شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الاختيار
مهداة إلى: زوجتي، التي قاسمتني الجوع والضنى والتشرد..
عيناكِ كُحْلُهما الأفياءُ والأَلَقُ
وكُحْلُ عيني رمادُ الحزنِ، والأرَقُ
وللنعيمِ على نَهْرَيكِ أَشْرِعَةٌ
ويستريحُ على شطآنِكِ الشَفَقُ
وليس لي شاطئ يهفو لأَشْرِعتي
إلاَّ مرافئُ ليلٍ عافَهُ الغَسَقُ
رياشُكِ الدِفءُ لم تَقْرَبْكِ فاجعةٌ
أَمَّا رياشي؟ فَصَخْرُ الصَّبْرِ والقَلَقُ!
فكيف يُجْمَعُ ذو ضَيْمٍ وذو بَطَرٍ
وقد تبايَنَت الأهواءُ والخُلُقُ؟
وأيُّ عاشقةٍ تسعى لِذي سَفَرٍ
متاعُهُ الحِبْرُ والأقلامُ والوَرَقُ؟
مُطارَدٌ يَتَسَلَّى في حرائِقِهِ
أهدابُهُ من لظى عينيهِ تَحْتَرِقُ؟
قد اعْتَنَقْتِ من الدنيا مباهجَها
أمّا أنا؟ فهمومَ الناسِ أَعْتَنِقُ…!
ماذا يُزِينُك في صَبٍّ خلائقُهُ
أَنَّ الهوى عنده: الإِبحارُ والغَرَقُ؟
لقد شربتُ ولكنْ لا كما شربوا
وقد عشقتُ ولكنْ لا كما عشقوا
وكنتُ لو نَزَلَتْ في الحيِّ فاتنةٌ
جُنَّ الفؤاد، ونبعُ الشعرِ يَنْبَثِقُ
نَما على شفتي نهرٌ، وفي مُقَلي
فجرٌ وراءَ جدارِ الحزنِ يَأْتَلِقُ
وما بَنَيْتُ على رملٍ قصورَ غدي
وإنْ بَنَيْتُ: فكوخاً سَقْفُهُ رَنِقُ
وما ارْتَوَيْتُ على نهرين من عسلٍ
وفي دمي تلهثُ النيرانُ والحُرَقُ
وكنتُ أَعْصِرُ أشجاري لذي عطشٍ
وأَشْرَبُ الدمعَ في سِرٍّ وأَنْطَلِقُ!
وأَحْلِبُ الضوءَ من عَيْني لِمُنْطَفِيءٍ
من الأنامِ إذا الظلماءُ تَنْعَتِقُ!
وأَخْبزُ التِبْنَ ليْ زاداً، ولي شَرَفٌ
أني أكلتُ بجهدٍ لا كما سرقوا
فَقَطْعُ كَفِّيَ خيرٌ من مُصافَحَتي
يدَ اللئيمِ، وإنْ ضاقَتْ بيَ الطُرُقُ!
وما ادَّخَرْتُ سوى زهدي وَحَبَّبَ ليْ
زيفُ الحياةِ رحيلاً، حينما فَسَقوا
وكنتُ ذاتَ يمينٍ غيرِ حانثةٍ
حتى إذا سامَني في ظُلْمِهِ الخَرِقُ
فَبِئْسَ عِشْقُ الفتى يحياه في نَزَقٍ
وليس عشقاً إذا يحدو به النَزَقُ
لقد عَشِقْتُ دهوراً ليلُها سنةٌ
من السهادِ، ولم يَجْزَعْ بيَ العُشُقُ
فما عرفتُ لخطوٍ غيرِ طاهرةٍ
درباً، ولا قادَني للزَّيْفِ مُنْزَلَقُ
وَرَبِّ نَخْلِ ضفافٍ شاصَ من خَسَفٍ
ونجمةٍ بدخانِ الظُلْمِ تَخْتَنِقُ
مُسَهَّدٌ أنا، بيْ وجدٌ لشمسِ غدٍ
حتى لقد نَسِيَتْ ألوانَها الحَدَقُ!
* * *
فَأَرْسَلَتْ دمْعَها نحوي وَقَدْ عرفَتْ
َأنَّ الرحيلَ معي شطآنُهُ الغَرَقُ
قالَتْ: بِرَبِّكَ رِفْقاً في مكابَرَتي
خُذني لِفَقْرِكَ، نعمَ العِشْقُ والعَبَقُ
فَمُدَّ جَذْرَكَ في لحمٍ الثَرى وَتَداً
وَسُلَّ سَيْفَكَ حتى ينجلي الأُفُقُ
حالي كحالِكَ، بي خوفٌ يُؤرِّقني
أني "بصدام" طولَ العمرِ لا أَثِقُ!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :546  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 26
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.