شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نهر الأمازون.. والجياع في أفريقيا
من معلوماتي الجغرافية القديمة (جداً) والمتواضعة إلى أبعد حد، أن أطول نهر في العالم - بعد نهر النيل - هو نهر الأمازون في أمريكا الجنوبية، الذي يصب في جنوب المحيط الأطلنطي ربما على الشاطئ الشمالي من البرازيل. ولا أستطيع الآن أن ألمح اعتماداً على الذاكرة، أو أن أعود إلى المراجع المتاحة، لسرد الكفاية من التفاصيل عن منابع النهر والبلدان التي يمر بها، وما يغدقه على كل منها من الخصب والنماء وخيرات الأرض الوفيرة، والغابات والأدغال والأنواع النادرة من الحيوان، فيها، إلى الحد الذي يلف بعض مناطق هذه الغابات والأدغال بالأسرار والمجاهيل، لأنها لم تكتشف حتى اليوم.
وأهم ما لا يزال عالقاً بذهني اليوم، أنه يدفق في المحيط الأطلنطي ما يقرب من 20%. من مجاري المياه العذبة في الأرض، ويبلغ من قوة اندفاعه في مياه المحيط، أنّه يخفف من ملوحة مياه المحيط على امتداد 160 كيلومتراً من الشاطئ:
وقد يسهل تصور قوة وضخامة حجم هذا التيار المائي المندفع إلى مياه المحيط، إذا تصورنا قناة عرضها 240 كيلومتراً يتدافع عبرها مياه هذا النهر الجبار بقوة اندفاع تمتد إلى 160 كيلومتراً في مياه المحيط.
من المفروغ منه، أن هذه الكمية الهائلة من المياه العذبة التي تذهب في مياه المحيط والتي تقدر بحوالي (283000) متر مكعّب في الثانية الواحدة، وباستمرار يكاد يكون أزلياً، يمكن أن تحيي ملايين الملايين من الهكتارات من الأراضي الصحراوية، في العالم على رحبه، وعلى الأخص في أفريقيا، إذا وجدت الوسائل التي يمكن أن تنقل هذه الكمية من المياه المهدرة الضائعة إلى الأراضي التي تحتاجها.
وأنا أخص أفريقيا بالذات، ليس لأنّها مضروبة بالجفاف، الذي أصبح - ويظل يهدد عشرات الملايين من البشر بالموت جوعاً، وإنما لأن هناك رابطاً طبيعياً بين الموقع الذي تهدر فيه مياه النهر، وليس الساحل الغربي من أفريقيا - على المحيط الأطلنطي - وهو الذي تقع فيه بلدان منها لواندا والجابون وأوغاندا. وهذا الرابط الطبيعي هو امتداد خط الاستواء الذي يحتضن الموقعين.
أعلم أن من القراء من يضحك الآن، وقد يذهب إلى اعتبار هذا الكلام، نوعاً من الأحلام المغرقة في خيال أسطوري. كتلك التي سبق أن خطرت لي وعرضتها على معالي الشيخ عبد الرحمن آل الشيخ عن نقل مياه النيل في السودان، ومياه شط العرب في العراق إلى غرب المملكة وشرقها، ومثلها فكرة شق قناة من بحر العرب، إلى منطقة الربع الخالي في المملكة، بحيث يمكن أن تتغير طبيعة الصحراء كلّها تغيّراً يخفف - على الأقل - من جفافها الدائم.
أعلم ذلك، ولكني أعلم أيضاً أننا في هذا العصر الذي أصبحنا الآن نسميه عصر الفضاء ونشهد فيه المشاريع الأسطورية التي تعتمد لها الدول ألوف المليارات من الدولارات لغرض الردع والردع المضاد، فيما يسمى حرب النجوم، فليس هناك ما يقف في سبيل التقنية إذا اتجهت هذه الدول، إلى الاستفادة من اعتمادات المليارات، في مشروع نقل مياه نهر الأمازون إلى أفريقيا ومنها إلى صحاريها الواسعة المهدّدة دائماً بالجفاف، وبالتالي موت عشرات الملايين جوعاً.
إن قيام الاتحاد السوفياتي، بنقل الغاز من سيبيريا إلى بلدان أوروبا، وهو مشروع كاد ينتهي، فعلاً، دليل قائم على أن التقنية تستطيع أن تحقق ما كان أو ما لا يزال يعتبر مستحيلاً ومنه نقل مياه الأمازون إلى إفريقيا.
ألوف المليارات التي تعتمد للردع والردع المضاد، بين القوتين الأعظم، يمكن أن تستمر، وتتلاحق، ولكن جزءاً من هذه الألوف إذا اعتمد لهذا المشروع، وأمثاله، يمكن أن يغيّر الكثير من الأسباب الكامنة وراء ما تعانيه الإنسانية من المصائب والأرزاء، وهي في نفس الوقت مكمن الخطر على قضية السلام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :639  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 67 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج