شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وإذا القينا نظرة على هذه الرسائل المتبادلة بين عبد العزيز الرفاعي رحمه الله وكل من الدكتور وفائي محمد حجازي والدكتور وديع فلسطين لوجدنا أن التراث وكتب التراث هو المحور الأساسي التي تدور حوله هذه الرسائل بصفة عامة، وأن المتراسلين يتخذون من ذلك وسيلة للتعارف بينهم ومن ذلك ما ورد بالفقرة الأخيرة من رسالة عبد العزيز الرفاعي إلى الدكتور محمد إبراهيم البنا حيث اختتم رسالته بقوله: "أهنئ نفسي بالتعرف إليكم" كما يلاحظ فيها استعانة كاتبيها بالحوادث التاريخية القديمة ذات الصبغة الدينية كقول الدكتور وديع فلسطين في مستهل رسالته "وعسى أن يكون كتابا الدكتور شرف اللذان أرسلتهما إليك من سنة نوح قد وصلا إليك سالمين كما وصل فلك نوح سالماً.
فيجيب عبد العزيز الرفاعي على سؤاله بقوله: "إنهما في الطريق الوئيد فلا بأس فقد تعودنا على الصبر الجميل" ولعل عبد العزيز الرفاعي في الجملة الأولى من الجواب يشير إلى بيت الزباء الذي قالته عندما أبصرت جمال قصير قادمة.
ما للجمال مشيهـا وئيـدا؟
أجندلاً يحملـن أم حديـدا؟
وقصة نهايتها موت الزباء بشربها للسم تخلصاً من تعذيب عدوها لها ولو ظفر بها ويومئذٍ قالت: "بيدي لا بيد عمرو" فسارت مثلاً. والطريق الوئيد في عبارة الرفاعي إما أن يكون معناه الطريق المميت أي الطريق الذي يكثر فيه وأد الرسائل أو أن يكون معناه الطريق الذي يكون السير فيه بطيئاً لكنني أميل إلى المعنى الأول حيث وردت بعد تلك الجملة جملة أخرى تعطي الدلالة على صحة ما ذهبت إليه وهو قوله: "فلا بأس فقد تعودنا على الصبر الجميل". وهي جملة تستخدم لتهدئة روع المحزون والتخفيف عنه مما يعانيه من آلام فقد حبيب أو عزيز له أو تعرضه لحادث جلل.
كما أن عبد العزيز الرفاعي حتى في رسائله الخاصة يميل إلى استخدام الجمل اللماحة التي يترك المتلقي يسبح في أعماقها ليدرك ما في قرارتها، وقد أشرت إلى ذلك في الجزء الأول ومن ذلك قوله: "إنهما في الطريق الوئيد" أو قوله في جملة لاحقة في نفس الرسالة هي "غير متوقع تلك العناية التي ذكرتم" فلا يستطيع القارئ أن يدرك هدف الرفاعي من تلك العبارة هل يقصد بها عناية الكتاب بالراقصة" سحر "أم عناية الصحف المحلية "بمهرجان الشابي"؟ فكل من الاحتمالين صحيح ومقبول.
وخلاصة القول: إن عبد العزيز الرفاعي في رسائله أديب متمكن لا يرى القارئ في رسائله حشواً ولا تنطعاً، ولا إسرافاً في القول يلتزم الفصحى ويميل إلى الأسلوب السهل الذي يصعب على الكثير سلوكه، ويركن في عباراته إلى العبارات الواضحة القريبة من عاطفة المتلقي وعقله، التي تستطيع أن تخترق جدار فكره وقلبه دون أن تحدث بأي منهما خدشاً أو جرحاً أو كما يقولون عبارات تصل إلى القلوب دون أن تشق الصدور وترتسم في الأذهان دون أن تمزق الآذان وسأحاول عند الحديث عن فن الخطابة عند عبد العزيز الرفاعي إضافة بعض ما يفيد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :523  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 35 من 94
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.