شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الساكن؟؟؟ الجيران
استيقظت، على صوت أمي، وهي تتحدث إلى (منكشة) فيما يشبه الهمس، وكان مما يضحكني حين علمت فيما بعد، أن حرصها على أن تتحدث بصوت هامس، هو الخوف من (الساكن)، الذي أكدت هذه الدادة العجوز، أنّه ساكن في الحنيّة، ليس ذلك منذ اليوم، وإنما منذ سنين طويلة.. وزعمت أن جدّي، وهي تسمية (شيخ افندي)، كان يعلم أنه (ساكن) في هذه الحنيَّة. وكثيرا ما أنذرها بأن لا تحاول مطادرته أو ضربه، أو حتى الاقتراب منه. ثم أضافت أن (الساكن) من جانبه، لم يحدث أن حاول الاعتداء عليها، وأنها نادرا ما تراه خارجا من مكمنه الذي لا تدري أين تقع من جدار الحنيَّة... تراه ممدّدا بطوله ملتصقا بالجدار فإذا أحس بحركتها يرفع رأسه، لترى عينيه الحمراوين كالدم.... فما عليها عندئذ إلاّ أن تتراجع، وأن لا تدخل، إلاّ بعد مضي وقت، فلا ترى له أثرا.
ولكن أمّي لم تزدها هذه التفاصيل إلاّ خوفا، إلى حد جعلها تستغني عن الوضوء في الحنيَّة، إذ جاءتها الدادة بالأبريق، إلى موقع فيه بلاّعة عند مدخل الديوان... أمّا قضاء الحاجة، فقد صعدت بي إلى الطابق الأول، وفي كل خطوة خطتها على السلالم، كانت تتلو سورة (الفلق) مع البسملة بصوت هامس مرتعش.
وما كادت أشعة شمس الصباح تفترش أعالي (الجلا)، حتى كانت أمّي ترتفق ملاءتها وتستعجل الدادة أن ترافقها، ومن جانبي لم أكن أدري شيئا عمّا يدور، غير أنها كانت تستعجلني أنا ايضا، لأرتفق حذائي الممزق،... حتى وجبة الفطور، لم نتناولها، بل لم تفكر هي فيها... وخرجنا من البيت لننتهي عند دكان العم صادق... كان قد فرغ لتوه من فتحه... وقفت أمامه، وأخذت تروي له كل ما سمعته من الدادة عن (الساكن) وقد سمعته أنا وهي ترويه لأول مرة... والعجيب، أن العم صادق لم يبد اهتماما بما سمع رغم أن أمّي كانت تتحدث بشحنة عالية من الرغبة في عونه ونجدته... كل ما عني بأن يقوله هو:
:ـ. لا تخافي... هادا ما يئذي... مادام بتقول أنّه ساكن من سنين... لازم ما تخافي منّو...
:ـ. بس يا عم صادق، أنا عندي ولد صغير... يمكن يدخل الحنيَّة...
:ـ. طيب، ليه ما تطلعوا المجالس... أيام السموم راحت خلاص... وما تحتاجوا الديوان في هادي الأيام.
:ـ. بس يعني يا عم صادق، مو يمكن يطلع لنا في المجالس.
:ـ. والله يا بنتي ما أدري ايش أقول لك... كل شي جائز.. أصله البيت كان مهجور طول السنين اللي غبتوها عنّه..
:ـ. طيب يا عم صادق، ليه ما نشوف أحد يدّور عليه في الحنيَّة ويقتله؟؟؟
وهنا رفع العم صادق رأسه، محملقا بعينيه، كأنه قد سمع ما يخيف ويرعب، ثم قال:
:ـ. اصحي... اصحي يا بنتي... يقول لك عقلك تفكري في شي زي كده... انتي بتقولي عندك ولد صعغير بتخافي عليه...
:ـ. يعني ايه يا عم صادق؟؟؟
:ـ. يعني... يعني لازم تخافي على ولدك من... من..
:ـ. من ايه يا عم صادق؟؟
:ـ. ما ادري ايش اقول لك... اسمعي انا عندي فكرة.
:ـ. ايش هيّه يا عم صادق؟؟
:ـ. تتركو البيت... تنقلو لبيت تاني... وانا سمعت عندكم بيت في باب المجيدي ليه ما تنتقلو هناك؟؟؟
:ـ. بيت باب المجيدي فضّيناه قبل ما نسافر.. وما أدري أبويا خلّي مفتاحه عند مين..
:ـ. طيب... انتي تعرفي فين بيت (الزاكور) ؟؟؟
:ـ. الزاكور؟؟؟ مين الزاكور؟؟
:ـ. الزاكور، رجّال من الصالحين... رفاعي... يقدر إذا رضي، يقدر يندّر الساكن وياخده معاه.
:ـ. طيب يا عم صادق، الله يخلّيك.. قل لي فين بيته وانا دحين اروح له... وأنا عندي فلوس... اعطيله اللي يبغاه.
:ـ. لا... لا... لا يابنتي، هادا ما ياخد فلوس... هادا شغله لله... لوجه الله.
:ـ. طيب... بس... بس فين بيته يا عم صادق؟؟؟
:ـ. اسمعي، خلّي هادي الدادة تقعد عند الدكان... ونروح انا وانتي سوا..
ولم تترد منكشة في الموافقة على أن تحرس الدكان، بينما تذهب أمي مع العم صادق إلى (الزاكور).. ولكنّها اقترحت أن ابقى أنا معها... ولا أدري ماذا قالت بالتركية فإذا بأمي تلتفت إليّ، وهي تقول:
:ـ. اقعد مع دادتك... واصحا تروح هنا ولآ هنا.. فاهم؟؟؟
ولم يسعني إلا أن أذعن، وفي نفسي، أن هذه الدادة قد حرمتني من المشي مع أمي والعم صادق لرؤية الكثير من الشوارع والأزقة والأسواق التي لم أر إلا القليل منها أمس عندما ذهبنا إلى الحراج... وتذكرت في نفس الوقت وعد أمي بأن تشتري لي من (جوه المدينة) الكندرة اللماع... وهنا لم أملك إلا أن ألقي نظرة على الحذاء الممزق، وأنا اشعر بالكسوف بحيث وجدتني، أحاول اخفاء الفردة التي تبصبص منها اصابعي خلف قدمي اليسرى.
* * *
لم يطل انتظارنا عند دكان العم صادق، إذ سمعت صوته يتحدث، في الاتجاه المضاد للاتجاه الذي سلكه في ذهابه... التفت، لأراه، وإلى جانبه رجل عجوز ربما في مثل سنّه وخلفهما أمي في ملاءتها... وقال العم صادق يخاطب أمّي:
:ـ. خلّي الدادة والولد، عند الدكان...
قال هذه الجملة، ثم انعطف، مع الرجل العجوز، وخلفهما أمي إلى مدخل الزقاق.... وجدت نفسي، أترك الدادة حيث هي جالسة على طرف دكة الدكان، وألحق بهم... كان الموضوع كله بالنسبة لي غير مفهوم... خوف أمي إلى ذلك الحد الذي جعلها تخرج في ذلك الوقت المبكر، ومعها خوف الدادة، من هذا (الساكن) الذي قالت منكشة أنّه ساكن في الحنيَّة منذ سنين طويلة... وأن جدّي نفسه كان يعلم أنه ساكن في هذه الحنيَّة.
وقد حذّرها من مطاردته أو حتى الاقتراب منه...
من هو... أو ما هو هذا الساكن؟؟؟ فهمت انه ثعبان، ولكن ما هو الثعبان.. لم يسبق لي أن رأيت ثعبانا، أو سمعت عنه، وعلى الأخص عن أنه يسكن الحنايا، سنين بطولها.
ثم... هذا الرجل الذي اسمه (الزاكور)، وقد جاؤوا به، أتره سيقوم بقتل الثعبان؟؟؟ وإذا لم يقتله، فكيف يمكن يا ترى، منعه من الخروج من مكمنه المجهول تماما في هذه الحنيَّة اللعينة؟؟؟؟
وعند باب البيت الذي أخذت تفتحه منكشة بالمفتاح الذي أخرجته من خاصرتها.. لاحظت أن العم (الزاكور)، قد أخذ يتلو... يقرأهسا، كلمات، تنم عنها حركة شفتيه تحت شاربه الكث الأشيب... رأيت في عينيه الواسعتين ربمّا معنى الترقّب واللهفة.
... قبل أن ندخل، سمعت صوتا نسائيا، ينادي أمّي باسمها، من البيت المقابل لبيتنا، والذي قالت أمي، أن سكانه، غائبون في الشام... لم يعودوا بعد، وربّما، ماتوا كمامات الكثيرون... وقبل أن تلتفت أمي هتفت: (خالة فاطمة؟؟؟)... واجابتها هذه تقول:ـ. (ايوه... ايوه يا فاطمة.. خالتك فاطمة جادة...)
:ـ. متى وصلتوا يا خالة فاطمة؟؟؟ الحمد لله على السلامة.. وكيف حال العم محمد سعيد؟؟؟ وفين بدريّة؟؟؟
:ـ. وصلنا اليوم في الفجر... لكن قولي لي... ايش هادول اللي واقفين معاكي؟؟؟ فين أبوكي عنهّم؟؟؟
:ـ. هادول يا خالة... هادول العم صادق، والعم (الزاكور)....
وسرعان ما رفعت الخالة فاطمة جادة صوتها، بنبرة دهشة واستغراب وهي تقول:
:ـ. الزاكور؟؟؟
والتفت اليها العم صادق وقال:
:ـ. ايوه يا أختي... الشيخ الزاكور... انتي تعرفيه؟؟؟
:ـ. وهوّه فيه أحد ما يعرف الزاكور؟؟؟ بس عسى خير؟؟؟
وكانت الدادة منكشة قد دخلت البيت، وأصبحت في الدهليز المعتم.. ودخل خلفها الزاكور بينما بقيت أنا إلى جانب أمّي، التي أخذت تقص على الخالة فاطمة جادة أخبار الساكن ومخاوفها منه، عليّ أنا، وعلى نفسها. ورغم أن الخالة فاطمة ظلّت تؤكد أن (الساكن) لا يؤذي أحدا إذا لم يؤذه هو احد، وأن جميع البيوت في هذا الزقاق (زقاق القفل)، فيها أمثال الساكن في بيتنا، فقد أضافت تقول:
:ـ. الشيخ الزاكور، يقدر بعون الله، أما يرصده، وما يخلّيه يخرج من بيته.. وأمّا أنّو ياخده معاه.
:ـ. ياخده معاه؟؟؟
:ـ. ايوه ياما اخدهم معاه...
لكن... لكن فين يودّيهم؟؟؟
:ـ. اللي ما ادري عنّو... فيه ناس يقولوا أنّو يحبسهم عنده في البيت.. ولكن فيه ناس كمان يقولون أنّو يدبحهم وياكلهم..
:ـ. يا كلهم؟؟؟؟
:ـ. يعني، كده يقولوا... والله اعلم.
وقبل أن تستدير أمي لندخل البيت، قالت الخالة فاطمة:
:ـ. اسمعي يا فاطمة.. أنا والله في نفسي من زمان أقول لعمّك محمد سعيد يطلب لنا الزاكور... عشان اللي عندنا ساكن في (المؤخرّ)... ويقولوا أنّو عنده جماعته، يمكن سكنوا في المحلات التانية في البيت..
:ـ. طيب يعني أقول للعم الزاكور، بعد ما يغلِّق عندنا، يجيكم؟؟؟
:ـ. ايوه الله ياريت... يا ريت يا فاطمة يا بنتي... بس يا ريت يجينا قبل ما يجي عمك محمد سعيد من السوق.
:ـ. ليه... هوّه العم محمد سعيد...؟؟؟؟
:ـ. اسكتي يا بنتي.. عمك محمد سعيد هادا طول عمره. يخوفنا من (الساكن)، ويقول لازم نخلّيه في حاله... وما دام، ما أحد يتعرّضه... هوه ما يآذي أحد.. لكن يا بنتي، أنا من كتر خوفي منه... اصبحت ما ادخل المؤخر) إلا مع دادتك حسينة وفي النهار... أما في الليل.. ابدا...
* * *
وقف العم (الزاكور) في فسحة الديوان، وأمام فتحة أو مدخل الحنيَّة، وهو مايزال يتلو أدعيته، ومن حقيبة من القماش الأبيض معلّقة على كتفه، أخرج المصحف، وحفنة من (خلطة) أو مجموعة من أعشاب أو نحوها... وطلب من الداده أو توقد نارا في (الكانون)... وجلس على طرف دكة الديوان، والتفت إلى العم صادق، وإلينا (أمي وأنا).... وأشار بيده ـ دون أن يتكلم ـ اشارة فهمنا منها أن نبتعد أو نخرج عنه... ابتعدنا عنه إلى باب القاعة المغلق. وحين خرجت منكشة من الحنيَّة وفي يدها الكانون، تشتعل فيه النار... أمرها هي أيضا أن تبتعد عنه بعد أن وضعت الكانون بين يديه... ألقى حفنة الأعشاب، في النار، وما كاد يرتفع خيط الدخان، حتى حمل الكانون والدخان يتصاعد منه، واتجه إلى الحنيَّة ودخلها وحده... بينما ظللنا نحن جميعا واقفين عند باب القاعة.
استولى على الجميع قلق، وأحسست أنا كأن ساقيّ قد فقدنا القدرة على الوقوف، فتهاويت إلى الارض.. جلست على الحجر... ولاحظتني أمي، فمدت يدها ووضعتها على رأسي كأنها تطمئنني... ولكن المشكلة كانت مع الدادة منكشة، التي ارتمت بطولها على الأرض وأخذت تتشنّج، وتحّرك ذراعيها، كأنها تتمطّى ولكن بكثير من الجهد... ثم كان أعزب مشهد ملأني رعبا، سحنتها التي تغيرت... عيناها محملقتان، وقد احمّر البياض فيهما، ثم رغوة من شدقيها تتدفق وتكاد تملأ وجهها كلّه... وذلك الزحير في صوتها كأنها تختنق.... طرأ كل هذا على العجوز، في لحظات، فأربكنا جميعا... حتى العم صادق، بدأ مرعوبا يتململ في موقفه، كأنّه يريد أن يجري هاربا... أمّي من جانبها وأنا إلى يمينها وجدتها تتناول يدي، وتتجه خارجة إلى باب الديوان... وقالت وهي تلقي نظرة على وجه الدادة:
:ـ. ياريت تجيب لها موية نرشّها بها... بس الموية في الحنيَّة..
ولم يقل العم صادق شيئا، ولكن عينيه ظلتا مسمّرتين على مدخل الحنيَّة، ينتظر خروج الزاكور منه.
ولم تتردد أمّي في الخروج إلى الزقاق... وما كدنا نقف عند الباب، حتى سمعنا صوت الخالة فاطمة جادة، تتساءل:
:ـ. دادة منكشة يا خالة...
:ـ. ايش بها؟؟؟
:ـ. من ساعة ما شمّت ريحة البخور... طاحت على الأرض، ومتخشّبة.
:ـ. لا تخافي... هادول حقّون راسها ما سكينها... الزاكور دحّين يقرا عليها وتقوم.
بس هوّه لسه ما مسكو...
:ـ. والله ما ادري يا خالة... هادا دخل الحنيَّة بالبخور وما شفته خرج.
:ـ. اعوذ بالله يا بنتي.. عسى ما يكون لدغه، والرجال رح فيها.
:ـ. ما أدري يا خالة... ليه هوّه يلدغ حتى الزاكور؟؟؟
:ـ. من زمان يا فاطمة يا بنتي... كان فيه واحد مغربي، يجيبوه يمسك الحنشان... ومسك كتير من البيوت القديمة اللي زي بيوتنا هادي... لكن في مرة، جابوه يمسك حنش كبير، ساكن عند البير... قتل تورين، من تيران السواني... قام الحنش لدغه... وفي محله... ما قام... مات المغربي المسكين.
ثم أضافت الخالة فاطمة، تقول:
:ـ. طيب وانتي ليه ما تدخلي عندي بدل ما انتي واقفة في الزقاق..؟؟؟ تعالي. وحين اخذنا نتجه إلى الباب المفتوح امامنا... سمعنا سعلة رجل سرعان ما قالت الخالة فاطمة انه العم محمد سعيد ـ زوجها... وهمست تحذّر أمّي من أن تخبر العم محمد سعيد شيئا عن الزاكور.. أو عن أي شيء...
ولكن العم محمد سعيد اكتشف الواقع دون أن يخبره احد بشيء... كانت رائحة البخور تملأ الزقاق... ماكاد يدخل دهليز بيته، ويراني واقفا إلى جانب أمّي حتى قال:
:ـ. بنت الشيخ أحمد؟؟؟
وأجابته أمّي بصوت خفيض:
:ـ. أيوه يا عمّي... بنتك... فاطمة.
:ـ. عظم الله أجرك يا بنتي... أنا سمعت أنّو رحمة الله عليه اتوفي في حلب... هوّه الزاكور، في بيتكم؟؟
:ـ. ايوه يا عمّي..
:ـ. ايوه قالولي وانا جي، أنّو صادق طلب منّو يجي يشوف له صرفه مع الساكن اللي في بيتكم... وهادي ريحة البخور اللي يبخّر به... ربّنا يكون في عونه.. هادا الساكن اللي عندكم، قديم... من زمان... يقولوا... ايوه.. ابوكي بنفسه ـ رحمة الله عليه ـ قال لي أنّو ساكن من أيام ما بنوا البيت.. يعني قبل مية سنة..
قال العم محمد سعيد هذه الكلمات، واتجه خارجا إلى بيتنا... بينما قالت الخالة فاطمة...
:ـ. تعالي انتي يا فاطمة يا بنتي نقعد في الديوان..
:ـ. لكن دادة منكشة... يبغالنا نرش على وجهها موية يمكن تفوق..
:ـ. عمك محمد سعيد.. والزاكور... وعمك صادق... همّ يعرفوا يفوّقوها.. تعالى... وتقدمتنا، إلى الديوان... وسرعان ما لفت نظر أمّي أن أثاث البيت.. فرش الديوان موجود.
... كان مايزال مجمّعا... المراتب والمساند، وحتى بعض الأواني كلّها هناك.. ولم تملك أمّي إلا أن تساءلت:
:ـ. ما شاء الله يا خالة... انتو باين عليهم ما نهبوكم..
:ـ. نهبونا؟؟؟ مين همّ
:ـ. اللي نهبوا بيوت الناس كلّهم...
:ـ. يعني يا بنتي انتي التقيتي بيتكم منهوب؟؟؟
:ـ. يا خالة ما التقيت من فراشي كله.. من البيت كله إلا واحد مسند.
:ـ. لا حول ولا قوة إلا بالله... الله يكافيهم.. مين.. مين اللي نهبوكم يا بنتي؟
:ـ. دادة منكشة تقول انهم اللي دخلوا المدينة بعد ما خرج منهّا الباشا
:ـ. ومين دخل المدينة، غير اللي حاربوا الدولة... حاربوا السلطان... وما دام حاربوا السلطان يجي منهّم ينهبوا بيوت الناس.. هادول الناس ما يخافوا الله
:ـ. لكن انتو يا خالة ما شاء الله.. ما احد نهبكم..
:ـ. ايوه.. الحمد لله... اصلو عمّك محمد سعيد (صمّر) الباب من جوّه بعوارض حديد... ما يقدر يكسرها احد.. وتدري منين خرج؟؟؟ خرج من السطوح على بيت عمّك درويش، ومن بيت عمّك درويش، لحقنا ونحن رايحين نركب البابور..
:ـ. أما نحنا... أبويا ـ رحمة الله عليهم ـ تركوا المفتاح عند منكشة... كان يحسب اننا رايحين نرجع من الشام بعد شهر أو شهرين... اصلهم كده قالوله.
... لكن ما قلتيلي يا خالة فين استيتة بدريّة؟؟
:ـ. بدريّة يا بنتي في بيت جوزها... اصلنا زوجّناها في الشام... وسبقتنا معاه... وعمّك محمد سعيد لابد راح اتطمّن عليها... من ساعة ما وصلنا فتح لنا البيت وراح يتطمّن عليها.
* * *
سمعنا، في مجلسنا في ديوان الخالة فاطمة جادة، وقع أقدام في الدهليز، قالت الخالة أنّه العم محمد سعيد... فنهضت، ونهضنا معها نهرع لسماع أخبار الزاكور وأخبار الدادة التي تركناها ملقاة متشنّجة على الأرض.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :884  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 86
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.