريخاً وحضارة.. وأن ينعم على أهله بالأمن والاستقرار.
وبعيداً عن أسباب الحرب وتداعياتها ونتائجها وانعكاساتها على المنطقة والعالم، وهو ما أفاضت فيه كل وسائل الإعلام.. أود التعليق على الجانب الإعلامي فيها.. فهذه الحرب كشفت لنا عن وجه غير معتاد للإعلام كسلاح مواجهة دعائي، وليس مصدر حقائق من قلب الأحداث.. وهذا التحول فرضه الناطق الرسمي بالقوة والقهر.. فكل فريق يدَّعي نقل الحقيقة والوقائع كما هي، بينما يشعر العقل المتابع بتناقض غريب يوحي بمحاولة إخفاء ما يجري.. ومن المؤسف أن يصل الطغيان وعنجهية القوة إلى إسكات الصوت الناقل للأحداث، وطمس الصورة المعبرة عما يجري هناك.. لقد تطور الإعلام علمياً وفنياً وتقنياً.. إلا أنه كان أقرب إلى ما يجري على أرض الواقع من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :434  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 41 من 47
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

البهاء زهير

[شاعر حجازي: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج