شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ذكرى الجلوس الملكي (1)
إخواني المواطنين:
في هذا اليوم المبارك وبهذه المناسبة الكريمة يطيب لي أن أستهل حديثي بالحمد والشكر لله جلا وعلا حمداً وشكراً يستوجبان المزيد من نعمة.. وبالصلاة والسلام على أشرف أنبيائه وخاتم رسله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم..
ولن أتكلف البيان ولا أصطنعه ساحراً جذاباً، ولا الشعر أحلق في آفاقه متخيلاً جواباً، وإنما أقص طرفاً مقتضباً كل الاقتضاب من هذه الحقائق المشهودة، والمآثر الخالدة التي تتوالى بها ساعات الليل والنهار، وتتعاقب بها الأيام والأسابيع والأعوام، وانطلق في ذلك على الفطرة والسجية موقناً أن كل ما ينطوي عليه هذا الحديث معلوم لدى الخاص والعام، وتعرفه البادية والحاضرة، وما هو إلا من قبيل إقامة الدليل على أن الشمس تسطع في الضحى والقمر يتلألأ في الدجى، بل هو حديث الأحياء، والأندية، والمدن والقرى، والقصور، والخدور، والغادي، والرائح، والصغار والكبار، والشباب والكهول..
وماذا عساني أبدأ وأعيد فيما تلهج به كل الألسنة، وتخفي به كل الأفئدة، وتتجاوب به أصداء جزيرة العرب؟ إنه الحمد والثناء ترتفع بهما عقائر العشائر والقبائل والبطون والأفخاذ، وحيثما أصغى المرء في الدور والأكواخ، وفي الطرق والمعابر، وفي كل مجلس وسامر.
الحمد لله العلي القدير.. والثناء على واهب النعم، ومانح الفضل والكرم، بأن جعل "ولايتنا" في من خافه واتقاه وقصد وجهه وابتغاه، في "الإمام" الذي أناط الله به أعظم الشرف، وجعله خير خلف لخير سلف، "سعود بن عبد العزيز" إمام أهل السنة، ووارث الدعوة إلى الوحدة و "التوحيد" في ظل كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وسلم.. ذلك الملك الطائع الحبيب الحر ينص على ما وعد الله به الأئمة المتقين، والولاة الهادين المهتدين، والمجاهد في سبيله والمؤثر على نفسه وأهله وولده، والناصر لدين الله، والحافظ لحدود الله والحامي لحمى (الحرمين الشريفين) والعاهل العظيم الذي يتغنى باسمه، ويغدو بعدله وكرمه وتواضعه وحلمه كل من حظي برؤيته ونعم بطلعته واستمع إلى حديثه، وكل من جلس إليه، وصدر عنه من أقطاب العالم وساسته وقادته، وكل من اتصل بجلالته من وفود الحجيج المختلفة الألوان والبلدان. والذي يدعو له بطول العمر والتأييد والنصر والتوفيق كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، وكل عربي أصيل تحدر من أصلاب عدنان وقحطان حيثما حل وأينما كان.
أما لماذا أحبه كل خافق، وأثنى عليه كل ناطق، فإنه سؤال لا يحتاج إلى طول تفكير، فإن السر في ذلك على ما أعتقد إنما يفترق ويجتمع في أنه أولاً وقبل كل شيء متصل بربه، من أعماق قلبه فيما يصدر وما يرد.. لا يأمر ولا ينهي إلا على بينة من الله وبرهان، وفي نطاق ما يعتقد صلاحه ونفعه ويسره في جميع تصرفاته الخاصة والعامة. وأن نجواه متصلة بمن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور لا هوادة عنده فيما هو حق، ولا تردد فيما هو حزم، ولا شفاعة فيما هو حد ولا اجتهاد مع ما هو نص، ولا تسامح فيما هو حكم الله، ومهما دق ذلك أو جل من شؤون الرعايا وإقامة القسطاس بينهم وجلالته بالإضافة إلى هذا معتصم بحبل الله المتين مطبوع كأسلافه البررة من الأئمة الأعلام على مكارم الأخلاق، فما يلقى المحسن منه إلا ما يحب.
أيها المواطنون الأعزاء:
لقد اعتلى حضرة صاحب الجلالة المنبر العالمي في هيئة الأمم المتحدة قبل عامين وأعلن للبشر جميعاً أن الإسلام يدعو إلى السلام، وأنه استقرار للأمم والشعوب وأن أنصافها وعدم إحراجها في العالم كله بإقامة موازين العدل، وحرياتها، ونصح بإزالة بواعث القلق والاضطراب، وكان أول عاهل عربي يخاطب شعوب الأرض قاطبة بما يعيد إليها الهدوء والاطمئنان، وما من بلد عربي أو إسلامي استنجد بجلالته إلا أنجده بكل ما في إمكانه من جاه ومال، وما من خلاف نشب إلا كان داعية الوفاق والإصلاح، والتوفيق فيه بين الجميع، وما من تضامن عربي يدعو إليه الموقف إلا كان المقدم في الصف الأول منه. مع الحرص على دوام صلات المودة والقربى والأخوة والصداقة مع كل قطر عربي شقيق.
أما ما يتصل بالحكم والإدارة.. والإنشاء والتعمير.. وما إلى ذلك من معاني المجد ومصادر القوة وحفظ الكيان وتطور الشعب وازدهاره.. وما يهدف إليه جلالته من توفير أسباب التقدم لبلاده فما أحسب حديثاً - قصيراً - يستطيع صاحبه مهما أوتى من الطلاقة والبلاغة.. أن يحيط به إلا لماماً ففي كل ما ترمقه العيون.. وتصغي إليه الأسماع.. وتنطق به الآثار المشيدة، والسبل الممهدة، والطرق المعبدة، والمياه المستنبطة، والحدائق الخضراء وفي المساجد التي تشد إليها الرحال.. والتي يتخرج منها فحول الرجال، وذخيرة الأجيال، وفي هذه المستشفيات والمستوصفات الثابتة والمتنقلة.. وفي هذه المدن المستحدثة.. والموانئ المتغلغلة في أعماق البحر.. وفي هذه المعامل والمصانع والمشاريع.. أروع قصائد وأفصح عبارات البيان عما نهض به "سعودنا" المفدى في جميع الميادين، العسكرية والعلمية والأدبية والاجتماعية والاقتصادية والزراعية والعمرانية والصحية، بالإضافة إلى وسائل المواصلات الحديثة جواً وبراً وبحراً، وإلى السدود المائية.. والأعمال الإنشائية القائمة على قدم وساق في كل جانب من جوانب الوطن الفسيح بما رصدت له حكومة جلالته المبالغ الطائلة.. في ميزانيتها العامة. وما يوجهه جلالته من عناية بالغة لتوفير سبل الراحة والطمأنينة والترفيه لحجاج بيت الله الحرام وحرصه على أن يتولى ذلك بذاته الكريمة في أشد الفصول حرارة ومشقة..
أيها المواطنون الكرام:
لقد حاول بعض من بهرهم هذا التطور العتيد أن يحصوا ولو طائفة من تفاصيله..وفي مجلدات ضاقت بهم صفحاتها فما استطاعوا غير تسجيل إعجابهم بهذه الوثبة المتزنة.. المتواصلة.. حتى قال أكثر من عرفوا شيئاً عن ماضي هذه البلاد.. وزاروها قبل زمن قصير.. إنهم يشعرون بالمدى الواسع الذي قطعته إبان عقد واحد من السنين.. وهو ما لا يمكن أن يتم إلا في أضعاف هذه المدة.. ولم يقتصر ذلك على الغرباء من الحجاج والزوّار والصحفيين والمعقبين.. بل إن السكان أنفسهم من أهل المدن المتطورة.. كالرياض وجدة، ومكة، والدمام وغيرها.. يشاركونهم فيه فما أكثر من غاب عنها من أهلها بعض الوقت ثم حضر إليها.. فأعترته الدهشة، وتملكه العجب في آن واحد!! بما قطعته من مراحل حضارية واسعة.. ما كان يظن أنها تفرغ منها إلا بعد أمد طويل.. وما تزال حكومة جلالته تبذل الجهود الجبارة.. في هدوء وصمت وتصميم لتقوية وسائل الدفاع - وتدعيم أركان الجيش وتعميم وسائل المواصلات دائبة على اقتباس خير ما في هذه الدنيا من مظاهر الحياة الكريمة الهانئة.. مما لا يتعارض مع الهدي الإلهي.. والشرع المحمدي، والخلق العربي.
وهذه النهضة العلمية والثقافية والاقتصادية والفنية والصحفية والإذاعية المشهودة.. والبعثات المختلفة في جميع العلوم والفنون من أسطع البراهين على ما تسهر عليه حكومة جلالته وتنجزه بتوجيهه السامي وعلى رأسها حضرة صاحب السمو الملكي ولي العهد المعظم ورئيس مجلس الوزراء حفظه الله، وعلى ما تحقق من أعمال وما يعقد من آمال في سبيل التقدم والتطور والإصلاح، وهي موضوع الإكبار من الشعب كافة ومن المخضرمين الذين امتدت بهم الحياة خلال ما قبل النصف الماضي من هذا القرن حتى الآن وقد تبينوا بأنفسهم واقعهم المحسوس والفروق العظيمة بين ما كانت عليه البلاد وما صارت إليه في جميع وجوه الحياة وتطورها.. من لا شيء إلى أشياء.. ومن حسن إلى أحسن! وما يزال بها التماس الأفضل والأجمل.. متدرجاً إلى منتهى الأشواط وأصلحها وأنجحها بإذن الله في غير ما طفره ولا ارتجال، ولقد أمدت أمانة العاصمة والبلديات بما أتاح لها إفساح الخطى في الإصلاح والتنظيم وقد ظهرت بوادرهما.. بما لا محل معه للجمود والجحود!! والله لا يضيع أجر العاملين.
ولئن كانت للأمم والشعوب في مختلف بقاع الأرض ما يتميز به بعضها عن بعض في مظاهر التقدم والتطور، والثراء والغنى.. والصناعة والإنتاج، والعدد والمدد، فإن لنا في بلادنا المقدسة ما ميزها الله به على سائر بلاد الدنيا.. من اختيارها مهابط لوحيه المنزل ومهاجراً لنبيّه المرسل. وما شرفها به من "بيته المحرم" حيث يولي وجوههم شطره أربعمائة مليون من المسلمين الموحدين وعباده المتقين.. وحيث تهفو إليه قلوبهم.. وتتوجه نحوه أبصارهم وأفئدتهم. وإنها بذلك لذات مكانة فذة غالية لا ينازعها شرق ولا غرب ولا جنوب ولا شمال.
لذلك كان لزاماً علينا جميعاً أن نقوم بحق هذا الجوار المقدس.. وأن تتكاتف جهود كل مواطن في تكريمه وتعظيمه وأداء واجبه.. من الأدب وحسن السمت وجميل الاستقامة.. وأن نقدر نعمة الله علينا به - وأن نبذل كل طاقاتنا أفراداً وجماعات.. في المحافظة على ما يليق به من ورع وتقوى وشرف واعتصام، حتى يكون ذلك مثلاً يحتذيه الناس في سماتهم وأخلاقهم وسيرهم وسيرتهم، وذلك ما دعا ويدعو إليه حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المفدى حفظه الله - في جميع خطبه وأقواله وأفعاله.. وفي نصائحه الغالية ومواعظه البالغة، تلك التي يتطوع بها في المواسم الكبرى - والمواقف الجامعة.. في كل من مكة وعرفات ومنى.. وكلما أشرق محياه، وانفرجت شفتاه، وذلك هو الشرف الكبير والتراث العظيم الذي يحرص جلالته على صفائه ونقائه وسلامته من أوضار الحضارات المترفة ورذائل المجتمعات المتحللة.. وأقرب ما يجب الإشادة به من أعمال جلالته الخالدة هباته الضخمة لطبع الكتب الإسلامية القيمة وتيسير الانتفاع بها وأمر جلالته بإنشاء ميناء ينبع وأحيائها، وعزيمته الراشدة على إنشاء الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.. على ساكنها أفضل التحية وأتم التسليم، وجلالته إنما يهدف بذلك إلى تعميم العلم والتهذيب الإسلامي وتلقيه من منابعه الصافية ومناهله العذبة ومعاهده الأولى حتى ينطلق منها الفقهاء في الدين، والداعون إلى الحق واليقين في بلاد الله الواسعة.. على أساس من العقائد الصحيحة.. وسلامة من الأضاليل والتخاريف النخرة والبدع الضارة الخطرة التي ما أنزل الله بها من سلطان.
وكما قلت آنفاً لا يمكن أن تستوعب هذه الكلمة القصيرة ما تضيق به المجلدات الكثيرة، ولكنه ثمد من كل قطر.. ووشل من بحر.. وناهيكم بما نراه من حدب جلالته وعطفه وتكريمه للعلم والعلماء، والأدب والأدباء.. وكل ناصح مخلص أمين سواء أكان من أفراد شعبه خاصة أو من العرب أو المسلمين عامة.. فإن ذلك دأبه وفطرته وديدنه في الداخل والخارج.. ولا دلالة عليه أكثر من أن تحصى.. ولا أحسب اليوم أن هناك فوق هذه البسيطة مجلس لملك يضم في أعقاب الصلوات هذه (الذكرى) التي تنفع المؤمنين من تلاوة الكتب الصحيحة الموثوقة في التفسير والحديث والوعظ والإرشاد والسيرة والتاريخ.. وكأنما هي لازمة لا تنفصل عن أوقاتها اليومية مهما تزاحمت المشاغل، وتراكمت المشاكل.. فإنها النور الذي يستهدي به كل من شغفه الإيمان.. وملك عليه قلبه وسمعه وبصره، وما أعظم ما سنّه جلالته من اجتماعه كل خميس من كل أسبوع بسماحة المفتي الأكبر وورثة الأنبياء من العلماء العاملين وما يتداوله وإياهم من شؤون المسلمين، وكل ما يتصل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتمكين شريعة الله المطهرة وما يتصل بالمصالح العامة في دينهم ودنياهم؟! وكم هي الفوائد التي تنتج عن ذلك، والمعاني الكريمة التي يدل عليها تواضعه، وزيارته لكل ذي فضل من العلماء الأعلام في أكثر المناسبات. وتعهده لهم في السراء والضراء.
أيها المواطنون الكرام:
لقد أُثر عن جلالته دائماً وأبدأ قوله لشعبه (إني أعتبر كبيركم أباً ومتوسطكم أخاً وصغيركم ابناً..) قال ذلك وحققه فعلاً في تصرفاته، وحركاته وسكناته، وأن أفراد الشعب جميعاً ليقولون لجلالته شاكرين ممتنين إننا جميعاً أبناؤك البررة، وكلنا ندعوا الله بطول بقائك ودوام عزك يا أبا الشعب الحبيب إلى كل قلب.
وكم هي فواضله وأياديه في التفريج عن المعسرين والمكروبين، ودفعه الديات عن العاجزين، وكم هي مبراته وحسناته المكشوفة والمستورة.. لذوي العيلات.. والمتعففين، والمنكوبين، وكم هي نفاحته وصلاته للمحتاجين والمتجملين؟ وإعاناته ومساعداته للمدارس الأهلية الساهرة على محو الأمية ومكافحة الجهل..؟ وهل حفظ التاريخ قصة أعجب وأغرب مما اختصه الله به من الحلم والعفو عمن كان سبب الوفاة فلذة من فلذات كبده وإصابة غيرها من الأسرة الكريمة بجروح بالغة واحتسابه ذلك عند الله وصبره على ما لا يملك الصبر عليه إلا القلب المؤمن المطمئن مع القدرة على الانتصار والانتصاف؟!
أيها المواطن الكريم:
عد بذاكرتك إلى ما شهدته عيناك من استقبال جلالته لأفراد شعبه على اختلاف منازلهم بكل طلاقة وبشاشة وترحيب، وإصغائه إلى الفقير الضعيف، وإلى ما يبثه إليه من ذات نفسه في عناية واهتمام فلا يبرح موقفه حتى ينصفه إن ظلم، ويعطي إن حرم، ويظفر بما لم يكن له في حسبان، عليك أن تتذكر أن جلالته طالما فاجأ بزياراته وهداياه المرضى.. والمصابين في جوانب المستشفيات وطيّب خواطرهم وأغدق عليهم الحبور والسرور، الأمر الذي ندر فعله في زماننا هذا وانطوت به العصور الأولى في صدر الإسلام.
وحدث عن البحر ولا حرج عن رحلاته الخارجية وكيف أصبحت المملكة العربية السعودية في الشرق الأوسط محل التقدير والتكريم في المحافل الدولية الكبرى، وعن رحلاته الداخلية وتفقده لرعيته في كل منطقة من مناطق ملكه العريض.. وإحسانه إلى كل محتاج.. وإسعافه للبادية المجدبة.. بالغذاء والكساء في جميع النواحي والجهات قاطعاً بذلك آلاف الأميال براً وبحراً وجواً صيفاً وشتاءً في غير كلل ولا ملل.. وحسبك أنه منح لشعبه من قصوره في جدة وفي المدينة وأثر بها دور العلم والتثقيف.. مغتبطاً بكل ذلك محتسباً أجره عند الله.. وأنه لضاعف إن شاء الله ومضمون بوعده الحق "يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً"..
وإليك أيها المواطن الكريم هذه الدرر الرائعة والكلمات الخالدة التي جاءت في خطاب جلالته ليلة السابع من شهر ذي الحجة (2) عام 1379هـ في المأدبة الكبرى التي اعتاد إقامتها للوفود الإسلامية بمكة المكرمة حيث يقول:
إخواني..
"أجد من الواجب علي في مثل هذه الأيام المباركة أن أنادي إخواننا وأدعوهم بدعوة إبراهيم الخليل التي دعا بها نبينا "محمد صلى الله عليه وسلم" في إخلاص العبادة لله وحده فندعوه ولا ندعو غيره، ونعبده ولا نعبد غيره، ونستعين به كما أمرنا، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لا نعبد سواك، ولا ندعو غيرك، ولا نستعين إلا بك، هذا الذي أدعوكم ونفسي إليه وأسأل الله أن يثبتنا على دينه وأن يأخذ بنواصينا إلى الإيمان الصادق. ويحجزنا عما نهانا عنه من شرك أو ضلال أو بدعة".
وخير ما أختتم به حديثي، وأتوجه به ما صرح به جلالته في مناسبة الذكرى الماضية حيث يخاطب شعبه الكريم أطال الله بقاءه بقوله:
"إن من دواعي سرورنا وقد انسلخ العام السادس منذ تولينا مقاليد الأمور في مملكتنا العزيزة أن نرفع أكف الشكر لله تعالى على ما متعنا به من نعم جليلة وما حبانا إياه من استقرار شامل ونمو مضطرد في الارتقاء في حياتنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وما هي إلا نظرة عابرة ليرى الإنسان الفروق الهائلة التي تقوم بين حاضرنا، وأمن ووفر في المال، وصحة في الأبدان، مما لا ينكره إلا ذو غرض ولا يجهله إلا ذو جهالة".
"وإن من يلقي نظرة إلى عالمنا المضطرب وما يجري فيه كل يوم من أحداث جسام من تقويض للمبادئ السامية وتهديم للنظم المألوفة وتجاهل القيم الإنسانية فيقابل ذلك بما نحن عليه من بحبوحة في العيش ورضا بما يحيط بنا من رفاهية ونمو في جميع وسائل حياتنا، وأتاح فيما بيننا، وحسن علاقات فيما بيننا وبين الناس، ليقدر حق التقدير ما نحن فيه من نعم جزيلة لم تكن لتحصل لنا لولا تمسكنا بكتـاب الله وسنة رسوله صلوات الله عليه وتنفيذنا للشريعة".
"ونحن بحول الله وقوته باقون في هذا النمو والتقدم، ما دام هذا دستورنا وتلك شريعتنا. ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر التقدم الذي حصل لنا بحول الله وقوته في توسعة أعز مكان لدينا الذي حبانا الله نعمه التولية على شؤونه وهو (بيت الله الحرام).. فقد وفقنا في بحر هذه السنة من الاستمرار في التوسعة وفي إكمال بعض الأركان التي تمت توسعتها في السنين السابقة بما يليق ببيت الله العظيم من جلال وجمال ومتانة. آملين أن يصبح عند انتهائه بحول الله في بنائه وهيكله كما هو في قدسيته وعظمته هذا المقام الأول في عالمنا الإسلامي".
وقد أشار جلالته فيه إلى السياسة الخارجية التي تسير عليها حكومته الرشيدة وأنها قائمة على تحسين الصلات مع جميع الأمم ما دامت مسالمة لنا غير متجاوزة على حقوقنا، وعلى التعاون الوثيق الكامل مع جميع الدول العربية على أسس الجامعة العربية. عاملة على تقوية دفاعنا المشترك.. وتكاتفنا الشامل لرد العوادي عن عالمنا العربي، مستعدين لكسب حرية واستقلال جميع البلاد العربية التي لم تستكمل بعد استقلالها أو لم تنل حريتها (كالجزائر) و (عمان) ولاسترداد الجزء السليب من وطننا العربي (فلسطين) ورد ما انتقص من حدودنا السعودية في منطقة (البريمي) وما حوله..
وقد ختمه جلالته بقوله حفظه الله:
"وإن ما قمنا به من أعمال في سياستنا الداخلية والخارجية ليحدونا إلى الاستمرار بالتقدم في تلك السبل لنصل إلى غايتنا المنشودة وهي الرجوع بأمتنا العربية العريقة في التمدن والرقي إلى ما كانت عليه في أعظم أيامها والله الموفق وعليه الاتكال".
ذلك هو شأن مليكنا العطوف وراعينا الرؤوف (سعود بن عبد العزيز) حفظه الله، فإذا دعونا لجلالته بطول العمر والتأييد ودوام النصر والتمكين فإننا إنما ندعو لأنفسنا بكل ذلك وللعرب والمسلمين عامة. فلنضرع إلى الله الذي بيده ملكوت السموات والأرض أن يكلأه ويرعاه، وأن يمنَّ عليه بالعفو العافية والصحة التامة! وأن يديم عليه نعمة ظاهرة وباطنة، وأن يوزعه الشكر، ويلهمه السداد والرشاد، ويعينه على الخير، ويمده بالنصر، ويقر عينه بكل ما يحبه ويرضاه، وأن يعيد على شعبه المخلص الأمين هذه الذكرى المباركة باليمن والسعد والإقبال.. إنه سميع مجيب. عاش جلالة الملك المحبوب وعاش سمو ولي عهده العظيم وعاش الشعب في ظله الوارف الظليل وعاش العرب والمسلمون في عز وتقدم وازدهار.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :399  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 618 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج