شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة معالي الدكتور فضيلة الشيخ محمد بن بيه ))
ثم تحدث فضيلة الشيخ محمد بن بيه فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم..
- الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه.
- ماذا عساي أن أقول بعدما قاله الأخوة، في حق عالم جليل وإمام عظيم؟ لعلي أقول ما قال الآخر: "والصمت أبلغ حين يعيا المنطق"، ولكن مع ذلك سأتحدث؛ أولاً: ما ذكرنا به أخونا الشيخ عبد المقصود عن رواد كانوا أخوة لنا وزملاء على الدرب، درجوا ومضوا إلى الدار الآخرة، لانقول إلاَّ ما يرضي الرب، إنا لله وإنا إليه راجعون، لله ما أخذ وله ما أبقى وكل شيء عنده لأجل مسمى، أستغفر الله لنا ولهم.
- بالنسبة لأمسيتنا هذه، فنقول - أيها الجمع الكريم - إننا نهنئ أخانا الشيخ عبد المقصود خوجه بهذا الضيف الكريم، إذا كان الشاعر قد قال:
إن الصنيعة لا تعد صنيعة
حتى تصاب بها طريق المصنع
 
- فأنت في هذه الليلة أصبت طريق المصنع، وصادفت أهلاً للتكريم، وللتوقير؛ إنها سنة سننتها، فنسأل الله (سبحانه وتعالى) أن يرزقك أجرها، سنة تكريم العلماء وهم أحياء، بينما العرف والعادة أن يكرم الإنسان بعد موته، فلعلك نظرت إلى قول الشاعر:
وألفينك بعد الموت تندبني
وفي حياتي ما زودتني زادي
- فلقد زودتهم زادهم وعظمتهم، فجزاك الله على ذلك خيراً.
- المحتفى به الَّذي نكرمه الليلة ليس عالماً فقط وإنما هو إمام، من هو الإمام؟ دعوني أحكي لكم حكاية ترجع إلى القرن السابع الهجري، وفي الشام بالذات كان العلماء - في بعض الأحيان - تعروهم الحاجة، ولا يزالون، لا يبحثون عن التوضيح ويغشون القصور.
- الحافظ أبو شامة من هؤلاء، سمع أن الحاكم - في ذلك الزمان - طلب قارئاً، وهو ينظم مناورة لاختيار أفضل قارئ، فجاء الإمام أبو شامة مترشحاً ومعه أحد القراء اسمه: أبو الفتح، فكبير العلماء اختبرهما وبعد الاختبار قدم التقويم التالي إلى الحاكم، قال له عن الشيخ أبي شامة: إمام من أئمة المسلمين، وقال عن أبي الفتح: هذا قارئ، وكان الحاكم له هوى مع أبي الفتح ولا يميل إلى الإمام أبي شامة، فقال: إنما نريد قارئاً، فوجد أبو شامة من ذلك في نفسه، وقال لشيخ العلماء: ماذا فعلت؟ قال له: ما كنت أظن أنهم يخفى عليهم كلامي، قلت لهم: هذا إمام من أئمة المسلمين..
- إذن أنا سأشرح الإمامة.. لعل أن يخفى عليكم كلامي، الإمام هو المتقدم على غيره، والإمام هو المقتدى به، والإمام هو من يؤمه الناس من كل صوب، ليجدوا عنده ما يحتاجون إليه، بهذه الاعتبارات وبهذه المعايير نعتبر أخانا العلامة الإمام الشيخ: يوسف القرضاوي من أئمة المسلمين، لا نزكيه على الله، فهو قد تقدم على هذا الجيل في علمه، وفي فقهه، وفي ديانته - إن شاء الله - لا نزكيه على الله، فهو إمام يقتدى به، يرجع الناس إلى فتاواه ليسألوا عن الحلال والحرام، هو إمام يؤمه الناس من كل صوب ليجدوا حلاً لمشاكلهم؛ الشيخ القرضاوي هو فقيه - أيضاً - بما في هذه الكلمة من معنى، فقيه عالم بالأحكام، فقيه مستنبط للأحكام، فقيه نفسي وفقيه واقعي، وفقيه عملي، كل كتبه تشهد على ذلك.
- أعتقد أن من يحاول أن يخرج موضوعاً خاصاً يهتم به الشيخ الإمام يوسف، فسيجد موضوع المال؛ وأنا أعتقد أنه وجد المال من أكبر الفتن التي تواجه الأمة وتواجه هذا العصر بالذات، فبحث عن كيفية اقتنائه وكيفية إخراجه، فكتب في الحلال والحرام وأنواع المعاملات، ثم كتب في كيفية إخراجه في الزكوات والصدقات، لكنه لم يكتب فقط… بل ساهم عملياً في قيام مؤسسات تقوم على هذا الفكر وهذا التجديد، فقامت بنوك إسلامية ومؤسسات كان رائد قيامها وكان موجهاً لها، وقامت مؤسسات خيرية لجمع الزكوات والصدقات، وتوزيعها على الفقراء في أنحاء العالم، كان مقترحاً، بل موجهاً، بل مؤسساً لهذه الهيئات الخيرية، وأنا أتكلم عن علم بذلك.
- الشيخ يوسف يقول بعض الناس: إنه يرخص ويوسع وهذا دليل على فقهه، فهو إذا رخص ووسع يهيئ الضوابط، وإذا ضيق وشدد يهيئ المخارج، كيف لا وقد جمع علماً كثيراً، جمع تفسيري الحديث، والأصول إلى الفقه، واللغتين: النحو والبلاغة، فاقتطف من جنى هذه العلوم.. فتوسع وأوسع، فكأن الشاعر عناه وهو شاعر من بلادي، عندما يقول في القرن الماضي:
تجمع فيه سيبويه ومالك
والشافعي والأشعري وأشهد
- (الأشعري هناك عندنا قدوة).
- فالشيخ يوسف جمع كل هذه الخصال، ولكن زيادة على ذلك هو مُرَبٍّ، وهذا جانب عظيم وأساسي في حياة هذا العلامة؛ هو مُرَبٍّ ربَّى الأجيال، ربَّى من شافهه وتعلَّم عليه، وربى من يبعد عنه في أمكنة شتى من أنحاء العالم - وأنا أتكلم عن علم - عن شباب أفريقيا، حيث تصل فتاوى الشيخ، وحيث تصل أناشيد الشيخ - أيضا - لمن لا يعرف أن له أناشيد، وحيث يتربّى الناس، تربّى هذه الأشياء؛ وهو من دعائم الصحوة الَّذين حركوها ولا أريد أن أتهمه، ولكنه من الَّذين رشدوها أيضاً، فهو إمام مُجدد في هذا العصر، نسأل الله (سبحانه وتعالى) أن يثيبه على ذلك، وأن ينفعه وينفع على يديه المسلمين، وأن تتخرج أجيال على منهجه من العلم، والسمت، والتقوى؛ إنني أفرح كثيراً بفتاواه، قد يختلف المرء مع بعض ما يقول، ولكنه يقدر قوله ويحترم هذا القائل، وهذا القول، لأنه لا يتكلم عن هوى ولا يتكلم عن جهل، والفتوى إذا سلمت من هذين العيبين، فإنها فتوى مؤيدة وفتوى صالحة.
- لا أستطيع أن أعدد مناقب الإمام الفقيه الشيخ: يوسف، بل أكتفي بهذا القدر، وأعترف بالعجز، وأذكر بما قلت منذ سنة من هذا المنبر، وأنا أصف هذا المكان، وأرى أن الليلة صدقتني حينما أشرت على أن هذا المكان يجتمع فيه كثير من الأدباء في أبيات هي نوع من التطفل، تطفل الفقهاء كما يقولون على الشعر:
أسوق عكاظ أمه الشعراء
فمغنى زيادٍ قبة وخباء؟
أم المربع المعمور من آل برمك
تداعى به السمار والأدباء؟
أم الحلقة الغراء من حول مالك
تبارى بها القراء والفقهاء؟
تساجل فيها القائلون فأطنبوا
وأوجز إبداعاً بها الحكماء
وفي قصرك الميمون فقه وسيرة
وشعر وأكل مشتهى وثناء
- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :810  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 155
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الأول - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

ديوان زكي قنصل

[الاعمال الشعرية الكاملة: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج