شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الدكتور سعد الراشد ))
ثم أعطيت الكلمة للدكتور سعد الراشد، فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين..
- أكرر الشكر والتقدير للأستاذ العزيز عبد المقصود خوجه، على دعوته لي لحضور تكريم شخص عزيز علي، وتربطني به رابطة قوية، ربما تفوق الروابط التي تربط الدكتور عبد الرحمن الأنصاري بزملائه الأعزاء.. وهم أساتذتي؛ فأنا من جيل آخر.
- عرفت الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري منذ أن وطئت قدماه أرض المملكة العربية السعودية، بعد عودته من إنجلترا حاملاً مؤهل الدكتوراة. فقد كنت أوائل من تشرف بالدراسة على يديه، وكنت فخوراً به كل الفخر؛ علمني التاريخ العربي القديم، وخاصة تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام، وقد تمكن الدكتور عبد الرحمن الأنصاري أن يضع الجزيرة العربية على خارطة العالم القديم، فيما يخص تراثها وحضارتها، وكانت المناهج التي تُدرَّس للطلاب الَّذين سبقونا تفتقد لهذه النقطة؛ والمشوار بيني وبين الدكتور الأنصاري يزيد على ربع قرن، فهي علاقة الطالب وأستاذه، وعلاقة الأب بابنه، وعلاقة الصديق والأخ بأخيه؛ وكما يقول المثل المشهور؛ "رُب أخ لك لم تلده أمك".
- أنشأ الدكتور عبد الرحمن الأنصاري - بدعم وتشجيع أيضاً من الجامعة - جمعية التاريخ والآثار، وكانت أول جميعة علمية تُنشأ في جامعة الرياض، وكان لي شرف تمثيل زملائي في كلية الآداب في هذه الجمعية؛ وكما سمعتم أستاذنا الدكتور البدلي في حديثه عن بعض الرحلات التي شارك فيها، فقد كانت هذه الرحلات الثمرة الأولى التي جنيتها من معرفتي للدكتور الأنصاري؛ فقد شاركت في كل الرحلات في شرق البلاد وغربها، وفي شمالها وجنوبها، واحتضنني وعلَّمني كيف نبحث عن آثار بلادنا؛ كيف ننقل الكتابات الآرامية واللحيانية والديدانية والسمورية والصفوية، وغيرها.. من مختلف الأودية والجبال والمناطق التي كنا نزورها؟
- تعلمت منه الجلد والصبر، وتعلمت منه كيف أستمع؟ وكيف أتحدث؟ وتعلمت منه أسلوب الحوار، الحوار الهادىء والحوار البناء؛ والحمد لله.. كان التوفيق حليفي، وكنت أرى الفرحة على وجه الدكتور الأنصاري، عندما أكملت دراستي الجامعية أنا وبقية زملائي، في كلية الآداب وفي قسم التاريخ؛ لقد أحببت قسم التاريخ بسبب الدكتور الأنصاري، عندما التحقت بالجامعة غيرت من قسم اللغة الإنجليزية إلى الجغرافيا ثم التاريخ، والحمد لله على توفيقي.
- وشاهدته وهو يحاضر في مختلف مناطق المملكة، وتعلمت منه الشيء الكثير، وأعانني على الابتعاث واختيار الجامعة، فكان لي الحق أن أتلقى الإشراف في دراستي العليا على الأستاذ الدكتور الأنصاري في جامعة ليدز، وكانت مصادقة طيبة؛ ونتيجة لهذا وفقني الله (سبحانه وتعالى) بدعم من الجامعة، وبتوجيه حثيث من الدكتور الأنصاري أن سافرت سفراً طويلاً شاقاً، لأجمع مادتي العلمية لرسالتي عن: "الآثار الإسلامية الواقعة على طريق الحج من الكوفة إلى مكة" ويعلم الله أنني واجهت عقبات وصعوبات ليست ذئأباً ولا ضباعاً، ولا ثعابين فقط، ولكن واجهت أشد من ذلك؛ والَّذي خفف عني ذلك التعب وتلك المشقة، أن كان في السيارة التي أستعملها في الترحال جهاز إرسال، فكنت كلما ضاقت بي السُبل واسودت الدنيا أمام عيني، كنت أتصل بكلية الآداب.. فأسمع الأنصاري يعينني ويُلطف لي ما كنت أعانيه؛ وكانت (ولله الحمد) النتيجة مربحة، وقدمت بحثاً كسب رضا العلماء والدولة، فكان أن تولت وزارة المعارف - ممثلة في إدارة الآثار - إحياء درب زبيدة بالمسح الأثري والحفاظ على معالمه.
- عندما عدت إلى الجامعة - كأستاذ زميل للدكتور الأنصاري - تعلمت منه فن الإدارة والتدريس والتأليف، وزادني فخراً أن أتعلم منه وأنا أحمل شهادة عليا؛ أعرف أشياء كثيرة عن الدكتور الأنصاري، فقد وجهني الوجهة الصحيحة لأستمر في الحقل الأثري، فقد اختار هو موقعاً أثرياً في قلب جزيرة العرب، قرية: "الفاو" حاضرة كندة التي سمعتم عنها وستسمعون عنها (إن شاء الله) في القريب العاجل، عندما تصدر عشرات المجلدات عن مجهودات الدكتور عبد الرحمن الأنصاري، وفريق البحث العلمي الَّذي يرأسه؛ وجهني للبحث الأثري، فكان أن اخترت موقعاً إسلامياً يعود إلى عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو موقع: "الربدة" التي توفي فيها أبو ذر الغفاري، حضر معي إلى الربدة كزميل وكعضو في البحث الأثري، فكان بدماثة خلقه وتواضعه، مثله مثل غيره يعمل ويحفر ويعين، وهذا نادراً مايحدث في مثل ما نعمل فيه في حقل الآثار، فهو فخر واعتزاز به؛ وشجعني إلى أن صدر لي بعض الأبحاث المتواضعة.
- لا أود أن أطيل عليكم، في جعبتي كثير، وأود أن أذكر بعض الشيء عن الدكتور عبد الرحمن الأنصاري.. فيما يخص الآثار.
- سمعتم أنه شرَّق وغرَّب في التاريخ بآثار وتراث المملكة، ولكنه - أيضاً - يأمل من تلامذته أن يُشرقوا ويغربوا، لينهلوا من مناهل العلم المختلفة، وقد أصبح اليوم بقسم الآثار بجامعة الملك سعود نخبة - ويمكن أن نقول عنها أنها متميزة - درست في معاهد وجامعات متنوعة، فكسبوا ثقافات ولغات عديدة، وهذا يقوي القسم في الاطلاع على كل ما يُكتب عن بلادنا وعن غير بلادنا بلغات مختلفة؛ ونأمل (إن شاء الله) أن تثمر هذه الجهود، وأن تبرز مجهودات قسم الآثار والمتاحف، التي بناها وغرسها الدكتور عبد الرحمن الأنصاري؛ وأختم حديثي بأن أقول: إنني فخور كل الفخر بأستاذ وزميل وأخ وصديق، وهو مثال العالم وابن العالم، الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري؛ وشكراً.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :525  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 34 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثامن - في مرآة الشعر العربي - قصائد ألقيت في حفل التكريم: 2007]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج