شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
( 2 )
استقبال...
لا تزال في أعصابنا رجة المقدر وقوعه لنا في المطار.. لولا لطف الله.. فقد عرفنا بعد هبوطنا به أننا كنا في خطر.. وأن سيارات المستشفى والإسعاف، التي رأيناها قد حضرت لنقل السالم من الموت منا لها.. والميت لمقره..
لقد كان بعض من معنا يعرفون، ويدركون الخطر بعد أن أشار إلينا قائد الطيارة بواسطة مساعده، بربط الحزام بالوسط.. وحين صفقوا. وهللوا. وهتفوا للكابتن وبعد أن انتهى التحليق علواً وانحداراً في الجو.. وبرؤوسنا وأمعائنا.. أدركنا أنه كان هناك شيء وزال.. والواقع أنه حدث عطل بالطيارة. وقضى الكابتن حوالي نصف ساعة محلقاً في الجو حتى زال..
إن الجهل بالخطر معناه الاستهانة المتناهية به في نظر العالم به.. ومعناه التصرف الطبيعي جداً من الجاهل بوقوعه. أو بأهميته ومداه المفزع.. وربما قدر قديماً وحديثاً كثير من ضروب الشجاعات على أساس هذا الجهل..
ولا تزال أمامنا مرائي أبنية المطار الأمريكي . ونظامه. وما لقيناه من الاستعداد السريع بكل ولكل شيء حتى السيارة المفضية بنا إلى غايتنا.. واستعراضنا القاهرة وشوارعها كدفعة أولى زاخرة بالمتنوعات أحياء وجمادات..
أما أنا. فقد استقبلتها ـ بعد استقراري بالفندق ـ ببرود المعرفة.. أو لعلها حالة هرم النفس المجرّبة الكثير عملياً.. والأكثر نظرياً، وتصورياً، وإدراكاً، وما أمره من شعور، وأتعسه من إحساس يذكرني بتفاهة قدرهما في الحياة ـ مادياً ـ زحام الإقبال عليها من كثير.. وكثير.. والإقبال المادي الشره عليها. النهم لامتصاص واستيعاب كل ما تحفل به، ويتولّد عن تجاوبها في النفوس.. وإن كان في هذا الشعور.. وفي هذا الإحساس بنفوس ذوي الأمزجة الدافعة إليها التذاذ معنوي كامل.. وروح جميل، وحس عال. وهكذا فلكل مخلوق منظار!..
لقد انطلقنا ننشد التطلع، والفرجة على كل شيء عام.. إن الجمال والفتنة في النظام والنظافة. والحركة والازدحام. بعث على تفتّح النفس لها. وتركيزها فيها.. والنفس وبالأخص الباحثة عنهما ـ الفتنة والجمال ـ لن يقف عند تشربها من مصادرهما شيء واحد.. هذه الشوارع المتناهية في الطول، والزحمة.. والحركة.. وهذه أصناف الناس وأشكالهم المتباينة في السحنة والزي والمظهر.. وتلك وسائل النقل وأنواعها المختلفة في القدر والحجم والسرعة، والميزة.. وهذه، وتلك من كل مجالي الحياة ونشاطها، والحسن ومصادره.. والفتنة وبواعثها..
إن كل ذلك التقديس. والتجميل للحياة، والدفع بها ومعها إلى الأمام المتطور باستمرار استجابة، وانطواء فيها. لدليل يقظة ووعي، وانفعال، وهو ـ بعد وقبل ـ رمز إيمان بها. وأداء لدواعيه. ودواعيها..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1367  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 4 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج