شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صديق مات!!!
* بقلم: عبد القدوس الأنصاري
لابد للانسان من ضجعة
لا تقلب المضجع عن جنبه
ينسى بها من كان من عجبه
وما أذاق الموت من كربه
يموت راعي الضأن في جهله
موته جالينوس في طبه
وربما زاد على عمره
وزاد في الأمن على سربه
رحمك الله ((أبا عبد المقصود))، وأثابك خيراً عن أصدقائك ووطنك، قد كنت لهما وفياً، وبهما حفياً.
كانت أول معرفتي بالأستاذ محمد سعيد عبد المقصود ـ رحمه الله ـ في موسم الحج في عام 1349هـ، وكان يومئذ كاتباً بسيطاً في الأدب وفي إدارة أم القرى، ثم مضت به همته وسما به جدّه وطموحه حتى تسلم زمام العمل الذي كان فيه كاتباً من قبل، وحتى صار من الأدباء المعدودين. وهكذا يسمو بالرجل الأمل المقترن بالجد والعمل.
وبحمد الله فقد اتصلت أسباب الصداقة بيننا حتى وافاه الأجل المحتوم، ولقد خبرته فخبرت فيه الرجل العصامي الألمعي، لقد كان شعلة في الذكاء، وكان طريقه إلى السمو فيما يقوم به من عمل هو الانكباب على الدراسة والعمل المتواصل اشباعاً لرغبات نفسه الطموح.
وكما قال أبو الطيب:
وإذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسام
فقد ضغط العمل المرهق والتفكير المنهك على جسمه النحيل، وصارا يقلصان من قواه وعضلاته حيث لفظ النفس الأخير.
ومما يدلك على ذكائه أننا كنا قبل بضع سنوات نقرأ ((الغربال)) وصرنا بعد برهة نقرأ ((لابن عبد المقصود))، ثم صرنا نقرأ ((لأبي عبد المقصود))، وفي كل نوبة نرى هذا الكتاب يتدرج في معارج التقدم البياني، حتى إذا نهض ((أبو عبد المقصود))، بإخراج سفر ((وحي الصحراء)) قدرنا وأكبرنا له همته وتضحيته.
هو نشاط محمود، وهمة عالية، تسعى للنهوض بمختلف أفانين الحياة، ففي ناحية الأدب كتبت هذه الشخصية الموهوبة الكثير من البحوث والمقالات على صفحات الصحف وغيرها، وأخرجت مع صديق لها هو الأستاذ عبد الله بلخير ((وحي الصحراء))، وقامت بأعمال اجتماعية أدبية شتى، وفي ناحية العمل الفني سعت لتحسين الطباعة وكتبت عنها التقارير وجلبت لها المطابع والأدوات، وأرسلت إلى الخارج البعثات، وفي الناحية الاقتصادية اشتركت في مختلف الأعمال، وساهمت في المشاريع العلمية والخيرية، وطاقة الإنسان محدودة على كل حال. والفتى الطموح لا يقف به الأمل عند حدود هذه الطاقة، وهكذا سار (( أبو عبد المقصود )) في مضمار الحياة الناشطة حيث سقط في الميدان رحمه الله.
والموهوبون يرزحون دوماً تحت أعباء اتجاهات خاصة تستهدف لها مواهبهم وتأبى إلا السمو فيها إلى القمة ولا يستطيعون عنها حولا مهما نصحهم الناصحون ومهما حطمت من قواهم.
هذا ((أبو عبد المقصود)) في نواحيه العامة. أما هو في نواحيه الخاصة فقد أومض لي من خلال ودق حياته برق العبقرية اللامع وكان مثالاً للوفاء لأصدقائه الشخصيين، وكان مثال الوالد الشقيق ولهذا قرن اسمه باسم ابنه البكر ((عبد المقصود)) فكان أحب أسمائه إليه: ((أبو عبد المقصود)).
وبعد.. فهذه جوانب من جوانب حياة هذا الصديق العزيز الفقيد الذي انتقل إلى الدار الآخرة وهو في عنفوان الشباب بعدما عانى آلاماً جساماً من الأمراض المتلاحقة، كتبناها أداءاً لواجب صديق رحل من هذه الدار إلى ((دار القرار))، وهو أوسع ما يكون آمالاً وأعمالاً.. فبكاه العمل، وبكاه الأصدقاء ورثته الحياة.
بلَّل الله ثراك ((أبا عبد المقصود)) بشآبيب مغفرته ورحمته وألهم ذويك الصبر والسلوان وجزاك عنهم خير الجزاء. (1)
(( المنهل )) السنة الخامسة
جمادي الأولى 1360هـ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :693  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 48 من 52
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج