شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فضلات موائدنا.. والجياع.. والصلبان
أرجّح أن هناك فجوات واسعة، بين ما يتوافر من معلومات عن المجاعة في إفريقيا - ومنها أثيوبيا ومناطق اللاجئين في السودان - وبين الحقيقة المرة الرهيبة، ليس فقط الجماعة وأخبار النجدة والإنقاذ التي لا نزال نسمع أنها تقدم من أمريكا وأوروبا ولا نسمع شيئاً يقدم من الدول العالم الثالث، وإنما من بعض التفاصيل التي تفتح عيون المسلمين بالذات على ما يتعرّض له المسلمون من هؤلاء الجياع من آلام وشقاء وسحق وطحن، يجعل واقعهم وصمة في تاريخ الأمة الإسلامية من جهة، وموضوع استثمار سخي وغنيّ للحقد الصليبي، الذي يعرف كيف يصل إلى أهدافه، ولكن بصمت أبلغ كثيراً من الكلام، من جهة أخرى.
المجاعة في إفريقيا، واقع هبّت للتخفيف من خطره الساحق الماحق أمريكا وأوروبا بشحنات الغذاء التي تنقل بالطائرات والسفن وتفرّغ في المطارات والموانئ، ثم لا تجد وسائل إيصالها إلى مواقع الجياع، وتلك مهزلة.. ولكن المسألة، حتى بهذه الصورة، تظل معقولة أو مقبولة، إذ يمكن أن يقول المتبرعون بهذه الأغذية: (لقد أسرعنا إلى نجدتهم، وها هي شحنات الأغذية ملقاة في الموانئ والمطارات، لا تجد ما يوصلها إلى الجياع.. فماذا نستطيع أن نفعل بعد ذلك؟). ولكن هذه المجاعة بالنسبة للمسلمين، وفي مواقع لجأوا إليها من أثيوبيا هاربين - ليس من الجوع فقط، وإنما أيضاً من القنابل التي تمطرهم بها طائرات الدولة التي تصر على إبادتهم.. المجاعة بالنسبة لهؤلاء، شيء آخر.. شيء لم يستطع رغم كل بشاعة الآلام فيه ورغم منجل الموت الذي يحصد ضحاياه أن يحرّك السكون المطبق، والصمت التام اللذين تلتزمهما الدول الإسلامية، بحيث يبدو الأمر، وكأنّه موافقة ضمنية على ما يجري، فلا يواجه حتى بتصريح استنكار أو بيان احتجاج، دع عنك محاولة إثارته وطرحه على الأمم المتحدة أو على منظماتها ذات العلاقة بمثل هذه المأساة.
حتى هذا المقال الذي نشرته جريدة عكاظ للأستاذ علي محمد الرابغي، بعنوان (الموت جوعاً.. وصف شاهد عيان) وفيه وصف من سمّاه الأستاذ الرابغي (الشاب المؤمن مروان عبد الفتاح عبد ربه) لواقع الألوف من المسلمين.. حتى هذا المقال تجنّب أن يقول أو يشير مجرد إشارة إلى أن الذين يحصدهم الجوع، وتستثمرهم جمعيات الصليب الأحمر، بأساليبها، هم الذين طاردتهم قنابل وغارات أثيوبيا من شعب أريتيريا المسلم.
وحين نرى الصحافة العربية كلّها - ولا أدري عن الصحافة الإسلامية - لا تحاول حتى مجرّد ذكر الواقع أو الإشارة إليه.. نجد مجلة (تايم الأمريكية) تنشر تحقيقاً مصوّراً في ثلاث صفحات، بعنوان (الفرار من الرعب.. Flight From Fear)، وتضع النقاط على الحروف بصراحة ووضوح، يحملهما بعد المانشيت الرئيسي للتحقيق، مانشيت لاحق يقول (وراء المجاعة.. التخطيط الصارم والاستراتيجية للانتصار في حرب أهلية).. وتقرأ التحقيق لتجد أنها أثيوبيا، وراء المجاعة، ووراء الهاربين عن أراضيهم في إريتيريا، بالغارات الجوية المتلاحقة، وكأنها تنتهز فرصة المجاعة والجفاف، للقضاء على الشعب الأريتيري المسلم، إن لم يكن بالموت جوعاً فبالقتل والإجلاء.
أليست هذه مفارقة فاضحة؟ تجبن الصحافة العربية والإسلامية عن ذكر الحقيقة الصارخة، بينما تنشرها - وبالتفصيلات الكاملة والصور - مجلة تايم الأمريكية؟ فلماذا؟ ولحساب من؟
أما عن استثمار هذا الواقع من الجمعيات المسيحية، التي علّقت الصلبان على أعناق المسلمين الذين تمدهم بالغذاء والعلاج والمستشفيات، فإن القارئ يجد الملامح عنه في ما نقله الأستاذ الرابغي عن وصف شاهد العيان (الابن مروان عبد الفتاح عبد ربه).
ومرة أخرى.. لماذا هذا الصمت؟ ولحساب من؟ ونحن نعلم أن أثيوبيا دولة ماركسية تضيف إلى عدائها للمسلمين، حقيقتها العدوانية، في هذا الجزء من أفريقيا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :550  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 36 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج