شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الموقف المفقود... في مواجهة تحديات العدو
وإذا قلنا (العدو)، فلا نعني إلا إسرائيل... وفي كيانها وتكوينها جميع يهود العالم، وليس فقط في الولايات المتحدة بذلك الأخطبوط الرهيب الذي أصبح الحاكم بأمره في موقف أميركا من قضية الشعب الفلسطيني، وإنما أيضاً في الاتحاد السوفيتي الذي يؤكد السماحُ بهجرة اليهود بين سكانه حرصَه على الخلاص منهم، إن لم يكن بالإفناء أحياء، فبالسماح لهم بالخروج من (روسيا).. إلى هذا البلد الذي تذرع العالم بما وقع عليهم من جبروت النازية لتقديمه إليهم، مَهْجراً في البداية، بوعد بلفور اللعين، ثم دولةً أعترف بها ترومان ثم الاتحاد السوفيتي، ثم بقية القطيع من دول الأمم المتحدة، التي فرض عليها الدوران في أحد الفلكين، الأعظمين أن تسمع وتطيع، فتعترف راغمةً بوجود هؤلاء المهاجرين المغتصبين (دولةً) استلهمت تاريخَها الملفَّق المهترىء فَسمَّتْ نفسها (إسرائيل).
وعلى تعدد، وتنوع، وكثرة ما طرح من حلول، لاسترداد الأراضي التي خرجت من أيدينا أو أجتُثت من كياننا في نكبة عام 1967، وطوال اثنين وعشرين عاماً فإن العدو لم يتزحزح قيد شعرة عن إصراره بعدم التنازل أو الانسحاب من هذه الأراضي، إضافة إلى ما يمارسه بسكانها من القمع والإرهاب فيه القتل بلا تردد، وفيه الاعتقال بلا محاكمة، بل وبلا سبب. وبالمئات والألوف رجالاً ونساء، صبايا وكهلاوات، بل وأطفالاً ينتزعون من أيدي أمهاتهم انتزاعاً فيه صورة كما تنطوي عليه نفس الجندي من حقد لا يشفيه إلا الانتقام.
وجاءت الانتفاضة، التي أصبحت اليوم في سنتها الثالثة... ولقد فرحنا بها... أغدقنا على أبطالها ما جرت العادة أن نغدقه على كل مقاوم للاضطهاد والقمع والظلم من عبارات ((إنشائية)) محفوظة تُردِّد الإعجاب والتقدير والفخر والتمجيد، باستثناء المملكة العربية السعودية التي عرفت حقيقة الدعم ومعناه، جهاداً بالمال تقدمه الدولة ويتزاحم الشعب على المساهمة فيه دون تردد وبلا حدود. ولا يساورنا شك في أن الجهاد بالنفوس والأرواح، محسوب وراسخ في تقدير أبناء هذا البلد، الذي نعلم كم قدم من شهداء، في حرب الشعب الأفغاني، مع الاتحاد السوفيتي، أولا، ثم بعد خروجه، مع حكومة نجيب الله، الذي كان - ولا يزال - غرسة من موسكو... ومعه المئات ممن عاشوا طفولتهم وصباهم في الاتحاد السوفيتي، فيكاد يكون من العسير، أن لا يدافعوا عمّا رضعوه من لبان الليبرالية الشيوعية فيرضخوا لحكم إسلامي، فيه روح القبلية التقليدي، وربما كان مظهره الملموس - للأسف تعدد الأحزاب، وتنافر الآراء، واختلاف (المذاهب) رغم أن العدو واحد، والهدف واحد.
تلك قضية أخرى... استدعاها التذكير بالتضحيات، والجهاد الذي لا تتردد فيه المملكة، وأبناء شعبها... وما كانت لتتردد بالجهاد بالأنفس والأرواح في فلسطين أيضاً لو تقاربت أو تشابهت الظروف، وأهمها وجود الدولة المجاورة مثل باكستان التي فتحت أبوابها للاجئين من الشعب الأفغاني من جهة، ولقوات المجاهدين ينطلقون منها إلى ساحات القتال من جهة أخرى.
القضية التي نواجهها اليوم، والانتفاضة في عامها الثالث، وعمليات القمع والإرهاب، بل والقتل المتواصل، والاعتقال الذي لم يتوقف قط، وامتلأت المعتقلات بالألوف من الفلسطينيين، أبطال انتفاضة الحجارة... القضية هي (الموقف) الذي أسميه (مفقوداً) من جانبنا، نحن العرب والمسلمين!!! وللقارئ أن يضع أصبعه في صدغه محاولاً أن يجد هذا المفقود؟؟؟ ويطول وضعه على هذا النحو... ثم لا يجد شيئاً غير مواجهة الشاشة الصغيرة كل مساء، في جميع تلفزيونات العالم العربي، ليرى بعينيه، ويسمع بأذنيه هذه المشاهد التي تتكرر، يوماً بعد يوم، ومنذ سنتين ونحن في الثالثة، دون أن تفعل الدول العربية المعنية، المجاورة منها، وغير المجاورة، شيئاً ذا بال، أو ذا أثرِ مؤثرٍ في مواجهة هذا الواقع الأسود، الذي يمزق النفوس... ولكنه التمزيق السلبي الساذج، ثم لا أكثر من ذلك ولا أقل.
وفي مواجهة هذا الواقع، يقول منطق الأشياء، بل قد تقول جماهير الشعب الأمريكي نفسه وأجهزة تلفزيوناتها هي التي تسجل وتبعث بهذه المشاهد إلى أنحاء العالم، ومنه العالم العربي: ترى ما الذي يفعله العرب؟؟؟ ما الذي تفعله منظمة التحرير؟؟؟ وما الذي تفعله الدول المتاخمة لهذا الكيان بكل تعسفه وجبروته واستهتاره؟؟؟ والمعلوم المفروغ منه بالنسبة للعالم كله... إن اليهود في فلسطين كلها أقل من ثلاثة ملايين، وأن العرب حولهم أكثر من مئة وعشرين مليوناً... فبأي منطق تعجز هذه المئات من الملايين عن أن يكون لها موقف جدي وحاسم من هذه الملايين الثلاثة التي تمارس كل ما تنقله عدسات التلفزيون.
العالم كله يتساءل عن هذا الموقف... والعالم كله يشعر أنه (مفقود)... ولا يجهل أبداً أنها (الولايات المتحدة الأمريكية) حليفة هذه الملايين الثلاثة المغتصبة... بل يعلم الله حاملات الطائرات، رابضة في مواقعها من البحر الأبيض المتوسط، وإن مشاة البحرية الأمريكية على هذه الحاملات، مستعدون لحماية (الحليف الاستراتيجي العتيد).
ولكن العالم العربي... الدول العربية... الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج أليس في وسعه أن يقف من أميركا نفسها موقفاً يشعرها بأن الكيل قد طفح، وأن للمصالح المشتركة حقَّها، وحق التعامل معها، في حدودها المقررة... ولكن قضية فلسطين... قضية الشرق الأوسط... هي أيضاً من المصالح المشتركة... وإذا كانت إسرائيل حليفاً استراتيجياً فليس العالم العربي عدواً... وليس منحازاً... وفي نفس الوقت ليس عاجزاً عن أن تكون له قوة، لها مساربُها ومداخلها عبر العالم إلى حق هذا الشعب الذي يجب أن يأخذ حقوقه المشروعة في أرضه... ولا شيء سوى أرضه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :552  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 51 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.