كان يكنَّى باسمهِ |
كان يقول: إنه من الجنوب، أو من الشمالْ |
وتارةً من "جنوا" |
وقد يقول؛ إنه من "أسمره" |
من أي أرض؛ لا يُبالي عنه.. أن يُقالْ! |
وكل ما يخشاهُ أو يكرهُهُ |
وكل ما يُخيفُه |
بأن يقال؛ إنه من "اليمن" |
* * * |
في "البارِ" أو فلي "المسجدِ" الكريمْ |
في مجمع الغوغاء؛ أو في المحفل العظيمْ |
يغَيِّر اسْمَهُ |
يحرِّف اللَّهجة والكلامْ |
يَلْوي لِسانَهُ |
يَودُّ أنْ يمْحو سَحْنَةَ الجُدُودْ |
من وجْههِ الكريمْ |
ولا يُبالي أنْ يُقال إنَّه من الهنودْ |
أو من جبال "التِّبتِ" أو من "كِينيا" |
لأنه يخاف أن يُقال "شافعي" |
أو يعرفون أنه من فِرْقَةِ "الزُّيُودْ" |
جاء منَ "اليمنْ" |
* * * |
حيثُ الظلامْ نائمٌ منذ عُصورْ، |
حيثُ الأنامْ كهياكلِ القبورْ، |
حيثُ القيودُ، والسِّياط، والسُّبَحْ، |
و "القات"، والأمراض، والتَّرحْ، |
و "العَسْكريُّ" ومُحَصِّلُ، الزكاهْ |
والخادمُ الأثيرْ |
والتّاجرُ الكبير |
وزُمْرةُ الوشاة، و "المخدَّرونْ". |
والعبدُ، والسَّياف، و "المخزِّنون" |
لاهُونَ عابثونْ |
لا يعقلونَ أيَّ قبرِ يحْفرونْ.. لليمَنْ |
* * * |
كم صارعَ الرِّياحْ! |
كم قاوم الأشباحْ. |
كم داسَ أشواكاً؛ وعاشر الذئابْ، |
كم شارك الوحوش وعقارب اليبابْ؛ |
مفارش الترابْ..! |
وأكلَ الجوعَ، وشرب الظما! |
وعانَقَ الأخطار هائما! |
يخشى مراصد الْعَسَسْ، |
و "العُكْفَةَ" الحرسْ |
فغير اسمَهُ وهيئتهْ |
وسمْتهُ ولهْجَتَه، |
وودَّ أنهُ ليْسَ مِنَ "اليمنْ" |
* * * |
ليسَ من الأرض التي؛ |
كانت "لِبلقيس" و "ذو يزنْ" |
و "تُبَّعٌ" مليكُها |
و "أسعَدُ الكاملُ"؛ والأقيالُ؛ |
في "ظفارْ".. و "يحصُب" الخضراء |
و "ذمارْ" و "النخلة" الحمراء |
و "مأربٌ" وسدها العتيدْ |
والنَّاس ذو بأس شديدْ |
يُفاخرون بالعُلا، ويفخرون "باليمنْ" |
* * * |
ليس من الأرض التي |
عبَّدَ فيها "ابنُ الحُسَيْنِ" أوضحَ السُّنَنْ |
وأنجبَتْ أئمَّة الهدى |
ونبلاء العلم، والأدبْ، |
والفنّ، والجمالْ |
وكان فيها "للصُّليْحيّ": عَلَمْ؛ |
تعنُو له الأبطالْ |
و "للمظفَّرِ" العظيم صولةٌ |
يَهابُها الرجالْ |
أرض "أزال" و "تعز" و "عدنْ"؛ |
أرض "اليمنْ" |
* * * |
وهَبَّتِ العَواصِفُ الهوجاء.. في "أزال"
(1)
|
وهاجتِ الفِتَنْ، |
واستعرمَتْ نوازع الشرورْ، |
واستكْلَبَتْ دوافع الغُرورْ، |
وخافتِ الرؤوس أن تَطير، |
وارتعَدَتْ فرائِصُ الرُّبوعْ، |
ومُزقَت مقانِبُ الجموعْ، |
وزحَفَ الخوفُ.. على سَقْمٍ وجُوعْ |
ولم يجدْ من وزَرٍ.. إلاَّ الفرارْ، |
إلى "عدن" |
وغير اسمَهُ.. وودَّ لوْ يَسْطِيع |
أن يَمْسَحَ سَحْنَةَ الجدودْ |
أو أنه يعرفُ لغة "العجَمْ" |
أو لهجة "الهنودْ" |
لأنه يخاف أن يُعرفَ |
أنه من "اليمن" |
* * * |
وذات يوم قيل، |
إن "سيِّداً" وزيرْ، |
ورجلاً كبيرْ |
جاء مِنَ الوطنْ |
مَضى إليه بِبَصيص من أملْ، |
يَظنه يَسْطِيع أن يُعيدْ |
إليه اسمه السَّليب! |
وقَصَّ كيف شرَّدْته عِبرُ الزَّمنْ |
وقَصَّةَ الثلاثةِ الصِّغارْ، |
وأمِّهِ العجوزْ، |
و "العسكري" و "مُحصِّلِ" الزكاهْ، |
في البيت يطلبونْ، |
أن تذْبَحِ "الكباشُ" |
أن تهْرقَ "السُّمون" |
والحاكمُ الْغَشُومْ، |
يريد منهمْ أن يرفِّهُوا |
خادمَه الأثيرْ، |
وبَطْنَهُ الهضومْ |
و "حَقَّهُ " الكبيرْ |
وقصَّ قِصَصَ الرِّفاقْ |
والذين هاجَروا من "اليمنْ" |
* * * |
وانتفضَ "الوزيرْ"، |
وقَال: كيف تخرجونْ؟ |
وكيف تهربُونْ..؟ |
ودونَ ما إِذْنٍ تُغَيِّرونْ |
أسماءكُمْ، وتزعمُونْ |
أنكُمُ لسْتمْ من.. "اليمنْ"، |
* * * |
السَّحْنَةُ السمراء شاهدَه |
ولهجةٌ أعرفُها |
لكنني لا أستطيع |
أن أساعدَ الجميعْ، |
ما جئْتُ ها هُنا مواسِيا |
للمُوجَعينْ! |
ولا انتُدبتُ ها هنا مؤاوياً |
للشاردين..! |
لكنني أتيت لأمور مبْهماتْ |
تهمُّ أرباب الأمور.. ها هنا |
وفي "اليمن" |
* * * |
ويَسْحَبُ الذيل كسيراً، |
مُوجَعَ الضَّمير |
لأنه قد كشف اسمَهُ |
للسَّيد "الوزير" |
فلم يُهَدْهِدْ حُزنَهُ المريرْ، |
ولمْ يُكَفْكفْ دمعه الغزيرْ |
وكان ذلك السَّفير |
ورَغْمَ رأسِه الصغيرْ |
يحملُ سيئات "قَيْصر" كبيرْ |
وهامَ منْ جديدْ.. يكتم اسمه |
يخاف أنْ يُعرف أنه |
مِنَ "اليمنْ" |