شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صاحب اثنينية جدة لـ (( اليوم ))
النوادي الأدبية ألغت مرحلة المقاهي الأدبية (1)
حوار: مشعل الحارثي
الشيخ عبد المقصود خوجه أحد وجهاء مدينة جدة البارزين الذين اشتهروا بحبهم للفكر والأدب وأقطابه وذلك من خلال صالونه الأدبي (الاثنينية) الذي يقام مساء كل يوم اثنين من كل أسبوع حيث يتم تكريم أحد الروّاد في المجالات الأدبية المختلفة وسط النخبة من رجالات الأدب والفكر وعشاق الكلمة الرصينة عبر فنونها الأدبية المتعددة. عن صاحب هذا المنتدى الأسبوعي الشيخ عبد المقصود خوجه والذي كتب بهذا النهج الفريد سطراً في حب الوطن كان لـ (( اليوم )) معه هذا الحوار الشيق والذي نقدمه هنا بلا رتوش.
ـ الحياة قطار.. محطاته سنوات العمر.. إذا غالبك الحنين همست النفس إليك بما لديها من ذكريات، فهل يهمس لنا الأستاذ عبد المقصود خوجه بذكريات الصبا والطفولة ورحلته مع الحياة؟
ـ في المقدمة التي صدّرت بها الجزء الأول من سلسلة (( الاثنينية )) عدة محطات توقفت عندها وعبقت ذكرياتها في تلك الصفحات.. ولا بأس من سرد جانب منها لفائدة من لم يطلَّع على الكتاب الذي أشرت إليه:
(مع البداية الأولى كان العشق للكلمة. والحب لأصحابها يختلط بأيامي وسنوات طفولتي الباكرة: فمن جلسات الصباح التي كان يلتقي فيها نخبة من كتّاب وشعراء وأدباء الوطن في مكتب والدي (( محمد سعيد عبد المقصود خوجه )) ـ رحمه الله ـ رئيس تحرير أول صحيفة صدرت في عهد مؤسس المملكة وموحدها ((الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ)) إلى تلك الأمسيات الباذخة والزاخرة التي كان يعقدها والدي ـ يرحمه الله ـ على ضفاف مواسم الحج من كل عام في الليلة الثانية من ليالي عيد الأضحى المبارك على شرف أدباء وكتّاب وشعراء ومفكري العالمين العربي والإسلامي.. كان حب الكلمة على امتدادها يتجذر.. وكان العشق على امدائها يستطيل سنديانات وأشجار سرو.. وكان الفؤاد الصغير يتوه بين ما يسمعه ولا يفهمه.. وبين القليل الذي يفهمه كلمات ويجهله معاني.. وبين ما لا يفهمه ولا يعيه أصلاً.. لكن البهجة كانت تغمر القلب الصغير، دافئة ودائمة وغير مبررة).
هذا جانب من بداية الذكريات التي توالت بعد ذلك في مدارس الفلاح، وعلى حصى الحرم المكي الشريف، وبين ردهات جنباته وأعمدته، وحلقات مشايخنا وأساتذتنا الفحول التي عج بها الحرم.. ومع رفاق الصبا وزملاء الدرب في مراحل الدراسة المختلفة.. كلها ذكريات جميلة ومحببة إلى نفسي لم ينغصها غير انتقال والدي المفاجئ إلى جوار ربه.. وهكذا توسدت حب الكلمة وروّادها ردحاً طويلاً، وحلمت بأن أكون ذلك الرجل الذي يكتب سطراً في دفتر حب الوطن.
ـ ترى كيف بدأتم فكرة هذا الصالون الأدبي ومن كان وراء اتجاهكم نحو هذا النهج الفريد في تكريم العلماء والأدباء ورجال الفكر والثقافة؟
ـ بكل المخزون العاطفي الذي ظل ينمو داخل وجداني منذ مرحلة الطفولة، واتجهت عندما حللت جدة بعد ترحال في داخل المملكة وخارجها، إلى محاولة تكريم الروّاد الكبار الذين اتخذوا من هذه المدينة ذات العشق التاريخي للأدب والعلم ملاذاً ومتَّكأً وبتجاوبهم الكبير، وكذلك تجاوب رجال الصحافة والفكر، أمكن لهذه السفينة أن تبحر في بحر الوفاء والإكبار والإعزاز لأساتذتنا الكبار الذين خطوا أولى الخطوات لترسيخ هذه المسيرة التي نعتز بها اليوم كل الاعتزاز.. وقد اختارت الصحافة اسم (( الاثنينية )) لهذا الملتقى الذي بدأ واستمر يعقد جلساته في أماسي الاثنين من كل أسبوع.
ـ ما رأيك في عودة المقاهي الأدبية..؟ وانتشار الصالونات الأدبية المماثلة في المملكة؟
ـ إن عجلة التاريخ لا تعود إلى الوراء أبداً.. وقد تجاوز الزمان والمكان على ما أعتقد مرحلة المقاهي الأدبية، والبقية الباقية ممن لهم اهتمامات أدبية، وجدوا الملاذ والمتكأ في الأندية الأدبية، كذلك بعض الصالونات الأدبية التي أخذت موقعها المميز في ميدان الثقافة والفكر، مثل خميسية الرفاعي ـ رحمه الله ـ في الرياض، وأحدية دكتورنا الفاضل راشد المبارك في الرياض، وكذلك أحدية سعادة الأستاذ أحمد المبارك في الأحساء، وثلوثية الأستاذ محمد سعيد طيب في جدة، وخميسية الأستاذ محمد عمر العامودي في جدة أيضاً، وملتقى الدكتور نايف الدعيس في المدينة المنورة.. وهناك شموع أخرى كثيرة تضيء وتدفئ المكان والزمان لعشاق الكلمة.. بعضها أخذ طابعاً واسماً مميزاً وبعضها يتم بحسب الظروف التي تتهيأ لمرتاديه.. إلا أنها كلها في النهاية تصب بإذن الله في نهر الحب العظيم لهذا الكيان الكبير.
ـ النوادي الأدبية في المملكة كيف تراها؟ وأقصد من حيث المساهمة في دفع عملية النقد والأدب.. وتشجيع جيل المثقفين الشباب؟
ـ لقد عملت الأندية الأدبية منذ إنشائها على سد ثغرة كبيرة في المجال الثقافي، وساعدت على نشر الوعي الأدبي عن طريق المحاضرات وفتح قنوات النشر لكثير من الشباب الذين ما كان يتأتى لهم نشر إنتاجهم لولا دعم الأندية الأدبية كما أن مساهمات الأندية الأدبية في تلاقح الأفكار والآراء عن طريق دعوة بعض كبار المثقفين من مختلف أنحاء العالم العربي قد ساهمت مساهمة طيبة في توثيق عرى التواصل بين جيل الرّواد والجيل الصاعد من محبي الكلمة.. وعموماً فإن دورها لا يخفى على أحد ونتطلع إلى مزيد من التقدم والازدهار.
ـ وراء كل رجل عظيم امرأة تدفعه إلى الأمام أو تشده إلى الخلف، ترى أي العبارتين أوقع؟
ـ المرأة صنو الرجل، وتستطيع بما لديها من ثقافة ووعي وإدراك تشكيل الرجل الذي تقف بجانبه، سواء كان ابناً أو أخاً أو زوجاً، وتدفعه لمزيد من الإنجاز.. ولدينا في التاريخ ما يؤيد هذه المقولة، فكم من امرأة كان لها الفضل في ظهور قيادات فذّة إلى الساحة.. وهذا هو الدور الإيجابي الذي نتطلع إليه في المرأة في كل زمان ومكان.. أما الجانب السلبي فلا يشكّل قاعدة.. وسيذهب جفاء كالزبد.
ـ هل حياة الإنسان نوع من الترحال؟
قال أستاذنا معالي الدكتور الشاعر الدبلوماسي الصديق غازي القصيبي:
خمسون تدفعك الرؤيا فتندفع
رفقاً بقلبك كاد القلب ينخلع
من الفيافي التي آبارها عطش
إلى البحار التي شطآنها وجع
وأنت في أدرع الإعصار متكئ
على الرياح فما ترسو.. ولا تقع
خمسون.. ما بلغ الساري ضحى غده
ولا الغيوم التي تخفيه تنقشع
أما تعبت؟ فإن القوم قد تعبوا
ألا رجعت؟ فإن القوم قد رجعوا
هلا استرحت؟ فأقران الصبا هدأوا
هلا غفوت؟ فانضاء السرى هجعوا
هل هناك ترحال.. أو صورة تموج بالحركة أكثر من هذا الرسم البليغ؟
ـ الأدب والحركة الأدبية في الخليج ماذا تقولون عنها؟
ـ هناك حركة أدبية واعدة صاعدة في الخليج غير أنه ينقصها الجانب الإعلامي.. فأدباء الخليج وشعراؤه ما زالوا شبه مجهولين بالنسبة لكثير من الناس.. رغم وجود عدد لا بأس به من كبار الشعراء والمفكرين والأدباء.. ويجب علينا أن نمد حبال الوصل معهم ونسعى من جانبنا للالتقاء بهم.. وستقوم (( الاثنينية )) في مواسمها القادمة بمشيئة الله باستضافة بعضهم لمزيد من التلاحم وتبادل الأفكار والآراء.. مؤكداً مرة أخرى أن الجانب الإعلامي غائب تماماً عن ساحة أدبائنا في دول الخليج العربي، وأتمنى أن تتحرك الصفحات الأدبية بمزيد من النشاط لتدارك هذه الفجوة.
ـ يقول العموديون إن الشعر هو الموزون المقفى ويرى الحداثيون أن المشكلة لو كانت مجرد الوزن والقافية لكان كل أساتذة اللغة ممن يحفظون العروض شعراء جهابذة. ما تعليقك؟ وموقفكم من موجة الحداثة في الأدب؟
ـ لقد تحدثت الصحف والمجلات كثيراً عن الحداثة وطروحاتها، وهذا موضوع طويل وشائك لا يمكن تلخيصه في هذه العجالة، غير أن رأيي الشخصي في هذا الموضوع هو أن القصيدة العمودية المقفاة هي الأساس والأصل، وما سواها طارئ لا يجوز أن نأخذه كله أو نتركه كله.. ففيه الغث الرديء، ويحتوي أيضاً على الجميل المموسق الذي تألفه الأذن ويرتاح إليه الفؤاد.. والمسألة في نظري تعتمد على وجهة نظر المتلقي ومدى تجاوبه مع النص، فإذا لمس فيه وتراً حساساً داعب مشاعره فهو شعر، وإلا كان مسخاً مشوَّهاً سيسقط تلقائياً دون عناء.
ـ يقول بريخت.. إن مهمة الأدب ليست في تفسير العالم ولكن في تغييره، فهل للأدب وظيفة اجتماعية؟
ـ بالتأكيد للأدب وظيفة اجتماعية، وإلا كان عبثاً.. وقد ترقى وظيفة الأدب إلى أكثر من كونه العامل الأساسي في تجميل الحياة من حولنا.. قد يرقى إلى وظيفة تغيير المفاهيم والأطر التي تحوي تفكير الفرد والمجتمع.. أذكر أن أحد الأناجيل قد كتب بلغة عربية رائعة.. فما كان من الهيئة العليا للترجمة بالفاتيكان إلا أن رفضت هذا النص الجميل وأمرت بإحراقه، وقد يستغرب البعض هذا التصرف!! ولكن هناك هدفاً أكبر من مجرد إعدام هذا النص الجميل، فقد كان من رأي الجهة المختصة أن جمال اللغة في هذا الإنجيل قد يجذب الناس إلى مزيد من التذوّق لجماليات اللغة والإحساس بطلاوتها وإغداقها.. وبالتالي يبحثون عن المزيد من المصادر لإشباع هذا النهم الطبيعي في حب اللغة.. ويقودهم ذلك إلى تلاوة القرآن.. ويقع المحظور بالنسبة إليهم إذ سيتحول الناس تلقائياً لهذا الدين القويم من حيث يدرون أو لا يدرون.. ويتضح من هذا السياق أن للأدب قيمة عظيمة في الحفاظ على جماليات اللغة، وله وظيفة أكبر من مجرد الاستمتاع الوقتي بالنص.. بالإضافة إلى ذلك فهو الوسيلة المثالية للتواصل بين الناس ونقل الأفكار ووضعها موضع التطبيق العملي للمساهمة في رقي المجتمعات وتطورها.
ـ كل قصائد العالم لا تساوي شيئاً أمام أشلاء طفلة تمتزج بأشلاء لعبتها.. ما تعليقك؟
ـ ليس هناك أبلغ من الألم الذي يعتصر الفؤاد حين يرى الطفولة البريئة تقع فريسة الأحقاد والحروب الجائرة.. غير أن هذه الصور التي تهبط بالإنسانية إلى درك أحط من البهيمية سوف تتلاشى بمرور الوقت.. وقد لا تصل إلى كل الناس، والطريقة المثالية لتخليد ذكراها هي عبر الكلمة.. خاصة كلمة الشاعر الحساس الذي ينفعل بالحدث أكثر من غيره، لذلك قد لا تساوي قصائد العالم شيئاً في الوقت الحالي أمام هذه الأحداث المؤلمة ولكنها تمثل رسالة هامة للأجيال القادمة، في كل أصقاع العالم، شاهداً على العصر.
ـ كيف ترى عام 2000؟
ـ عام 2000 ليس ببعيد عن يومنا هذا. ولن يأتي من فراغ، لأن استمرارية الكون منذ الأزل تسير عبر وتيرة تسليم الراية من عام إلى آخر دون خلل في الإطار العام لمجريات الأحداث.. وهكذا سيكون عام 2000 ـ بطريقة أو أخرى ـ استمراراً للأعوام التي تسبقه ومن ضمنها هذه اللحظات التي تعيشها الإنسانية.. فقط أتمنى أن يعم فيه السلام.. والأمن والرخاء والعدل والمساواة وكل القيم السامية التي نتطلّع إليها.
ـ كلمة توجهها لوسائل الإعلام العربية؟
ـ ليست كلمة وإنما كلمات.. ولكن يبقى السؤال هل من حياة لمن تنادي؟
لقد أسمعت إذ ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي
ـ قريب إلى قلبي الكاتب الذي لا يخشى في الحق لومة لائم.. الذي يتوخى الصدق ويحرص عليه في كل ما ينقله للقرّاء.. الذي يترك مسألة تصفية الحساب والصغائر للصغار، وبقي بقلمه وبعلمه دائماً فرق سفاسف الأمور.. معتصماً بقمة شماء لا يدنسها الغرض والمرض.
ـ أين الأمثلة الشعبية ومكانتها في حياتنا المعاصرة؟
ـ لقد فقدت الأمثلة الشعبية شيئاً من أرضيتها خاصة في المدن الكبرى حيث تعج الحياة كل يوم بالجديد في عالم التقنية، الشيء الذي سحب البساط من تحت الأمثلة الشعبية، ولكنها ما زالت تحتفظ بمكانة طيبة في القرى والهجر وبين من لم يتأثر كثيراً بالحياة المعاصرة التي غزت جانباً لا يستهان به في المدن.
ـ حرف الدال كيف تتعاملون معه؟
ـ لعلّه قد فقد بعض بريقه منذ وقت ليس بالقصير.. فالكثرة تدعو إلى التراخي عن شد الانتباه حتى لا أقول الابتذال.. فعندما كان اللقب مختصراً على فئة معينة وسمت به بجدارة، كان كفيلاً بفتح الكثير من الأبواب.. أما وقد كثر حاملوه، وتواضع عطاؤهم، فلا شك أن التعامل معه يكون من منطلق هذا العطاء كل على حدة وليس إجمالاً.
ـ في رأيك من هو أبرز كتّابنا المحليين صحفياً؟
ـ أبرزهم الصحفي الذي يبدع في تخصصه مع ثقافة واسعة لا تحبسه في قمقم التخصص.
ـ ما هي الجريدة التي تحرص على متابعتها باستمرار؟ وما هو رأيكم في صحافة الخليج عموماً؟
ـ احرص على متابعة جميع الجرائد وبعض المجلات التي تصدر في المملكة، وصحافة الخليج عموماً تحتاج إلى مزيد من الجهد للوصول إلى المستوى الذي نتطلع إليه.
ـ هل تؤمن بالحسد؟
ـ جاء في القرآن الكريم وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ.. (الفلق: 5) فهل من اجتهاد مع النص؟
ـ كيف ينظر سعادتكم لمستوى الأديبة السعودية؟ وماذا ينقصها؟
ـ الأديبة السعودية تسير بخطى ثابتة لتحقيق طموحاتها. إنها ما زالت في طور التكوين وتلمس الطريق إلى النجاح.. تضيء شمعة كلما هبت الريح.. تصبر وتجالد وتكافح.. فقط ينقصها صوتها الخاص بعيداً عن التقليد أو نسخ أصوات الآخرين.
ـ ما هو الهم أو الهاجس الذي يسيطر عليكم دائماً؟
ـ الكتاب.. هذا الفانوس السحري الذي ينقل لنا عبر صفحاته كل جديد وطريف، ويبعث التراث حياً على صفحاته.. ويطير بنا في أجوائه من بلد إلى آخر.. ومن عقل كاتب عملاق، إلى فكر عالم جهبذ، إلى إحساس أديب مرهف.. إلى نبرة شاعر ملهم.. هذا الكتاب الحبيب القريب الغريب.. كيف يعود ليتبوأ مكانه المرموق في حياة الشباب؟ ومتى نراه في يد كل مقيم ومسافر.. لأن قيمته أكبر من أن أشير إليها في مثل هذه العجالة والضغوط عليه أكبر من أن يحويها مقال.. فمتى وكيف ننهض به لنلحق بركب الأمم؟
ـ حركة التأليف والنشر في بلادنا والحرص على اقتناء الكتاب كيف تنظرون إليها؟
ـ هناك كثير من المؤلفات القيّمة التي تجد طريقها إلى دور النشر والقرّاء.. وأعتقد أن الكثير أيضاً يحتجب لسبب أو آخر عن الظهور، وأتمنى أن ينطلق الكتاب حراً محلقاً في سماء الفكر.. ليسهم في إثراء حياتنا والتوجه بها نحو مرافئ العزة.. والحديث حول هذا الموضوع في مجمله لا ينفك عن الهم العام بالكتاب الذي تحدثت عنه سابقاً.
ـ ما هي الكلمة التي تختتمون بها هذا اللقاء؟
ـ كلمتي للشباب.. شريان الأمة ومستقبلها.. لا أوصيهم ولا أعظهم.. فلذلك رجاله وقنواته.. ولكني أذكرهم بأنهم من صلب خير أمة أخرجت للناس، كل شيء يسلّط العالم حوله الأنظار لنا في الريادة والقيادة، عندما يطلق العالم صيحات الإعجاب والدهشة حول حقوق الإنسان، لنا الفخر أن نكون أول من أرسى له الدين القيّم هذه الحقوق، ولم يهمل حتى حقوق الحيوان.. وقل نفس الشيء بالنسبة للحرية والمساواة والعدل وكل القيّم الرفيعة.. على شبابنا أن يئدوا نظرة الدونية والاندهاش التي ينظرون بها إلى الغرب وأهله.. عليهم أن يتحرروا من نظرة ((الضفدعة)) التي لا تعرف غير النظر من أسفل إلى أعلى، ويتأكدوا تماماً أن ما يجري لإخواننا في فلسطين والبوسنة والهرسك وغيرها من بؤر الإرهاب الفكري والعقائدي يمكن أن تنسحب على جميع العالم إذا لم نقف يداً واحدة.. ونكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. بهذا المستوى، وبهذه الروح، بالإضافة إلى التفكير والتدبير والإيمان الصادق الكبير، يمكننا أن نؤدي الدور الذي أؤتمنا عليه لمواصلة المسيرة ورفع الضيم والغبن عن كاهلنا كعرب ومسلمين.
إن العلوم التطبيقية التي تدهش البعض بإنجازاتها يمكن لكل مجتهد أن يصل إلى ذورتها إذا توافرت له الأدوات اللازمة لذلك، ولكن المنة الحقيقية هي الاهتداء إلى نور الحق واليقين إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ (القصص: 56).. قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ (الحجرات: 17).. فتمسك به أيها الشاب وعض عليه بالنواجذ ولن تضل أبداً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :715  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 47
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.