شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عن المرأة.. للأستاذ صالح محمد جمال.. والرافعي
ثم.. هناك واقع، لا أشك في الأستاذ صالح محمد جمال، وهو من أعرف ويعرف القراء أنه في الطليعة من المعنيين بمعالجة الشؤون العامة، ومحاولة الإصلاح والتصحيح في المجتمع، لا أشك في أنه مدرك أعمق الإدراك لتفاعلاته وردود فعله، وهو بصراحة ووضوح، تزايد أعداد خرّيجات المدارس الثانوية بقسميها، ثم الجامعات بمختلف تخصصاتها ومؤهّلاتها.. إلى جانب أولئك اللائي يحملن مؤهّلات كلية التربية.. ليس لدي الآن معلومات عن اللائي تخرّجن حتى اليوم ولكني أسمع أن أعدادهن تجاوزت الألوف.. وأن الشواغر في وظائف التدريس، إذا كانت متاحة ففي القرى أو المناطق النائية، ومثلها الشواغر في الوظائف الإدارية، إذ تكاد تصل إلى حد الاكتفاء والسؤال الذي لا بد أن يسمع وأن يجاب عنه هو: عن الأسباب التي تحول دون استيعاب هذه الألوف من الفتيات، في أعمال ووظائف كالتي أشرت إليها، وعلى الأخص حين نعلم أو نسمع أن في مرافق ومصالح الدولة أعداداً كبيرة من المتعاقدين لأعمال ووظائف الآلة الكاتبة، والقيد والأرشيف والمحاسبة.. وكلها أعمال تستطيع الفتاة أن تقوم بها خير قيام، وكما قلنا ليست مشكلة حجبهن عن الاتصال بالرجال من المشاكل التي يتعذّر حلّها إذا توافرت الرغبة. ومثلها الوظائف التي تستقبل وتتابع وتنجز معاملات النساء اللائي تضطرهن ظروفهن إلى مراجعة الدوائر الرسمية ومنها دوائر وزارة الداخلية ذات العلاقة المباشرة بالجمهور، ودوائر القضاء، وكتابة العدل ودوائر وأقسام وزارة الصحة ومستشفياتها، بل دوائر الرياسة العامة لتعليم البنات، التي يدير أقسامها ومكاتبها الرجال، مع أن طبيعة العمل تستلزم أن يكون الكثير من هذه الأعمال في أيدي النساء.
وبعد.. فإن موقف الأستاذ صالح محمد جمال، وأنصار فكرته الكثيرون، من عمل المرأة لا يستغني عن حوار مفتوح، ونقاش متعمّق، وبعيد عن الانفعال العاطفي، إذ ليس مما يتفق أن تفتح مراحل التعليم أبوابها لتعليم الفتاة، وأن يبلغ عدد الخرّيجات من الجامعة ألوفاً، وأن لا يكون لهن من عمل بعد ذلك إلاّ انتظار الزوج، الذي لا يدري أحد إلا الله سبحانه متى يجيء - والانصراف إلى أعمال المنزل من طبخ وكنس وغسيل ملابس، وتربية الأطفال - عندما يمن الله بهم بعد الزواج الذي لا يزال في علم الغيب.
قبل أكثر من ستين أو سبعين عاماً، سجّلوا على الأستاذ مصطفى صادق الرافعي أنه قال:
يا قوم لم تخلق بنات الورى
للدرس والطرس وقال وقيل
لنا علوم ولها غيرها
فعلّموها كيف نشر الغسيل
والثوب والأبرة في كفّها
طرس عليه كل خط جميل
أتحرّج أن أقول أن موقف الأستاذ صالح محمد جمال، لا يختلف كثيراً عن موقف الرافعي رحمه الله، وإذ لا أشك في أن الرافعي قد غيّر رأيه، أو يمكن أن يغيّره لو عاش حتى اليوم وقد تغيّر الكثير من المفاهيم ومن منطق الأشياء ومن بنية المجتمع، فإني أطمع في أن يكون للأستاذ صالح موقف يتواءم مع هذه المتغيّرات، ويواجه مشكلة ألوف الفتيات الجامعيات اليوم، والألوف المقبلة، كل عام، ما دامت أبواب مراحل التعليم مفتوحة، وأصبح من المستحيل إغلاقها، تحت أي ظرف، والله من وراء القصد.
* * *
ما زلت أشعر أن كتابة قصة (قلبي) الذي فوجئت بأنه يوشك أن يرغم على التوقف عن مباشرة مسؤولياته، عمل وصفته بأنّه تافه يفتقر إلى العناصر التي تنعش الإحساس - لدى الكاتب وتحقق نصيباً من الإغراء بالمتابعة - لدى القارئ.
وليس في قصة قلبي العليل ما ينعش إحساسي بفنّية العمل، والإحساس بهذه (الفنّية) وبالتالي (الرغبة) في الاستجابة لها والمضي مع حوافزها، ربما إلى حد الإشباع، هما سبيل (الإبداع) وركيزة (الصدق الفني).
وكما سبق أن قلت فيما نشر لي عن الموضوع في مجلة اقرأ: (ما أكثر ما يسمع الناس - وأعني القراء - عن حالات القلوب التي تصاب (بالجلطة) أو هي (الذبحة)، ومنها حالات قلوب، استبدلت بقلوب آدمية - حين يتيسّر الحصول عليها - أو قلوب صناعية كتلك التي تنهمك عبقريات الطب في أمريكا على تطويرها، بحيث يتوقعون أن يأتي اليوم الذي يتجاوز فيها القلب المصنوع، مرحلة التجربة، ومرحلة جهاز (الضخ) بحجمه ومشاكله، ليصل إلى مرحلة الاستقرار بين الجوانح، بديلاً للقلب الذي أنهكته العلة فعجز عن العمل..).. ما أكثر هذا ومعه حالات قلوب عدد كبير من المواطنين، اضطروا لإجراء جراحتها وعلاجها في الولايات المتحدة أو في غيرها من هذه البلدان التي تتوافر فيها المستشفيات المتخصصة والأطباء الأخصائيين كهذا المستشفى المتخصص، الذي قام الأطباء المتخصصون فيه، بإجراء العملية لقلبي في مدينة جدة.
فماذا في القصة، بعد ذلك، مما يستحق أن أكتب عنه.. لم يكن حادث العلة التي طرأت على قلبي، بكل عناصر المفاجأة فيه (بالنسبة لي شخصياً) يختلف عن الحوادث المماثلة التي نتسامع عنها، فيما نتسامع عنه من الأحداث.. لا شيء إطلاقاً.
والذي يخلع على حالات القلوب هذه طيلسان الهلع والفزع، بالنسبة لأصحابها من جانب ثم بالنسبة لذويهم من الأهل والولد من جانب آخر هو ذلك الاحتمال الذي ألف الناس ألاّ يستبعدوه، قياساً على ما استقر في أذهانهم عن حوادث حالات القلوب التي كانت تنتهي غالباً بالوفاة والموت بطبيعة الحال، هو تلك التجربة التي لم يحدث (ولن يحدث)، أن مارسها إنسان راضياً منها بحصيلة أو نتيجة، أو حتى بمعلومة صغيرة عنها.. ولذلك فليس بين البشر منذ درجوا على سطح الأرض، من عرف أو يمكن أن يعرف الحقيقة بعد الموت وهذا على الرغم من أن الله سبحانه وتعالى، قد بشر عباده بالحياة بعد الموت في جميع الكتب السماوية.. كما بشّرنا نحن المسلمين بهذه الحياة وبشّر الذين آمنوا بآياته، سبحانه، وكانوا مسلمين بالجنة في جملة من آيات القرآن الكريم: منها قوله تعالى ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ. يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ، وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (الزخرف : 70 - 71) ومنها: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ. فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍز يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ. كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ. يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ. لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ. فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (الآيات من 51 إلى 57 من سورة الدخان).. على الرغم من هذه الحقيقة الخالدة، فإن الناس على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم لا يخشون شيئاً، ولا يتحسّبون لطارئ كما يخشون هذا الموت على أنفسهم، أو على من يؤثرون أو يحبون من أهل وولد.
* * *
قال لي إنه من الذين يرتفقون حافلات النقل الجماعي، ولا شك إطلاقاً في أن النقل الجماعي قد فرّج على الناس كربة المواصلات وأوشك أن يحل مشكلاتها الكثيرة المعقّدة، ومنها اختناقات المرور لمن كانوا يرتفقون سياراتهم، أو سيارات التاكسي، ولذلك فإن التجربة قد أثبتت نجاحها، ولا يستبعد أن يأتي يوم، يكون فيها النقل الجماعي وسيلة المواصلات الأفضل في جميع المدن الكبيرة، كما هي الحال في عواصم العالم الكبرى.
ولكن ويبدو أنه لا بد من ((لكن)) هذه في كل عمل أو مشروع تظهر بوادر نجاحه) ولكن هناك بعض الملاحظات التي يعتقد أن إدارة النقل الجماعي في جدة أو في غيرها، لم (أولاً) تغفل عنها.
منها هذه المواقف التي لا تزال دون تظليل من أي نوع. وإذا كانت هذه الأيام تتمتع بحرارة أقل، وبجو لطيف دوماً، فإن وقوف الناس في هذه المواقف، تحت وقدة الشمس في الفصول الأخرى من العام، وكلّها شديدة الحرارة، وبين الواقفين شيوخ مكدودون، ونساء محجبّات، ومعهن أطفالهن مسألة أو مشكلة تطالب إدارة النقل الجماعي بالحل.. ولا حل إلاّ أن تعمل على تظليل هذه المواقف بمساحات ما لا يقل عن العشرين من الذين ينتظرون الحافلات.
ومنها ما يبدو أنه متصل أو ذو علاقة بعدد هذه الحافلات.. ربمّا كانت أقل مما يحتاج الناس، بدليل أن سائقي هذه الحافلات، يمرون بالموقف دون أن ينتظروا الركاب.. فيضطر هؤلاء إلى انتظار الحافلة التالية.. وهذه أيضاً لا تنتظر.. والسبب أنها ممتلئة ولا مكان فيها للمنتظرين.. ويطول انتظار الركاب، بينما تمر بهم الحافلات واحدة بعد أخرى، دون أن يتاح لهم ارتفاق أي واحد منها.
وأضاف محدّثي يقول: (أثبتت التجربة نجاحها، وأنها مربحة أيضاً) فلا معنى أذن لوجود أزمة في عدد الحافلات.. تستطيع الإدارة أن تطرح في الحركة ما يخفّف على الناس الانتظار من جهة والتزاحم على الركوب من جهة أخرى.
وأنا لا أدري إن كانت مؤسسة النقل الجماعي قد حققت ربحاً من أي نوع، ولكن الذي أدريه أنها مطالبة بالتكامل في مستوى الأداء، وعندها النماذج القائمة في جميع عواصم العالم.. تستطيع أن تدرس الوسائل والطرق التي تجعل من مستوى أدائها متمشياً مع المستوى الرفيع الذي بلغته مختلف الخدمات في المملكة.
ثم.. ملاحظة ثالثة، وهي زيادة أجرة الركوب إلى مكة خمسة ريالات لتصبح خمسة عشر ريالاً.. وعشرة أو خمسة عشر ريالاً إلى المدينة لتصبح 50 ريالاً أو خمسة وخمسين ريالاً.. والسؤال (من عندي) عن الأساس الذي تعتمد عليه المؤسسة في الزيادة؟ لا أظن - على كل حال - أنها تتم دون قرار من مجلس الإدارة.. ولا أظن أن قراراً كهذا ينفذ دون أن يعلن للجمهور.
وأخيراً - وهي ملاحظة شديدة التعقيد - عن أشجار الأرصفة في الشوارع التي تمر بها الحافلات.. قال محدّثي إنها كثيراً ما صفعت بأغصانها وجوه ورؤوس ركاب الطابق الثاني من الحافلة. ولا أدري كيف يمكن أن تحل المشكلة، خصوصاً وأن هذه الأشجار من اختصاص البلدية، وليس لأحد أن يمسّها بسوء إلاّ بموافقة ذوي الشأن.. وما أطول الروتين إذا تورّطت إدارة النقل الجماعي في مطالبة البلدية بقطع الفروع التي تضرب ركاب الطابق الثاني هؤلاء.. ولكن (مرة أخرى)، أليس من الممكن أن ينبّه السائق إلى المشكلة، فيعمل على الانحراف قليلاً من خط سيره ليتلافى معركة الأغصان مع الركاب؟
بقي في الجعبة موضوع (نظافة) الحافلات.. وهو ما اشتكى منه أكثر من واحد ممّن يرتفقون هذه الحافلات، ويتوقّعون أن يكون مستوى النظافة فيها، أفضل من مستوى النظافة في أرض الشوارع والأرصفة التي تمر بها..
ولكن النظافة في الحافلات وفي غيرها مشكلة تقليدية.. لا بد من احتمالها والأمر لله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :542  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 76 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.