تداعى الجسم وانحلّتْ قُواهُ |
وضاق اليوم من عُمرِي مَداهُ |
كأنّي سوف أُبصر عن قريب |
يداً للموت، لا شُلّتْ يداهُ |
دعاني للفناء فخفّ روحٌ |
حثيث الخطْو لبَّى من دعاهُ |
وألقى عنه آصاراً ثقالاً |
وأنَّ له من النوم انتباهُ |
* * * |
على متْن الأثير سرى طليقاً |
وليس له زمان واتجاهُ |
تحرّر من مكان ذي حدودٍ |
ومن زمن تقيّده خُطاهُ |
وأفْلتَ حيث نهرُ الحب يجري |
وحيث نعيمه دانٍ جَناهُ |
يرى ما لا يرى الراؤون حسْناً |
بحيث الطرفُ يحسُر لا يَراهُ |
ودقَّ عن التخيّل واستطابَتْ |
له أنَّا تغازُله مُنَاهُ |
* * * |
فيَا روحاً تحمَّل غير قالٍ |
وحقق في الخلود له هَواهُ |
تذكرْ جسمك الملقى برمْسٍ |
عتت أحجارُه وقسى ثَراهُ |
قد انشعبت عناصرُه وعادتْ |
كعودة غائب طالتْ نَواهُ |
تجِدْ منه بقايا ذات شأنٍ |
تذكرِ غافلاً ما قد سَلاهُ |
تَجِدْ في الزهر وهو يضوع نشراً |
ويرقُصُ في كمائمه نَداهُ |
تَجِدْ في الورد ممتنعاً بشوك |
وإنْ لم يمتنع منه شَذاهُ |
تجِدْهُ في إناءٍ من زُجاج |
ومن طين طواهُ ما طَواهُ |
بقايا الحَطْمِ من جسم هزيل |
ضعيف الحَول عاجلَه رَداهُ |
يحلّلها الترابُ ويحتويها |
ليمنحَها النبات وما غَذاهُ |
* * * |
وقال القائلون.. أَماتَ حقّاً؟ |
نَعَمْ والحُزْن جفّت مقلتاهُ |
وأُنسيه صديق قد رثاه |
وأهْملَه حبيب قد بكاهُ |
وطاب الضحكُ مِنْ بعد انتحاب |
وزال الغيْمُ من جوّ غشَاهُ |
وبدلت التعازي بالتهاني |
وكلٌّ دبَّ فيما قد عنَاهُ |
وما للميْتِ شيء من عزاء |
وقد خلتِ البسيطةُ من حداهُ |
وأمسى كلُّ قلب يحتويه |
ويَنفي طيفه فيما نفَاهُ |