شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بابا.. الغالي الحبيب "حفظه الله" (1)
أقبّل يديك الكريمتين.. وأبعث لك بأرق تحياتي وأجمل أمنياتي.. أنا الآن بخير كن مطمئناً.. فكلماتك العظيمة هي سندي في كل ما يعترض طريقي.. وأحاول دائماً أن أقلدك فأتحدى بدوري المشاكل والظروف.. وكثيراً ما أصارع الأفكار والقلق في نفسي حسب توجيهاتك.. وأنجح أحياناً وأفشل أحياناً.
ولكني سأنجح أخيراً ما دمت بجواري الصديق والأخ والأب وإلا فلن أكون جديرة بأن أكون ابنتك التي تعتز بها!!
كل ما أرجوه منك ألا تبخل عليّ برسائلك.. لأنها تسعدني سعادة تفوق الوصف من الصعب أن تصورها لك كلماتي التي لم تقو بعد على التعبير عن المشاعر العميقة.. ولكني متأكدة أنك تفهم ابنتك جيداً وتفهم ما يدور في نفسها حتى ولو لم تحدثك به..
دعني الآن أحكي لك ماذا حدث ونحن أمام دائرة البرقيات.. عندما دخل غازي إلى الدائرة لبعث البرقية.. سرحت بأفكاري.. وتخيلت كيف كنت أجيء إليك مداعبة وأنا أردد الأغنية الشعبية المشهورة "حل الكيس واعطينا بقشيش لنروح ما نجيش يا حلللو" وكنت تضحك بسعادة وتغيظني قائلاً "روحي وما تجيش" ها هي الحياة تباعد بيننا ورحت وما جيت.. لكن على مين؟! وراكم وراكم والزمن طويل.. حتى لو ذهبت إلى آخر الدنيا!!
من أخباري.. أنا مشغولة.. فاختبارات الجامعة على الأبواب ولذلك تجدني غارقة في بحر من الأبحاث التاريخية.. وكنت صباح اليوم مع هوميروس وملحمتيه الشهيرتين "الإلياذة" و "أودسا" وللمعلومية لقد أصبحت شغوفة بالتاريخ اليوناني والشعراء اليونانيين إلى أقصى درجة.. هل تذكر يا بابا كيف كنت مستاءة في بادىء الأمر لأني لم أوفق في الالتحاق بقسم دراسة علم النفس؟! إنني الآن تقريباً متآلفة مع جميع المواد.. إلا مادة "الدولة البيزنطية" لا أعتقد أنه سيجيء اليوم الذي يعقد فيه صلح مشترك بيني وبينها.. كيف يحدث ذلك وهي كتاب من ألف صفحة غلافه كئيب أكل عليه الزمان وشرب ومع ذلك فإني أعدك بأني سأنتصر عليها وأهزمها بدرجة جيد جداً وأنت تعلم بنتك ودماغها الناشف عندما تصمم على شيء.. ولعل النجاح يكون حليفي..
بودي يا بابا أن أكون أنا وأخواتي عند حسن ظنك.. في كل ما كنت تحلم به وتخطط له في طريق مستقبلنا.. لأنني أشعر في داخلي بالحسرة والأسى لأنك لم تنجب ولداً.. ولا أودك أن تأسف أنت أيضاً لأنك أنجبت خمس بنات.. أنا الكوبرا فيهن (الله يسامحك يا بابا).. وكم كنت كبيراً لأنك لم تشعرنا بذلك في يوم من الأيام..
كثيراً ما أحدث نفسي لو كنت رزقت بولد؟! ولكنها إرادة الله.. ليتنا نكون عزاءك عن كل ما فاتك.. كما كنت لنا نعم الأب وعزاءنا الوحيد..
لن أطيل عليك أكثر من ذلك وإن كنت أود أن أتحدث إليك حتى يدركني الصباح فأسكت عن الكلام المباح..
قبلاتي وأشواقي لأخواتي الحبيبات، وأنا في انتظار رسائلهن وكفاية كسل وقبلاتي لبابا الغالي وكل حبي وتقديري.
ابنتك
شيرين حمزة شحاتة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :556  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 63 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.