شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نجمة من زئبق
ـ استدار الهواء إلى وجوهنا.. حين كنا ننادي النسمة التي تلثم ولا تجرح!
ارتعشت النظرة الأولى في ذلك الفراغ الثلجي.. وارتدت إلى بؤبؤ العين يتيمة!
ـ سألني لصيقي: عن ماذا تفتش في ثلج باريس؟!
ـ تدورت. تمحورت. استدرت مثل الهواء فوق صفحة ((البوصلة)) قلت:
ـ نجمة من زئبق، منحت نفسي للتفرس.. منحنى العناق للتفرد!
ضحك صديقي - لصيقي.. قهقه كركر. استدار مثلي، ولكن في عراء البرد.
ـ الطبيعة جميلة يا صديقي.. حتى لو كانت قبضة ثلج على رأسي مدخنة منزل.
عاد يقهقه. يكركر. اغتابني في داخله.. فلعلّه وصفني بالجنون، سألني:
هل تشعر بوعكة من تأثير البرد؟!
أية إجابة - هنا - سخيفة، سؤاله كان مسرحياً، وصمتي كان أمام سؤاله مثل خطين متوازيين.
أدخلت كفي في جيبي المعطف. استدركت قدمي، ودفعتهما إلى الأمام في شارع ((الشانزلزيه)) الطويل عرضاً، والعريض طولاً!
البرد يدثر كل ((المقاسات)) التي تتحرك.
آه يا ((جدة))..
* * *
ـ أين شعرك الطويل.. أيتها البيضاوية الوجه.. العريضة البسمة.. المختالة؟!
((يا ليت العمر يتوقف على حالة هنا جنبك..
نعيش فيها ولا نخبى من الشوق اللي ما يوصف))!
من يغني في باريس بالعربي؟!
من يكتب في ((العربي)) بالفرنساوي؟!
ما زال صاحبي - لصيقي يقهقه!
تذكرت سؤالاً هودجته بين ضلوعي قبل السفر:
ـ ((هو فيه شيء في الجو))؟!
نحن هنا ((نقطف)) الثلج، ويلفحنا الهواء البارد، و.. نعطس!
ـ يرحمكم الله!
ـ ((أديث بياف)) يبقى صوتها يعبر من تحت قوس النصر في ((الشانزلزيه))!!
وصورة ((ديجول)).. لم يسقطوا منها - بعد - قبعته الطويلة جداً، رغم أنه مات!
و... نعطس: يرحمكم الله!
* * *
ها أنا الآن.. أجلس فوق ((أنا))!
امرأة وحيدة تسكن كعصفورة في قلبي العش!
تدري هي.. لكنها تتوجس مني!
لحظة... أريد أن أصد ((البرد)) عن نافذة غرفتي.
يا من أصبحت نافذتي، ودفئي، وغنائي.. أنا أشتاقك الآن!
أشتاقك غداً، وبعد غد.. حاصريني أكثر، ودعيني الآن أغفو!
* * *
لم يحدث شيء من المتوقع عندك!
ـ لا.. بل حدث. أعترف، ولن ألومك!
ـ أعترف أنني اشتقت إليك أكثر.. فهل عندك احتمال لجنوني؟!
هطلت الأمطار في الليل.. كان ذلك هو عقد القران على الحزن!
* * *
ـ صباح الليل..
ـ بل قل: ليل الصبح! لأول مرة في هذا الشتاء الباريسي تطل الشمس على استحياء. هجرت النهار وقتاً طويلاً.. وتعود الناس على الجلوس أمام المدفأة!
تلاشى صخب الموسيقى التي ملأت الليل. زالت المساحيق عن الوجوه.
في النهار: الطبعة.. في الليل: الانطباع!
ـ ماذا تنتظرين.. ألا تنامين أيتها الثمالة في كأس الغربة؟!
ـ مهلاً.. دعوني أسأل العصفورة: هل سطعت الشمس عندك؟!
ـ فقط.. هذا هو السؤال؟!
ـ اختلطت أنا.. لا بد أن أتحول من رجل إلى شمس؟!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1592  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 255 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.