متى أعيشُ بلا عمٍ ولا خالِ! |
ولا أحاط بحُسَّاد وعذَّالِ |
قوم إذا عاش أقوام بصمتهِمُ |
عاشوا -على رغَدٍ- بالقِيل والقالِ |
وألْهبوا بالرياح الهُوج ألْسنةً |
كأنهنَّ صِلالٌ بين أدْغالِ |
تبيتُ تحفِرُ للأعراض هاويةً |
كبرى وتُشعِل فيها أيَّ إشعالِ |
موكّلون بها مستلئمون لها |
إذا استدارتْ رَحاها ألف سربالِ |
ما النارُ تشتدُّ في رَطْب وفي يبسٍ |
منهم بأقسى ولا أنكى على حالِ |
* * * |
بل ليتما أنَّني نبْتٌ برابية |
شجراءَ يلتفُّ فيها السبْعُ بالضالِ |
يَمْري السحاب عليها كل محتفلٍ |
وتسحَبُ الريحُ فيها أي إذْيالِ |
وتضحك الشمسُ من عَلْيائها فرحاً |
بزهرةٍ أنا فيها قلبها القالي |
والأرضُ عذراءُ لم تَطْمُثْ مناكبَها |
أقدامُ سَفْر ولا أقدامُ حُلاّلِ |
كأنما هي من طِيبٍ ومن عَبَقٍ |
منىً من الناسِ لم تخطُرْ على بالِ |
مكوَّنٌ عُنصري من بذرةٍ صَلَحتْ |
فاستغلظت فاستوَتْ في جِذْعِها البالي |
لا ذاك خالٌ ولا هذا أمُتُّ له |
بلُحْمة الصحْب والأدنيْن والآلِ |
ما يَرمَضُ النفْسَ إلا من تُجنّ له |
حبَّا فيلْقاك وهو الشانىءُ القالي |
وما استعرتُ هواه من ملازمَةٍ |
لكنَّه دمُ آباءٍ وأخْوالِ |
دمٌ أصيلٌ وعِرْقٌ غيرُ ذي دخَلٍ |
قد كان يُزهى بآدابٍ وأفعالِ |
لو أنني كنتُ ذاك النبت لاحتفلتْ |
بيَ المُنى وأدلَّتْ أي إدلالْ |
وظلْتُ أبْسُط أغصاناً مكلّلةً |
بالزهْر يَحْسِدُ منها العاطلُ الحالي |
تحنو الطيورُ عليها ثم تَلْثِمُها |
وتمحَضُ الحبَّ في شوْقٍ وإجلال |
وتُرسِلُ اللحن تِلْوَ اللحنِ متزناً |
عذباً كمطَّردٍ بالماء سلْسالِ |
إذا تخطَّى نسيمٌ أو بدا قمرٌ |
وشمَّ عَرْفي تمشَّى مشْيَ مُختالِ |
* * * |
فسدتَ يا زمني في كل ناحيةٍ |
حتى لأفسدتَ منّي كلَّ أعمالي |
أبْغي الصلاحَ فيُعْييني تطلبُه |
كأنما أبتغي التشْراب من آلِ |
لو كنت أحيَا حياةَ الغافلين لما |
كوفئتُ منك بتفريطٍ وإهمالِ |
بلَى لعشتُ كما عاش الجبانُ على |
ضحْلٍ من المجد أو نَزْرٍ من المالِ |
والمرء إنْ يصطبرْ قد يلتمسْ عوضاً |
عدلاً بظلمٍ وإكثاراً بإقْلالِ |
فهلْ سأصْبِرُ ويْحي ما أحرَّ دمي |
على رزايا أقاسيها وأهوالِ |
وليس يؤذيك إلاَّ ذو مخالطةٍ |
قلدته طوْقَ إحسانٍ وأفْضال |
فخُذْ جزاءَ شكورٍ غير مدَّخرٍ |
واسْل الرزايا فإن الهانيءَ السالي |
ونُحْ على الخُلُق المحمود تحسَبُهُ |
بادي المعالمِ وهْو الطامسُ البالي |