شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من أبطال الإسلام
عبد الرحمن بن عوف
عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحرث بن زهرة، من أشهر رجالات الإسلام الأولين، وأحد العشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين شهد لهم بالجنة، وأحد أعضاء الشورى الستة الذين عهد إليهم الخليفة عمر بن الخطاب عند وفاته بانتخاب خليفة للمسلمين..
ولد بعد عام الفيل بعشر سنين؛ وكان اسمه في الجاهلية "عبد عمرو" أو "عبد الكعبة" فسماه الرسول "عبد الرحمن".
كان من أوائل من دخلوا في الإسلام؛ هاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة؛ وشهد بدراً، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان تاجراً عبقرياً بارعاً؛ وسياسياً، ولقد كانت حياة قريش في الجاهلية: حياة تجارة وكفاح.. ولذا قلما تجد بين رجالها البارزين إلاّ تاجراً ناجحاً، أو سياسياً نابهاً، أو قائداً موفقاً من قواد الحروب!!
وأول ما هاجر إلى المدينة آخى الرسول بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري أسوة ببقية المهاجرين الذين آخى الرسول بين كل واحد منهم وواحد من الأنصار، قال سعد بن الربيع لعبد الرحمن بن عوف:
- أنا أكثر أهل المدينة مالاً.. فانظر إلى شطر مالي فخذه.. ولي زوجتان. فانظر إلى أيهما أعجب إليك.. فأطلقها لك!. فقال له عبد الرحمن: بارك الله لك، ولكن إذا أصبحت فدلوني على سوقكم!. فلما أصبح غدا إلى السوق فباع واشترى وربح، وعاد في المساء ومعه سمن واقط.. ثم أقبل ذات يوم على الرسول وعليه ثياب مزعفرة، فلما سأله الرسول عن ذلك؛ قال: تزوجت فقال له الرسول: فما أصدقت؟ قال: (وزن نواة من ذهب) فقال له الرسول: فأولم ولو بشاة.
وظل في المدينة بعد هجرته إليها، يمارس التجارة؛ ويساهم في الجهاد، فما هو إلا أن أصبح بعد قليل، من كبار الأغنياء؛ وكان يقول: (لقد رأيتني وما أرفع حجراً إلاّ ظننت أني سأجد تحته ذهباً أو فضة!).
كان عبد الرحمن بن عوف أغنى قريش حقاً!
كان يعرف كيف يجمع المال.. ولكنه كان يعرف أيضاً كيف يسخو بإنفاق المال في وجوه الخير، وفيما يعود للمسلمين بالفائدة العامة!
كانت تجارته تجارة الرجل الحكيم، الذي ينظر إلى المال على أنه وسيلة.. وليس غاية.. وسيلة لأن يحيا صاحبه حياة رجولة وكرامة.. ثم وسيلة لإسداء البر والإحسان..
وما أكثر ما أحسن عبد الرحمن بن عوف!. وما أكثر ما أسدى من بر!. جاء في "الإصابة" أنه تصدق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله.. ثم تصدق بعد بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس، في سبيل الله وخمسمائة راحلة..
وكان دائم البر لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم. ولأقربائه وأصهاره من بني زهرة وغيرهم ولعامة المسلمين..
صاهر كثيراً من القبائل، وتزوج من قريش، وتزوج من الأنصار وهنا نذكر رأياً للدكتور طه حسين في هذا الصدد، أورده في كتابه (الفتنة الكبرى) يرى الدكتور: أن إصهار عبد الرحمن بن عوف إلى أكثر القبائل كان خليقاً أن يساعده -لو أنه نهض بالأمر بعد عمر- على أن يجمع حوله عصبيات كثيرة، وأن يلائم بين هذه العصبيات ملاءمة حسنة.. يقول طه حسين أيضاً: (وكان خليقاً كذلك لو نهض بالأمر بعد عمر أن يقوم على الأموال العامة.. كما كان يقوم على أمواله الخاصة، فيدبرها ويثمرها ولا يعطى منها إلاّ بالحق.. وقد وضعه عمر في الشورى وميزه من سائر أصحابه حين قال: (إن كان ثلاثة وثلاثة فاختاروا صنف عبد الرحمن بن عوف) وكان بين أصحاب النبي من يرشحه للخلافة؛ ويرى في استخلافه اتقاءاً لكثير من الشر.
والحق أن عبد الرحمن بن عوف كان قميناً أن يتولى الخلافة.. لا لأنه يجمع حوله عصبيات كثيرة فحسب.. بل لمزاياه النادرة؛ ومواقفه المشهودة، وسداد رأيه وإجماع أغلبية المسلمين على حبه وإكباره. ولكنه -وقد عرف كل هذا- ما أسرع ما أخرج نفسه من المرشحين للخلافة، وقام بأمر الشورى، وانتخاب الخليفة الثالث على النحو الرائع المدوّن في كتب التاريخ..
لقد كان عبد الرحمن بن عوف بطلاً عظيماً من أبطال الإسلام في عهده الأول وكانت حياته مثالاً لحياة الرجل البر الكريم، حياة الرجل العامل بحق؛ والمجاهد بحق؛ حياة الرجل الزعيم ذي الكلمة المسموعة والرأي النافذ.. وقد توفي رضي الله عنه في المدينة سنة 31هـ وقيل سنة 32هـ بعد أن عاش 75 عاماً وصلّى عليه عثمان؛ وقيل الزبير بن العوام..
المصادر:
1- الإصابة في طبقات الصحابة -لابن حجر.
2- الاستيعاب في تمييز الأصحاب -لابن عبد البر.
3- الفتنة الكبرى -لطه حسين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :588  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 60 من 72
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج