شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هو أنت.. تبغى كل يوم تتزوج
وتتداعى المعاني بين يدي بحثاً عن هذا الذي نرهق به جيوبنا لتستطيع سيداتنا أن ترضى بما تُكلِّفنا بعض التقاليد الشائعة بما في شيوعها من ترَّهات وزيف.
وتتداعى المعاني فيحلو لي أن أتابع البحث في مثل هذه الألوان لنرى إلى أي حد تأسرنا هذه الترَّهات وتملك علينا أزمة أمورنا.
لا ينكر أحد أن أغلبية شبابنا الساحقة لا تجرؤ على البحث فيما يكمل عليها دينها، ويضمن لها الشطر المتمِّم لسعادتها.. ذلك لأن السبيل إلى هذه الغاية محفوف بتقاليد لا نهاية لتكاليفها المرهقة.. ونفقاتها الطائلة.
لا يكفي أن يعرف الشاب طريقه إلى بيت مخطوبته ليقدم إليها ما نصحت به السُّنَّة، ورضي به وضعه المالي في حدود لا ترهقه نصباً، ولا تكلفه من أمره عسراً.
إن مثل هذا السبيل لم يخلق بعد ليسلك الشباب فيه طريقاً ناعماً يفضي بهم إلى استقرار سعيد، وعيشة هانئة. فإذا أحجم الشباب عن سلوكه.. فالذنب في هذا ذنب الترَّهات التي تركتها تقاليدها تنبت على حفافي الطريق كما تنبت الطفيليات في أحواض الزهور.. فتأخذ عليها نصيبها من النموِّ والازدهار وتُحيل أحواضها الجميلة إلى منابت للشوك والعوسج.
إن الشاب بيننا لا يبلغ سن الزواج حتى تقحمه تقاليدنا في مآزق لا يدري كيف يضع قدمه فيها.. إنه مطالب لدمه الفوّار وطبيعته الحارة بمطالِب جنسية لا هوادة فيها ولا محيص عنها، ولكن التقاليد تأبى أن تعترف بما يُعاني لتتنازل عن ترَّهاتها الزائفة.. وتُيسِّر له السبيل إلى ما يصبو إليه.
إن من التكاليف المفروضة أو الفروض المتكلِّفة ما لا يقوى على احتمالها كاهل.. فوا رحمة للشباب الممتحن في عفافه وشبابه.. أمام إصرارها العنيد وفروضها القاسية!!
وتتمثَّل التكاليف بترَّهاتها التقليدية أكثر ممّا تتمثَّل عندنا في البيئات البدائية التي لم يرتفع بها مستواها إلى فهم الحياة على حقائقها، وتجد من نسائنا المتأخرات تشجيعاً منقطع النظير ((وي يا خويا.. هو أنت كل يوم تبغى تتزوج.. لا.. بلاش فضايح.. إما تسّوي شيء على أصوله. وإلاّ بلاش تبهدلنا)).
ترى ما هذه الأصول التي يردننا لنسوِّي أمورنا في الزواج بموجبها؟
إنها سلسلة من التكاليف المرهقة لا يُقرُّها منطق ولا يرضاها عقل.. إلاّ إذا أردنا أن نسمّي تصرفات بعض سيداتنا الجاهلات عقلاً.
إنني لا أتهجم على سيدات فيهن أمي وأختي، ومنهن قريباتي بنسب أو صهارة أو جيرة.. وليس بينهن إلاّ من تعز علي.. لا أتهجم عليهن ولكنني أجد المغبونين بأحكامهن الظالمة، وأوامرهن الجائرة، مسألة لا تقبل التسويف أو التراجع!!
ما معنى هذه الجلبة التي يضج بها بيت العريس، ويضج لها بيت العروس قبل موعد الزفاف بأسبوع؟.. إن سيداتنا فرحات بابنهنَّ العريس أو ابنتهنَّ العروس.. فليفتح البيت أبوابه (للزيطة) الفارغة، ولتستعد الجيوب بما كُتب عليها من إرهاق!!
ثم ما معنى هذه الجموع التي يغصُّ بها دار العريس وملحقات داره من بيوت الجيران قبل موعد الزفاف بأيام.. يرتعون فيها بين ما لذّ وطاب، أهي الفرحة بمعناها اللذيذ؟. أم هو التقليد الموروث بنفقاته الباهظة وتكاليفه المدمِّرة؟
وأخيراً ما معنى هذه البنود المفتوحة لأرقام لا حدود لنهايتها ليلة العرس، وقبل ليلته، وبعدها؟
أأموال هي رخيصة لا وزن لها ولا قيمة عند أصحاب العرس؟
أبذل هو نستنزفه من أفئدتهم، ونقتطعه من قلوبهم ثم لا نتركهم حتى نوسدهم الأرض من هول ما أصاب جيوبهم؟؟
ليتنا ندري إلى أي حد نجني على ضحايانا من الشباب المقبل على الزواج ونعرف مدى ما نصيبهم به في أموالهم وأنفسهم ليرضوا تقاليدنا الرثَّة وعاداتنا البالية؟!
سيقول المتحذلقون منا إن مثل هذه التكاليف لا تصيب إلاّ القادرين عليها؛ لأن العاقل منهم سوف لا يُقحم نفسه فيما ينوء تحت أعبائه، ولا يتكلّف في أفراحه إلاّ إلى القدر الذي يقوى على احتماله.. وفي هذا من المغالطة ما يستحق الدراسة والبحث.
إن جميعنا يعلم أن الفقير الذي يشعر بنقصه عن جيرته وأقرانه يأبى إلاّ أن يغطي نقصه بما يتكلَّف في مثل هذه المناسبات!! ليُثبت لغيره كماله المزعوم.
تلك مأساتنا التي نتمنى علاجها في الأوساط الفقيرة.. قبل أن نعنى بالميسورين والأغنياء في بلادنا.
إننا لا نجرؤ على انتقاد فقرائنا عندما يزجُّون بأنفسهم في مثل هذه المشاكل التي يُقاسون من فداحتها ما يُقاسون.. لأننا نعلم أنهم يستجيبون في أعمق أعماقهم لمشاعر لا يقدرون على السيطرة عليها.. إنهم يندفعون من حيث لا يشعرون إلى تقليد الأغنياء ليرضوا كرامتهم المجروحة، ويُثبتوا لأنفسهم أنهم لا يقلّون كفاءة أو بذلاً عن أندادهم رغم فقرهم المدقع وحاجتهم إلى (القرش الواحد).
ولكننا نستطيع أن نجرؤ على أصحابنا الأغنياء، راجين إليهم أن يكفّوا عن جميع المظاهر الزائفة التي يتظاهرون بها في أفراحهم ليدللوا على مكان غناهم في بلادنا.. نستطيع أن نقول لهؤلاء إنكم أكبر من أن تتكلَّفوا هذا النصب، لتُثبتوا رتبة الغنى في بيوتكم.. فنحن نعلم عن درجات الغنى بينكم ما لا نحتاج معه إلى تدليل أو إشهاد.
ما أحلى أن تطمئن نفوس أغنيائنا إلى هذا، وأن يتَّفقوا فيما بينهم على التواضع وإخفاء تظاهرهم رحمة بالفقراء الذين يندفعون خلفهم تحت تأثير عوامل لا يستطيعون عصيانها.. ليُثبتوا لأنفسهم غنىً موهوماً، وثراءً زائفاً.
اضربوا الأمثال لفقرائنا بتصرفاتكم العاقلة.. ليقول الفقير غداً لمن يلحاه: إن لي أسوة بهؤلاء الوجهاء الذين أضربوا عن التقاليد المُرهقة، واكتفوا في أعراسهم ومآدبهم بالبسيط الذي لا يُكلف، والجميل الذي لا يُرهق.
اضربوا الأمثال أمامنا..
ودعونا.. نمشِ!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :307  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 23 من 114
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج