شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
على العالم
مقابلة مع الأديب عبد المقصود خوجه (1)
محمد طه خلف الناصر
أديب معروف جداً، نذر نفسه للأدب والفكر والثقافة، منتداه الأدبي (الاثنينية) يعد أكبر وأبرز وأهم منتدى في المملكة العربية السعودية، يقابلك بكل تواضع وحياء، يرفض الحديث عن نفسه وحياته يمد يد العون للأدباء الشباب، له مكانة مرموقة في الساحة الثقافية، نتعرف إلى بعض آرائه حول النوادي الثقافية وإنشاء وزارة للثقافة ونستطلع معه مستقبل الثقافة في المملكة..
ـ قرأت رداً على بضع التساؤلات التي طرحت في الصحافة المحلية حول استمرارية (الاثنينية) وتواصلها مع روّادها ومحبيها.. ما هو في رأيكم سبب هذه الطروحات في الوقت الذي تدخل فيه الاثنينية عامها الثامن عشر مزهرة بشبابها واثقة بعطائها.؟
ـ الرد الذي أشرتم إليه لم يكن من طرفي.. وإنما تفضلت به بعض الصحف مشكورة.. انطلاقاً من حرصها على مواصلة عطاء (( الاثنينية )).. أما الاجتهاد من قبل البعض لبلورة ما فهموه فهو أمر وارد ومحتمل في كل الأوقات.. وقديماً قال الشاعر:
وكم من عاتبٍ قولاً صحيحاً
وآفته من الفهم السَّقيم
فالذي قيل بشأن توقُّف الاثنينية ليس له أساس من الصحة، وقد نهضت بعض الصحف بدورها في الرد على هذه الأقاويل وعادت الأمور إلى نصابها.
ـ واكب منتداكم الأدبي مسيرة الثقافة في العشرين عاماً الماضية، وكرّمت الاثنينية عدداً كبيراً من المبدعين والمفكرين الذين أسهموا في كل مجالات العطاء الإنساني.. نريد من سعادتكم وقفة تقويمية نقدية تثِّمن لنا إبداعات الأدب السعودي المعاصر في هذه الفترة، وهل استطاع هذا الأدب اختراق حدود المملكة طامحاً إلى العالمية؟
ـ توخياً للدقة يستحسن أن نقول ((المبدعين والمفكرين الذين أسهموا في بعض مجالات العطاء الإنساني)).. لأن (كل) المجالات لا يمكن أن نحيط بها بأي شكل من الأشكال، ولست في موقف يمكنني من نقد وتثمين إبداعات الأدب السعودي المعاصر، لأن هذا الطرح يحتاج إلى دراسة أكاديمية موثقة ووفق الأصول المتبعة في هذا المجال.. ولكن بغض النظر عن ذلك وبانطباع شخصي فقط أستطيع أن أشير إلى بوادر طيبة قد نعتبرها بدايات تبشِّر بخير.. ففي مجال الرواية نجد مؤلفات الدكتور تركي الحمد (العدامة ـ الشميسي ـ الكراديب ـ شرق الوادي) تقف علامة مميزة لعطاء جميل.. كما أعجبت بالمجموعة القصصية من يغني في هذا الليل للأديب عبده خال.. هذا على سبيل المثال لا الحصر.. أما في مجال الشعر فلدينا شعراء على مستوى القمة منهم أصحاب المعالي الشيخ عبد الله بلخير، والأستاذ السيد محمد حسن فقي، والشيخ حسين عرب، وسعادة الأساتذة علي أبو العلا، وحسن عبد الله القرشي، وعبد الله بن خميس، وأحمد سالم باعطب.. ونعتز بالدكتور عبد الله الغذامي في مجال النقد الأدبي.. هذه إرهاصات نهضة مباركة نأمل أن تذلل حظها من الإعلام والتعريف حتى يصل صوتها إلى العالم العربي.. ومن ثمّ إلى العالمية..
ـ في المملكة العربية السعودية أكثر من منتدى أدبي منتداكم أشهرها حقاً، ما مدى علاقاتكم مع تلك المنتديات والمجالس الأدبية في الرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية؟ هل هناك تعاون وتنسيق وتواصل بينكم وبين تلك المنتديات؟
ـ هنالك علاقة وثيقة بين المنتديات التي ذكرتم.. فبين (الاثنينية) و (ثلوثية) الأخ الأستاذ محمد سعيد طيب إلى (خميسية) الأستاذ محمد عمر العمودي بجدة إلى (منتدى أبو العلا) في مكة المكرمة، علاقات ود وثيقة.. وتكاد الوجوه الثقافية التي تحرص على ارتياد هذه المنتديات تكون واحدة.. والتواصل قائم أيضاً بين (اثنينية الصالح) التي يقيمها أستاذنا الكبير الشيخ عثمان بن ناصر الصالح، و (أحدية) الدكتور راشد المبارك، وكلتاهما في الرياض تستقطبان وجوهاً ثقافية بارزة وبينهما تواصل مميز.. وتمتد أواصر الود مع (أحدية) المبارك التي يقيمها الشيخ أحمد ابن علي المبارك في الأحساء.. وهذه المنتديات تمثل في الواقع واحات للفكر والثقافة التي نعتز باستمرارها وتواصلها فيما بينها.. ويندر أن يسافر أحد المثقفين بين هذه المدن في وقت انعقاد إحدى الملتقيات دون أن يتضمن برنامجه زيارتها والالتقاء بروّادها الأفاضل.
ـ شنّ بعض الأدباء هجوماً صريحاً على النوادي الثقافية الأدبية المنتشرة في المدن الرئيسية في المملكة.. ما موقفكم من هذه الآراء النقدية الجريئة وهل ترون أن هذه تسهم حقاً في إثراء الساحة الثقافية بالفعاليات المختلفة التي من المفترض أن تقوم بها؟
ـ النوادي الثقافية الأدبية تقوم بدور مقدّر وجهد تشكر عليه.. وقد سدت ثغرة كبيرة وجمعت بعض المثقفين على صعيد واحد لتعبِّر عن رأيهم كما وفرت لهم المقر الذي يرعى فعالياتهم وإسهاماتهم في المجتمع، وساهمت النشاطات المنبرية في تكثيف الوعي وتلاقح الأفكار والتقاء وجهات النظر حول العديد من الطروحات الأدبية.. ولا ننسى طباعة العديد من أعمال الأدباء الشباب الذين استطاعوا من خلالها أن يطلّوا على المشهد الثقافي ويساهموا في دفع الحركة الأدبية.. وبالتأكيد أن الكثير من هذه الأعمال ما كان لها أن ترى النور لولا دعم النوادي الأدبية وتوفيرها المظلة والدعم اللازمين.. فإذا كانت هناك مثالب وانتقادات توجَّه إلى الأندية الأدبية فتلك من طبيعة الأشياء.. والذين يعملون هم فقط الذين يخطئون؛ ولا يمكن أن يكون الخطأ في حد ذاته جرماً أو سبباً للنقد والتجريح، كما ينبغي الفصل بين العلاقات الشخصية والحزازات الفردية وعدم الزج بها في العمل العام.. وإذا، لاحظ البعض إخفاقاً في خطط وبرامج النوادي الأدبية، فإن ذلك لا يمنع أنها قدمت وما زالت تقدِّم الكثير بل إنها مطالبة فعلاً بترقية أدائها وتطويره بما يتناسب وظروف المرحلة الراهنة، والنقد لا ينبغي أن يهدف إلى هدم ما تم بناءه عبر سنوات من العطاء والبذل، إنما المطلوب النقد البنّاء الذي يحدد مصادر القصور ويقترح سبل تجاوزها نحو الأفضل.
ـ خرجت بعض الصوات الأدبية والفكرية في الآونة الأخيرة مطالبة بإنشاء وزارة للثقافة تكون ملاذاً لكل المثقفين في المملكة العربية السعودية، هل تدعمون مثل هذه الآراء التي تدعو إلى إنشاء وزارة للثقافة مستقلة تماماً عن الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟ وهل ترون في ذلك خدمة للثقافة والفكر في هذا البلد الكريم؟
ـ مما لا شك فيه أننا نعيش عصر التخصص.. وفي الوقت نفسه أشيد بما قدَّمته الرئاسة العامة لرعاية الشباب من إمكانات وتجهيزات عملاقة ساعدت كثيراً في النهضة الثقافية والرياضية التي نسعد بها اليوم.. غير أن أسلوب التخصص سيتيح لنا مساحة أوسع للإبداع والبحث والتخطيط والتنفيذ واستنباط الوسائل الكفيلة بدعم ميزانية كل قطاع على حدة، فإذا قامت وزارة الثقافة فإنها بلا شك ستوفر المناخ الملائم لنهضة ثقافية قوية، ويستحسن أن تكون هيئة أو مجلس أعلى مرتبط مباشرة مع رئاسة مجلس الوزراء حتى تكون الحركة أكثر مرونة لأن العمل البيروقراطي الوزاري قد لا يكون مناسباً تماماً لمتطلبات العطاء الثقافي.
ـ يتساءل روّاد (الاثنينية) ومحبوها ومرتادوها: لماذا لا تكون جائزة أدبية سنوية تحتضن وتشجع الإبداعات الشعرية والقصصية والفكرية أسوة ببعض الجوائز في دول الخليج المجاورة؟ ما رأيكم وأنتم تكرِّمون كل أسبوع مبدعاً أو رائداً من روّاد الثقافة والفكر أن تلتفتوا أيضاً إلى جيل الشباب؟
ـ الأمور مرهونة بأوقاتها.. فكرة الجائزة الأدبية موجودة لكن التنفيذ يحتاج إلى تريُّث وتمحيص، فالمنطقة لا تنقصها الجوائز ولله الحمد.. غير أن التميّز بين هذه الجوائز والطرح الذي تقدمه ينبغي أن يكون جديداً ويخدم الأغراض التي تؤدي بدورها لتطوير الساحة الفكرية والثقافية.. وهناك مشروع قيد الدرس، وسيرى النور في الوقت المناسب إن شاء الله.. أما بخصوص تكريم بعض المبدعين من جيل الشباب، فإن معظم الذين كرَّمتهم الاثنينية يمتازون بشباب الروح.. وهو الأهم في نظري من شباب العمر الذي إذا لم يواكبه عطاء فكري يصبح متساوياً مع المرحلة العمرية التي يمر بها كل مخلوق.. وبالرغم من ذلك فإن الاثنينية كرَّمت الطالب عصام ميرزا بتاريخ 17/11/1415هـ الموافق 17/4/1995م، وهذا مجرد مثال على أن النبوغ المبكر يستحق التكريم والتوجيه الصحيح، وإن كان هدف (( الاثنينية )) الأساسي كما جاء في مقدّمتي للجزء الأول من سلسلة إصداراتها إن هذه الاثنينية لا هدف لها إلا العمل على تكريم رجال لهم مكانتهم في المجتمع، على مختلف حقوله.. وهذا التكريم ليس له من هدف إلا معناه فحسب..).
ـ لا شك أن الاثنينية توثق كل فعالياتها كما تُعنى بطبع ونشر بعض الإبداعات من خلال كتاب (الاثنينية)، ولكن ألا ترون معي أن توزيع هذه الكتب الوثائقية وكذا كتاب (الاثنينية) محدود وخاص جداً؟ ما السبيل إلى تمكين المهتمين بالثقافة من الحصول على مثل هذه الإصدارات الثمينة؟ لماذا لا تفكرون في إعادة طباعتها وتوزيعها بشكل أكبر ليستفيد منها كل الباحثين حتى لو بيعت بأسعار رمزية في المكتبات العامة.
ـ إنني على يقين أن الأزمة ليست أزمة كتاب بقدر ما هي أزمة قارئ.. فالكتاب موجود ومطروح مجاناً لمن يطلبه.. ويقوم مكتبي بإجراء اتصالات متعددة مع (بعض) المثقفين لإرسال مندوبهم لتسلُّم ما يصدر من سلسلة الاثنينية أو الكتب الأخرى التي تصدر تحت مسمَّى (كتاب الاثنينية) وللأسف فإن عدداً كبيراً من الكتب يبقى في المستودع لعدم مراجعة أصحابها أو تكليف خاطرهم إرسال مندوب عنهم لتسلُّمها.. فالمسألة ليست في توافر الكتاب من عدمه.. ذلك أن الكتاب متوافر ولله الحمد.. ولكن أعطني قارئاً أعطك كتاباً!!
ـ إن التطور التقني والمعلوماتي وثورة الاتصالات والدعوة إلى العولمة لا بد من أن تكون لها انعكاساتها الإيجابية والسلبية على المشهد الثقافي في كل قطر من الأقطار العربية.. وكيف يواجه المثقفون العرب طروحات العولمة؟ وهل يستطيع هؤلاء المحافظة على الهوية الثقافية المتميزة؟ نريد رأيكم الصريح والواضح في خضم هذه المعركة الفكرية: ما سلاحنا؟ ما قدراتنا؟ ما المطلوب من إعلامنا في هذه المرحلة؟
ـ هذا موضوع كبير وقد كتب عنه الكثير الذي يستحق التأمل والإحاطة بما يتعلق به، ولكن ليس من السهل اختصاره في مثل هذه العجالة.. وعموماً فإن العولمة أصبحت أمراً واقعاً من خلال شبكة الاتصالات التي جعلت العالم قرية صغيرة.. ويصر البعض على أنه أصبح غرفة واحدة.. إذا تحدَّث أي فرد فيها سمعه الآخرون، ولو نطق همساً.. فالواضح أن شبكة الاتصالات التي جعلت العالم قرية صغيرة.. ويصر البعض على أنه أصبح غرفة واحدة.. وإذا تحدَّث أي فرد فيها سمعه الآخرون، ولو نطق همساً.. فالواضح أن شبكة (الإنترنت) قد محت المسافات والحدود.. وذبحت الرقابة على عتباتها.. فما كان بالأمس سراً محظوراً أصبح اليوم جهراً مكشوفاً.. وانتقلت الآراء والأفكار عبر الحدود دون عناء يذكر، وتلاطمت أمواج الأفكار والآراء ووجهات النظر.. ولا عاصم اليوم إلا من رحم ربك.. ولا نجاة إلا بالتمسك بكتاب الله وسنَّة رسوله.. والعض عليها بالنواجذ.. ففيهما النور المبين، والصراط المستقيم، والحبل المتين، ما فرطنا في الكتاب من شيء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :446  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 47
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.