شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حللو الأفكار.. ولا تهلهلوا أصحابها (1) !..
لندع إلى القومية الإسلامية سالكين طرق الصبر والحكمة
وليدع أنصار القومية العربية بنفس الأسلوب والطريقة
حللوا الأفكار ولا تهلهلوا أصحابها..
عنف.. قسوة.. شتائم.. مهاترة.. أوصاف يتبادلها كثير من الكتّاب أحياناً في ثنايا الرد على منتقدي أفكارهم. ولقد فات هؤلاء وأولئك أن من أولى دواعي تثبيت الفكرة البعد عن كل ما ينتقص من الكاتب وفكرته، وفي رأيي أن أية فكرة يعتنقها أي فرد لا بد أن يصاحبها تبصّر وتحكّم في سبيل الدعوة والدفاع عنها.. ليست هناك فكرة أو دعوة يمكن أن يقدر لها الانتشار لو صاحبها عنف وقسوة.
هناك القومية الإسلامية، والداعون إليها كثرة من بينها الحكيم العاقل ومن بينها المتطرف الذي لا يكاد يسمع رأياً يدعو إلى سواها أو إلى تجزئة مراحلها حتى يغلي ويثور بل ويرد على هذا بكل عنف، وهناك القومية العربية ومعتنقوها والداعون إليها مجموعة لا يستهان بها.. منهم الحكيم ومنهم المتطرف وذاك يدعو بتعقل وهذا يريد فرضها ليس على العقول الخاوية وحسب، وإنما على الذين امتلأت عقولهم بالفكرة الإسلامية واستماتوا في الدفاع عنها، والتطرف في كلا السبيلين خليق بصاحبه أن يجنح بعيداً عن الغرض.. ليست القضية قضية تعصّب أو تزمّت أو اندفاع، وإنما هي فكرة انتشرت يراد لها الثبات والتدعيم، أو فكرة انبعثت يراد لها الذيوع والانتشار ولن تتدعم تلك أو تنتشر هذه بواسطة أقلام متطرفة وعواطف ملتهبة تريد أن تأتي على الأخضر واليابس لتقيم صرح جنتها على الأنقاض، وإنما هي روية وحكمة يلزمنا التمسك بها ونحن نحرك شفاهنا وندبّج مقالاتنا لندافع عن هذه أو تلك، والإسلام الذي هو أصل الوحدة الإسلامية ودعامة كبرى للقومية العربية.. هذا الإسلام أمر حامله بالدعوة إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة وليس هذا فحسب بل إنه أمر الداعي إلى هذا السبيل بأن يدفع معرقليه بالتي هي أحسن؛ وكان الله حكيماً حينما بيّن لنا ولكل داعِ إلى سبيله أنه سيجني ثمار الدفع بالتي هي أحسن بذوراً تنزع العداوة من مناهضي دعوته وتحولهم من أعداء ألداء إلى أصدقاء حميمين وقال بعد ذلك وهو أعز القائلين وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (فصلت: 35).
ولا أشك أبداً في أن كل داعٍ إلى فكرة سامية لا يريد إلاّ أن يقلل من أعدائه الألداء وأعداء فكرته المتزمتين ليضمن ذيوع فكرته، ولا أظن كل داع إلاّ أنه يريد أن يسمو بنفسه لتواكب سمو فكرته ولا أظن أن كائناً من كان يريد أن يوصم بنفاذ الصبر أو يلازمه سوء الحظ وتعاسته، فكيف بالدعاة المفكرين وقد آثروا العنف والشدة كسبيلين يدعون في حدودهما إلى أفكارهم ومبادئهم وكأني بهم قد فضلوا جني العداء وخسران الأصدقاء وبالتالي كسب حظ تعس وصبر نافذ حتمهما الخالق خاتمة لمطاف دعاة الشدة الذين آثروا السير في طرق غير التي رسمها لهم.
إن معتنق الوحدة الإسلامية تماماً كمعتنق فكرة القومية العربية لم يعتنقها إلاّ بعد معرفة، ولم يعرفها إلاّ بعد تجارب، ولم يجربها إلاّ بعد أن أحس بها تتغلغل في مشاعره، ومن ثم اعتنقها. ومعتنق ذاك شأنه لا شك قادر على إيضاح سبل فكرته وعارف لمبادئها وكل الدعائم التي ترتكز عليها، فلماذا لا يقتصر في جهاده على شرح فكرته وتلك قدرته؟!
إن اعتناق المرء لفكرة معينة قد يعني جهله الحسّي التام بما عداها من أفكار مناهضة أو عدم إلمامه بها على الأقل.. وهذا حتماً لأنه يستحيل على مشاعرنا السماح للفكرتين معاً بالتغلغل في أحاسيسنا، وبهذا أصبح كل معتنق لإحداها جاهلاً بالأخرى حسياً ولا أقول عقلياً.
فلندع إلى القومية الإسلامية سالكين طرق الصبر والحكمة والموعظة الحسنة مبينين فواصلها ودعائمها. أسسها ونتائجها والثمار التي قدمتها شارحين الأسباب التي نرى أنها تفضل مثيلاتها والمحاصيل الأجنى من ورائها داعين معتنقي الفكرة الأخرى إلى التبصر والتروي مقدمين كل المبررات التي نراها كفيلة بخلخلة ما يعتقدونه وما نراه خاطئاً بعيداً عن الصواب دون أن نمس أصحاب الأفكار ونخلط أو نمزج بين الفكرة وصاحبها، وليدع أنصار القومية العربية بالأسلوب نفسه والطريقة ذاتها دون محاولة فرض أفكارهم على الآخرين، ولندع الأفكار وحدها تتغلغل في النفوس الخاوية -إن وجدت- لتعتنق الصالح منها ولندع المؤمنين بفكرة ما يدرسون الفكرة الأخرى دون أن نستفز شعورهم ونحرك أحاسيسهم.
دعونا نهلهل الفكرة التي قد نراها غير صالحة لتحليلها وإظهار مساوئها دون أن نمس عقائد أصحابها، وأية فكرة لن تعيش إذا لم تجد تربة صالحة لها وكل فكرة صالحة كالبذرة الطيبة يدعو لها ويخدمها الفلاح الجيّد بفأسه الواعي ويهيئ لها الأرض الصالحة بتقاويه المنتقاة، ولن تعيش بذرة قدر لفلاح جاهل أن يحملها إلى أرض قاحلة ويستخدم فأساً يخبط به خبط عشواء!
دعونا نمسك الأفكار لا أصحابها فالمزج بينها ضار غير نافع. دعونا نمسك الفكرة فهي وحدها التي تعيش. أما صاحب الفكرة فزائل لا محالة. فإذا ما أردنا لفكرة ما أن تموت فلنجاهدها وحدها بالتي هي أحسن لأنها أخطر من حاملها واحتمال نموها وتغلغلها أكبر كثيراً من عمر الأفراد، وإن الخالطين بين الفكرة والمفكّر لا يجنون سوى المتاعب، والخالطين الداعين بشدة لأفكارهم لن يكونوا صابرين مدعمين بحظ عظيم.
ربما يغضبنا من يمس معتقداتنا فلماذا نثور ونغلي ونغضب ونحن نزعم أننا أشداء أقوياء. وقد قال سيد البشر عليه الصلاة والسلام ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، وربما يستفزنا أحدهم فلماذا نكيل له التهم والسباب ونزعم بعد هذا أننا نحمل فكرة أسمى أو رأياً أفضل.. لا يمكن لحامل السمو أن يغوص في الوحل ولو حدث وغاص فيه فإنه لا شك وعاء ينضح بالحقد والكراهية.. وعاء لم تعرف الأفكار السامية سبيلها إليه.
فلندع إلى هذه أو تلك ولكن بكياسة لا غضب فيها مهما قوبلت دعوتنا بالصعاب، فالغضب لم ولن يولّد إيماناً وعقائد وإنما يولّد الحقد والبغضاء وربما الانفجار، وبالصبر والتروي المصحوبين بالحكمة والدهاء نزعزع الاعتقادات الفاسدة وندمرها وبالتالي نكسب معتنقيها القدامى إلى جانب دعوتنا.. إن اجتثاث جذور أشجار غابة جرداء ذات أصول عانية لنحولها إلى جنة خضراء مورقة لن يتأتى لنا بالتدمير السطحي ولن نخلق جنة نريدها دون عناء وكفاح وإنما لا بد من التعب والشقاء لكي نصل إلى الهدف.
قلبكم هو السبيل وعواقبه مأمونة حتماً إذا أحسنَّا اختيار المؤن الطيبة الكافية.. (حللوا الأفكار ولا تهلهلوا أصحابها) ادعموا آراءكم واحترموا في الوقت نفسه آراء الآخرين.. تلك هي سبيل الموعظة الحسنة وذاك هو طريق الدفع بالتي هي أحسن..
أقولها و...!
كاتب هذه السطور موظف في المرتبة الرابعة لا هو بالكبير ولا بالصغير. وقد سئل ذات يوم من مرجعه عن مؤهلاته الدراسية فقال (بدون) ثم ذيلها بالشرح التالي.. تلك إجابة أفخر بها وترضيني إلاّ أنها قد لا تكفي وقد لا ترضي الباحثين عن الشهادات، ولكي أرضي هؤلاء أجدني مرغماً على الخوض في بواعث فخري.. لم أتخط الخامس ابتدائي وإن نمت عامين في السادسة طلقت بعدها حياة المدرسة ولا أقول الدراسة، ولقد كنت بليداً في مدرستي بكل ما في هذه الكلمة من معنى. وما لها من فروع.. هذا عن المؤهلات المدرسية التي لا أذكر من مقوماتها شيئاً اللَّهم إلاّ الحروف الهجائية... ولا يعدل فخري بالماضي إلاّ فخري بالحاضر.. حاضر لا أستطيع تحديد مداه وإنما يبلغه من شاء وقتما يريد.. هذه إجابة وتلك صراحة أحسب أنها تعون الكثيرين؟
ميمان كويتب
 
طباعة

تعليق

 القراءات :533  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 71
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج