شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
1 ـ أنا والأخلاق (1)
المدرسة التي تعلمت فيها:
نعم المدرسة، المدرسة هي غذاء الأمة، المدرسة هي روح الأمة، المدرسة هي التي تهيئ رجال الغد فيدافعون عن الأمة، المدرسة هي التي تغرس الفضيلة في قلوب أبناء الأمة، المدرسة هي التي تنشئ في النفس حب الإصلاح، المدرسة هي التي تكون الشعور الحي، المدرسة عليها يتوقف رقي الأمة وتقدمها ومستقبلها وحياتها، المدرسة هي كل شيء وإن حاجة مدارسنا إلى النخل أكثر من حاجاتها إلى الغربلة.
تنظيم المدرسة:
لقد كانت بعض المدارس مقلوبة الكيان في نظامها وتنظيمها أما الآن، فقد طرأ عليها شيء من التعديل ولكنه يحتاج إلى عناية أكثر وترتيب أجمل.
تنظيم المدرسة يساعد القائمين بأعمالها ويوفر وقتاً ليس بالقصير فكلما كان نظام المدرسة حسناً كان سيرها حسناً وتقدمها أحسن، ثم إن النظام الذي وضع الآن لا بأس به ولكنه مع الأسف لم يطبق تماماً، وهذا ما لا يخلو من أمرين، إما أن الذين وكّل لهم أمر المراقبة لم يؤدوها حقها وإما أن نفس الأساتذة الموجودين لا يعرفون المنهج الذي يجب أن يتبعوه ولا كيف يطبقونه، هذه هي الحقيقة أقولها بكل صراحة، وإذا احتاج الأمر إلى البينة فسأوردها في المنخل.
الأستاذ..
إن لفظة أستاذ عظيمة يجب أن تكون في رجل عظيم في نظر العلم، عظيم في نظر الأدب، عظيم في نظر الأخلاق، عظيم في نظر الفضيلة هذا إذا أردنا أن نوجد الأستاذ الحقيقي وأردنا أن نخطو خطوات إلى الأمام وأن نسير في تقدم مستمر، ولا أريد بهذا أن الأساتذة الموجودين غير صالحين لا.. بل أريد أن الموجودين يحتاجون إلى تلقيح لأن فيهم الغث والسمين (وكل يعرف نفسه) وما دام رائدنا المصلحة العامة فيجب أن نقول الحقيقة ونتكلم عن الواقع أما إذا كان الموضوع مداهنة ومخادعة فهذا بحث آخر وله كلام آخر. الأستاذ، الأستاذ، الأستاذ، اسمحوا لي أن أقول إن بعض المدارس تحتاج إلى أساتذة مهذبين متمسكين بمكارم الأخلاق يقدرون على ضبط إرادتهم ويكونون مخلصين لوطنهم ولتربية أبنائهم إذا استطعنا إيجاد أمثال هؤلاء الأساتذة فسننجح، أما إذا بقينا عاضين بالنواجذ على الأساتذة الموجودين وفيهم كما ذكرت الغث والسمين فعلى المدارس السلام، أنا لا أريد أن أستعرض زيداً وعمراً، لا.. بل أقول على الهيئات المسؤولة أن تستعرض هذا الموضوع وتبحثه وتعمل لما فيه مصلحة الوطن، وأنني أتقدم الآن بهذه العجالة منتظراً مدى مفعولها وإلا فالغربال موجود والمغربل حاضر وفي الزوايا خبايا.
الأستاذ وإلقاء الدرس:
إن إلقاء الدرس فن والتدريس فن آخر ويجب أن يكون إلقاء الدرس بصورة فنية لأجل أن نجني ثمراته، إن الإلقاء يؤثر في النفوس أثراً محسوساً فبقدر ما يكون الإلقاء جيداً يكون التأثير أقوى وأعظم كما أن الإلقاء السيئ يبعث في النفوس الاشمئزاز والملل وإن للصوت ونبراته في هذا الفن عملاً قوياً فكلما كانت نبرات الصوت جيدة كان الفن متقناً أكثر وليس معنى هذا أن الأستاذ يلقي الدرس بصوت كالموسيقى أو بنغم كالبيانو، لا.. لا.. بل صوت يبعث في نفوس التلاميذ الحركة وفي أفكارهم اليقظة والتنبيه، ولئن أردنا أن نختبر بعض الأساتذة الموجودين لنعرف هل يحسنون الإلقاء أم لا، لوجدنا في المائة خمسة وعشرين لا بأس بهم والباقين لا يجيدون هذا الفن، وإني ألفت نظر من أوكل إليهم أمر المدارس ليتحققوا من ذلك ثم يعملوا الواجب عليهم، وبذلك يؤدون الأمانة ويخلصون في أعمالهم ويهيئون لأمتهم مستقبلاً مجيداً.
سياسة التعليم:
نعم للتعليم سياسة وأظنها غير موجودة، في بعض المدارس، وسياسة التعليم هي التي تقرب الأستاذ إلى قلوب التلاميذ، وسياسة تقرب الأستاذ إلى قلوب التلاميذ وجذبها إليه مفقودة في بعض المدارس، إن سياسة تقرّب الأستاذ إلى قلب التلميذ أمر ضروري وقد أصبح في وقتنا الحاضر من الفنون التي تدرس، ففقدان هذا الفن في بعض المدارس هو فقدان أساس التعليم، وفقدان أساس التعليم هو نفسه اضمحلال التعليم وعدم نجاح التلاميذ فيجب على الأساتذة العناية بهذا الفن، فيجب عليهم أن يعملوا أولاً ليكتسبوا قلوب التلاميذ ويتقربوا إليها وبذلك يمهدون الطريق لأنفسهم من جهة ويفيدون التلاميذ من جهة ثانية، كما أنه يجب أن يتركوا خطة الإرهاب لأن التجارب قد أيدت أنها خطة غير حسنة وأن نتيجتها سيئة، ولما كان القصد المصلحة فيجب أن تتبع الخطة التي تكون فائدتها أعظم أما إذا كان القصد اتباع التقاليد من حيث هي فهذا موضوع غير وله جواب غير.
صلة الأولياء بالمدارس..
إن صلة الأولياء بالمدارس ضعيفة، فالمدرسة لا تعرف شيئاً عن أحوال التلميذ في داره كما أن الولي لا يعرف شيئاً عن أحوال ولده في المدرسة، إن اتصال أولياء الأمور بالمدرسة أمر ضروري يجب أن يعتنى به، ويجب أن يطبق بدقة تامة لتعرف المدرسة خطة التلميذ في داره بصورة أوضح من المتبعة في وقتنا الحاضر وفي مدة أقل فتقوِّم من اعوجاجه وتحسن من سيره، وعلى الموكول إليهم هذا الأمر أن يعطوا هذه المسألة أهمية عظيمة ويعيروها جانباً من الاهتمام لا يقل عن التدريس لأنها تساعد المدرسة في مهمتها مساعدة ستكون محسوسة ملموسة عندما نطبق بعناية تامة وصورة منتظمة والله من وراء القصد.
((عود على بدء واجب المدرسة)) (2)
العلم يثقف العقول، العلم يرقي الأمم، العلم يغرس في نفوس الأمة حب الفضيلة، العلم يضيء لصاحب الطريق طريق الحياة والسعادة، العلم نور، الجهل ظلمة، وحاجتنا إلى النور شديدة، وحاجتنا إلى العلم عظيمة، وحاجتنا إلى تعميمه في كل زاوية من زوايا بلادنا أشد وأعظم.
عرفت الأمم الحاجة الضرورية إلى العلم، أكثرت من المدارس، وأدخلت عليها الكثير من ضروب الإصلاح ليتسنى لها أن توجد مثقفاً يسعى لخدمة وطنه خدمة صحيحة لا غش فيها ولا خداع ولا رياء، ويعمل لما يفيدها وينفعها ويعود بالخير العميم عليها ضارباً بمصلحته الخاصة إذا تعارضت مع المصلحة العامة عرض الحائط.
عرفت الأمم فوائد المدارس فأكثرت منها لتجني ثمراتها، وتحصل على فوائدها وسعت في وضع أسس قوية تسير عليها ليكون نجاحها مضموناً وسيرها سريعاً. إن هذه المدارس عليها واجب عظيم في تربية الأطفال وتثقيفهم، وإن ما تغرسه المدارس في نفسية الأطفال وما تلقنهم إياه، وتحسنه لهم وتحببه إليهم يقدسونه ويعظمونه وينشؤون عليه، وإن ما لها من التأثير في قلوب الأطفال والسلطة على نفسيتهم يجعلها تتخذ كل الوسائل والطرق التي تفيدهم وتنجح فيهم، وإن هذا التأثير وتلك السلطة قد أوجبا على المدارس واجبات عظيمة، والمديرون هم الملقى على عواتقهم تلك الواجبات، وهم المسؤولون عن أدائها وإذا لم يقم كل بواجبه المسؤول عنه، بإخلاص وعزيمة صادقة باذلاً جهده في سد كل فراغ تحدثه الظروف وتنتجه الأيام فستكون النتيجة ضعيفة وغير موصلة إلى الغاية التي تنشدها النفوس والتي من أجلها أسست المدارس وقام بنيانها ورفعت دعائمها.
إن على كل فرد مسؤول في المدرسة واجباً عظيماً مقدساً، وإن على كل عضو عامل فيها واجباً عظيماً يجب أن يقوم به بدقة تامة ما دام تقدمها وتأخرها ونجاحها وهبوطها هو المسؤول عنه لا فرق بين الرئيس والمرؤوس، ولا يحق لأحدهم أن يتبرأ من ذلك بحجة أنه مدرس لفن مخصوص وليس عليه إلا أن يلقي درسه فقط لا يحق ذلك لأنه بعيد كل البعد عن الحق وإن واجبات الذين يديرون أعمال المدارس عظيمة، وإذا لم يقوموا بها متكاتفين متساعدين فتكون سيرة المدرسة ضعيفة غير مفيدة هذا إذا لم يشل من حركتها ويقض عليها، إذ ليس القصد وجود أساتذة ومدارس وتلاميذ بل القصد أن تكون نتيجة هذه الأشياء مفيدة ويجب أن تكون محسوسة ملموسة ويجب أن يكون سيرها سريعاً.
إن على الأستاذ في المدرسة واجبات وعلى المفتش في المدرسة واجبات وعلى من وكل إليهم أمر المدارس وتدبير أمورها واجبات، ويجب على كل منهم أن يؤدي ما عليه وإلا فهو مسؤول أمام ضميره ووجدانه قبل كل أحد، ثم الأمة بداعي الارتباط الاجتماعي الذي نرتبط به جميعاً.
وإن أول شيء يجب أن تعتني به المدرسة أو بمعنى آخر المسؤولون عن المدارس هو الأستاذ لأنه هو أحد العوامل التي يتوقف عليها نجاح المدرسة، وهو بصفة الأساس لها ثم هو ذاك الذي سيربي روح الأطفال، هو ذاك الذي سيغرس أخلاقه في نفسية أطفال الأمة، هو ذاك الذي سيخرج رجال الغد للأمة، هو ذاك الذي سندفع إليه بمهج نفوسنا وثمرة قلوبنا، وحري بمن كان يتولى مثل هذا المقام الرفيع أن يكون من المتحلين بالأخلاق الإسلامية ومن أصحاب الأخلاق الحسنة والصفات الجميلة وأن يكون مثالاً للشهامة والمروءة وإذا اعتنى الذين وكل إليهم أمر المدارس بالأساتذة مادة ومعنى فسيكونون قد أحكموا دعائم المدارس والتدريس، وضمنوا لها النجاح، وقاموا بالواجب عليهم، ثم من الأشياء الضرورية للمدارس وجود النظام الذي يكفل سيرها وحياتها، إذ كل شيء لا يسير على نظام ثابت يؤمن نجاحه بخاصة فهو عرضة للاضمحلال وقريب من الفناء، والنظام ضروري للمدارس لأنه ينظم أمورها ويجعلها تسير ضمن دائرة محكمة النطاق، فقط يعوزه التطبيق بدقة تامة وعناية عظيمة، ويجب أن يراعي في تطبيقه المصلحة العامة قبل كل شيء وإذا سار على هذا النحو فهو بلا شك سيسير بالمدرسة خطوة واسعة إلى الأمام، وما دمنا محتاجين لهذه الخطوة فيجب أن تعتني المدرسة بنظامها اعتناء عملياً.
كذلك من الأشياء التي يجب أن تراقبها المدرسة وتعتني بها سير التلاميذ وأخلاقهم في المدرسة وخارجها، لأن التلميذ إذا راقبته المدرسة تستطيع بذلك أن تقوِّم من اعوجاجه وتحسن من سيره، ثم التالي يفيدها إذ تستطيع أن تبعد عن المدرسة كل رذيلة وتقاوم كل داء يفتك بأخلاق أبنائها، والأمم في العالم اتخذت طرقاً عديدة لتأمين ذلك وأحسن شيء كفل لها ذلك هو صلة المدارس بأولياء أمور التلاميذ وقد اتخذت لذلك ((نوتة دفتر صغير)) يؤشر عليه يومياً من قبل المدرسة ومن قبل أولياء التلاميذ لتعرف المدرسة سير التلميذ معرفة تامة ويكون ذلك الدفتر مترجماً عن سيره وأخلاقه ويا حبذا لو طبقت هذه القاعدة على مدارسنا بصفة تلائم بيئتنا وهو في كل أسبوع مرة واحدة لأنها ذات فائدة عظيمة ونحن في حاجة إلى الأخذ بكل شيء يفيدنا وكذلك يجب أن تبذل المدرسة قصارى جهدها في أن تغرس في نفسية الطفل حب الإسلام والعمل بأحكامه وحب الفضائل، وحب الوطن وأن تتخذ الطرق الممكنة لكي تمكن ذلك فيه، وتحببه إليه، والفعل أعظم تأثيراً في النفس من القول.
هذه بعض الأشياء التي حضرتني الآن وعسى أن أوفق فأعود إلى الموضوع في فرصة أخرى لأنه موضوع جدير بالاهتمام والبحث.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :883  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 20 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ديوان الشامي

[الأعمال الكاملة: 1992]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج