شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللَّهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلّي وأسلِّم على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وصحابته أجمعين.
الأستاذات الفضليات،
والأساتذة الأكارم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
تشرّف الاثنينية هذه الأمسية باستضافة معالي الأستاذ الدكتور هاشم بن عبد الله يماني، وزير التجارة والصناعة، والوفد الرفيع المرافق لمعاليه، أصحاب المعالي والسعادة: الأستاذ نبيل بن أمين ملا مدير عام الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس ـ الأستاذ صالح بن عبد الحصيني عضو مجلس الشورى ـ الدكتور فواز العلمي وكيل الوزارة للشؤون الفنية، رئيس فريق التفاوض السعودي في مباحثات انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، مستشار معاليه ـ الأستاذ حسان بن فضل عقيل وكيل الوزارة للتجارة الداخلية.. كما نشرّف بجميع الضيوف الأفاضل الذين حضروا من الرياض خصيصاً للمشاركة في هذه الأمسية الخاصة والمميزة.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بهم جميعاً بين محبيهم وعارفي فضلهم.
وعندما أقول: الأمسية الخاصة والمميزة.. فأعني خروجها من الإطار الأدبي، والعلمي، والثقافي، والفكري المتعارف عليه في هذا المنتدى بصفة عامة.. ودعوني أصارحكم بأن عزوف الاثنينية عن لقاء شاغلي المناصب الرسمية كان لأسباب عرجت عليها في الأمسية السابقة، ويسعدني أن أكون أكثر إيضاحاً، فلم يكن عزوفاً عن قامات ذات أثر في مسيرة عطاءاتنا وخصوصاً من لمناصبهم علاقة بالأسرة، والأمثلة على ذلك عديدة كموضوع تغيير المناهج يوم أدخلنا الرياضيات الحديثة، فكم كانت الحاجة ماسة إلى مناقشة معالي وزير المعارف آنذاك، وعندما تقرر العمل بنظام الساعات في الجامعات وددت لو التقينا بمعالي وزير التعليم العالي، مروراً بظروف ارتفاع وانخفاض أسعار البترول بما يحبس الأنفاس، وطرح الخطط الخمسية المتتالية، وما صاحبها من علامات استفهام وما اكتنفها من إيجابيات وسلبيات كانت تدور على ألسنة البعض، يوم تكدس الدَّين العام وأصبح كابوساً لكل صاحب رؤية، وغيرها من المسائل المهمة التي تمس حياة الناس.. كنت يومها في ((الاثنينية)) بين مد وجزر للالتقاء بأصحاب المعالي الذين لم يبخلوا علينا بوقتهم وعلمهم، إلا أن الحرج كان يطل علينا من بوابة الأقاويل وظنون المغالين.. وحُق ((للاثنينية)) بعد هذه السنوات الطوال، وإسهامها المتواضع في خدمة الثقافة والفكر، أن تقارب بعض المسائل ذات الطبيعة العامة، دون توجس من الاتهامات التي قد تُرمي بها من هنا أو هناك.. وبحمد الله أعتقد أن تبلور الآراء والرؤى حول اثنينيتكم فتح أمامها أبواب مختلف اللقاءات وأصبح من أوجب الواجبات طي صفحة الماضي وبدء صفحة جديدة، وهذه سنَّة الحياة، إذ علينا السعي الحثيث إلى العارفين ببواطن الأمور للحصول على الحقائق منهم مباشرة متى ما أمكن ذلك، فلكل زمان دولة ورجال، ولك وقت طرح ومقال، وأعلم أن أصحاب المعالي لن يضنوا علينا بسابغ أفضالهم، كما أسعدنا الليلة معاليه وأركان وزارته العتيدة، مضحياً بوقته الثمين، مقدراً له أريحيته وهي ليست بالكثيرة عليه، فهنا نرى المسؤول الذي يتواضع ليكون في خدمة المواطن في أي موقع كان، فأرحب به من سويداء فؤادي باسمكم قبل اسمي، وهذه بادرة تسجل له ومنحنى في طريق ((الاثنينية)) سيبقى مقترناً باسم معاليه، علماً بأن اثنينيتكم شرفت بلقاء رؤساء دول ووزراء ولكن كما قلت سابقاً (بعد نزولهم من الأتوبيس) لأننا لسنا طلاب أضواء لا على شخصي الضعيف ولا على هذا المنتدى الذي هو رافد لمسيرات الوطن وعون له بما نستطيع وبما هو متاح.
نلتقي الليلة، وكلنا يعلم حال العالم الذي بات متدثراً بالقلق، وتتنازعه التكتلات السياسية، والاقتصادية، ولعبة الأمم التي تراعي دائماً مصالحها التي تمثل اليد الطولى في صنع قراراتها.. إلى أن ظهرت (منظمة التجارة العالمية) كإحدى الآليات التي أصبحت من أهم قنوات العمل التجاري، والاستثماري، وما يدور في فلكها، على نطاق العالم.
وفي الوقت الذي يسعدني أن أشيد بالخطوات التي نجمت عن تسجيل المملكة بصفتها العضو رقم (149) في منظومة الدول المنضوية بمنظمة التجارة العالمية بتاريخ 10 شوال 1426هـ الموافق 11 نوفمبر 2005م.. مشيراً إلى أن ما جرى بزغ نوره وكلّل بالنجاح حقبة طويلة استغرقت اثني عشر عاماً من المداولات التي تمخضت أخيراً عن توقيع الاتفاقية.. وأحسب أن الآفاق قد اتسعت الآن لطرح السؤال الكبير: ماذا بعد الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية؟.. وبطبيعة الحال هناك عدة تساؤلات جزئية قد تثير بعض جوانب المكاشفات.. فالاتفاقية أصبحت واقعاً معاشاً، وقد تشكل علامة فارقة في حياة كثير من المواطنين ومن سوف يسعون إلينا تفعيلاً لدور المنظمة، ومما لا شك فيه أن تعاضد الجهود للتعامل مع إيجابياتها قبل سلبياتها التي لا نعرف عنها إلا القليل، وبالتالي ليس لنا أن نغرق في التفاؤل كما ليس لنا أن نتحفظ بالتشاؤم، متطلعاً إلى معالي الوزير وصحبه الأكارم لإلقاء الضوء على جوهر دخولنا هذا المعترك الذي يشكّل طوقاً يتغلغل في مسام العالم الاقتصادي الحديث، وهي البديل المتاح لأزمات التشرنق والانعزال والانغلاق وسط تيارات مهولة من الفرص الاستثمارية التي لا تعترف بالمواقف السلبية.. وأصبح من الأهم الآن التصدي بالتشريح لماهية هذا الكائن الذي أصبحنا أحد أعضائه،والبحث عن دورنا في حركته، ومحاولة التحكم في آلياته التي تخدم مصالحنا ومصالح الآخر.. والعمل قدر الإمكان على تفادي السلبيات التي قد تنجم من الاحتكاك الكبير مع قوى عالمية لم نعتد على منافستها في مناخ مفتوح، وأداء تسوده بدرجة كبيرة منحنيات العرض والطلب، بغض النظر عن بعض الإفرازات الاجتماعية ذات المردود المرغوب وغير المرغوب.
إن لكل إنجاز ضريبة، ليست بالضرورة أن تكون مادية، لكنها قد تكون لها حساسياتها المتصلة بصميم التركيبة الاجتماعية، والسكانية، وربما الأخلاقية.. وقد تتسع الدائرة لتشمل مناهج الحياة بكل أطرها.. ولا شك أن رجالاً أكفاء، يتزعمهم أكاديمي بارز، لهم منهج محدد في الحفاظ على التوازنات المطلوبة في إطار الانفتاح نحو الآخر، ليظفر الجميع بمواطئ قدم تحقق المصلحة العامة.
ما نسمع كثيراً، وقد تكون الحقيقة أقل أو أكثر، وهذا ما تعودناه للأسف في كثير من المستجدات.. فقرأنا عن استثناءات حصلت عليها المملكة اطلع عليها بعض المثقفين ومن يعنيهم الأمر، والسؤال المطروح: هل هذه الاستثناءات تشكّل مكسباً مهماً في ظلال التطورات التي تطرق بابنا دون هوادة؟ وفي تصوري أن الأمر يتطلب الكثير من الملتقيات والمنتديات وتجييش الإعلام بكل فروعه لتوضيح هذه القضايا وطرحها بالشكل والنوعية المناسبتين لكي تكون واضحة لدى جميع ألوان الطيف من فئات المجتمع، ومن ثمَّ توقع مردود إيجابي أكثر في العلاقات الاجتماعية، والتركيبة السكانية، والتعليمية، والصناعية، والتجارية، وجميع مناحي الحياة.
هذه بعض رؤوس أقلام تدور في الساحة.. والكثيرون منكم يشاركونني هذه الرؤى التي تتجاذبها الآمال والتوجسات: آمال في غد مشرق، وبعض توجسات من خيبات تتطلب الحيطة لوأدها في مهدها لتكون خيراً على خير.. راجياً أن يسهم ضيوفنا الأكارم بعميق علمهم وفي ضوء ما كابدوه من مشقة الحوار العلمي المثمن قدره من رجالات كافحوا وجاهدوا أن يعطونا الصورة الزاهية التي يراقبها البعض بشغف للوصول للحقيقة التي ينبغي أن تقوم بها وسائل الإعلام كما أسلفت، فدورها محوري في هذا الجانب، ومسؤوليتها تاريخية.. ذلك أن التعامل الأمثل لن يتم إلا عن طريق المعرفة، والجهل لا يؤدي إلا إلى الخسارة، نسأل الله أن يقينا شروره وسلبياته.. بالإضافة إلى أهمية مشاركة الجامعات، ومراكز البحث العلمي، بإفراد دراسات متخصصة لمعالجة السلبيات، وحصرها في النطاق الذي يقلل انعكاساتها، وتفعيل مردودها الإيجابي ليعطي اللون الوردي الذي قامت عليه إيجابيات هذه المنظمة.. فالتحدي كبير، والعمل شاق، والدرب طويل، ولا بد من تضافر الجهود للحصول على أفضل ثمرات هذا المنجز، حتى يأتي انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية خيراً على خير بمشيئة الله.
مرة أخرى أرحب بأصحاب المعالي والسعادة ضيوفنا الأفاضل، وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم بفضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة، الداعية الإسلامي المعروف، والمشرف على موقع ومؤسسة ((الإسلام اليوم))، وصاحب المؤلفات المعروفة بسلسلتي نحو ثقافة شرعية، والغرباء، ومقالات في المنهج، وفتاوى ((افعل ولا حرج)) وغيرها.. بالإضافة إلى الدروس الفقهية، والبرامج التلفازية التي يقدمها بصورة منتظمة.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بفضيلته وبكم في الأمسية القادمة.
وكان بودي أن يشارك أخي معالي الدكتور محمد عبده يماني، وزير الإعلام الأسبق، والمفكر الإسلامي المعروف، ليشرفنا برعاية هذه الأمسية إلا أن سفره خارج المملكة حال دون ذلك، ويسعدني أن أنقل لاقط الصوت إلى معالي الأخ الأستاذ الدكتور رضا عبيد، ليلقي كلمته مشكوراً.
والسلام عليكم ورحمة الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :925  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 155 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.