شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الدكتور محمد عبده يماني - والغزو الجديد
وأتجاوز عن لقب (معالي) يسبق اسم الدكتور محمد عبده يماني، لأنه تجاوز بعلمه وفضله وما أثرى به الحياة الفكرية في المملكة، هذا اللقب، بحيث أصبح يكفيه اسمه تعريفاً وتشريفاً وتذكيراً بالكثير المتعدّد من أعماله الفكرية التي قد يكفينا أن منها، الجهود التي بذلها بسخاء وتوثّب العاشق، لعقد المؤتمر للأدباء السعوديين، والعمل مع فريق النخبة من رجال جامعة الملك عبد العزيز - وكان مديرها - على تحقيق أوسع مدى من النجاح فخلال الأيام الخمسة التي كان ينعقد فيها المؤتمر في مكة المكرمة، منطلقاً من الدعم القوي الذي لاحق الفكرة والعمل والجهد يواصل عطاءه الأستاذ حسن عبد الله آل الشيخ وزير المعارف والرئيس الأعلى للجامعة في حينه، وذلك على ضوء موافقة جلالة المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله.
ولعلّ هذه أول كلمة أكتبها عن الدكتور محمد عبده يماني، من زاوية عطائه الفكري الفني، وأعماله الأدبية، وعلى الأخص منها رواياته التي أذكر أني تلقيتها منها إهداءً كريماً، فتجنّبت الكتابة عنها، لأني حرصت على تجنّب التهمة بالنفاق، والتماس المنافع، التي لا بد أن تلصق أو توصم بها من يشيد بأعمال الوزراء وغيرهم من المسؤولين، حتى وإن كانت الإشادة والتقدير أو الثناء تقريراً لواقع ملموس أو مشهود.
وقد يأتي يوم قريب، يتاح لي فيه أن أكتب عن أعمال الدكتور القصصية على الأخص وأن أقول عنها ما يرضي رسالة النقد، أما اليوم فإني مع الحلقة التاسعة من سلسلة بحوثه ودراساته التليفزيونية - وهي بعنوان: (أقمار الفضاء.. غزو جديد)، ومن المفروغ. أن الموضوع الذي يعالجه الدكتور في هذه الحلقة، موضوع علمي، لا يتاح إلاّ للعلماء أن يناقشوه المناقشة الأكاديمية، على أساس من الخلفيات الواسعة في موضوع تخصصهم، فليس لي أن أدلي بأي رأي فيما قرأت، عن (مخاطر الفضاء، والتحدي التكنولوجي) ولكني أجد عند (الغزو الثقافي الجديد)، والختام بعنوان (ماذا نعمل) مجالاً، يتيح لي وربما لشريحة من القراء أن يقولوا شيئاً، يستحق أن يقال.
ويقدم الدكتور محمد عبده يماني لفصل (الغزو الثقافي الجديد)، بكلمة كمُسلّمة بديهية، لا سبيل إلى الجدل حولها، وهي (إن الذي يملك التكنولوجيا المتقدمة في مجال الاتصال هو الذي يملك أداة الغزو الثقافي)، ثم يعقّب قائلاً: (إن الغزو الثقافي ربما كان أخطر الهجمات الاستعمارية في العصر الحديث.. وقد يكون هو الركيزة التي يمكن أن يقوم عليها أي استعمار من أي لون).
ثم يقول الدكتور، في معرض المعلومات المتوافرة لديه عن سلطان الإعلام: (من المؤكّد أنه خلال سنين معدودة سوف تتمكن الدول المتقدمة باستخدامها لهذه الأقمار من أن تجعل إرسالها التليفزيوني يغطي كافة أنحاء الكرة الأرضية كما هو الحال في الإرسال الإذاعي تماماً). ومما يقوله أيضاً، ولا بد أن القارئ يشعر بخطره البالغ الرهيب: (ما من أحد يستطيع - حتى الآن - أن يقف في وجه هذا العدو لأن المواجهة تحتاج إلى مستوى متقدم من التكنولوجيا (يماثل) التكنولوجيا الغازية.. ويتساءل: (فهل هذا ممكن).
ولا بد أن القارئ يتوقّع الجواب، في الفصل الأخير بعنوان (ماذا نعمل؟). ونجده هنا يقول: (إن ما لدينا من وسائل تكنولوجية متقدمة، يمكن أن يتحول ((في لحظة)) إلى كومة من (الخردة) إذا ما احتاجت إلى قطعة غيار واحدة ولو كانت في حجم الأصبع).
وأصارح الدكتور بأني قد توقفت ذاهلاً وأنا أقرأ له في الصفحة 73، أنب الإطار العام لتطلعاتنا نحو مقاومة البرامج التي سيبثها الغزاة يجب أن تؤخذ في حساباته أعداد الكوادر القادرة على إنتاج مواد إعلامية صحفياً وإذاعياً وتليفزيونياً تنافس المواد الطارئة وتتغلّب عليها.
ويكرر الدكتور حكاية (المنافسة) هذه بعد ذلك في أكثر من فقرة، في ختام البحث.. وإذ لا أستطيع إلاّ أن أحترم رأي العالم، والدكتور من العلماء، فإني مضطر إلى التزام الصمت، وفي نفسي أمل، أن يقول العلماء من رصفاء الدكتور.. كيف؟ كيف نستطيع أن ننافس، ونحن على ما نحن عليه من تخلّف مشهود ليس في التكنولوجيا فقط، وإنما في الكوادر، وفي التخطيط، حتى بالنسبة لجماهيرنا، التي لا تخفي ضيقها وزهدها فيما يقدم ككل.
هل يعطينا الدكتور فترة نصف قرن من الزمان، للتدريب، الذي نستطيع بعده أن ننافس؟ ولكن يومها أين يكون الذين يواصلون حملات الغزو الرهيب؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :574  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 22 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.