شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(3)
لا يسيئني فيك شيء كما تسيئني سطحيتك في كثير من أمورك وحكمك على الأشياء بما يبدو من ألوانها السطحية.
سمعت حديثك البارحة عن الرجل (الفاضل) وشهدت حماسك وأنت تعدد مناقبه فاستوت لدي فكرة صحيحة عن أسلوبك في فهم الناس. وعلمت أنك إلى حد ما لا تحسن تفسير الأشياء وفلسفتها.
رأيت صاحبك يسمو في نظرك بالمحافظة الشديدة على قواعد المجتمع الذي ألفه واتزانه أمام التبعات التي يخشى مسؤولياتها ثم باقتصاره على الوتيرة التي يحياها سعيداً بنفسه على هامش الحياة لا يكدره المعترك الصاخب وأخيراً سموه إلى الخلق الفاضل الذي يربأ به عن الدخول في فوضى الناس وإبداء آراء معينة فيها.
ليتك تدري أن مجموعة كبيرة من معاول الهدم وآلات التخريب لا تعمل في هدم كيان صاحبك عمل الثناء الذي كنت تزجيه عليه ليلة البارحة.
ما ظنك بشخص تربأ به نفسه عن الدخول في فوضى الناس؟ أيزيد في نظرك عن شخصية لم يكتمل نضجها بعد؟ فلم يقو على مواجهة الحياة والدخول في معتركها؟
ليس النضج نتيجة عملية لما تدرسه في بطون الكتب وأنت مطمئن على سلامتك، سعيد باقتصارك على هامشها بقدر ما هو احتكاك بالحياة وإنشاء علاقات فيها وطيدة البنيان شديدته.
وتركك في الدنيا دوياً كأنما
تداول سمع المرء أنمله العشر
وإذا صحت ظنونك جميعها في صاحبك فهو من ناحيته السيكولوجية طفل لم تستكمل بعد مؤهلاته للحياة ولم ينضج فيها نضوج الرجل الذي يقوى على مسايرتها.
وما محافظته الشديدة على قواعد المجتمع إلاّ مظهر من مظاهر هنة الطفولة التي لا تستطيع مواجهة أي تفسير أو تغيير يطرأ على ما اعتاد رؤيته وألف اختياره في مناحي حياته.
وليس يصح في ذهنك فيما أعتقد أن تنتظر من طفل اعتاد ألواناً معينة واطمأن إليها أن يجرؤ على تحمل مخاطر مجهولة في سبيل المبادرة إلى ما لم يألف.
إنه بذلك ينقصه عامل المخاطرة وهو ما لا يتيسر لطفل لم يكتمل نموه السيكولوجي.
وإذا كنت لا تنتظر منه أن يبادر إلى غير مألوفه فمن غير اليسير عليك أن تتصور مقدار ما يضطلع بالتبعات ويجرؤ على مسؤولياتها لأنه بذلك إنما يعرض نفسه لمصاعب حافلة بالكثير من الأخطار التي لا تتفق مع حداثة سنه.
وقُلْ مثل هذا في خُلقه الفاضل الذي يسمو به عن إبداء آراء معينة لأن الآراء المعينة رهينة برجال كمل نضجهم وطال احتكاكهم بالحياة فاستوت لهم أفكار قوية يستوحونها عند الطوارئ ويعتمدون عليها إذا لزمهم الاعتماد بل يستطيعون أن ينفردوا بها مهما اشتدت الأزمات واعترك الصخب.
وبعد.. إذا كنت لا أستبعد على أخيك (الطفل) عجزه عن المبادرة إلى غير ما ألف. وخوفه من الاضطلاع بأية مسؤولية يتعرض لمصاعبها فأنا جد مستبعد بأنه يقوى على تحرير فكرة يستقل بها دون أن توحيها إليه أمه.. أو أي فرد آخر من الذين تعوَّد توجيههم ومساعدتهم.
رحمة لطيبة أخيك المسكين وفي طيبة بعض الأطفال ما يستدر الدمع ويبكي الفؤاد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :424  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 60 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج