شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الثورة العربية الكبرى
نهضة الحسين بن علي
إن المطلع على قضية الترك والعرب يعرف أن الصلة الجامعة بينهما كانت هي الإسلام فقد خدمت شعوب من الأتراك قبل أتراك العثمانيين خلفاء الإسلام في قصورهم وجيوشهم وانتهوا إلى الظفر بألوان من الثقة هيأتهم في كثير من أدوار التاريخ الإسلامي إلى القيادة في كثير من عواصم الإسلام.
والمتتبع لما سردناه في أوائل هذا الجزء في فصل (عهد الترك العثمانيين) يعلم أن العثمانيين ما كادوا ينشئون دولتهم حتى فكروا في الانحدار إلى الشرق غازين وقد فتحت أمامهم سائر العواصم العربية وهلل المسلمون بغزوهم في سبيل الإسلام فعقدت البيعة لسلطانهم كخليفة للمسلمين (1) .

الحسين بن علي

كما يعلم أن شريف مكة يومها بركات بن محمد ندب ابنه أبا نمي ليرحب بالجيش الفاتح بعد أن استتب له الأمر في مصر عام 923 ويضع في يده مقاليد الحرمين.
كما يعلم أن العلاقة دامت بين أمراء مكة والعثمانيين أكثر من أربعة قرون يتجاذبها المد والجزر على النحو الذي مر بنا في الفصول المتتابعة وكان من مميزاتها أن العثمانيين لم يحكموها حكماً مباشراً كما فعلوا في سائر الأقطار التي كانت تدار إدارة شاهانية بحتة إلاّ في فترات متقطعة استدعتها ظروف خاصة وقد ظل الأمر على ذلك حتى انتهى إلى ثورة الأتراك على خليفتهم ونجاحهم باسم الدستور العثماني في عام 1329.
أذهان تتفتق: لقد عاش العرب أول علاقتهم بالعثمانيين يدينون في شتى عواصمهم بالطاعة للسلطان كخليفة يحمي ذمار الإسلام ولكن الأذهان ما لبثت أن تفتقت على أثر احتكاكها بالأمم الناهضة في العالم المتمدن فاستبان العرب مبلغ ضياع حقوقهم في ظل دولة لا تحفل إلاّ بكيانها الخاص وعنصرها الحاكم وتسلط خليفتها المطلق.
وعندما قامت قيامة الدستوريين الأتراك على خليفتهم فكر بعض أحرار العرب في أن يشاركوا في نجاح الدستور ليظفروا للعرب بما يؤيد كيانهم في الحكم الجديد ولكن الدستوريين ما لبثوا بعد فوزهم أن أعادوها طورانية اعتمدوا فيها فضل عنصرهم على سائر الشعوب التي كان يحكمها أجدادهم وبدأوا ينظرون إلى العرب نظرتهم إلى مستعمرات تابعة وتغالى بعضهم فرأى وجوب تتريكهم لتجتمع كلمتهم في شعار تركي موحد.
جمعيات عربية: استاءت العناصر العربية لهذا التحول فتجمع أحرارها المقيمون في الآستانة وساعدهم على التجمع بعض الموتورين من الحكم الجديد من الأتراك فكانت جمعية الإخاء العربي وقد تأسست لتدعو إلى المؤاخاة في الحكم الجديد فلم تنجح وتأسست على أنقاضها جمعيات أخرى في تركيا وبعض بلاد العرب لعلّ من أهمها حزب اللامركزية الذي ألفه في القاهرة بعض أحرار السوريين وكان من أهم أغراضه أن تتولى كل ولاية في بلاد العرب إصلاحاتها دون أن ترجع إلى مركز العثمانيين الرئيسي (2) .
وعقد بعض المقيمين في باريس من أحرار العرب مؤتمراً بحثوا فيه حقوق العرب في المملكة العثمانية واتصلوا بحزب اللامركزية في القاهرة فندب بعض رجاله لحضور المؤتمر فكانت قرارات استاء لها العثمانيون ولكنهم كانوا مشغولين بتناحرهم وما جرته عليهم حروب البلقان (3) .
ثم ما لبث عقلاء الاتحاديين أن عادوا إلى رشدهم وقرروا استمالة العرب فندبوا أحد رجالهم إلى باريس ليفاوض المؤتمرين هناك وبذلك كاد أن يلتئم الشمل خصوصاً وقد أصدر الاتحاديون منشوراً وعدوا فيه العرب بكافة مطالبهم ولكن العرب لاحظوا أخيراً أن الأيام تتمادى دون أن يحصلوا من مطالبهم إلاّ التسويف والمطل (4) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :478  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 218 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج