شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نحن، والمتغيّرات من حولنا
تساءلتُ في كلمة سابقة بعنوان (موقف العرب والمسلمين من المتغيرات حولنا). عن موقف العرب والمسلمين منها، وأضفتُ: هل يمكن أن يكون لهم موقف معين، أو مواقف تدرك حقيقة أن (الشارع) هو الذي أصبح مركز السلطة القادر على أن يرفض ما يفرض عليه؟؟
واليوم، ونحن نرى كيف تتلاحق هذه المتغيرات في نظام الحكم الشمولي أو الشيوعي لا بد أن نتعمّق الواقع الماثل في حياة معظم الدول العربية والإسلامية، التي وقفت ولا تزال تقف، في وجه امتداد وانتشار هذا الحكم الشمولي في الساحة العربية والإسلامية... وإذا قلنا إن هذه الوقفة الصامدة في وجه هذا الحكم الشمولي طوال الفترة منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم هي التي استطاعت أن توقف مدّ هذا الحكم الذي أسقطته في هذه الأيام الشعوب التي أسقطها وأخضعها الطغيان لسلطان حكم، كانت الدبابات والمدافع والمعتقلات، ومستشفيات الأمراض العقلية (للمفكرين والمثقفين والداعين إلى الالتزام بحقوق الإنسان) هي وسائله، ليس فقط للإخضاع والإرغام على التنازل عن الحقوق كافة... ومنها حق التفكير الحر، والكلمة الهادفة إلى الإصلاح، وإنما فوق ذلك وقبله وبعده، اعتبار هذه الشعوب - كلها - قطيعاً، تسوقه وتُوجّهه الرصاصة وتملي عليه إرادتها قوة، لم يعد في منطقها أو ضميرها إلاّ أن تقف طوابير هذا القطيع، شباباً وشيباً، صبايا وأطفالاً رضعاً، ساعاتٍ أو حتى أياماً وأسابيع في انتظار، الخبز، أو السكر، أو قطعة القماش من الصوف أو ما يسمى (الكستور) لوقاية الأجساد الهزيلة الضامرة من لسعة البرد وسياط الصقيع... وهذا في الوقت الذي تعيش فيه قوى القهر والطغيان، حياتها المترفة في نفس القاعات والأبهاء وحول نفس الموائد والمقاعد التي كان يستمتع بها الأباطرة في الكريملين وغيره من الدور والقصور. ولا شك أن الذين أتيح لهم أن يشهدوا مستوى الحياة التي كان يعيشها شاوشيسكو وزوجته وأسرته، طوال ربع القرن الذي قضاه رابضاً، على صدر الملايين من أبناء شعبه، بمدافعه ورصاص قوات جيشه وشرطته الخاصة وحتى يوم إعدامه، قد أدركوا المدى الذي بلغه الطغيان، وأدركوا في نفس الوقت، أن الألوف من الذين أهدرت دماؤهم من الشعب الروماني، في الشوارع والطرقات لم يجدوا سبيلاً للخلاص إلا، أن يقدموا أرواحهم ودماءهم ثمناً، للخلاص من ذلك الظلم، والظالم، والخروج إلى حياة، يجدون فيها الخبز، الذي حرموا منه طوال ربع قرن، والدفء، الذي لم يعرفوه إلا في الأسبوع الأخير بعد الحكم على ذلك السفاح بالإعدام.
وموقف، أو مواقف العرب والمسلمين، من هذه المتغيّرات في العالم الشيوعي كله، هو موقف العبرة والعظة والحذر من أن تنخدع شعوب الأمة العربية والإسلامية بما سبق أن انخدع به بعضها من شعارات رفعت، ولعلها لا تزال ترفع بأقلام حملت دعوى التقدم والتحرر أحياناً، أو راية العدالة الإسلامية أحياناً أخرى، ولكن بمفهومها المصنوع أو الموضوع، لتحقيق الكثير من الأطماع، وأغراض الوصول إلى السلطة، مطاوعة، وعمالة لمصادر الإرهاب، تسخّر عملاءها ومأجوريها والمستفيدين منها هنا وهناك.
ومن المفروغ منه، أن الواقع الذي تحرك لتغييره ذلك الشارع، في الدول الشيوعية يختلف تماماً عن الواقع في معظم الدول العربية والإسلامية، إذ ليس بينها من مرّ بالمعاناة والقهر والحرمان الذي مرّت به هذه الشعوب التي ظلت تعاني منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أبشع وأفظع نماذج الحياة التي حكمتها الشعارات من جهة، وقوة القهر والطغيان من جهة أخرى.
وبالنسبة لنا، نحن في المملكة العربية السعودية، فإن هذه المتغيرات قدّمت لمواطنينا، الفرق الشاسع، بين ما منّ الله به عليهم من نعمة الرغد والرفاه والأمن والاستقرار، تحت ظلال هذه الراية، الخفّاقة بكلمة (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) وفي مضمونها جوهر العقيدة الإسلامية السمحة... التي نحمد الله على أن عاهلنا العظيم الملك فهد بن عبد العزيز، قد كرّس جهده كلّه، وحياته كلّها لتحقيق مضمون هذا الجوهر بتلاحمه مع أبناء شعبه، هذا التلاحم الذي نرى، كيف يتم، يوماً بعد يوم، بتفقده أحوال المواطنين في مناطقهم، وله، حفظه الله، في كل جولة من جولاته، ما يؤكد شعوره العميق، بما يتطلع إليه أبناؤه، من عطاء يستهدف، دائماً، المزيد من الرغد والرفاه والخير والاستقرار.
ومن هنا فإن موقفنا من هذه المتغيرات، هو موقف الأمة التي تدرك ما منّ الله به عليها من النعم، وما متّعها به من رعاية ملكٍ، ارتضى أن يكون خادم الحرمين الشريفين، وأن يعمل ليله ونهاره، لخدمة المواطنين، والوافدين من حجاج بيت الله الحرام خدمةً فيها، قبل كل شيء، إيمانه بالله، وعمله بحكم شريعته الغرّاء، وفي ذلك ما يرضي ضميره ووجدانه أمام الله سبحانه... وليس قليلاً ولا هيّنا أن يكون ذلك هو مطلب الحاكم المسلم العظيم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :707  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 47 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.