الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > > الاكتفاء الذاتي

الاكتفاء الذاتي

قلت لصاحبي كان من رأيك في حديث سابق أن الوقت قد حان لأن تسعى بلادنا حثيثاً إلى التصنيع والاكتفاء الذاتي وأن تجد الرساميل المحبوسة في صناديقها المجال واسعاً أمامها لتؤدي ما عليها لتصنيع بلادها.

وكان من رأيي أن البوادر قد لاحت في أفقنا مذ شرعت وزارة الزراعة تكل إلى بعض الشركات الكبرى دراسة مناطق المملكة بحثاً عن مصادر المياه ومواضع تجمعها وتحليل التربة في كثير من المناطق التي يعتقدون صلاحها للزراعة. ذلك لأن الزراعة ليست عملاً لذاتها فحسب فهي مفتاح التصنيع ومفتاح الاكتفاء الذاتي الذي ننشده، فنحن في خطوتنا الأولى نستطيع تصنيع بعض منتوجاتنا الموسمية التي تتراكم في مخازن الفلاح فيضطر لعرضها بالثمن الرخيص أو تركها للضياع والتلف وهي منتوجات يمكنها أن تدير مئات الدواليب الصناعية فمنها ما يصلح للتعليب أو التجفيف وناهيك بالتعليب والتجفيف وما يتفرع منهما من مهن تشغل مئات الأيدي أو ألوفها.

ومن المواد الخام عدا ما نجفف أو نعلب يصح أن نعتمدها أساساً لبناء المصانع إذا استطاعت تربتنا أن تجود بها في مقادير واسعة واستطاعت المياه التي نستنبطها من مظانها أن ترويها بصورة كافية تهيئها لإدارة الدواليب الصناعية في كل منطقة بما يتفق ونوع إنتاجها.

تصور يا صاحبي أن بحوث الشركات من ذوات الاختصاص التي اعتمدتها وزارة -الزراعة لدراسة التربة ومصادر المياه في سائر مناطقنا إذا أذيعت غداً بين أصحاب الرساميل القوية مؤيدة بياناتها التفسيرية فسترى أن أصحاب رؤوس الأموال تتسابق لاستغلال الأراضي في أقصى مناطقها وبناء المصانع في كل صوب من بلادنا.

إن رأس المال لا يعجزه إذا ضمن النتائج أن يبذل طاقته في استصلاح الأراضي التي تؤكد الدراسة الفنية قبولها للاستصلاح ولا يعجزه أن ينفق من سعة في سبيل الماء إذا ثبتت له مصادرها علمياً ولا يعجزه أن يستورد الخبراء والفنيين والزراعيين وأن يبعث من شباب البلاد من يتخصص في فنون الزراعة إذا لاحت له بوادر الكسب.

لا يعجز رأس المال أن يبني ليصنع وأن يؤسس للتدريب الواسع ليهيئ اليد العاملة والمهارة الفنية المتخصصة أن تمد يدها بما ينمي الإنتاج زراعياً أو صناعياً على غرار ما فعلت لاستثمار المعادن والثروات المعدنية وما تفعله لكثير من مجالاتنا الحيوية.