شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الكاتب... والجمهور
وكلمة الكاتب تحتوي، الكاتب الصحفي، الذي يلتزم، أو تلزمه علاقته بالجريدة، أن يكتب عموده، في كل يوم، وفي ظن الجريدة أولاً، ثم في وهمه ثانياً أنه يواجه جمهوراً من القراء، يتوخّى أن يزوّدهم برأيه في واحد من المواضيع التي تشغل أذهان معظمهم، أو يقدم لهم ما يمتعهم، من متابعة أو تعليق على أحداث، مضت، ويجد أن لها ما يشبهها، من أحداث طارئة الخ...
وحين تحتوي كلمة (الكاتب)، هذا الكاتب الصحفي الملتزم، فإنها تشمل أيضاً الكاتب، الذي نسميه (المؤلّف) الذي يعكف على دراسة موضوع، يعتقد أنه سيجد بين المثقفين - أو القراء بعامة - من يعنى بقراءته والاستفادة من المادة التي قدّمها وعالج بها فكرة قد لا تكون جديدة، ولكنّها شبه منسية.
ويكاد لا يخرج عن إطار مفهوم الكلمة، حتى الشاعر أو القاص أو الروائي والناقد فيما يُنشر من إبداعهم إما في الصحف، وإما في الكتب، أو في المحاضرات التي يلقونها على من يدعى للحضور، في الأندية الأدبية أو في الندوات على اختلافها.
كل هؤلاء، يضعون في تقديرهم أن هناك جمهوراً يعنى بقراءة هذا الذي جادت به قرائحهم... يضعون في تقديرهم وجود هذا الجمهور، وإليه يتجهون، ومن أجله يحرصون على صياغة الكلمة بالكثير من الدقة، والرغبة في الوصول إلى وجدان أو عقل هذا الجمهور.
ولكن السؤال الذي أستلهمه من محاضرة الدكتور الغذامي في الملتقى الثقافي في أبها هو: هل هذا الجمهور موجود فعلاً،؟؟؟ وإذا كان موجوداً، فهل يتفاعل، أو حتى يتذكر بعد قراءة الموضوع أو الاستماع إليه، الغرض الذي استهدفه الكاتب... وإذا كان الإبداع قصيدة لا شك أن الشاعر قد سهر عليها، وسكب فيها الكثير من رحيق مشاعره، وحريق وجدانه فكم من المئات، - ولا أقول الألوف أو الملايين - استوعب معنى واحداً، أو نصّاً بعينه من ذلك الإبداع؟؟
لا شك أن هناك من يرى أن الكاتب، لا يتوخّى وجود هذا الجمهور، عند كل من يقرأ الصحف أو المجلات أو حتى الكتب، بل يتوخى أو يكاد يوقن أن يكون جمهوره موجوداً بين من نسمّيهم (المثقفين). ولا بد أن ينطبق لفظ (المثقف) على الجامعيين، المؤهلين، أو من هم في طريقهم إلى المؤهّل المنشود.
من جانبي، أرجو، أن يكون هذا الجمهور، موجوداً بين هؤلاء، ولكني - في نفس الوقت أتساءل، عن درجة أو مدى تفاعل هؤلاء مع ما يطرح في الساحة من عطاء حملة الأقلام، الذي تتسابق على نشره الصحف والمجلات؟ وإذا كان هناك تفاعل، فما الدليل على وجوده؟؟
أخشى أن أظلم هؤلاء المثقفين إذا قلت إنهم يشبهون ما أسميه (السطوح الراكدة) والتي لا أدري السبب في ركودها، مع أن ما يلقى، لتحريكها كثير بكل مقياس.
هل أجرؤ على أن أقول إن هناك حالة (بيات)، يعانيها المثقفون،؟؟؟ وإذا كان الأمر كذلك فما السبب؟؟؟
خلوت إلى نفسي ساعة من الوقت قبل أن أجلس لكتابة هذه الكلمة وحاولت أن أجد طرف الحبل الذي يقودني إلى سبب هذا الركود، أو (البيات) بين المثقفين عندنا، فإذا بي أمام كتل كبيرة من الصخر تطوّق حياة هذا المثقف، كما تطوق قدرته الفكرية الكامنة على الحركة... حاولت أن أتبيّن نوعية هذا الصخر، وأعترف أني عجزت... غير أني أيقنت أنه هو الذي يرغم مثقفينا، على اختلاف مؤهلاتهم، على هذا البيات أو الجمود، أو عدم القدرة على التفاعل، ليس فقط مع الكاتب، أو المبدع، وإنما مع الكثير من بواعث الحركة والنشاط.
لا بد أن أنتهي، وينتهي معي القراء أيضاً، إلى أن مناهج التعليم عندنا مسؤولة عن الجانب الأعظم، من هذا الواقع، إذ ليس فيها غير ((التلقين))، والتوجيه الخالي من حوافز الابتكار... مناهج تعطي ما يشبه الأوامر العسكرية، التي تفرض تنفيذ ما ترى أنه هو المطلوب لا أكثر ولا أقل... وليس هذا ما نتطلبه من حركة التعليم في جميع مراحله. التعليم ليس التلقين وإنما هو الإعداد للحركة الهادفة إلى المزيد من التطور بمعناه المشهود في الدول المتقدمة التي تذهلنا بما تحقق من نجاح، في ابتكار الكثير الذي نجده جاهزاً بين أيدينا، ولكننا نعجز حتى عن التعامل معه، ما لم نقع في أخطاء تؤدي إلى إصابته بالخلل الذي يستلزم الصيانة، التي يقوم بها متخصصون، ليسوا من المواطنين للأسف الشديد.
فإذا كان هذا هو واقع من نسميهم (مثقفين)... وإذا كان هذا هو الجمهور الذي يتجه إليه الكاتب، فإن مقولة، عدم وجود جمهور، أو مقولة (أدب بلا جمهور) تبدو صحيحة بكل معيار.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :738  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 13 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.