شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تمهيد
قلنا في فصل سابق أن العصر العباسي الثاني زخر بالحركات الدينية التي انتشرت آثارها بانتشار الداعين إليها في أصقاع المملكة العباسية وقلنا إن كثيراً من أصحاب هذه الحركات كانوا يرمون بها إلى أغراض سياسية يسترونها بستار من الدين، وإن بعضهم قد يكون بريئاً فيما يدعو مخلصاً لمذهبه الذي يعتقد، إلاّ أن تيارات الحياة لا تلبث أن تجرفه أو تجرف خلفاءه من بعده إلى خضم السياسة فإذا بالحركة تتزعم ثورة، وإذا بالثورة تؤسس دولة، وقد يتسع هذا التأسيس إلى أبعد ما يكون من المدى وتشجعه روح الفوضى التي كانت تسود أقطار الإسلام.
وقلنا إن من أهم الحركات المذهبية في هذا العصر الذي ندرسه هي حركات الشيعيين على اختلاف فرقهم في العالم الإسلامي من موسوية إلى إسماعيلية إلى اثنا عشرية إلى قرامطة إلى كتامية وفاطمية.
وموضوعنا في هذا الفصل يتناول الفاطميين، وعلاقة ذلك بما كنا في سياقه من حوادث مكة وأخبارها.
تلقى عبيد الله المهدي أول الخلفاء الفاطميين أصول المذهب الشيعي على أساطين من علماء الإسماعيلية، ثم جاء إلى مكة مندوباً من القائمين بأمر الدعوة الشيعية ليدعو لهم سراً وقد اتصل به بعض حجاج المغرب من كتامة في الجزائر على مقربة من قسَّنطيفة، فاستمالهم لدعوته ورحل معهم في عام 288 وظل يجمع القلوب حوله في كتامة (1) .
وفي سنة 291 بدأت أعمال عبيد الله الهجومية ووقع في يده كثير من المدن المغربية (2) وكان عبيد الله إلى جانب كونه محارباً فصيح البيان يفلق بالحجة، وقد بلغ من عنايته بذلك أن أخاه أبا العباس لما أراد أن ينفي من القيروان من يخالف مذهبه، قال له أبو عبيد الله إن دولتنا دولة حجة وبيان وليست دولة قهر واستطالة، فاترك الناس على مذاهبهم.
وأسس عبيد الله دولته على أثر هذا في القيروان من المغرب، ونادى بنفسه أميراً للمؤمنين وسميت دولته الكتامية نسبة إلى كتامة في المغرب ثم سميت الفاطمية.
وفي سنة 301 سيَّر إلى مصر جيشاً بقيادة أحد أبنائه، فاستولى على الإسكندرية وبعض قرى الوجه البحري، ولكن العباسيين أعادوه إلى مراكزه في المغرب (3) فأعاد الكرَّة في سنة 307 ثم أعادها ابنه وخليفته القائم في سنة 334 وكانت دولة الأخشيد قائمة فاستطاعوا صده عنها (4) .
وفي سنة 358 استأنف المعز الخليفة الفاطمي الثالث الحملة على مصر بقيادة كاتبه جوهر الصقلي، فاحتل الإسكندرية، ومضى في فتوحه نحو الفسطاط يسوق الأخشيديين أمامه حتى طلبوا منه الأمان وسلموا إليه مقاليد الأمور (5) وبذلك زال سلطان الأخشيد عن مصر كما زال عندما حكم العباسيون من قبلهم وأسس جوهر مدينة القاهرة وأحاطها بسور كبير من اللبن.
وقد حكم جوهر مصر أربع سنوات حتى سلم مقاليدها إلى المعز على أثر وصوله إليها من المغرب (6) وقد تأسست في هذا العهد جامعة الأزهر.
وامتدت فتوحات الفاطميين بعد ذلك إلى بلاد الشام وفلسطين، ثم اتصل نفوذهم بالحجاز.
علاقة الفاطميين بمكة وإعلان حكومة الطبقة الأولى من الأشراف: وهنا نعود إلى سياق الأخبار في مكة، فقد تركناها تابعة لنفوذ الأخشيد إلى قبل سقوطهم في مصر على يد الفاطميين، ويبدو أن بعض العلويين من أحفاد الثائرين في مكة من عهد الأمويين والعباسيين رأوا أن الفرصة سانحة لاستقلال مكة عن الأخشيد في مصر خصوصاً وأن حكومة الأخشيد في مصر أصبحت مهددة باحتلال الفاطميين وبذلك ثار كبير الأشراف الحسينيين يومها جعفر بن محمد بن الحسين من أحفاد موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى (7) فنادى بسقوط الأخشيد واستقل بحكم مكة في عام 358 وهي السنة التي سقطت فيها مصر في يد الفاطميين (8) وبذلك أسس حكومة الطبقة الأولى من الأشراف ويسمونهم الموسويين (9) .

طبقات الأشراف الثلاثة: وتظهر الطبقة الأولى في الوسط والطبقة الثانية إلى اليمين والطبقة الثالثة في أعلى الصورة في الوسط كما تظهر نسبة الجميع إلى الحسن المثنى وهو جد ثوار العلويين السابقين وفي الصورة يبدو موضع (قتادة رقم 16) في أعلى وهو جد الطبقة الرابعة من الأشراف

 
طباعة

تعليق

 القراءات :383  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 64 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.