شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صدى!.
صدى...
صدى ـ
ــ 1 ــ
ـ في اختلاط الأصوات المرتفعة.. تفقد الأصداء أهميتها.. فتصوروا كيف يمكنني أن أستخلص ((صدى)) يعرفني جيداً في كثافة هذا الصراخ؟!
ـ صدى: لأنني أعرفك كثيراً.. وصلت إلى سمعك وكلماتك.. أحاول بهذا الوصول إليهما أن أنظف ما تجمع عندي من أصوات الناس من كلمات تطعنك كما الخنجر، ومن انطباع يلتصق بك كما ورقة البريد التاريخية!
ـ إنني أحاول أن أفهم الآن.. أن كل هذه الأصوات المرتفعة وهي تتكلم عن إنسان هل هي أصوات لم تعرفه وتقول عنه جهلاً، أم أنها أصوات تعرفه وموتورة منه وتقول عنه كراهية وحقداً؟!
ـ صدى: عندما تنطلق الأصوات في البداية تكون ملونة.. أصوات معك وأصوات ضدك، ولكنها حينما تختلط فلن يسمع الناس إلا النقائض والعيوب والانتقادات، ويبدو أن طبيعة الناس في هذا العصر تقوم على فضائح الآخرين، أو البحث لهم عن فضائح.
ـ ولكن ما يقولونه لا أعتبره من الفضائح. إنها أشياء حميمة ملتصقة بحياتي الخاصة، وبآرائي، وبعواطفي، ولم أقل لأحد من هذه الأصوات: قيموني وقوموني، ولم أقل لها: تعالي وامتزجي بهذه الأشياء في داخلي!
ـ صدى: إن نصف هذه الأصوات كان يسمع، ونصفه كان مشغولاً بنفسه، ولكن الكلام عن الآخرين هو أسهل وأبسط من الإصغاء، وأكثر راحة من الانشغال بالنفس، فالذين يتكلمون عنك يحاولون أن يتناسوا مشاكلهم وكلام الناس عنهم، وهي مشكلة أشغال انشغالنا لايجاد فرصة للتنفس!!
ـ ولكن.. كيف نستطيع أن ننظف هذه الأصوات من خطورة الضوضاء فيها، وعفونة التعريض بالآخرين؟!
ـ صدى: الذي يمتلكه كل واحد منا هو سلوكه.. فإذا كان السلوك نظيفاً، فالحقيقة لا تبتعد كثيراً.. لأن الضوضاء ستنتهي إذا تعبت الأصوات ويسود الصمت، وفيه نسترجع ونصغي، ونرى بوضوح!!
ـ لأن الصمت أصبح ((قدرة)) خارقة.. لا نستطيع أن نطوع نفوسنا عليها بسهولة!!
ــ 2 ــ
ـ أين أنت.. كان غيابك هو الرحيل إلى الارتطام.. والغثيان.. كأن نظراتك التي أتصورها تشق الغيوم لم تعد قادرة على الارتفاع مائة قدم. كأن كلماتك التي همست بها وجذبت إليها إصغائي وإعجابي.. تحولت إلى كلمات مسجلة فوق شريط ((كاسيت)) مللنا سماعها، واهترأ الشريط.
ـ صدى: إنني أتبعثر في مسافة البحث.. في رحلة التفتيش عن روعة الإنسان الذي يمنحني كلمة جديدة لم أسمعها فتشدني، وتتفاعل في ذاتي وشعوري وتفكيري فتتمخض عن رؤية لها ملامح اللحظة الجديدة. أبحث عن ذلك الإنسان الرائع بحق.. وهو يعطي فرصة لتجديد عاطفتي، وزرع أفكار جديدة في حقل تأملاتي وفلسفات الحياة!!
ـ وستقول إن ذلك أصبح مستحيلاً؟!
ـ صدى: بالفعل.. إن أغلب ما يردده الناس، ويهتمون به هو لا أكثر من أسطوانة ترسل أنغاماً صاخبة.. مضطربة.. مجنونة، كأن عواطف الناس منساقة في رقصة ((جيرك)) عنيفة ولاهثة ونتيجتها الارتماء أو السقوط.
إن الحصيلة من خلال التمازج في العواطف اليوم هي ((دوخة)).. سقوط من سمو الشعور والمعاني إلى وهدة البلادة والماديات. إن تقتنص لحظة متعة، ولحظة كسب، ولحظة غرور، ولحظة تصدر على من حولك وأمامك... وتلك نتيجة ارتطامية لأصداء الإحساس الذي يتوق إلى معنى!!
ــ 3 ــ
ـ ولكن.. ما الذي تريد أن يفعله الناس؟!
ـ صدى: أن يفهموا بعضهم البعض. أن لا يكون في تمازجهم انحراف للشعور، ولا انشطار للعاطفة ولا انفصام، ولا استغراق في اللذة حتى تفرغهم اللذة من الاستمتاع باستعادتها ولو بأحلام اليقظة. إن الإنسان المعاصر اليوم يعجز أن يمتلك أحلام اليقظة تعاطفاً مع ما يشعر به ويتأمله ويأمله. رغم أن العيون مبحلقة والشمس ساطعة. لكن الضوء الخافت في الوجدان تحول إلى ظلال داكنة تنسحب إلى ظلام النفس، فالنفوس الإنسانية في نقيض الإنسان ((يدوكر)) بيته، ويضع الأضواء الخافتة في زوايا الصالون وغرف النوم.. ولكن في صدره ضوء شديد كما الشمس الساطعة على صحراء قاحلة، فالنفس تجف، ويتحول خفقها إلى ذرات رمال.. وبهذه الذرات من الرمال أصبح الناس يحبون، ويعشقون، ويمارسون اللذة في اللحظة التي لا ملامح لها!!
ـ ألا تعتقد أنك متشائم، أو معقد؟!
ـ صدى: عقدتي الوحيدة أنني أفتش عن الروعة.. روعة الكلمة، وروعة النغم الذي يبقى أصيلاً لا ينتهي في الصدر ولا يتحول إلى نشاز. روعة الشعور الذي لا يخون ولا يتناقض، ولا تحطمه مواقف الوحدة والعجز والصقيع!
ـ وإلى متى يستمر غيابك في هذا الذهول؟!
ـ صدى: إن ذهولي متعة جيدة.. فهو يمنحني التخيل البعيد عن تصور الحب وهو يصبح في حياتنا شبيهاً بتصوير المستندات في الحال!!
ــ 4 ــ
ـ لقد أشعلت الفتيل في صدري، وأحترقت مع صدري، مرة أحس الحرارة في داخلي حريقاً، ومرة أخرى أشعر بها قبساً يضيء روحي، ففي الإحساس لا بد أن نحترق لننصهر.. لنتطهر بالحب من الكراهية، أو على الأقل من البلادة!!
ـ صدى: أنت حفزتها أن تفعل ذلك.. أنت الذي أخذت النار والنور منها!
ـ لا أدري.. لقد كانت المعاني في نفسي تتوهج لحظتها.. كأنها معاني جديدة تولد. لقد كان التأمل في إصغائي ورؤيتي نقياً.. صافياً ينتظر الأصداء.. يرتقب أن تحفه المعاني. كأن الخفق آنذاك إسفنجة بيضاء مغسولة امتصت الضوء الوافد.. امتصت المعنى الجديد القادم إلى حياتي!!
ـ صدى: ما الذي توقف فيك إذن؟!
ـ كل تفكيري لا يعمل.. كأن النبض هو الذي يفكر.. كأن الأنفاس هي التي تخاف وتفرح.. كأن الدنيا في ذلك الإصغاء المشتعل امتلاك كامل وتفريغ شامل للأخذ وللعطاء. وحينما كنت أمد كلماتي.. كنت أيضاً آخذ الآخرين منك عطاء لك!!
ـ صدى: كأنك راية منكسة.. كأنك نهار غائم تصطك فيه الرعود!!
ـ ليست هذه ذاكرتي.. فكل ما يمكن أن يزدهر في وعيي ونبضي محكوم عليه أن يتراكم تحت ثلج من الظروف النفسية والعاطفية ويختنق. حتى رأيت ذاكرتي وقد غطاها ضباب من العجز المعذور والمعتذر!!
ـ صدى: وكيف استقرت هذه المعاني في نفسك.. ما هو مداها.. ما هي حدودها!.
ـ المشكلة أنها لن تستقر.. إنها باقية في داخل الجوهر تدور حوله.. تجرحه، وينزف فيها، تقتله، وتحييه بمدها وجزرها. ليس لها مدى.. فكل ما ينغرس في الصدر يخلف جرحاً يتصوب دائماً. وكل ما يرتبط بالشعور يبقى طريد الاستقرار. إنني مثل طفل وجد القدرة على المشي في لحظة الزوابع.. فضاع في التيه!!
ــ 5 ــ
ـ وجدت الليل ذات مساء.. أرق صدى يجتاز الزمان، ويتفوق على العجز حينما يتكوّم موتاً في الشعور. وجدته النداء والإجابة. النظرة والتجسيد. الرؤية والعمر. كأن الذي لم يقدر أن يمكث مع اصطباري الطويل تبلور إلى انتظار جديد!
ـ صدى: سمعت كلماتك تدعوني أن أرددها. أن أحمل إليك ميلاد لحظة ضاعت منك في انشغالك بتأكيد احتواء ما!
ـ رغم بعد الزمان.. تقترب أنغام الفرح الهاربة فيه حتى تسيطر على وهمي وخيالي. هل عدت وهماً وخيالاً.. أم عدت صدقاً وبقاء أقوى من وحدة الروح؟!
ـ صدى: كيف كان الانتظار.!
ـ لم أعد أعرفه. نسيت همومه وجفافه. نسيت ركضه في صدري كفرس جموح. نسيت ما قبله من طعنة كذب.. من هروب خائر.. من تخلٍّ سد أبواب النسمة عن البحر الكبير!
ـ صدى: لا تعبث بحزني. لقد كنت مثلك أنتظر اللحظة التي أخلص فيها من إدماني على العجز. كنت تغني أشجانك فلا أقدر أن أرددها. كنت أسمعك ولا أستطيع أن أجعلك تسمع نفسك في صوتي!
ـ في ارتعاشة نجمة استعدت طفولتك. في بزوغ فجر يوم جديد رأيت عالمك يبتعد أكثر. في عصف ريح كان تيار الفقد يأخذك إلى خروج مموه ومتلاشٍ!
ـ صدى: فما الذي أسترجع حنينك إلى صوت كلماتك؟!
ـ محاولة التلفت المتأني. كانت كل كلمة غزلتها من السأم والترقب تمثل التفاتة إلى الطريق الصامت الخالي. كنت فيها أتلمس حزني فينزف ذكرى. أطعن خاصرة اللحظة فينسكب العمر عهداً وحنيناً لموانئ الفراق!
ـ صدى: لقد حصدت من الالتفاتة عودة؟!
ـ ربما كانت العودة مجرد لحظة تذكر. أو لحظة حنين. أو هي لحظة وفاء لا تقدر أن تعانق التواصل الملموس!
ـ صدى: إن حصاد التفاتتك ليس عودة.. ليس لحظة، فأنت قد تلفت نحو أعماقك، وفي داخلها صمتي وصخبي. في داخلها وفائي وجنوني المرصود. في داخلها تيار من الصدق، وعبث من الكذب عليك لئلا تتعذب معي!
ـ جلست ذات ليلة على شاطئ البحر أداعب صدفة مليئة بالرمل. أفرغت ما فيها من رمل وغمرتها في البحر حتى غسلتها.
لمعت أكثر. جففتها وخبأتها في ثوبي. أخرجتها بعد انحصار الليل وبزوغ الفجر.. كانت أحشاؤها تومض. كانت في داخلها لؤلؤة.. رفضت أن أخرجها من داخل الصدفة لئلا تبهت!!
ـ صدى: ثم.. ماذا فعلت؟!
ـ مددت يدي ثانية إلى البحر. غسلت الصدفة ومحتواها، وغمرتها في البحر. كان ((المد)) أبلغ مني في الاحتواء، وغابت الصدفة بمحتواها في أعماق البحر، وحصدت الليل في الصباح.. فلم يبق لي إلا التأمل!!
ـ صدى: هل ما زلت تنتظر ولادة البحر من جديد؟!
ـ لا.. إنه يلد مرة واحدة!!
ــ 6 ــ
ـ أشعر الآن أن أرضي في أرجاء نفسي عطشى، وأن زمني مجرد من الصدى التحتاني المانح هناءة، وهمسة، وأن ما يذهب مضاعفاً بالحزن.. لا يستبدل متوهجاً بالفرح. إنها مرحلة فقدان المعاني، وحينما يفقد المرء ((المعاني)) يمسي غريباً.. خلف صهيل الرحيل!!
ـ صدى: تبحث عن ما يفجر لغتك.. فيشغل فيها حريق الألم!!
ـ ولماذا الألم.. ما دام أن لغتي تشكل المعاني؟!
ـ صدى: لغة الإنسان الصادقة هي خفقه، وهمسه، وبوحه، ودمعته، وصدى هذيان الشوق الذي لا يترمد فيه. فهل تبحث عن الشوق؟!
ـ إنني لا أحترف الحزن.. إنني أبغض جداً أن أحترف الحياة.. إنني لن أكون ذراعين تقبضان، وشفتين تثرثران، وعينين تبحلقان وترتد نظراتهما إلى الفراغ. ولكن.. كيف لا يصبح الموت شريكاً للحياة؟!
ـ صدى: أي موت تقصد؟!
ـ موت الشعور. موت المعاني في دنيا البشر. موت الصدق!!
ـ صدى: تخاف أن تخذلك المرأة؟!
ـ أخاف أن يخذلني الصدأ. أن تطمرني غربة الروح في متاهات فراغها من الشوق، والذاكرة، والترقب!!
ـ صدى: ترتقب - إذن - دهشة جديدة؟!
ـ بل إنني أتأملها هذه الدهشة.. ليتها تفصح عن مكنونها.. لأعثر في داخلها على معنى لا يبهت!!
ـ صدى: يخيل إلي أن بريق ذهنك، وومض وجدانك.. أشياء تتراكم في أعماقك كنتف الثلج. كأن أمسك قد تهشم في داخلك. كأن عفويتك وتجددك وصدقك أشياء صدئت فيك!!
ـ ......!!
ـ صدى: لماذ تصمت.. لماذا تغتال حضور الحياة في غياب حجتك؟!
ـ لست أحتاج إلى الحجج، والبراهين.. إن ما أمتلئ به زئبقي.. يغمر رؤيتي حيناً، وينحسر عنها حيناً آخر حتى كأنني أرى الأبعاد.
ـ صدى: وما هي المشكلة؟!
ـ السؤال الضاج في أعماقي: هل أملك أن أختار موعد نقائي.. زمن الومض والبريق في وجداني.. حدس الفكرة في ذهني.. زلزلة العاطفة في حسي؟!
ـ صدى: إنها أشياء لا نختار توقيتها، وزمنها، وحجمها.. لكنها تقتحمنا فجأة، ونفرغ منها فجأة. فما الذي ترغب أن تختاره؟!
ـ أن أختار المسافة ما بين الجرح، والدهشة. ما بين النزف والانتباهة. ما بين الفراغ الروحي والاكتشاف الذي يملأ عمري بالمعاني!
ـ صدى: هل تحولت إلى سديم؟!
ــ 7 ــ
ـ صدى: أشعر أن البريق الذي كان يجذبني إلى كلماتك قد خبا. كأن رؤاك صدئت، وأفكارك ترمدت، ونزحت إلى التأمل الهرم!
ـ ربما كان ذلك صحيحاً إذا كان ((تقريراً)) منك لحالة إنسان يتعرض لاختبار الإبداع من جديد. والمشكلة أنك تفسرين هذا التصور منك لحالتي بالتفسير المادي المعتمد على عتمة الحوار!
ـ صدى: إنني أنجذب إلى معانيك بالضرورة وبالحس. فأنا لا أقدر أن أمتلك مادياتك لأمزجها بمادياتي التي لا أمتلكها أيضاً!!
ـ وما دام الحوار عندك يهتم بالمعاني فلماذا يطمس في هذه العتمة من التصور؟!
ـ صدى: أية عتمة.. وأنا أحاول أن أقشع الصدى من نبرة صوتك؟!
ـ إن طبقة الصدأ هذه في صوتي.. هي كثافة السلبية منك.. هي تكدس الرفض في تأملك لما يحتويه وجداني لك، فلا أنت أنثى تستنهض في رؤاي ونطق إنسانيتي ذلك الوهج الذي يرتفع بالعشق فوق الممارسة المادية المؤقتة.. لأنك حبيسة ((قرار)). ولا أنت مادة تعترف بممارسة الفكرة في ظنون الإنسان وعلاقاته.. لأنك حارسة على البعد لأشيائك التي في العمق!!
ـ صدى: أتمنى أن تتصور ما أخضع لفعله.. لقد جمعت كل عواطفي ووضعتها في غرفة من زجاج وأقفلت عليها ووقفت أرعاها وأتفرج عليها من الخارج وراء الزجاج!
ـ إن هذا هو الاحتراق المدمر.. في لحظة هروبك منه!
ـ صدى: إنني أعرف ذلك.. أشعر بعذابي يتراكم كما الجبال ولكنه عذاب يصد كل الجروح التي قد تحدث ثانية!
ـ إنه الخوف من التقدم إلى ماضيك وإطلاق سراحه من داخل الغرف الزجاجية. ومن يخاف الماضي يعجز أن يبتكر حياة جديدة!
ـ صدى: إنني أتمثل جدة الحياة فيما أعيشه.. إنه يكفيني لأحيا والآهة محبوسة في أعماقي. ذلك يبدو أكثر راحة وأمتع إغفاءة!
ـ بمعنى أنك ترفضين قدراتك المحبوسة على المواجهة لكل النداءات المحفورة في عينيك وصدرك وأحلامك. إنك أنثى تستمتع بالقراءة فقط، ولا تجيد الكتابة!!
ــ 8 ــ
ـ صدى: إن أسئلتك ترحل بعيداً.. تضرب في وحشة الفراق والمنتهى. فهي أسئلة حطمتها المعارك التي كانت ((بعضاً)) من دهشة الآخرين عنك!
ـ إنني لم أضيع تلك الأسئلة يوماً، ولكنني في كل نقطة ضوء بعيدة تلوح لعطشي أصطدم بسؤال يبدو غنياً وحفياً في الوهلة الأولى، ثم لا يلبث السؤال على شفتي صاحبه أن يتخاذل ويشيح عن الإجابة.. ولقد كانت نقط من السراب المغري وهو بعيد.. المتخاذل وهو يقترب!
ـ صدى: لكن ذلك لا ينطبق على الدهشة الأولى عندما تراها فوق وجه الأنثى.. إن المرأة حينما تعجب لن تفكر في العذاب، ولكن تفكيرها يتحول إلى نبض متدفق متصاعد من أجل إنسان واحد!
ـ إنك تجعل الحديث عن المرأة الاكتشاف، والرجل الاكتشاف. فالمرأة لا تغامر إلا بعد أن تتأكد من العثور على الجوانب اللصيقة بطبيعتها في رجل. والرجل يغامر دائماً ويجرب حتى يعثر على المرأة التي تعطيه كل الأشياء التي أضناه البحث عنها.
ـ صدى: وأنت... ألست ذلك الرجل؟!
ـ إنني الرجل الذي عفرته نقاط الضوء البعيدة حتى إذا اقترب منها وحاذته وجدها لا تفكر إلا في سراب!!
ـ صدى: وهي... ألم تكن واحدة في شريط خطوات الاكتشاف عندك؟!
ـ بلى.. ولكنها مع كل خطوة تقترب بها مني تحفر ما وراءها وما أمامها خوفاً من ألغام الرجل، فاختلط السراب بالخوف!!
ـ صدى: مشكلة تعيسة.. أن يلد الحب خوفاً.. فتتسمر العواطف وتتثلج في منتصف الطريق!!
ــ 9 ــ
ـ أشعر أن تلك الأمسيات التي زرعنا حلكتها نجوماً بهمسنا، وكلمات حوارنا المتواصل... قد وئدت في أغوار صمت حائر!
ـ صدى: لا أقدر أن أصف خطوتك بالرحيل ولا تقدر أن تصف صمتي بالوأد الذي أخمد أنفاس الحوار الدافئة.. فخطواتك جاءت بلا صوت ولكنها تحولت إلى احتجاج صارخ أتساءل عنه حتى الآن، وصمتي كان مرحلياً... كان من الممكن أن ينطق لولا خطوتك!!
ـ أين أنا الآن؟!.. إنني لا أعرف، وليس مهماً عندي أن أتعرف على ملامحي في المرآة.. إنني أمشي فوق المرايا.. لقدمي اللتين أنقلهما خطوة خطوة انعكاس الصورة من المرآة، ولكن وجهي في ارتفاعه لا أراه وإنما أرى به الذين ينظرون والذين يعمهون!
ـ صدى: فما هو المهم عندك الآن؟!
ـ أن أتعرف على السراب فيتأكد عندي أنه لا أكثر من سراب بالفعل. أن أتعرف على الأقنعة فاستطيع أن أرى ما تحتها. أن أتعرف على الحب من وراء ابتسامة صديق. وشوق حبيب، ومتابعة عاشق لكل ما هو حميم وأصيل في صدورنا!!
ـ صدى: لقد بدأت المهمة الصعبة. وأنت تتحدث عن الارتياح!!
ـ المهم أننا نجد القدرة دائماً على أن نبدأ من جديد.. كلما انتهت فينا، ومن حولنا الأشياء الهشة، والتي لا جذور لها..
ـ صدى: أنت تبحث - إذن - عن العمار لا عن العمر؟
ـ العمار في النفس بالمعاني، وبالشعور.. وبالصدق، وبالمعرفة، وبالوفاء.. هو الذي يطيل العمر، وهو الذي يجعل للعمر بطاقة وزمناً. أما الذين خلت نفوسهم من العمار بهذه الركائز والصفات.. فإن عمرهم يتوقف على كذبة. على خدعة. على وهم. على تعثر بعده السقوط التام!!
ـ صدى: وكيف تعثر على العشق؟!
ـ إن العشق يتجدد دائماً.. كلما انتشرت النجوم في السماء مع حلول مساء جديد.. إن النجوم هي همساتنا وكلماتنا. فالذين يعانون من الخرس تقدر رؤوسهم أن ترتفع إلى السماء لترى عيونهم انتشار النجوم. إن النجوم في السماء كل ليلة، ولكن.. ليس كل إنسان يتطلع إلى السماء كل ليلة.. الذين يحبون، ويحترمون المعاني والحياة.. يبحثون عن ضياء النجوم!!
ـ صدى: جدل مريح. ولكن.. كيف تجد ما فقدته؟
ـ الجدل هو أن أفقد كل ما حصلت عليه وأتحصل عليه ثانية واستمرئ هذا الحلزون المستمر. لكن الذي نجده ويملأ إحساسنا ويغذي معرفتنا لن نفقده.. إنه يبقى هو العمار في نفوسنا وإطالة أعمارنا!!
ـ صدى: وأنا.. كيف يمكنك أن تجدني مرة أخرى؟!
ـ أنت.. بقاء مزروع في نفسي كالنجمة في حلكة الليل.. في كبد السماء. أنت تلك النجمة التي تطلع في صدري كل ليلة فتحيل الظلمة ضوءاً، والصمت وصوصة وهمساً.. حتى لو كان صدري فوق الأرض، وأنت في وسط السماء!
ـ صدى: هل تأذن لي أن أوقظك لدقائق؟!
ـ هل رأيتني أغفو عن المعاني؟!
ـ صدى: رأيتك تجمد قيمة حياتك. إنك لا تعرف قيمة الجمال من حولك. فأنت كالذي يفتح عينيه على ضوء النهار، فيهرع إلى النوافذ ويقفلها ويسدل عليها الستائر، ويرسم على الورق دائرة للشمس الساطعة!!
ـ هذا اتهام يحتاج إلى دليل!
ـ صدى: إسمعني.. إنك تحيا بجانب أنثى رائعة الجمال، ولكنك تنفر منها.. تهرب إلى أنثى بلا مستوى.. جمالها ـ إن توفر ـ فهو هابط في الابتذال، ولكن هروبك لأنك مللت من اللصيق لك.. جعلك ((التعود)) عليها لا تكشف فيها شيئاً جديداً، وجعلها الاطمئنان إليك وفيك لا تظن بغدرك.
ـ إنني لا أكرهها. ولكنني أخذت كل ما فيها.. استعدته مئات المرات.. كأنك تشاهد فيلماً سينمائياً كل ليلة عشر مرات!
ـ صدى: إنك لا تكرهها وإنما تكره نفسك التي جعلتك تسأم منها. فإن تشاهد فيلماً عرفت جودته وشدتك مواقفه.. أفضل لك من أن تشاهد في الليلة الواحدة أكثر من فيلم لا يبقى مشهد واحد منه في ذاكرتك غداً!!
ـ ولكنها شعرت بالقرار.. فأنا قرارها، وهي تستحوذ على عمري، ومستقبلي.. ألا يكفي هذا؟!
ـ صدى: إنه الفارق اللامرئي في أشيائنا، والخيط الرفيع في حياتنا. أعطيك مثلاً: الوردة الأولى التي تقطفها تحتفظ بها لأنها علمت أنفك حاسة الشم.. أعطت حواسك شذى عطر جوانحك، وجن بك الامتلاك، فطفقت تركض في الحقول.. تقطف الزهرات، وتشمها، وتضمها، وتقذف بها بعد ذلك ذابلة..
فكم زهرة قتلت، وكم حديقة أتلفت، وأنظر إلى طريقك.. فما الذي تراه تحت قدميك؟!
إنك لا تستطيع أن تطأ الحجارة المدببة لئلا تدمي قدميك، فتطأ الزهور لأنك أقوى منها!!
ـ ولكنها طبيعة الزهور. أن نقطفها ونشمها ونضمها ونرميها!!
ـ صدى: إذا فعل كل الناس مثلك في لحظة واحدة.. في وقت واحد.. فلن يجد الناس في الغد ما يمنع عن حواسهم رائحة العفونة التي تطلع من داخلهم.. فسوف تموت كل الزهور لأننا قطفناها وألقينا بها إلى الأرض.. فماذا نشم غداً؟!
ـ ولكن تشبيهك للأنثى بالزهرة لا يتوافق وطبيعة الزهور!!
ـ صدى: الأنثى.. هي الزهرة النابضة.. تحكي، وتبتسم، وتصغي لها، وتعلمك الصبر والقدرة، والأمل، والأمان.. إنها أعظم من الزهرة فوق الغصن لأنك حينما تحترم الأنثى التي تختارها طوال عمرك فكأنما احترمت قيمك، وعطرك ومعانيك، فالجمال في الأنثى ليس شرطاً أن تجتليه من ملامحها، وابتسامتها.. وإنما تجده أيضاً في حنوها عليك وأنت تقطفها.. في وفائها لك وأنت تمتصها حتى تذبل!!
ـ إنني أكره الزهور إذن؟!
ـ صدى: لأنك بلا رائحة!!
ــ 10 ــ
ـ كلما زادت مسافة الابتعاد.. أحسست أن تجربة الرؤية تتعمق، وتقترب منك أكثر!
ـ صدى: إنني لا اقدر أن أنفيك من عمري.. فأنت تكبر في لحظتي كالفرحة بعد حزن طويل.. وقد فكرت أن أبعدك ويصبح عجزي بوابة مغلقة تقف في وجه هروبي منك!
ـ ولكني أستغرب انحصار رغبتك في الهروب، فكل ما عشناه معاً.. هو أنبل ما فعله كل واحد منا في شعوره وتفكيره!
ـ صدى: حينما تكبر أفكارنا، وحينما تتعمق أحاسيسنا في صدق ما ننجذب إليه ونشعر به.. يصبح الخوف هو السياج!!
ـ ولكن.. مم نخاف؟!.. هل أكتشف أحدنا كذب الآخر، أو غدره، أو أن الاحتمال في واحد منا هش لا يطيق الثبات؟!
ـ صدى: إننا نخاف من الصدق.. فالصدق ثبات ونادر.. بينما تموج النفس البشرية في زمانها هذا بألوان من الكذب.. حتى أصبح الكذب إحساساً، وبطاقة هوية تدل على الذكاء!
ـ ولكنني لم أكذب معك.. كل ما حولي كاذب وممسوخ، وأنت وحدك صدق حياتي وعمري!
ـ صدى: ورغم هذا اليقين فيك، وعندي.. فكل واحد منا يوسع مسافة البعاد.. لئلا يستطيع الاقتراب أن يعمق مشاعرنا في وحدة داخلية تجعل الحب رؤية للهناء!!
ـ إنه الهروب إذن.. فنحن نهرب من الصدق ونهرب من العمق، ونهرب من الرؤية التي يحققها الاقتراب!!
ــ 11 ــ
ـ أشعر أن الكلام يتحول إلى قوالب ثلج.. تسقط في أعماقك وتذوب!
ـ صدى: لا أرغب أن أتهمك أنك تجهل أعماقي لسبب واحد فقط.. هو أنني فتحت لك كل ما في داخلي وسكبته في أذنيك طوال الأمسيات التي تحتد فيها، وتضعف. كنت أسمع صراخ نفسك، وأرى حرائق صدرك، وألمح من خلال صوتك دموع الرجال كلهم.. ولذلك أعطيتك المزيد مما تبقى في أعماقي!!
ـ ولكن صوتك فقد صيته في الصمت.. أصبحت كلماتك تتلحف وتختبئ في زمن مجهول لم يكن نتيجة أتوقعها!!
ـ صدى: صوتي ليس هو خفق ضلوعي.. ليس هو بحثي المتواصل عن صوتك، ويخيل إلي أن ما يحدث الآن هو أن كل واحد منا فقد صوته.. تاه منه، وتاه صوتانا في زمن مجهول.. فإذا التقيا صدفة اصطدما.. فلا يعرف أحدهما الآخر!!
ـ لقد حدث قبل ذلك أن ضاعت أصوات كثيرة.. في الغياب تفقد صيتها ورونقها ولمعتها.. لكن أصوات المعاني لا يبعثرها الفقد، وإنما يصنع فيها المزيد من التماسك ودقة الرؤية!!
ـ صدى: لكني لا أشعر أنني أفتقدت صوتك، إنه يوقظني مع بداية المساء، ويبكيني في منتصف الليل. ويمزقني في الصباح.. إنه صوت الحيرة في داخلي.. فلا أنت امتلاك، ولا أنا عطاء.. كل واحد يبدد الآخر بعجزه.. كل واحد يمتشق رمحاً ويسدده إلى ((الأحلام)) في وجدانه وأفكاره!!
ـ وهل يكفي هذا السبب لموت الحيرة؟!
ـ صدى: معك لا تموت حيرتي.. إن وعي الإنسان هو وعي بالكون، ولم أقل أنك أصبحت كوني.. إنما أنت في تأملي الكون الغريب الذي يشدني إليه ويغريني!!
ـ إنني الإنسان الذي لا يقدر أن يحقق كل شيء، ولكنني الإنسان الذي يعبر عن شيء واحد ويفعله.. ويخلص له، وهذا عجز ملحوظ.. في قدرة لا متناهية!!
ــ 12 ــ
ـ صدى: لقد بحثت عنك في عدة اتجاهات.. كأنك حبات المطر التي تبعثرها الرياح. بحثت عنك في سجل الوفيات.. كأن غيابك رماد، وصمتك وداع، والضياع يقذف بك إلى مسافات أكبر!
ـ لقد كان قدري معك أن أجدك دائماً.. حتى في أشد لحظات العزلة التي اكتنفت أيامي فقدت نبرتك.. لكن أصداءها كانت تشيع الدفء في برودة لحظاتي. كانت تمنح الأمان لنبضي في خوف الانتظار لك. وأعرف أن الذي نفقده مرة لا يرجع أبداً.. غير أن فقدي لك.. هو فقد الزمن الضائع.. وليس فقد المعاني التي تكبر في شعوري وتاملي!
ـ صدى: أما زلت ((شقياً)) بعد.. تفكر بطموح العمر العشريني، وتثق في العهد.. حتى لو كان عهداً لا يلتزم بعطاء؟!
ـ لا أعتبر أن ما أتوق إليه، ويأسرني، ويطهر عمري من عنعنات الرغبة هو التصرف الشقي معك.. ذلك أنني أحسك في وجداني ((قدراً)) وهل يملك الإنسان أن يتخلى عن قدره؟!.. إن عهدك للمعاني التي بيننا.. لم يكن مرتهناً برغبة.. لكنه عهد ((الفهم)).. عهد الإحساس بما يقابله من إحساس حتى لو كان عاجزاً عن التجاوب معه. في هذا الموقف الصاهر لا يتطلب إحساسي عطاء منك.. بقدر ما يتطلع إلى ثبات قادر عظيم على الاحتمال، وعلى التذكر، وعلى الوفاء للمعاني التي صاغت وجدان كل واحد منا.. فبلورته فهماً، وقيمة، والتحام روح!!
ـ صدى: ولكن لا أرغب أن تجرحك كلماتي.. فحتى روحي لا أملك أن أمنحها لك.. لأنها ممنوحة لغيرك من قبلك.. فالروح لا نهبها طواعية، وإنما هي تسري إلى روح أخرى ينغرز عشقها في جوانحنا كالرمح!!
ـ لا أعتبر هذا التفسير رفضاً منك.. إنما هو تحديد مباشر قد تبلغ حدته إلى المادة بشعور الخوف من نوع الرمح، وتجدد جرح جديد، ولقد جربت النزف، وعانيت من الجراح، ولا أريد أن أبكي من جديد. لكنه الخوف يمنعنا من خوض التجربة، ويسد الطريق أمام إحساس جديد، ولا أطلب أن أكثف خوفك، ولكنني أخاف عليك من التبلد، وشيخوخة الوجدان!
ـ صدى: ألم تقل أنه قدر؟!.. فما الذي يمكنني أن أبادر به من أجلك وأنت أثير عزيز!
ـ إنني لا أطلب شيئاً.. لا أنحت من ضلوعك شعوراً.. فإن خفقي يكره الذل، ويرفض تحطم كبريائه. يكفي فقط أن تنبض جوانحي بذكراك لتواصل الخفق في لهب الاحتراق!!
ــ 13 ــ
ـ لقد مر عامان.. كنت فيهما شديد التغرب.. عميق الحزن.. مفجوعاً بالغياب الذي فقد كل أصدائه!
ـ صدى:..........
ـ لقد ملأت سمع الأيام بنشيجي، وسكبت في حدقات الزمن دموع الانتظار الذي يأتي إلى شوقي، ولا يأتي إلى ندائي. فاصبحت الأسئلة في صدري كما ((الصبار)) علقمية ومطرزةبالشوك!
ـ صدى:..........
ـ كنت قد جلست في لحظات الحزن الوحيد في داخلي أصغى إلى ندائك القديم وهو يلح: ((أتوسل إليك أن تأتي إلى عيني بعد أن تسددت إلى صدري كرمح قاتل)).. وتفقد العبارة حيويتها.. يأخذها الثلج إلى جوفه.. لتتحول إلى ((تجمد)) في الداخل.. تفصح عنها شفافية الثلج!!
ـ صدى:............
ـ تساءلت.. هل ينتهي الحب.. هل يفقده الشلل حتى القدرة على التذكر؟!..
ـ أعرف أننا في لحظات التذكر نهبط إلى قاع الزمن، ثم نصعد إلى حافة الأيام بعد ذلك ونجلس في ارتياح. فهل خلصت من الهبوط إلى قاع الزمن، ولم تبق لك إلا حافة الأيام؟!
ـ صدى:..............
ـ إنني أغمض عيني، وما زالت رفة الهدب منك توسع رؤيتي إلى الداخل.. فأرى الأيام الخوالي سديماً، وأرى نظرتينا المتحدتين في نظرة.. وقد تجللت بالفقد الداكن، وقد غمرها حزن أبكم عجز أن يغني للجرح القديم.. فكأننا - معاً - قلبين سقطا من داخل صدريهما.. وضاع صدرك وصدري في الشعور بالارتياح البليد!
ـ صدى:.............
ـ لا أدري كيف جعلت صوتي يطرق أبوابك، ويقتحم بعد ذلك سمعك. كان صوتاً هادئاً ويستفز البلادة، وهو يحترق بوجه الشوق لك، وكانت أصداؤك خلف صوتي هي ميلاد الدموع في عيني من جديد. وإنني أحتمل البكاء فيك وعنك.. لكنني لا أطيق أن أجد شفتي منفرجتان على ابتسامة.. ذلك أن عذاب القلوب التي لا تنسى.. يكمن في الشفاه التي ضاع لون ابتسامتها!!
ـ صدى:............
ـ وقلت لك: وداعاً من جديد، فلا بد أن أفتش عنك في نهاية كل عام.. لأودعك حينما أجدك!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :984  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 337 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.