شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من الذاكرة (1)
عبد الله حبابي
اتَّسع الجزء التاسع من مجلدات (الاثنينية) التي تصدر عن (ملتقى الاثنينية) الذي يدعو له ويعده ويرعاه وينشر فعاليته الصديق الأستاذ عبد المقصود محمد سعيد خوجه.. اتسع هذا الجزء لإلقاء الأضواء على سيرة أديبنا السيد عبد الله الجفري وسبر أغوار أعماله الأدبية، ويتيح لي ذلك إدارة الصفحات المخصصة عن أديبنا الذي كان يسكن حارة الباب في زمنٍ مضى وانقضى، بغية اقتباس من قبسٍ ومن إضاءات تضيء لوحة أدبه وأعماله..
لقد مارس (رائد الكلمة النابضة) الصحافة إدارة وتحريراً وحصل على جائزة الإبداع العربي من منظمة الثقافة العربية بالقاهرة، ومن رابطة الأدب الحديث بالقاهرة، كما حصل على جائزة جمعية مصطفى وعلي أمين كأفضل كاتب عمود صحفي يومي عام 1992م، وله الكثير من الأعمال الأدبية المطبوعة، ويعمل كاتباً متفرغاً في صحيفة ((الحياة)) الدولية وكاتباً لعمود يومي في صحيفة ((عكاظ)) ـ انتقل فيما بعد إلى صحيفة ((البلاد)).
تحدث في (أمسية الاثنينية) التي خصصت لتكريمه، الأستاذ عزيز ضياء ـ رحمه الله ـ إذ عقد له لواء السبق عليه بدليل المجموعة الضخمة من أعماله الأدبية واقر له بأنه قارئ وإن القراءة هي الأهم في تاريخ الكتابة والأدب، القراءة أولاً ثم الاستيعاب..
ووسمه الشاعر/ يحيى توفيق بأنه الألق المتجدد وأنه يُسوِّد الصفحات بمداد قلبه وشظايا روحه..
وقال عنه الدكتور هاشم عبده هاشم إنه وجد فيه نمطاً جديداً لعمل صحفي يتحرك، وأنه شدّ كل ذي اهتمام بالكلمة اللماحة الأنيقة..
ووصفه الأستاذ/ هشام حافظ أنه فنان ورجل متميز في كل شيء..
وأضاف الأستاذ حمد عبد الله القاضي إنه أعطى الكلمة قلبه وأنه أسهم في نشر الكلمة السعودية في الخارج..
وأوضح الدكتور/ عبد الله منَّاع أنه أديب منذ البداية يحمل قلم أديب ونسيج أديب وفكر أديب.
وأضاء الأستاذ/علي الرابغي أنه لم يكن أنانياً ولم يكن ممن يمارسون الغيرة في مجال الإبداع أو الموهبة..
وألمح الأستاذ محمد عبد الواحد أن له من سمات آل البيت ما يجعله يتخطى عوامل العجز والقهر..
وأشاد الأستاذ/فهد العريفي بأنه كالماس في صلابته وشفافيته..
وقد استهلَّ الأستاذ/عبد المقصود خوجه مضيف تلك الأمسية بالقول: (لولا السيد/الجفري وقلة تميزوا بالأصول التقليدية لأصبحت الصحافة مجموعة من التقارير الجافة.. إن له أناقة مُترفة في الكلمة.. ليرسم بها لوحات مفعمة بالحب وبحب الناس والطبيعة ويجعلها نابضة) شلالات متدفقة من (صفات ألقية لموصوف متألق) لا حد لها ولا تخوم.. صفات تُحلق به محلياً وترفعه إلى الذروة عربياً وترقى به إلى آفاق عالمية أدبياً وإنساناً نموذجاً لعشق الكلمة ونبضها.. ومن للموصوف وصفاته في هذا المقام سوى ما قاله أحمد شوقي شعراً جميلاً:
وعندي الهوى موصوفه لا صفاته
إذا سألوني ما الهوى قلت ما بيا
ولنودع هذا التكريم الاحتفائي ونرحل إلى كتاب قيم وثمين هو كتاب (المقالة في الأدب السعودي الحديث) للأستاذ (محمد بن عبد الله العوين) حيث تناول فيه نقداً موضوعياً للأدب السعودي ما بين الفترة 1343 ـ 1400 وكان لكاتبنا الكبير نصيب وافر من صفحات هذا الكتاب..
وعندما تعرض الأستاذ/ العوين للسيرة الذاتية للأستاذ/ الجفري ذكر أنه (تلقى تعليمه بمكة المكرمة حتى المرحلة الثانوية وعمل موظفاً) وهذا يعني أنه أديب عصامي، صنع قلمه بمداد ذاته وأفرز عطاءه من مجموع قراءاته وحصيلة موهبته، ودون الرغبة في الدخول في مقارنات، فإن هذا يُثير في خواطرنا عصامية الكثيرين من روادنا الأوائل في الأدب ويذكرنا أيضاًً بطموحات الأستاذ عباس محمود العقاد الأدبية والفلسفية وهو مجرد حامل شهادة ابتدائية، ومثل هذه العصاميات تنخرط في حسنات أصحابها.
يروي الأستاذ/ العوين في كتابه المشار إليه آنفاً أن السيد/ الجفري (يكاد يكون الكاتب المقالي الذاتي الأول في الأدب السعودي، إذ أخلص لفن التعرف على الوجدان والحديث عنه والإفضاء إليه.. وهو من الكتاب الوجدانيين الشعريين الذين تستولي عليهم الرقة والعذوبة وشفافية الحلم.. وقد جاء بمقالة جديدة تختلف في سياقها وتكوينها وبيانها اللفظي وخيالها عن المقالة المأثورة المطروقة عند سواه.. اتخذ أسلوب الخيال والرسم بالكلمة لصورٍ متعاقبة لا يربط بينها إلا الموضوع الرئيسي ثم هو ينقلك في قفزات متوالية سريعة إلى قلمه وألمه ووجعه الذاتي.. هجر أساليب المنشئين من أدباء التجديد في هذا العصر وأفاد من طرائق المدرسة الحديثة في استخدام العبارة وتوظيفها ولم يراع القواعد المأثورة في بناء الأسلوب المثالي في هذه الناحية فأثرت عليه الروح الشعرية الحديثة ووظف خاصية الشعر في نثره حتى صار النص لديه في منزلة بين المنزلتين فيه خصائص النثر من التدفق والسيولة والإسهاب وتنوع الأفكار وتشعب الحديث عنها وخصائص الشعر من الموسيقى والجرس ونماء العبرة وثرائها الموحي والهمس النفسي الحميم.. وادخل في المقالة لوناً جديداً من الصياغة يدعم به الفكرة ويشرحها ويتتبع في أثنائه تشعبها ونثارها وهو فن الحوار..).
وأضاف بأن أديبنا (يغرقُ في مشاعر الغربة وآلام الحنين ويترع من حزنه حتى تبتل كلماته بهذا المداد القلبي المنسكب..).
وتتيح لي المناسبة الرجوع إلى كتاب (الموجز في تاريخ الأدب العربي السعودي) للدكتور (عمر الطيب الساسي) حيث نوه بقيمة الأديب الجفري وأنه فنان كلمة يتلاعب بالألفاظ ويتفنن في الحوار، واستشهد بما كتبه الدكتور غازي القصيبي عنه: (يعيش القارئ مع الكاتب عبد الله الجفري جوعه إلى الحب، وإيمانه بالحب، حب المرأة، وحب أليم، وحب الناس ـ قوة ترش الخصب والنماء في قلب الواقع المتحجر) وقال: (إن الجرأة اللغوية ذاتها تدفع الجفري في بعض الأحيان إلى اهتمام بالغ بالألفاظ والتشبيهات والصور يكاد يدير رأس القارئ، ويكاد ينسى في زحمة هذا الخضم الرهيب من الصور والتشبيهات والتجسيدات اعترافه بأن وراء هذا كله مجرد نداء يوجهه صديق إلى صديقه)..
والقول ما قالوا..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :501  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 107
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.