شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الرسالة العشرة
ـ ((قمر من الحناء: راحتها...
وعيناها على قلبي: مشرعتان))!!
ـ سيدتي:
كل الوجوه.. صرت أتفحصها!
في التلفاز.. في أفلام ((الفيديو)) التي انتشرت كالهشيم... في الشوارع التي أعبرها، وأمرّ منها لأمور الدنيا ومعاشها... في المجلات، والصحف، والمعارض التي تُعنى بالصور والتماثيل.
كلها.. أتفحصها من عدة زوايا، لأرى من خلالها: الزاوية التي أفتقدها.. على البعد والقرب منك!
وفي كل صورة انظر إليها.. لا أجد الزاوية التي تتمتعين بها في نظري.. الزاوية التي أرتاح إليها، لأنها تطارد أحلامي، ويقظتي، وهواجسي، وكل شيء يتحرك في كياني!
لا أجد.. لا أجد، حتى ولو كان جمال ما اراه رائعاً، وجاذبيته تحاول أن تشدني إليها، أو هكذا يلوح لي!!
حتى الصور التي أهديت لي منك - دون إهداء! - لا تحمل أية زاوية من التي أنظر إليها بعيني الولهتين، وبقلبي الشغوف، وبروحي الهائمة، وبنفسي المتعطشة إلى رواء من حضورك، ووجودك، ولمستك!
لا لأن هذه الصور تفتقد تعبيرها المؤثر على قلبي.. بل لأن الزاوية الجمالية تلفني باسرارها!
* * *
فيا سيدتي.. أيتها الساحرة، الجذابة:
دعيني أحيا لحظة في الاستغراق بوجهك المسفوح بالروعة.. كاتساع الخيل وشروده!
ترى - سيدتي - أية زاوية هذه التي تحملينها.. فلا أجد مثيلاً لها في آلاف الصور التي أتأملها، أو التي أنحيها جانباً من خيالي، ومن تصوراتي وتأملاتي؟!
إذن... فهذه الزاوية - وفي آلاف النساء اللواتي يرتعن حوالي، ومن خلفي وقدامي - أعتبرها هي ((المتعة)) على أي اعتبار كان.. حتى ولو كانت خافية لا تُرى!
ومن يدري... فلو وجدتها حقاً، فإن الشعور بالمتعة سيتقلص مع الزمن... ذلك لأن اكتشافها يفقدها الجوهر الذي تندس، وتختفي فيه!
ولذلك - أيضاً - دعيني أعيش هذا الجوهر، بل أحياه.. لتستمر الزاوية متألقة في خيالي ومشاعري... وكل شيء يتحرك في داخلي وظاهري!
* * *
ولعلّ هذه... وكأنها الفتنة الكبرى، يعيشها من يسمون بـ ((العشاق))، حتى تظل دائماً مشتعلة كالحروب التي توقد نارها ((إسرائيل))، ثم تتبرأ منها.. لأنها الشيطان الكبير!
أو تلك التي توقظها الدول الكبرى.. لتكبر مصالحها، وتتسع أمداءها، وينتشر سلطانها كالروس والأمريكان.. وما دروا بأن الدائرة ستدور عليهم يوماً ما.. ربما بأشد وأكثر تعاسة من الذين يعيشون تعاستهم، لضمان مصالح هذه الدول التي سيرتدّ جبروتها عليها.. طال الزمان أم قصر!
وأقرب مثل أطرحه: بريطانيا العظمى كيف كانت: ((الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس))... وكيف غدت الآن: ((كلب أمريكا الأجرب))!
عفوك - سيدتي - إن أخذنا التداعي بالكلام إلى السياسة، وهمومها. نحن في عصر... الرؤية فيه غربال!
يُشغل الإنسان بما يتّقد داخل عينيه: مرئيات ملونة، متزاحمة، متناقضة. يلفظها الطريق، ويتلقفها الطريق.. يمارسها البعض، ويفر منها الآخرون، وتظل بعض ((التناولات)) الحياتية مجهضة بحالات الرفض لها، أو الرفض من داخلها، والتبلد في خارجها، والتنكر لها في ممارستها!
وبعض هذه المرئيات، وهي تتحول إلى ممارسة، يتخذ صورة غير صورته!
الكل لا يرى في الشيء الواحد: واحداً، ولا اللون الواحد: واحداً، ولا الطعام الواحد: واحداً!
ولكن الإنسان - مع هذا يبقى وهو يحمل ماركة ((الصنف البشري))، أو الصفة الإنسانية، أو ((الطينة)) التي صيغ منها.. وحمل بعد ذلك تبعة الحياة!
وقد قيل: ((ليست المحبة أن ينظر كل منا إلى وجه الآخر.. ولكن المحبة أن ننطلق معاً إلى أهداف مشتركة))!
وهكذا... تجدينني أركض نحو راحة الإنسان الذي أتعبه نثار الشجن، والذي طوّحت به شفافية النفس.. فرمته في الارتطام بأشياء العمر المتناقضة!
إن اتجاهاتي تدفعني أن أغني للحياة في قرارة الحزن.. فالذي يهمني من الناس: أن يتحدثوا عن السلوك الجيد، وأن يفعلوه!!
ولقد قلت لك مرة هذه العبارة:
ـ الضائعون في الحياة... هم الذين يفرِّطون فيمن يحبونهم!
ـ وقلت لي يومها: لماذا أنت تصرخ... لماذا تتشاءم؟!
ـ وأجبتك يومها: في المقابل... هناك ((التائهون)) في غمار الأيام.. أولئك الذين كلّت قلوبهم من الركض، فغفت بين ضلوعهم.
* * *
ويظل الحنين - يا سيدتي - في دفئه، بل وفي حرارته!
بدأت أشعر بأن هناك إلحاحاً يتصدر تصرفاتي!
وأدرت رقم الهاتف... كنت أتوقع أن أسمع صوتك يرن في أذني! أسلوبك الذي أسعدني أحياناً، وأبكاني أحياناً!
وتحشرج صوتي عن البوح، وغلبني الصمت... وظننت أنني غدوت كالطفيلي، أو لعلّني أحسست بأن اتصالي لم يكن متوقعاً لديك!
وعشت لحظات: أرتعش، ثم بدأت أسترجع صدى صوتك، وقد غاب عني، أو غبت عن سماعه فترة لم أعد أحصيها!
لا أدري... هل فقدت ذاكرتي لحساب الأيام التي اقلعت فيها عن الاتصال بك؟!
لكن صوتك يرن دائماً في قلبي، وإحساسي، مشاعري.. رغم محاولة الانفلات من كل ما مضى منك معي، وصدر ضدي!
فهل هذا يعني أن الدخول إلى قلوب الناس سهل، وأن الخروج صعب، وصعب دائماً؟!
وشعرت كالإغماء.. تضطرب أعصابي فيه!
وكانت الساعات التالية شيئاً كالطيف.. الأكل. الناس. الأصوات. الوجوه. لا أرى الألوان، ولا أحس بطعم!
وفي الحمام... غسلت يدي وأدمعي، وعدت إلى مجلسي!
وارتحت بعد الدموع... وبحثت عن شيء أقرأه. تذكرت ((كتاباً)) ألّفه أحد المؤرخين عن قصة الحب الذي يعيشها المحبون.
وسألني أحد ((الأميين)) عن معنى الحب، وصدماته، وكيف يمكن لي أن أفسره له؟!
ـ قلت، وقد شعرت بشيء من الانبهار: هل - حقا - هنا أناس يريدون تفسيراً للحب؟!
وتحوّل الانبهار.. إلى تفكير!!!
صحيح... ما هو التفسير للحب فعلاً؟!
ورفضت الرد على سؤال كهذا.. لأنني سأدخل في متاهات من المعاني والآرء، وبذلك أفقد القدرة على إعطاء أي جواب يقنع العاشقين، وقد انغمسوا في الحب.. وجواب يقنع من يسمون ((بالمتورطين)) في الحب فيما بينهم!!
ذلك... لأن ظلال الحب كالواحة... يستريح إليها وفيها العاشق... حتى ولو كان معذباً، ولو كان محبطاً، ولو كان مطروداً من رحاب دنياه: المعشوقة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1021  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 210 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.