شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وقفة مع سيد قطب... في كتابه معالم في الطريق
الأستاذ الإمام سيد قطب رحمه الله، كان أبرز ضحايا ثورة 23 يوليو 1952، وربما كان أولَ محكوم عليه بالإعدام شنقاً، لم تقبل الثورة العدولَ عن تنفيذ الحكم بإعدامه رغم ما يشبه الإجماع على التماس هذا العدول، من دول العالم العربي والإسلامي... وكان الثاني هو ذو الفقار علي بهوتو - والد ((بي نظير علي بهوتو)) رئيس وزراء باكستان اليوم.
وقد تم إعدام سيد قطب فعلاً، لتبدأ شعلة علمه في التوهّج ونشر شعاعها في مؤلفاته العديدة، وفي مقدمتها (تحت ظلال القرآن) الذي تكاد لا تخلو مكتبة لمثقف من نسخة منها، يعكف على التزود من مدخور العلم فيها، طلاب العلم، الذي كان حادث إعدام مؤلفها العظيم من أعظم حوافز الانكفاء على مطالعتها.
وللإمام السيد قطب كتاب آخر بعنوان (معالم في الطريق)، لا أذكر الآن إن كان قد نشر قبل (تحت ظلال القرآن)، أم بعده، ولكن الذي أذكره اليوم أن كثيراً ممن يكتبون عن دعاة التطرف والحاثِّين عليه، وما تتشقق الأرض في مصر خاصة، وفي غيرها، عن الذين جندوا أنفسهم لهذا التطرف، بكل ما ينسب إليه من عنف وإرهاب، يبلغ حد الإقدام المتهور على الفتك بأرواح الأبرياء من عامة الناس، باسم جهاد في سبيل الله والإسلام، يبيح تجاوز صلاحية وسلطان أولي الأمر، أو الدولة، أو النظام الحاكم يَعدُّون هذا الكتاب في أوائل الكتب الداعية إلى هذا التطرف.
وفيما يتاح لي أحياناً من مراجعة لمؤلفات سيد قطب، وغيره، وجدت نفسي أمام نص في كتاب (معالم في الطريق)، لا أرى ما يمنع أن أضعه بين أيدي القراء موضوعاً لحوار أعلم أن بين مثقفينا، إن لم يكن بين علمائنا الإجلاء، من يطيب له أن يرشدني إلى الأصح والأدق فيما أخشى أن أكون قد استُدرجت فيه إلى خطأ، أكره أن أظل واقعاً فيه.
يقول الإمام (سيد قطب) في هذا الكتاب: (إن قيادة الرجل العربي للبشرية قد أوشكت على الزوال، لأن النظام الغربي قد انتهى دوره... لأنه لم (يَعُدْ) يملك رصيداً من القيم يسمح له بالقيادة).
والذي يفهم من هذه العبارة، (بنصّها)، أن الرجل الغربي هذا كانت له قيادة، ولكنها قد (أوشكت على الزوال) والسبب، هو أن النظام الغربي قد انتهى دوره... لأنه لم (يَعُدْ) يملك رصيداً من القيم يسمح له بالقيادة.
وما يتبادر إلى الذهن من هذا الكلام، أن قيادة الرجل الغربي كانت وظلت قائمةً أو عاملةً أو فعّالة ولكنها (أوشكت على الزوال). فما هي - في تقدير سيد قطب رحمه الله القيم التي كانت تملكها تلك القيادة، وما هي عناصرها التي (كانت) ثم (أوشكت على الزوال)... ولا يقول لنا سيد قطب شيئاً عن مقومات وعناصر تلك القيادة، ولكنه (يعلّل) (لو شك الزوال) بأن النظام الغربي قد انتهى دوره... ويعلّل لانتهاء هذا الدور بأنه (لم يَعُدْ) يملك رصيداً من القيم يسمح له بالقيادة.
وقوله (لم يَعُدْ) يثبت أنه كان - وأعني النظام الغربي - يملك رصيداً من القيم التي كانت تؤهله للقيادة، ثم لم (يعد) يملكها.
ولا يقول لنا الأستاذ رحمه الله ما هو الرصيد من هذه القيم؟؟؟ ومتى... في أي فترة من تاريخ قيادته التي (أوشكت على الزوال)؟؟؟ ثم ما هي نوعية هذه القيم؟ أهي قيم روحية وأخلاقية أو دينية مثلاً؟؟؟ وبها تأهّل للقيادة التي أوشكت على الزوال؟؟؟ وبذلك انتهى دوره بعد أن فقد ذلك الرصيد من القيم الذي سمح أو يسمح له بالقيادة.
وما استوقف ذهني وتأمّلي أنه رحمه الله يضيف قائلاً: لا بد من قيادة تملك إبقاء وتنمية الحضارة (المادية) التي وصلت إليها البشرية عن طريق (العبقرية) الأوروبية في الإبداع المادي. وتزوّد البشرية بقيمٍ جديدة جدّة كاملة بالقياس إلى ما عرفته البشرية وبمنهج أصيل وإيجابي، و(واقعي) في الوقت ذاته.
ولكنه سرعان ما ينتقل انتقالة مفاجئة تقريباً حين يعقب قائلاً: (الإسلام - وحده - هو الذي يملك تلك القيم وذلك المنهج... ثم جاء دور الأمة المسلمة لتحقق ما أراده الله بإخراجها للناس.
وليس بين المسلمين من يشك، في أن الإسلام وحده هو الذي يملك تلك القيم وذلك المنهج... ولكن لا يقول لنا الأستاذ، كيف (جاء دور الأمة الإسلامية لتحقق بإرادة الله بإخراجها - ويعني تلك القيم - للناس).
هل يعني أنه جاء الآن في مواجهة انتهاء دور النظام الغربي؟؟؟ فما هي ظواهر انتهاء هذا الدور؟؟؟ وكيف تتم مواجهته؟؟؟ وهو الذي قال منذ قليل لا بد من قيادة تملك إبقاء وتنمية الحضارة (المادية)، التي وصلت إليها البشرية عن طريق العبقرية الأوروبية؟؟؟
قد لا يلومني القراء، مثقفين وعلماء، إذا رجوتهم شيئاً من الإيضاح.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :637  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 96 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.