شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة معالي الدكتور محمدعبده يماني ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام وبعث إلينا خير الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، الحمد لله الذي أكرمنا بهذا الاجتماع تفدون إلى هذا المكان في هذه الليلة لنشترك في النقاش حول رجل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو (أبو هريرة) رضي الله عنه، فو الله إنما أردت أن نجتمع هذه الليلة وفرحت بهذا اللقاء وفرحت بهذا الجمع لأني أثق في قلبي أنهم جاؤوا احتفاء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ورغبة في نقاش حديث أبي هريرة وعمل (أبو هريرة) وجهد (أبو هريرة) رضي الله عنه، وأشكر لأخي الأستاذ عبد المقصود خوجه الذي استجاب وأنا فرد في هذه الاثنينية منذ تأسيسها أن نجنح إلى مناقشة بعض الكتب والآثار في بعض الاثنينيات وأن يكون تركيزنا على هذا الكتاب أو ذاك وليس على الأِشخاص فقط مع أن في تكريمهم تكريم عظيم والحمد لله كانت عطاءات الاثنينية عظيمة جزاه الله خيراً أخي عبد المقصود وبارك في هذا العمل إن شاء الله تعالى، وأشكر لأستاذي الأستاذ عبد الله الحصين فقد درسني كما قلت في أيام ما كان في الشريعة وكنت في الفلاح وجزى الله خيراً أخي الأستاذ أحمد حسن فتيحي وكل من أراد أو توخى أو رغب في أن يقول كلمة ولكني أسأل الله أن يجزيكم على ما تقولون وأشكره عزَّ وجلَّ أن ستر ما لا تعلمون.
إن حديثنا هذه الليلة أيها الأخوة، حديث على جانب كبير من الأهمية، حديث عن أصل من أصول الشريعة الإسلامية، القرآن هو الأصل أولاً، والسنة النبوية المطهرة هي الأصل الثاني وهي أصل مستقل جاء ليفسر جوانب كثيرة من القرآن ويبينها ويوضحها وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبهنا أنها مسؤولية كل فرد فينا أن يجاهد بقدر ما يستطيع لحماية مصدر التشريع، بكل ما أوتيت من علم أو وقار أو أدب أو فهم أن تحاول المحافظة على هذا الجانب المهم تدافع عنه ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ذلك أن قضية التشريع هي حياة هذه الأمة والله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ الذكر إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمنا بأن السنة وحي، وماَ يَنطِقُ عَنِ الَهوَى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى معنى هذا أن مسؤوليتنا مسؤولية مباشرة أن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تكلم بكلمة إلا بأمر الله وبإذن الله، هذا الكلام يجب أن يرسخ في ذهن كل منا، وبالتالي لا نسمح بأي تجرؤ على السنة، حتى أنه صلى الله عليه وسلم نبهنا إلى خطورة الرجال والنسوة الذين بدأوا يتحدثون حتى في ذلك العهد يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن هناك قوماً يأتونا ليقولوا ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه، نكتفي بكتاب الله وسموا نفسهم بالقرآنيين.. رفض ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبه قائلاً ألا أنني أوتيت القرآن ومثله معه، لا أجد أحداً متكئاً على أريكته يقول ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه، ألا أن ما حرم رسول الله كما حرم الله.. نبهنا إلى خطورة هذه المسألة، أي أننا في الوقت الذي ندافع فيه عن القرآن الكريم ندافع عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومن هنا جاءت عملية السنة وأهمية اهتمامنا بها لأنها أصل ثانٍ ومستقل ووحي من الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هنا جاء التنبيه مَّن يُطِعِ اَلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله أَطِيعُوا الَله وأَطِيعُواْ اَلرَّسُولَ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي كلها أمور توضح بجلاء ووضوح يجب ألا يكون فيه لبس في أنفس الناس ويعلموا ذلك لأولادهم وأهلهم ويتنادوا به، لا نقبل أي طعن في السنة، لأن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم واجب الطاعة بأمر الله عز وجل، ومن هنا جاءت قضيتي وحديثي حول أبي هريرة رضي الله عنه، فقد رأيت أن هناك جهوداً كبيرة بذلت في تفصيل الأحاديث النبوية وفي خدمتها وفي دراستها ولاحظت أن مجموعة من الناس تجهل حقيقة كبيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه فأسمع في بعض الأحيان حتى علماء مجموعة من المفكرين عندما احتكيت بهم وجدت أنهم لا يعلمون وليست جرأة منهم على أبي هريرة لكن في حدود ما لا يعلمون أن أبا هريرة مكثر وأن أحاديثه كثيرة.. أمر خطير أصبحت الناس تتداوله وكأنه حقيقة فكان من الواجب أن نقف لحظة لنتداول ونتدارس في طبيعة هذا الأمر، فشاء الله أن أجمع كل ما كتب على قدر استطاعتي في الذين تصدوا لهذا الأمر، سلباً وإيجاباً، لأن الذين لا يعلمون عن أبي هريرة هم معذورون ولكن الذين تجرأوا وتلقفوا أحاديث حتى أننا تلقفنا آراء المستشرقين يقشعر منها البدن قولسير وشخت يقول ليس هناك حديث واحد صحيح في رأيي، ويتناقله الناس دون وعي ودون مسؤولية ودون احتساب أن لنا مسؤولية أن ندافع عن هذا الأمر، وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. هذا الحديث النبوي لا بد أن نتعلمه ونتدارسه ونعرف أن القضية ليست قضية عابرة، إن هؤلاء الرجال أخذوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزكاهم الله عزَّ وجلَّ قبل أن يزكيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبهنا: [الله في أصحابي، لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم، من آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله].. مسؤولية ومسائل يقشعر منها البدن لو أدركنا مسؤولية وخطورة التجاهل في أن نسمع قدحاً في أصحاب رسول الله دون أن نحاول الفهم ودون أن نحاول العلم ودون أن نحاول أن ندرك ما هي حقيقة هذا الأمر ودون أن نعلم أولادنا في مدارسهم ما هي أبعاد هذا الحديث، وكيف كان هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم يتناقلون الحديث حفظاً ويحاول كل منهم أن يحفظ بدقة، هذه الفئة من الرجال الذين نقلوا لنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا أمناء، واختلفوا، منهم من كان كثير الحفظ ومنهم من كان قليل الحفظ، منهم من تفرغ للحديث والاستماع إليه كما فعل أبو هريرة رضي الله عنه ومنهم من شغل بالحكم أو بقضايا مختلفة ومن هنا نجد أن الصحابة لا يستوون في روايتهم للحديث، هناك صحابة عاشوا ولم يرووا إلا حديثاً واحداً، وهناك صحابة كانوا قريبين ولم يرووا إلا ثمانية عشر حديثاً أو نحو ذلك، إذن لا يستووا كلهم في الرواية، لكن هنا عندنا قضية مهمة وهي أن هذا الرجل الذي نحن بصدد الحديث عنه كان يلازم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطنه، وظل بالصفة، وظل بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم على أقل من ملء بطنه، يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسمع منه، ويتتبع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، واحترمه الصحابة وقدروه وعرفوا قدره، أبو هريرة معجزة في رأيي من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم لأنه بسط رداءه في الحديث الصحيح ثم دعا له رسول الله، لأنه قال أسألك يا رسول الله أن تدعو لي بعلم لا ينسى، فدعا له ولمَّ الرداء، فحفظه وبقاؤه معجزة من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له، أبو هريرة عندما نتبعه نجد أنه من الذين طال عمرهم، ولقي كثيراً من القضايا التي استجدت وكانت تتطلب أحاديث وروايات سمعها، وكان يقول إنني أخشى أن أكتم حديثاً من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا ألجم بلجا من نار، وكان ينادي بصراحة ويحذر الصحابة ألا أذكركم بحديث رسول الله: من كذب علي عامداً متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. ينادي بهم، ولهذا عندما لقيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يا أبا هريرة أتذكر يوم كذا.. قال كأنك يا ابن الخطاب تقول يوم روي لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كذب علي).. قال نعم، قال إذن هب فحدث.. هذا عمر بن الخطاب الذي أيد أبا هريرة، ونسمع رجالاً يتكلمون أن عمر بن الخطاب أخذ درة فضرب بها أبا هريرة وقال لا تحدث! ألا يستحون من الله ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم!! أن يفتروا كذباً، وأنا أقول وأمامي صفوة من العلماء هنا لا يوجد حديث واحد بهذا الشكل ولم يحدث من عمر بن الخطاب أن ضرب أبا هريرة بدرة، ولكن كان ممن يقدرهم، ولكن لعمر بن الخطاب مذهبه، عندما هاجر من مكة الكل هاجر في خفية إلا عمر بن الخطاب، وقف وقال يا قريش إني مهاجر الليلة فمن أراد أن تثكله أمه فليلقني خارج هذا الوادي.. ما وافق على وفاة الرسول وفجع فيه لو لا أبو بكر الصديق الذي رده إلى الحق وقال ألا تذكر الآية مَّا كَاَنَ مُحَمَّدٌ أَبَاَ أَحَدِ مَّن رِجَالِكُمْ ولَكِن رَّسُولَ اللهِ أَفَإيْن مَّاتَ أَوْ قتُِلَ قال: والله كأنما أسمعها الليلة، ولكنه رجل إذا سمع الحق رجع إليه، عندما حدد المهور، جاءت امرأة تعترض وقالت له أتحدد المهور وهنالك آية في كتاب الله عزَّ وجلَّ تحول دون ذلك وذكرت له النص وءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً قال أصابت امرأة وأخطأ عمر.. عمر بن الخطاب من القدوة والرجال الذين قدروا أصحاب رسول الله ولم يحدث قط أن ضرب أبا هريرة بدرة أو منعه من الحديث بل سمح له بالحديث، لكنه رجل دقيق.. يأتوا لعائشة عندما كانوا يأتون إليها أبو هريرة والحديث وتعدل لهم.. كانت تعدل على أبو بكر وعلى عمر وعلى كبار الصحابة، هذا ليس تخطئة ولكنها مداولة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا الأمر هو الذي دفعني لدراسة سيرة هذا الصحابي الجليل الذي كان ورعاً تقياً كريماً حافظاً.. كان له مسجد في بيته ومسجد في مكان حديثه، رجل كان على تقوى وعلى ورع أحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له، وأبو هريرة روى عن أبي بكر وعن مجموعة كبيرة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن أبي بكر مجموعة من أهل العلم من الصحابة والتابعين ثمانمائة فرد، أكل هؤلاء رووا عن أبي هريرة خطأ؟ أكل هؤلاء لم يعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لكنها الرغبة في الإساءة لأننا إذا قبلنا الطعن في أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه قبلنا الطعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا جاء الخطأ أننا لم ندرِّس أولادنا ولم نتعلم سيرة هؤلاء الصحابة والحديث النبوي وكيف تسلسل وكيف حفظ وكيف روي والأسانيد وعلم مصطلح الحديث.. الذي وضع أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قال: (من كذب علي عامداً متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).. عطر الله امرءاً سمع مقالي فبلغه فرب مبلَّغ أوعى من سامع.. أمور أساسية.. والصحابة جاؤوا من بعده حفظاً ورواية ثم وضع علم مصطلح الحديث بكل دقة.. سموا لنا رجالكم.. حتى يتأكد من يروي.. وإذا وجد شبهة قليلة في الراوي ضعف حديثه، فإذن هذا العلم بكل أصوله وبعلم الجرح والتعديل، كلها أمور تتطلب أن نتعلمها وأن نقبل عليها لنعرف كيف فعل هؤلاء القوم، حتى أن مالك رضي الله عنه عندما يأتي إنسان يقول أريد أن أسمعك حديثاً يقول انتظر حتى أتوضأ، فلا أسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على غير وضوء، رأوه جاء في حلقة رجل يحدث فرأوا مالك يدور ثم انصرف قالوا لم؟ قال لم أجد مكاناً أجلس فيه واستحيت أن أسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا واقف.. كانوا على أدب وعلى تقوى وعلى صلاح، في الوقت نفسه لا يجاملوا أحداً، لأن مالك يقول لقيت عند هذه الصواري ثمانين (صواري المسجد) لو أؤتمن أحدهم بيت المال لكان به أمين.. ولكني ما اجترأتُ أن أروي عنهم.. لأن رواية الحديث لها أصول، ولها تفاصيل ولها مسؤولية.. يقول قد نلقي قوماً نقبل أيديهم نسأل البركة ولكنا لا نروي عنهم، رواية الحديث ليست مسألة عادية.. هذا علم خُدِم، وهذا علم فيه أنفاس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا فيه أمر الله الذي حفظه، حفظ الذكر، والأصل الثاني من أصول الشريعة الإسلامية.. فمن هنا عندما تصديت لموضوع أبي هريرة شعرت بأني أعود إلى الحرم المكي الشريف يوم كنا ندرس في الحصاوي على يد السيد علوي مالكي والسيد محمد أمين كتبي والسيد إسحاق عزوز، هذه الصفوة.. فو الله رغم انصرافنا بالزمان وانشغالنا ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا أني شعرت بأن هذه مسؤولية ألا نترك هذا الأمر يتخطفه الناس حتى أصبحت الناس تقبل أي حديث وإذا قلت له أبو هريرة قال لك لا أبو هريرة مكثر، لا يعرف أن أبا هريرة لم يكثر وإنما أبو هريرة قال الحق وروى بدقة الأحاديث ولهذا عندما نرى أن هذا الصحابي الجليل كان يدقق في كل حديث لديه، حتى أن الخطيب البغدادي يقول كان عند أبي هريرة في آخر أيامه غرفة مليئة بالصحف التي كتب فيها الأحاديث، هذا الأمر يدل على أنه رغم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد منع كتابة الحديث في أول الأمر حتى لا يختلط بالقرآن لكن في آخر الأمر كتب الحديث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحيح ما بوب بهذا الشكل ولا نظم بهذا الشكل إلا في مرحلة متأخرة، ولكن كانت هناك الكثير من الصحف منها الصحيفة الصادقة والصحيفة الصحيحة وصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص وكتابات رسول الله وكتابات أبي بكر الصديق.. أحاديث رسول الله كما يقول شيخ من شيوخ الحديث الشيخ خليل ملا خاطر في بحث نشره في رابطة العالم الإسلامي يقول لقد كتب الحديث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويروي رواية أيضاً عن الخطيب البغدادي أنه قال ما من صحابي من صحابة رسول الله إلا وكتب أحاديثه أو أملاها أو دون في حضوره، الحديث ما ترك بهذا الشكل الذي يظن الناس أنه أمر عادي أو يتقبلوا الطعن فيه بأي شكل من الأشكال.. وممن؟ من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ورجال شهد الله لهم بالصدق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ائتمنهم وحذرنا من التعرض لهم وأوضح لنا مكانة هؤلاء الرجال ليس فقط في رواية الحديث لكن في كل شيء، من هنا حرصت على أن أطرح أمامكم بعض الجهد الذي وفقني الله سبحانه وتعالى إليه، في موضوع أسانيد أبي هريرة، فالنقطة الأساسية هي أن الحديث النبوي كتب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر ويجب أن نوضح هذه النقطة بكل جلاء ومجموعة من العلماء معنا الليلة ليوضحوا أبعاد هذه النقطة أي أن من يأتي ليقول لنا كانوا يحفظون الحديث فنسوا بعضه أو غفلوا عن بعضه أو يستمعوا إلى كلمات شاخته وكلمات قولسير وجماعة المستشرقين الذين تعرضوا لهذه النقطة بنوع من الاستهجان الذي يستغرب من رجال المفروض منهم أن يكونوا على دقة كما يقول شاخت ليس هناك حديث واحد صحيح في رأيي، أيقبل علماء الأمة بمثل هذا القدح؟ ولا نحاورهم ونناقشهم ونظهر لهم البينات الواضحة، غفلنا عن البحث، كل الذين درسوا الأحاديث في تلك الفترة كانوا من المستشرقين بكل أسف، فجاء الدور الأساسي الذي يؤدي إلى صحوة العلماء وتصديهم وردهم، والعلم لا يرد إلا بعلم وبحث ودقة في هذه المسائل، أبو هريرة صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف بصدقه ونشأ يتيماً وقاسى شظف العيش، أسلم في مكة.. فقد حضرت مناقشات لبعض الأخوة يقول أبو هريرة قضى أشهراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أسلم في المدينة، وهذا غير صحيح، وهذه من النقاط التي يجب أن تكون واضحة ولعل الله سبحانه وتعالى وفقني وأوضحتها في كتابي لكن إن شاء الله في الأبحاث القادمة لدراسة بقية الأسانيد سأوضح هذا الأمر، أبو هريرة أسلم في مكة وأسلم على يد الطفيل الدوسي ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وحضر جميع غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعدا خيبر والبقية، كان يحضرها والرسول صلى الله عليه وسلم أرسله في بعوث، فهل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل في البعوث رجلاً لا يأتمنه؟ كيف نقبل هذا الكلام؟ أنا لا أطالب بعواطف ولكن أقول ادرسوا حياة أبي هريرة لتعرفوا حقيقة هذا الأمر، هذا الصحابي الجليل كان يلازم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حينما بعثه مع أبي العلاء الحضرمي كان من أحرص الناس على السنة، كان رجلاً يحب الطهارة ويكثر البكاء من تقوى الله عزَّ وجلَّ، كان ينصح الناس ويطبق الأمر على نفسه وكان حكيماً عفيفاً ولهذا عندما ندرس حياة أبي هريرة دراسة دقيقة نجد أن هذا الرجل انقطع عن كل شيء وبقي في الصفة ولم يتزوج إلا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورزق ثلاثة أولاد ومنهم ابنته التي تزوجها الإمام سعيد بن المسيب، أبو هريرة تفرغ لهذا الأمر، ولهذا عندما جاء رجل لطلحة بن عبيد الله قال له هذا اليماني (يقصد أبو هريرة) يروي أشياء لا نسمعها منكم، أو عجزتم عن ذلك؟ قال: لا.. شغل بالحديث وشغلنا بأموالنا وأهلنا وسمع ما لم نسمع وجرؤ على الحديث ولم نجرؤ، كان قريباً أكثر منا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد له الصحابة بأنه يسمع ويقترب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك رواياته لم تأت عبثاً بأي شكل من الأشكال، كان رجلاً ملتزماً بالسنة، كان يحدث عن رسول لله صلى الله عليه وسلم في مكة وفي دمشق وفي العراق وفي البحرين وكان بيته مفتوحاً لطلاب العلم وأمد الله في عمره بحيث كان له عدد كبير من الطلاب وكان أبو هريرة يشجع الطلاب على كتابة الحديث النبوي.. وهذا مما أيد أن الحديث النبوي كتب ونقل بكل دقة، وكان الناس لا يرونه إلا اجتمعوا حوله كان وعاء رضي الله عنه من أوعية الحديث..
إنكم لتقولون أبو هريرة أكثر والله الموعد، أن أصحابي من المهاجرين كانت تشغلهم أرضوهم والقيام عليها وإني كنت امرؤ مسكيناً ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني ألازمة وأحضر إذا غبتم وأحفظ إذا نسيتم ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحفظ.. وأيم الله لولا آية من كتاب الله ما حدثتكم بشيء إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَاَ أَنزَلْنَا مِنْ اَلْبَيِّنَاتِ واَلْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ في الكِتَابِ أُوْلَئكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ ويَلْعَنُهُمُ الَّلاعِنُونَ.
ولذلك كان حذراً من هذه الناحية، كان يحذر الناس من الكذب ويردد الحديث الذي يرويه "من كذب علي عامداً متعمداً فليتبوأ مقعده من النار".
أبو هريرة روى عن سيدنا أبو بكر الصديق، روى عن سيدنا عمر، روى عن فضل بن عباس بن عبد المطلب، روى عن أبي بن كعب، روى عن أسامة بن زيد، روى عن عائشة أم المؤمنين، وروى عن أبي هريرة مجموعة من الصحابة منهم ابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وأبو أيوب والتابعين وأبو
هريرة رضي الله عنه من أهل العلم ثمانمائة كلهم حرص على أن يروي من هذا الصحابي الجليل.
النقطة التي ننتقل إليها الآن وهي أن موضوع إكثار أبي هريرة عندما نعلم سيرة هذا الصحابي وفضل هذا الصحابي وقرب هذا الصحابي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ندرك لماذا روى كل هذه الأحاديث ثم نأتي إلى نقطة مهمة أن علم الحديث ليس علماً سهلاً هناك كثير من الأسانيد والروايات لحديث واحد، حديث الذبابة مثلاً له ثمانية وستين رواية - وهو حديث واحد - أسانيده مختلفة، فعندما درس العماء بكل دقة أحاديث أبي هريرة وجدوا أن هناك عدداً كبيراً من هذه الأحاديث مكررة بمعنى نفس الحديث إذا وقعت الذبابة فليغمسها.. إذا وقعت.. عدد من المعاني وفي بعض الأحيان تجد الحديث مروياً مكرراً باللفظ والمعنى في بعض الأحيان، فجمعوا هذه الأمور المكررات وعزلوها ووجدوا أنها تزيد عن أربعة آلاف ومائة وعشرين حديثاً، مكررة، ثم إن الأحاديث الغير مكررة ألف وثلاثمائة حديث، وجاء الشيخ منتصر الكتاني رحمة الله عليه والأعظمي أيضاً عمل في هذا الأمر ليوضحوا أن هذه الألف وثلاثمائة حديث المروية رواها أكثر من صحابي مع أبي هريرة بمعنى أن حتى الحديث هذا الذي يرويه أبو هريرة روي من غير طريق أبي هريرة فجاء العمل الذي حرصنا على أن نقوم به في هذا الكتاب والذي أكرمني الله سبحانه وتعالى في فترة من الفترات بعد أن جلست مع بعض الأخوة والأدباء وناقشتهم في الموضوع وعزمت على كتابة هذا الكتاب عرضت كتابي على مجموعة من العلماء منهم الشيخ محمد علي مشعل والشيخ محمد علي موزة والشيخ عمر الجيلاني والدكتور عويد المطرفي ومنهم مجموعة من الأخوة والأحباب أمثال الأخ هشام ناظر والأخ عبد العزيز خوجه، قراء، قلت اقرأوا هل تجدوا في هذا الكلام ما يوضح موقف أبو هريرة رضي الله عنه، منهم من عدل، حرصت أن أوضح الشبهات التي ألصقها مجموعة ممن افتروا على أبي هريرة رضي الله عنه، ففي نهاية الأمر عزمت وتوكلت على الله وبدأت مع مجموعة من طلابنا بإدخال الحديث النبوي لأننا لنا مركز ولله الحمد في القاهرة اسمه مركز الاقتصاد الإسلامي وفي مركز آخر مركز صالح كامل للدراسات والبحث ومركز كمبيوتر خاص بالحديث النبوي ولنا مركز في الأردن ومركز آخر نتعاون معه ولنا اتصالات مع بعض مراكز الكمبيوتر التي تعمل على الحديث، تستغربوا مجموعة المراكز التي تعمل على الأحاديث النبوية.. فعندما أدخلنا الأحاديث التي رويت ورواها أبو هريرة رضي الله عنه فوجدت خمسة آلاف وثلاثمائة وسبعة وخمسين حديثاً، طلبنا المكررات حذفت فطلعت أربعة ومائة وعشرين حديثاً، طلبنا الأحاديث التي رواها أبو هريرة طلعت ألف وثلاثمائة حديث من الصحابة روى هذه الأحاديث فوجدنا أن جميع هذه الأحاديث ما عدا ما يقل عن عشرة أحاديث رويت مع أبي هريرة، فطلبنا ما انفرد به أبو هريرة فوجدناها سبعة أحاديث - أقل من العشرة - إذن كل حديث رواه أبو هريرة رواه صحابي آخر، ورواه بغير طريقته، وموجودة في علم الحديث وفي كتب الحديث، رجعنا إليها كل ما يجب علينا هو أن نعود إلى طلابنا في علم الحديث نعلمهم دراسات الكمبيوتر ونجعلهم يغوصون في هذا العلم ويستفيدون منه، لأني الآن إذا أقول للشيخ الصابوني أو الأخ الجيلاني أو الشيخ موزة أرغب أحاديث يستحيل يقول لي مجموعة أحاديث بالسرعة التي يسردها الكمبيوتر، والحمد لله علم "حديث" يجب أن نأخذ به، كنا نكتب بأقلام البوصة صرنا نكتب بالأقلام الحبر الجاف، يجب أن نستخدمه ويجب على كل طلاب الحديث أن يتعلموا كيفية استخدام الكمبيوتر في الحديث النبوي لأنه ولله الحمد أصبحت العلوم متطورة وواجبنا أن نقف بشجاعة للدفاع لأن المكثر ليس أبو هريرة وإنما ستنا عائشة رضي الله عنها سنعود إلى أحاديثها ونجد أنها إنما انفردت بالقليل.. لكن روت الأحاديث رواها صحابة بنفس الطريقة باللفظ أ وبالمعنى أو بالمعنى واللفظ.
هذا هو ما دعاني للحديث إليكم الليلة وجزى الله خيراً أخي الأستاذ عبد المقصود الذي أتاح هذه الفرصة للمناقشة حول كتاب "أبو هريرة والحقيقة الكاملة" وكل ما أردت أن أقوله في هذا الكتاب أن أبا هريرة رضي الله عنه كان دقيقاً صادقاً راوياً مصداقاً صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عنه بكل دقة وأن الصحابة وثقوا فيه وأنهم قدروه واحترموه والتفوا حوله ولم يحدث في الصدر الأول أن طعن رجل واحد في أحاديث أبي هريرة أو احتقر أبا هريرة أو استهزأ بأبي هريرة، لأن ابن أبى زعيزع يقول إذا رأيت الرجل يستهزئ بصحابة رسول الله فاعلم أنه زنديق، كانوا يحترمونه وواجبنا أن نحترم هذا العلم وأن نقبل عليه وأن نعلم أولادنا كيف يغوصوا في هذا العلم لأن طلاب الحديث إذا دخلوا بعلومهم وفهمهم وآفاقهم استطعنا أن نصل إلى لب الحقيقة وما في ذلك شك أن عملنا في الحديث النبوي عمل جليل لأننا نخدم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعلم الناشئة فنحن نقدم على عصور فيها تحديات كثيرة ولا بد أن يكون الزاد قوياً عندنا، وزادنا هو الإيمان بالله عزَّ وجلَّ ومحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته الكرام ولا نستطيع أن نثبت على ذلك إذا لم نتعلم فعلاً فضل الحديث النبوي وأسس الحديث النبوي وسند الحديث النبوي وكلما يجب أن نعرفه أسس الحديث النبوي ومصطلح الحديث ما هي أسسه لنعرف أن هذا العلم علم عظيم، وقد يجرح الرجل بكلمة عرفت عنه أو الموقف أو لضعف ولهم تعريفات شديدة قد تأتي لرجل يسمى (كذاب) أو (ركن كذب)، شدة لا يجاملون في ذلك، لو كان رجل سمع حديثاً واحداً فقط سمعه من الشيخ الصابوني وأراد في مناسبة أن يقول سمعت كذا عن جدي الصابوني.. يقولوا مدلس رغم أن الحديث صحيح والرواية صحيحة لكنه رفع السند ما عاصر جده الصابوني.. المسألة ليست مزحاً وليست عادية.. علم عظيم وفيه دقة.. وإن شاء الله تسمعوا من علمائنا ولكني فقط أردت أن ألقي الضوء على هذه القضية وأشكر كل من حضر وأسأل الله أن يجعلنا عوناً للدفاع عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وعن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأن نتعلم ولا ضرورة للعاطفة الآن المهم أن نقبل بمسؤولية وبعلم لنتعلم ونعلم أولادنا ونعلم طلابنا وخاصة طلاب الحديث كيف يتعاملوا مع هذا المد الجديد.. ونظراً إلى أن الأستاذ الأخ أحمد حسين فتيحي قد ذكر موضوع تربية الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول لقد أدبني ربي فأحسن تأديبي، فهو صلى الله عليه وسلم قد أدب الصحابة، والصحابة أدبوا أولادهم والتابعين إلى أن وجدنا من أدبنا، وفي هذه الليلة يوجد معنا أستاذ من بقية أساتذة مدارس الفلاح الأستاذ قاسم شاولي أطلب أن يقف فقط لنحييه لأني سررت - أستاذ قاسم لو سمحت بس تقف - هذا أستاذنا درسنا مع الأستاذ عبد الرحمن دوم.
 
الحمد لله والشكر لله على هذه اللحظات التي قضيناها معكم والآن أطلب من الأستاذ محمد عوامه أن يلقوا الضوء وأرجو أن نختصر بقدر الإمكان لأن الناس فعلاً في حاجة إلى دقائق، الناس في حاجة إلى زاد يتعلمون منكم وكأنكم تعطوهم المفاتيح حتى ينطلقوا إلى ما هو أكثر، تفضل فضيلة الشيخ.
 
- محمد عبده يماني: شكراً لفضيلة الشيخ.. الأستاذ السيد عمر الجيلاني نطلب منه الآن أن يشارك في هذه الأمسية تفضل يا شيخ:
 
- عبد المقصود خوجه: رجاء باعتبار أن المتحدثين كثر أود بأن يتفضلوا علينا بألا يتكرر نفس الأمر الذي سمعناه وأن يعطونا إضافات جديدة حتى نترك المجال لأكبر عدد وتعم الفائدة قبل ذلك أستأذن أستاذنا الدكتور محمد عبده يماني، الأسئلة التي وردتني كثيرة ولكنها في غير الموضوع، نريد أن تكون الأسئلة رجاء في نفس الموضوع وأن تكون موجزة حتى يكون الحوار في نفس الإطار الذي نتكلم عنه..
شكراً جزيلاً.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :609  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 81
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج