شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 12 -
ضحى: يا له من منظر مرعب مخيف..
انطوانيت: ولما رأى الفتوة المنظر تركني فأسرعت نحو ابنتي فوجدتها قد فارقت الحياة فصرخت.. بنتي.. بنتي.. قتلتها يا وحش.. يا غدار.. بنتي.. آه يا بنتي.
ضحى: يا حرام.. والمجرم.. الغدار.. هل أفلت من يد العدالة..
انطوانيت: عندما أيقن المجرم أن ابنتي (روزا) قد لاقت حتفها هرب الجبان خوفاً من قبضة البوليس ولكن عدالة الله كانت له بالمرصاد..
ضحى: كيف يا مدام..
انطوانيت: خرج المجرم يعدو فرأى الأتوبيس فحاول أن يتعلق به فوقع على الأرض وجاءت عليه عجلات الأوتوبيس.. الخلفية فهرست رأسه وجعلته كالعجين.
ضحى: يا لعدالة السماء. لقد كان قصاصاً عادلاً وسريعاً.
انطوانيت: نسينا في ذكريات ابنتي (روزا) أن نتكلم عن شغلك الجديد. لدى مدام جوزفين. إن لها مشغلاً كبيراً ودبلوم الخياطة والتطريز الذي تحملينه يجعلك في مقدمة المدرسات بهذا المشغل.
ضحى: شكراً لك يا مدام لولا أن سخرك الله لي لتهت في هذه البلاد الطويلة العريضة قولي لي يا مدام..
انطوانيت: ماذا أقول لك.
ضحى: هل سألت عن والدي بين افراد الجالية اللبنانية..
انطوانيت: لقد علقت إعلاناً عنه في النادي اللبناني..
ضحى: ألف شكر يا مدام..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت خطار وهو يقول):
خطار: أسرع يا سواق.. أسرع يا أخي إلى داري..
(نسمع صوت محرك السيارة ثم صوت وقوفها يعقبه صوت خطار وهو يقول):
قف.. هذا مكان داري ولكني لا أرى إلا بقايا ركام وأنقاض. يا إلهي هل احترقت الدار.. وابنتي هل احترقت معها.. لا.. لا.. خذني يا أخي إلى أقرب مخفر.
يا حضرة الضابط.. أنا خطار بو مالك..
الضابط: خطار.. متى عدت من الخطف.. من هم خاطفوك.. عسكري.. هات دفتر المحاضر.
خطار: يا حضرة الضابط. قل لي قبل أن أجيبك عن سؤالك أين بنتي. هل احترقت مع الدار؟
الضابط: لا يا خطار.. ابنتك تركت سوق الغرب قبل احتراق الفيلا وسافرت إلى جهة مجهولة.
خطار: الحمد لله طمنتني.. والفيلا كيف احترقت؟
الضابط: شبت النار في دار ابن أخيك فرهود ومنها امتدت حتى وصلت إلى دارك فالتهمتها.
خطار: وأين أخي فرهود أين هو؟ ما مصيره؟
الضابط: ابن أخيك متهم بمقتل امرأة تدعى سونيا وجدت جثتها في داره محترقة ومسدس الجريمة بجانبها.
خطار: ألم تقبضوا عليه؟
الضابط: كلا. إنه هارب من وجه العدالة وقد عممنا عنه في كل مكان..
خطار: لا حول ولا قوة إلا بالله.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
الضابط: أجبنا أسئلتك جميعها يا خطار ولكنك لم تجب على سؤالنا..
خطار: يا سيدي الضابط الخطف من مخترعات خادمي يوسف المصاب بمرض ازدواج الشخصية على فكره. أين أجد يوسف؟
الضابط: أعطاك عمره.
خطار: مات..
الضابط: انتحر..
خطّار: وهذه بينة على مرضه يا حضرة الضابط. يوسف تصورها واستطاع أن يرسخها في عقولكم فأتعبتم أنفسكم وأتعبتم الكثيرين وفي مقدمتهم ابنتي التي لا أعلم أين مصيرها.
الضابط: إذن أنت لا تدعي على أحد..
خطار: لا يا حضرة الضابط أنا أريد منكم تساعدوني على معرفة مصير ابنتي..
الضابط: هذا من واجبنا يا مسيو خطار. ثق أنَّنا سوف لن نألو جهداً في هذا السبيل. فأعطنا عنوانك لنتصل بك.
خطار: عنواني. ((فندق الجيل)).
الضابط: فندق الجيل بسوق الغرب..
خطار: بلى..
الضابط: حسناً مع السلامة. مع السلامة. الله معك.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ((متري)) وهو يقهقه ويقول):
متري: يا سلام يا مرشود لنا زمان عن سماع نكاتك الحلوة وأحاديثك العذبة أين كنت؟
مرشود: كنت خارج لبنان..
متري: فسحة.. ثمة هراء..
مرشود: كنت أحاول أن أنسى الصدمة التي أصابتني بعد موت (سونيا)..
متري: سونيا التي أتهم بقتلها (فرهود) مسكين. (فرهود)..
مرشود: وسونيا أليست هي الحزينة تستحق الترحم على شبابها الغني..
متري: أتعتقد يا مرشود أن (فرهود) قتلها..
مرشود: مستحيل يا متري مستحيل.. فرهود لا يحب (سونيا) كما تحبه هي ولكن موضوع القتل أنا استبعده..
متري: ولكن تحقيقات الشرطة وتحرياتها تدين (فرهود) بقتلها.
مرشود: أنا أرى أن التحقيقات فيها ثغرات لتبرئة (فرهود) ليتني أعلم أين هو كنت نصحته بتوكيل محامٍ عنه وأنا موقن ببراءته.
متري: ولكني أراك أنت بدله بسونيا يا مرشود. وعلى هذا الأساس فأنت منافس خطير لفرهود.
مرشود: بالعكس يا خواجه (متري) كنا أصدقاء وكنا متفقين.
متري: متفقون على ماذا؟
مرشود: متفقون على أن (فرهود) حين يتزوج من ابنة عمه (ليلى) فسونيا ستصدم ولن تجد صدراً يسعها غير صدري ولكن القدر كان لها بالمرصاد.
متري: قلت يا مرشود قبل هنيهة أن فرهود كان صديقك الحميم وإنك تتمنى لو تعرف مكانه..
مرشود: أجل يا متري. ليتني أعرف مكانه. هل تعرفه أنت؟
متري: أتكتم السر يا مرشود؟
مرشود: سرك في (بير) يا خواجة متري..
متري: فرهود عندي بالدار..
مرشود: عندك بالدار..
متري: بلى.. بلى..
مرشود: هل أستطيع مقابلته..
متري: بكل سرور.. كنت أود أن أصحبك الآن لزياراته ولكني مدعو إلى عشاء عند والد خطيبتي وهو موعد لا يمكن تأجيله. أليس كذلك؟
مرشود: (يضحك بخبث) كل المواعيد يمكن تأجيلها إلا موعد الخطيبة..
متري: أنت تعرف داري..
مرشود: بلى.. بلى..
متري: إذن فأنا بانتظارك مع فرهود صباح غد..
مرشود: شكراً وإلى اللقاء..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت (خالد) يقول:
خالد: يا حضرة الضابط.. أتعرف أين يسكن خطار يوماً لك..
الضابط: خطار الذي احترقت داره.
خالد: هل احترقت داره؟
الضابط: بلى يا سيد وفقد كل ثروته وهو يعيش على حسنة المحسنين في فندق متواضع اسمه (فندق الجيل)..
خالد: مسكين وفندق الجيل بسوق الغرب..؟
الضابط: بلى.. بلى.. الفندق يقع في شارع الغريب وهو ليس بعيداً عن المخفر..
خالد: شكراً يا حضرة الضابط شكراً..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت صاحب الفندق يقول):
صاحب الفندق: (محتداً) سيد خطار.. لا أستطيع أن أصبر عليك أكثر مما صبرت. أكل وشرب ومنامة ولا تدفع..
خطار: يا أبو سمعان اصبر علي يومين آخرين. ارحمني. لولا مرضي لخرجت وتدبرت لك حسابك..
صاحب الفندق: سمعت هذا الكلام منك كثيراً. وأنت تماطل. تماطل.
خطار: ولكني مريض وحالي كما ترى لا تسمح لي بالخروج. أليس في قلبك مكان للرحمة والشفقة. فالراحمون يرحمهم الله..
صاحب الفندق: ولكن المؤجر لا يرحمني ومحمل ضرائب البلدية لا يؤجل مطالبته.
خطار: يا أبو سمعان لو عندي فلوس كنت ما أحوجك لمطالبتي. وأنت تعرف من أنا وكيف كنت. أنسيت؟
صاحب الفندق: نسيت ماذا؟..
خطار: أنسيت ترددك على داري أيام العز ومساعداتي لك. الفندق هذا من الذي استأجره لك.
صاحب الفندق: أنت يا سيد خطار ولكني سددت دينك..
خطار: ولكني أنا فرجت كربتك حين راجعتني تطلب إقراضك إيجار الفندق قبل هذا جزائي منك؟
صاحب الفندق: الشغل شغل. وأنت لا تملك شيئاً ولن تجد من يعطيك أو يتحسن عليك ولذلك أرجوك تترك الفندق وأنا مسامحك في الأيام التي بقيت فيه..
خطار: قلت لك أمهلني يومين.. يومين اثنين فقط لا غير. استرد فيها صحتي وأنا أعدك أني سأخرج..
صاحب الفندق: ومن يضمن ذلك؟
صاحب الفندق: والله ما أدري وكلمة الشرف أصبحت ليس لها قيمة في سوق المعاملات..
خطار: كيف يا أبو سمعان. للشرف قيمة عند الشرفاء..
صاحب الفندق: أراك تغمزني يا خطار..
خطار: لقد بدأت أنت والبادي أظلم..
صاحب الفندق: ولكن كيف تتجرأ وأنت تعيش تحت حملتي..
خطار: ما أنت من المحسنين. إنما هو دين علي وسأسدده.
صاحب الفندق: من أين؟
خطار: هذا سر احتفظ به لنفسي..
صاحب الفندق: طيب أتفضل أخرج من الفندق حالاً..
خطار: أتطردني..
صاحب الفندق: هذا جواب إهانتك.. سأنتظرك في مكتبي..
خطار: حسناً.. سأخرج.. وأمري لله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت خالد يقول):
خالد: أين صاحب الفندق يا غلام؟
صاحب الفندق: أنا صاحب الفندق يا سيد؟ ماذا تريد أي خدمة؟
خالد: هل بين نزلائكم شخص يدعى خطار..
صاحب الفندق: بلى يا سيد.. هل تريد أن تراه؟
خالد: نعم بإخراجه..
صاحب الفندق: جرسون.. اذهب وقل للسيد خطار يأت حالاً فشخص هنا بانتظاره..
(ثم يلتفت إلى خالد ويقول له):
تفضل يا أستاذ. تفضل..
خالد: السيد خطار صار له مدة عندكم في الفندق..
صاحب الفندق: نعم يا سيد.. ومن حظكم أنكم أتيتم قبل مغادرته الفندق فإنه الآن يلم حقائبه ليخرج..
خالد: الحمد لله أنك أتيت في الوقت المناسب..
(ويصل خطار - وما أن يرى خالد حتى يصرخ بحرارة)..
خطار: ابني خالد.. يا مرحبا.. يا مرحبا.. (ثم يبكي)..
خالد: لم البكاء يا والدي. لم البكاء..
صاحب الفندق: إنها دموع الفرح يا سيد..
خطار: أسكت أنت فإني لم أكلفك بالإجابة عني..
خالد: خيراً إن شاء الله يا والدي..
خطار: لقد طردني صاحب الفندق لأني طلبت منه أن يمهلني يومين حتى أتدبر له أجره وفي نفس الوقت أكون قد شفيت من مرضي كما ترى ولكن قلبه القاسي أبى إلا أن يطردني..
خالد: الشاعر يقول:
فما أكثر الأصحاب حين تعدهم
ولكنهم في النائبات قليل
خطار: صدق الشاعر.. صدق..
خالد: يا حضرة كم حساب السيد خطار؟
صاحب الفندق: تفضل هذه فاتورة الحساب..
خالد: وهذه قيمة الفاتورة.
صاحب الفندق: شكراً يا سيد..
خطار: شكراً يا ولدي..
خالد: هيا إلى فندق أحسن من هذا لترتاح فيه ولتفكر في تدبر ما يمكن عمله من أجلك..
خطار: شكراً جزاك الله عني كل خير..
خالد: لا لزوم للبكاء فأنا اليوم ابنك فاعتمد على الله وعليّ..
خطار: إنك أعز من ولدي..
خالد: إذا كنت تبكي من أجل ابنتك فأنا أطمئنك إنها بخير لأن أخبار السوء لا تخفى..
خطار: بلى.. بلى..
خالد: قف يا أبو سالم. أنا شايف شكل الفندق هذا يدل على أنه من الطراز الأول..
خطار: بلى يا ولدي.. بلى..
خالد: هيا ندخل. وأنت يا أبو سالم كرج سيارتك وألحق بنا..
خطار: بني خالد.. إني آسف أن تراني على هذه الحال وقد كنت أرجو أن أرد بعض جميلك..
خالد: كل إنسان معرض لغدرات الزمان يا أبا ليلى والحمد لله إنك على قيد الحياة.
خطار: الحمد لله. وإني راضٍ بما قضاه الله وقدره حتى أوارى في مثواي الأخير..
خالد: ولكن بقاءك وحيداً لا أهل ولا أقارب ولا عون ولا سند شيء لا أوافقك عليه..
خطار: كيف..
خالد: لقد رأيت يا والدي كيف معاملة الناس لك بعد أن جار الزمان عليك..
خطار: بلى.. بلى..
خالد: ولذلك أرى أن تأخذ سيارتي هذه وتعود إلى حيث يقيم والدي وتبقى معه حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. أما ابنتك فسأتولى نيابة عنك التفتيش والبحث عنها.
خطار: بورك فيك.. بورك فيك (يبكي)..
خالد: تجلد يا أبا ليلى فلا لزوم للبكاء وسلم أمرك لله..
خطار: سلمت أمري لله. الوداع يا لبنان وداعاً لا لقاء بعده..
خالد: بل وداعاً إلى لقاء قريب بليلى إن شاء الله..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :633  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الغربال، قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه: 1999]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج