شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ عبد الله بغدادي ))
ثم أعطيت الكلمة للمربي الشيخ عبد الله بغدادي:
- بسم الله.. علم الإِنسان بالقلم، وأصلي وأسلم على معلم هذه الأمة، إذ علمه المعلم الأعظم ما لم يكن يعلم فكان بهذا التعليم الإِلهي الفريد مدرسة الأجيال كلها ومعلم المعلمين قاطبة وإمام العلماء كافة.. وبعد:
- فضيف الاثنينية الليلة وغرتها وحسنها محمد بن سعد بن حسين، معلِّم جلله العلم بنور الإِيمان، وكلله ببرد اليقين، ونفح عقله بسراج الحكمة، ونسمات العلم والمعرفة، فتسربل لباسه بالتقوى، وكسا رياشه الحلم، ولفاعه الأدب، ورداؤه الرزانة، وزينته نور الحكمة الوهاج، وسراجها الوضاء.
- معلم أمين على رسالة التعليم لأنه وظف علمه وفكره، معلم لأجيال هذه البلاد العظيمة وظف فكره لخدمة الإِيمان، لأن الفكر داعمة من الدعائم التي يقوم عليها الإِيمان معلم أمين له عقيدة، آمن بها، ويستقي منها منشور تعليمه لهذه الأجيال ومن معدن رسالة النبي العظيم والسراج المنير ومعلم هذه الأمة وقدوتها الحسنة وأسوتها الكاملة. ولأن هذا المعلم العظيم لها كان خلقه القرآن في تلك الكلمة العبقرية الفذة للصديقة بنت الصديق وشهادة القرآن لمعـلم هذه الأمة أبلـغ من أية شهـادة وإنك لعلى خلق عظيم، ومقولة الإِمام الغزالي حجة الإِسلام رائعة من روائعه وفي رسالة الولدية: "أيها الولد المحب إن منشور التعليم يكتب من معدن الرسالة عليه الصلاة والسلام. وشرط الشيخ الذي يصلح أن يكون معلماً ومرشداً أن يكون عالماً ولكن ما كل عالم يصلح للخلافة وإنني أبين لك بعض علامته على سبيل الإِجماع.. من يعرض عن حب الدنيا وحب الجاه وكان محسناً رياضة نفسه جاعلاً محاسن الأخلاق له سيرة، فهو إذن نور من أنوار النبي صلى الله عليه وسلم يصلح للإِقتداء به". وشيخنا ابن حسين معلم يعلم العربية فوق قلعة من قلاع الشريعة الباهرة، وحصن من حصون العربية الزاهية، ومنارة مشعة للتربية والتعليم جامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية والتي تعمق في نفوس أجيال هذه الأمة تعاليم ديننا الحنيف ومبادئ الشريعة الغراء، وتغرس في عقول الرجال جذور العربية الزاهية لتشدهم بأصلابهم الذين نشأوا على تراب هذه البقعة الطاهرة وملكوا ناصية البلاغة وتملكوا زمام الفصاحة بهروا بها دنيا العروبة وعالم الإِسلام.
- والأستاذ الدكتور ابن حسين أحد المعلمين الشامخين في مجال العربية، وأحد القمم الشاهقة في عالم الأدب يغرس في ضمير الإِنسان العربي المعاصر لغة الضاد، فقد نطق بها أفصح من نطق بالضاد محمد سيد الخلق عليه الصلاة والسلام.
- يرقرق اللغة لكي يكون نميرها صافياً، وزهرها شافياً، ورحيقها عذباً يرطب لسان الإِنسان العربي لينطق بفم عربي مبين وألفاظ واضحة سلسة. وابن حسين فوق أنَّه يعلم العربية هو رئيس لقسم الأدب والعربية بكلية اللغة بجامعة الإِمام، وهذا يحمله مع زملائه في نظري بالقسم، وحملة العلم في هذه الجامعة مهمة عظمى وهي التصدي للهجمات الشرسة من أعداء العربية وأعداء القرآن لأن العربية هي لغة القرآن العظيم، فأصحاب العقول الوافدة والأدمغة المستوردة قد قالوا إن العربية غير قادرة على مواجهة تحديات العصر ومواكبة المستجدات الحضارية على الساحة العلمية، ويرد عليهم من عالم الماضي شاعر العربية الخالد حافظ إبراهيم وبلسان اللغة فيقول:
أنا البحر في أحشائه الدر كامنٌ
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
وسعت كتاب الله لفظاً وغايةً
وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعظات
فكيف أضيـق اليـوم عـن وصف آلـة
وتنسيق أسماء لمخترعات
 
- وبعد لقد أخذ ابن حسين زاده الأصيل من بلد العراقة بلد الإِسلام والعربية، فلما أخذ من الزاد بأطراف وبمؤلفات يمم وجهه شطر بلد يرجع في دينه ولغته وعروبته وتأريخه وأصلابه إلى الجزيرة العربية الأم شطر مصر، فامتاح من معهد ضخم فيها ثابت كالطود باقٍ كالتاريخ مزدهر ازدهار العروبة والعربية، امتاح منه دلاءاً مترعات ورشاء جامعات، وَصْباً غزيراً وماءاً دفاقاً، هذا المعهد الأزهري حيّاه شوقي شاعر العربية وأوقف الدنيا لتحييه:
يا معهداً أفنى القرون جداره
وطوى الليالي ركنه والأعصرا
ومشى على يَبَسِ المشارق نوره
وأضاء أبيض لُجِّها والأحمرا
وأتى الزمان عليه يحمي سنة
ويزود عن نُسُكٍ ويمنع مشعرا
العلم فيه مناهلاً ومجانياً
يأتي له النُزَّاع يبنون القِرى
 
- وأنا "كدرعمي" (1) عريق أحيّي هذا الأزهري الشامخ في دنيا اللغة والأدب وأقول مع شوقي:
قم في فم الدنيا وحيّي الأزهرا
وانثر على سمع الزمان الجوهرا
واجعل مكان الدر إن فصلته
في مدحه خرز السماء الليزرا
 
- يا أيها الأديب الإِنسان.. يا قاهر الظلام بنور العلم وبفكرك الطموح تطوف به في عوالم شتى، شيخ معرة النعمان قبلك ملأ أطباق الأرض شعراً، وفلسف الكون والحياة، وكان الكوكب الساطع في ظلمة القرون الخوالي.
- وجئت أنت بالحسنى فسطرت يدك أروع كتاب، وكتبت صفحات من حسن الخطاب وذلك حين أديت حق الوفاء عنا وعن أدباء المملكة لأديب من الأدباء الراحلين الباقين في دنيا الأدب العالين علواً كبيراً أحد الرواد المجلين السابقين في مجال الريادة.
- لقد أديت حق الوفاء نحو أبي عبد المقصود عليه رحمة الله، والذي كان يقتحم المجاهل، ويضرب في الصحراء، فاتحاً مغلقات الطرق لأدباء هذه البلاد شأن الرواد في كل جيل.
- فلقد سطر سطوراً غراً في بطون الصحراء، ونشر صفحة من أدب الجزيرة كان الأديب يستروح عبقها ونسمة عليلة ترطب لغوب كدحه ومعاناته، ويوم كان الباحث عن الأدب بين رمال الصحراء كباحث ضاع في ترابها خاتمه وسلوا إن شئتم رفيق صباه، سلوا أبا يعرب (2) اليعربي الحضرمي فمخزونه وشجونه وشدوه وحنينه لهذا الأديب الراحل الذي طاب حياً وميتاً تفوق كل مخزون. فشيخ (3) العروبة وقد ضحك المشيب برأسه، شجى وغنى بعذاب الألوان، وفي حديثه دائماً الحسنُ والإِحسان والجودة والإِتقان. وقد نظم شاعر (4) الأمة عقوداً نظيمة، نثر حباتها وجواهرها فوق أرض الجزيرة الصحراء من حضرموت إلى حمى بغدان (5) ، وحيث يرقد على ثراها معادن العز ومصابيح الفكر وعلى رفرفها المخضر يرقد جَدَثٌ طاهر نقي ترك في عالم الأدب دوياً، وحيث يستريح في ثرى الطائف جثمان أديب راحل ترك الذكر الجميل الباقي على مر العصور لأجيال الأدباء وقوافل الشعراء محفوظاً في سجلات الخلود ولإِحدى الحياتين وللذكر الجميل لأنه أحد العُمْرَين.. والسلام عليكم.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :622  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 181 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ترجمة حياة محمد حسن فقي

[السنوات الأولى: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج