شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأدب الصاعد (1) .. ديوان القلائد (2)
إنها لأصدق عنوان قرأته في صدر ديوان.. وما أقول ذلك مجاملة ولا مجرد استحسان، لا يستند إلى حجة أو برهان.. إن كل كلمة بين ثناياه.. وكل بيت تحتويه دفتاه.. آية بيّنة على ذلك.. فهو إلى ما تضمنه من خرائد وفرائد.. ومقطوعات رائعة وقصائد.. دليلنا القاطع.. وبرهاننا الساطع على أن الشعر بخير في مصادره الأولى ومن ورثته الأبرار.. الذين لا يتشدقون بالمباهاة ولا يتنكرون لما حباهم به الله.. ويحمدون على ما يحبه ويرضاه.. فأما الزبد فيذهب جفاء.. وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.. إنه لأسلوب مشرق، وخيال مطرب، وشعور رقراق.. ونور دفاق.. وثقة واطمئنان.. واعتداد في غير تزيد.. وطاعة في غير تمرد.. وقواف كما يقول شاعرنا القديم "لو أن الشعر يُلبسُ لارتدينا".. فأما المعاني.. وأما الأهداف.. فما أدق وأظرف وأكم وأحصف.. وأجمل وألطف .. وأرحم وأرأف.. إلا في نظر أولئك الذين يصدق عليهم المثل "إذا بعد عليك العنقود، قل حامض يا عنب؟".
ولست أملك من الأسباب الفنية ما يتيح لي الانطلاق في التقريط والتحبيذ، ولا هما من أغراض الشاعر وقد أهداه إلي مشكوراً.. كما لا أسمح لنفسي ما حييت أن أتعرض للنقد البريء منه فضلاً عن "المتهم" في كل إنتاج علمي أو أدبي تظفر به بلادنا الناهضة الطموح.. فقد كوّنت في ذلك رأياً لم أزل متمسكاً به وهو ما زلنا في أول الطريق لإحياء ما اندرس من مجدنا الأدبي والعلمي.. وأيما همرة تبدو من غروسنا.. اليانعة الجنية.. فإنها كسب عظيم.. وربح كبير.. خاصة إذا كانت من النضج والاكتمال والاستواء بهذا المستوى العالي الرفيع.. فما كنت أظن - وبعض الظن إثم - أن أرى وأسمع هذا الصدى البعيد المدى تتجاوب به أصداء جزيرة العرب من الشرق والغرب والشمال والجنوب.. ومن أعالي السراة ومن بطون الأودية وشعاف الجبال.. وأن أقرأ لشبابنا المثقف.. كل هذه البواكير الشهية.. وهذا النَفَسُ الملهم الموهوب.. إلا بعد أن تمر عشرات السنين والأعوام.. وقد كان في حكم العدم وفي مخبئات القدر ولكنني رأيته وسمعته وقرأته خلال سنين معدودة وتحققت آمالي وأطمع أن تزيد كماً وكيفاً.. وجمالاً وكمالاً
كلما أشرق صباح وتعاقب غد ورواح.. ومع أعذاري لكل من يتصدى للنقد.. (البريء).. لحسن الغاية.. واعترافي بأنه سبيل الإحسان إذا خلص من الترهات.. إلا أنني - وقد قنعت بذلك - أميل إلى مبدأ الإعجاب بالحسن مطلقاً.. ولإعطاء بعض الوقت على ما يجب أن نمر له مر الكرام.. حتى يتسع نطاق الإنتاج.. وتتوفر لدينا مادته.. وتطبق عليه القاعدة.. (من أخصب تخير).
ذلك ما ناديت به منذ أكثر من ثلاثين عاماً.. وما سار ويسير عليه دعاتنا وروادنا الأوائل فما أعظم الفروق بين من سبقوا - ومن لحقوا؟. أو من دفنوا.. ثم بعثوا وخلقوا؟ وكذلك ينبغي لنا أو يجب علينا أن لا نكون غير ما نحن فعلاً وواقعاً ومن هنا كان السخاء من الفقير أروع وأجمل منه من صاحب المال الوفير.
نعم تحدث قبلي عن (ديوان القلائد) أعلام وعباقرة.. وأتفق معهم ما أجمعوا عليه من إكباره وتقديره.. والفرح به والتبشير بصدوره.. وأزيد على ذلك بأن أدعو الله مخلصاً أن يمنح شاعرنا القدير السيد الجليل محمد بن علي السنوسي العمر المديد والصحة الموفورة والنعمة المشكورة.. فيصدر لنا من هذه القلائد الدرية ما تميس به الأعطاف.. وتشمخ الأنوف.. وتضيء الجباه.. على مرور الأيام وكرور الأعوام.. وأنه الفاعل إن شاء الله.. كلما أنطقه الشعب.. وأمدته الحياة المتطورة الطامحة.. وألهمه التقدم والوعي المتدافع.. وأعتقد أن من لداته وذوي مودته.. وكرام عشيرته من لا يغمط له حقاً.. ولا ينكر له جميلاً.
وحسبي أن أقرر في غمرة من البهجة والحبور بأن هذا الشعر.. إرهاص للشاعر بمستقبل حافل مجيد.. وإنتاج قيم عتيد.. ولولا ظروفي الصحية.. ومشاغلي الكثيرة.. لتفرغت للحديث عنه صفحة صفحة وشطراً شطراً.. ولكنه في غنى عن كل ذلك بإشراقه وديباجته.. وفصاحته وبلاغته.. بما أعاد وأبدى فيه أساطين الأدب وحماته الأوفياء.. فعسى أن يكون فيه المثل الطيب لمن يهمهم ويعنيهم (الأدب العربي الصحيح).. وأن يبهر بأضوائه الكاشفة.. من حسبوا كل (بيضاء شحمة).
وفي هذه المناسبة الكريمة يسرني كثيراً أن أشهد هذا العصر الذهبي وقد غمر نوره ما بين الخليج شرقاً إلى البحر الأحمر غرباً.. ومن مشارف الشام شمالاً إلى مخاليف اليمن جنوباً.. وأن تتابع علينا به دائماً وأبداً أشعة الهداية الإسلامية - والوحدة العربية من نجد والحجاز وعسير والإحساء ومن كل جانب من جوانب المملكة العربية السعودية حرسها الله.. وحفظ قائدها العظيم ورائدها الحبيب جلالة الملك "سعود الأول" ذلك الإنتاج الزاخر بالشعور الحي المتوثب والطموح الأبي المتعقب لخيري الدنيا والآخرة.. - في غير إعراض عن الماضي.. ولا جحود للحاضر.. ولا تشاؤم من المستقبل فإن لنا من عقائدنا الراسخة.. وتراثنا الخالد.. وأخلاقنا الطاهرة.. وكياننا المتميز.. ووعينا المتحفز.. ما يضمن بعون الله وقوته نجاحنا وفلاحنا ما استقمنا.. ودعونا إلى العمل الصالح.. وأشدنا بالمآثر والمفاخر.. وتمسكنا بما حرص عليه الأوائل والأواخر.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.. وإلى الأمام دائماً أيها العاملون المجدون ولكم من الله كل إعانة وتوفيق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :422  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 625 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.