شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(15)
نقطة تحول
ودام عملي في الدكان إلى شهور كنت أشعر أثناءها أنني في حاجة إلى تجديد رأس المال كلما تقدمت بي الأيام، وكنت قد اطلعت في بعض ما أقرأ على نبذة طريفة يصف فيها أحد الأدباء جاراً له يحاول التجارة عبثاً فقال: (إنه لو تاجر في الزيت لمحا الله آية الليل).
وليس مجهولاً أنهم كانوا يستضيئون بالزيت فلم يستبعد الأديب الظريف أن يمحو الله آية الليل لو تاجر جاره الفاشل في زيت الاستصباح؛ ولا أنكر أنني كنت لا أتذكر هذه الطرفة حتى ينتابني الخوف من أن تأمر الحكومة بمنع تعاطي الشاي إكراماً لحظي العاثر في ما أتاجر، ولكن الحكومة كانت أعدل من أن تعلن مثل هذه الأوامر؛ ومع ذلك فقد أبى حظي إلا أن يعاكسني في إصرار، وأبت الصدف إلا أن تشاكسني إذا كان موضوع الحظ لا يزيد عن خرافة لا ظل للحقيقة فيها.
وأشرق دكاني في أحد الأيام بإشراقة زميل قديم رأى أن يزورني بعد تباعد طويل؛ وكان في زيارته ما يصح أن أسميه بنقطة التحول. فقد رأى وفاؤه أن ينقذني من حياة التبلبل التي أعيشها إلى حياة أخرى لا أقول إنها كانت سعيدة ولكني أقول إنها كانت خالصة من شوائب القلق رغم ما فيها من إقلال.
قال زميلي: ألست من حُفَّاظ القرآن فيما أذكر؟
قلت: وإنني من مجوِّديه، ودارسي أحوال الغنة، وأحكام المد فيه.
قال: وما رأيك إذا أضفناك إلى المدرسة التي ندرس فيها كمعلم للقرآن؟
فأطرقت رأسي في هيئة المفكر الذي لا يريد أن يجازف بترك تجارته الرابحة إلى الوظيفة قبل أن يقلب وجوه الرأي، ويزن الملابسات بأدق ما عرفت به موازين الرأي. ثم اعتدلت وشرعت أطيل النظر إليه في تخابث، وأنا أكاد لفرط سروري أن أنهال على راحته لثماً وتقبيلاً ثم قلت:
ولكن ألا ترى أن من الغبن أن أطلِّق حريتي في تجارتي إلى قيود الوظيفة!! فما زال يقنعني بفساد ما توهمته من قيودها وهو يحسب أنه سيحبب لي ترك الدكان وما علم أنني لو حلمت بمن يعرض عليَّ التوظف لغالطت نفسي وانطلقت على أثر يقظتي من الحلم باحثاً عن شخصية من عرض عليَّ التوظف لأرجوه قبولي فيما حلمت به في منامي -ولكنه التخابث، والمجالدة في ضبط العواطف والتجمل بالمراءاة الزائفة.
وقبلتني المدرسة كعضو في هيئتها التعليمية، فبدأت أشعر بالفرق بين حياتي في الحارة والدكان، وبينها في وسط المعلمين الراقي، وبدأت أعاشر صنفاً من الناس له قيمته الأدبية، وله حظه من التهذيب إذا قيس (بالعيال) من أشقياء الحارة.
ولست أدعي أن دخائل هذا الصنف تنطوي على أفضل ما تنطوي عليه دخائل (العيال) في الحارة، ولكنها أخلاق شذبتها المعرفة، ولطفت من سورتها، أما في الحارة فقد ظلت على فطرتها قاسية بما في القسوة من رجولة ونضج وخطر، وما في الفطرة من طوايا سليمة وشعور أحمق.
على أن رفاقي من هذا الصنف المتعلم لم يكن تعليمه راقياً بالصورة المعروفة في الأوساط العالية، ولم يكن نضجه التربوي قد شارف شيئاً سامياً من الكمال.. فقد كنا، أو أكثرنا خريجي كتاتيب عالية أو مدارس لم تتعد الطور الابتدائي؛ وكنا إلى جانب ذلك فتياناً لم يطرّ شارب أكبرنا سناً، جمعتنا مديرية المعارف من زوايا متفرقة، لتزود مدارسها الجديدة بما تملك من محصول.. فكان على المدارس أن تعلمنا كيف نعلم أبناءها وأن تعرضنا للتجارب القاسية لتهيئ منا، ومن تلامذتنا جيلاً يلم ببعض المعرفة، ويرود طريق النهضة العلمية الجديدة.
كنا نشتعل حماساً لمهامنا في المدرسة، وكانت اليقظة الجديدة في البلاد قد خالطت مشاعرنا، فأصبحنا نؤدي أعمالنا عن عقيدة وإيمان، وكنا إلى جانب هذا مسرورين بالسلطة المطلقة التي كانت تخولها لنا أوضاع المجتمع في تلك الأيام.. فالطفل في المدرسة خادم أستاذه المطيع، يتلقى أوامره في خشوع، ويمضي إلى مرضاته بنفس الروح الرضية التي كنا نمضي بها إلى الكتاتيب من قبل!
كان كرسي الأستاذية في الفصل خشبياً، ولكن التلاميذ يأبون إلا أن يجعلوه وثيراً فيفرشونه لي (بأحاريمهم) حراماً فوق الآخر حتى تزيد طبقات الأحاريم عن عشر، ثم يزينون ظهره (بأحاريم) أخرى، حتى يبدو كأنه منصة عرس، فكنت بذلك أرضي خيلائي كفتى لم يكمل نضجه.
وكنا نتمتع بصولتنا في الجلد!!، ونرضي غرورنا بانتقاء العصى المبرومة، ونشبع رغبتنا في القسوة على من نجلدهم كما يشبع الطغاة نهمهم في الفتك بضعاف رعاياهم.
وكانت لذتنا باجتماع هيئتنا التعليمية -كشلة- لا تعادلها لذة. فقد كانت سنوات أعمارنا متقاربة، وكان مستوى عقولنا المحدود لا تتفاوت درجاته كثيراً.
لم تكن لدينا دروس يتعين مراجعتها أو بحوث يجب إعدادها بل كانت تكفينا كتب التلاميذ المطبوعة لِنُكلِّفهم باستظهارها عن ظهر قلب ثم نفسر لهم ما أغلق من بعض معانيها.
كان الطالب يحفظ في كتابه نص السؤال وصيغة الجواب كما طبعتا وفي ذلك ما يضمن له النجاح عند أستاذه كما يضمن له التفوق في غرفة الاختبار.
لهذا كان كل همنا بعد أن نؤدي وظائفنا في الفصول بحماس وغيرة -على طريقتنا- وأن نتمتع بندواتنا واجتماعاتنا في مرح صارخ، وعبث صاخب، وأن نمضي ليالينا في سمر ضاحك، وسويعات فراغنا في هزل يليق بأترابنا في سن الفتوة المبكرة، وإن كان لا يتفق مع ما يجب لوقارنا كمدرسين.
وكان زميلنا (عبد الله خوجه) المعروف اليوم على رأس الحركة التعليمية الليلية أستاذاً لا ينازع في فن الضحك، وتدبير المقالب، وتمثيل الفكاهات التي لا يجيدها إلا الموهوبون.. فكانت أيامنا لذيذة بأفانينه الطريفة ونكاته الصاخبة.
كانت مواعيد دوامنا في المدرسة لا تحدها ساعات، فقد كنا نصرف تلاميذنا، لنبدأ ندواتنا لا في هدوء يليق بوظائفنا ولكن في ضجة صاخبة، وسباق في الجري والنط بين غرف المدرسة وإدارتها، وكان يحلو لنا في بعض الأمسيات أن نمتطي صهوات بعض الحمير الفارعة في موكب حاشد.. يبدأ خروجه من المدرسة في ضجة لا تليق بمدرسين، ثم ينتهي في وادي الزاهر أو (ريع الكحل).
وأكبر ظني أننا كنا معذورين.. فقد كان أكبرنا سناً لا يتجاوز سن الفتوة اللاعبة؛ وكان سرورنا بفرص اللعب بيننا وإصدار الأوامر على الأطفال؛ وجلدهم لا يقل عن سرورنا بمهامنا التعليمية في المدرسة.
وجاء يوم رأت مديرية المعارف وعلى رأسها فضيلة الشيخ عبد الله الزواوي وكيل المديرية أن تستغني عن رئيسنا في الإدارة وكان شيخاً وقوراً أرهقه نزقنا فاختارت أحدنا للإدارة.
كان زميلنا الشيخ عبد الوهاب خياط لا يكبرنا إلا بسنوات لا تكاد تذكر ولكن كان يمتاز بكثير من الهدوء الذي يرشحه لإدارة فتيان مثلنا استمرأوا النزق وقد استطاع أن ينجح ولكن إلى حد كان لا يكفي كل الكفاية لتأمين العمل في جو من الهدوء الذي كانت ترجوه مديرية المعارف.
كان يمتاز بوجه صارم لا يستخفه النزق الشائع بيننا وكان شاربه المفتول يرسم صورته أمامنا كشاب ناضج يستحق التوقير ولكننا مع هذا لم نتنازل كثيراً عن مباذلنا المضحكة حتى في مجتمعاتنا الرسمية به.
ومما أذكره إنني كنت شخصياً أحسد فيه هذا الشارب وأتمنى لو كان لي بعض شعراته لأبرمها كلما استدعى الحال أو أزفت أزمات الجد في مواجهة بعض التلاميذ المناكيد.
وكنت لا أخفي عليه حسدي حتى لأذكر أني جئته مرة لأقول ((شيخ عبد الوهاب أما اليوم نبتت لي شعرة واحدة فأسرعت أبرمها كما تفعل ولكن.. قطعت ويا للأسف!!)). فما ملك أن ضحك حتى استلقى.
وكان الشيخ عبد الوهاب إلى جانب صرامته أنيساً يهوى فن الغناء ويجيد الطرب على العود وفي سبيل هذا كان ينسى صرامته في كثير من الأحيان ويتودد إلينا ليجمعنا إلى حفل أنيس في بيته يغنينا فيه أشهر (الطقاطيق) والأدوار المصرية التي كانت شائعة في عهدنا وتنتهي سهرتنا بمائدة حافلة كانت تكاليفها لا تصيب الفرد منا إلا بنحو ثلاثة قروش.
وإني لأذكر مرة وكنا منسجمين في إحدى ليالينا الساهرة في بيت الشيخ عبد الوهاب وإذا طارق يطرق الباب علينا وكانت حفلات الغناء محظورة في مكة بأمر الملك الحسين فأسرعنا نخفي آلات الطرب حتى إذا مرت ساعة ولن يعاودنا الطرق استأنفنا الغناء فعاد الطرق بصورة أشد فعنّ لي أن أسرع إلى أعلى البيت لأشرف على الطارق فما راعني إلا رجل مربوع القامة لا يكاد يطرق الباب حتى ينزوي في ركن خلفه فكان هذا إيذاناً لنا بإلغاء ما نحن فيه واستئناف جلستنا في أحاديث عامة.
ودلتنا القرائن فيما بعد على أن طارقنا الليلي كان شخص الحسين بن علي فقد شاهده نقيب الحارة ليلتها يرود بعض الأزقة بجوار البيت الذي نسهر فيه وهي أزقة ربما خفيت على عفاريت الأرض لأنها تتفرع من دروب ضيقة كل الضيق في أعالي جبل الهندي وربما ضاعت مسالكها على أي عابر لا يسكنها لكثرة ملتوياتها.
وأكد لنا هوية طارقنا ليلتئذ أن مديرنا دُعي في صباح اليوم الثاني من سهرتنا لمقابلة الحسين في قصره، فلما مثل بين يديه قال له: ((لقد نُميَ إليَّ أن بعضهم يحيي ليالي غناء في بيت بعض جيرتكم فهل لك أن تصدقني)) فلم يحاول الشيخ أن يلف أو يدور بل قالها كلمة صادقة -((إنه بيتي.. وأنا الذي أحيي فيه بعض ليالي الغناء في نفر من أساتذة المدرسة بشكل بريء كل البراءة لا يشوبه حرام ولا يختلط به مشبوه)).
قنع الحسين بما قال وسرته نبرة الصدق وأخذ ينصحه ليقلع عن مثل هذا اللون: ((يا ابني زيكم أساتذة.. لازم يسهروا في طلب العلم.. في المذاكرة.. في شيء ينفع.. مو في زي هادا الهلس.. أقول في شيء ينفع.. مو في زي هادا الهلس)).
وما كاد الشيخ عبد الوهاب يستأذن للخروج وينتهي إلى الباب حتى عاد فاستدعاه ليقول:
((يا ولدي انت باين راجل عاقل.. أحب أسلمك طلال.. ولد ولدي عبد الله.. حطه في المدرسة عندك خليه يختلط مع التلاميذ.. خليه يتعلم معاهم.. خذ بالك منه.. لا يلعب ربيه.. لا تميزه عنهم.. أقول ربيه لا تميزه عنهم لا تخليه يتمهمل)).
ووافانا في اليوم التالي طلال بن عبد الله (ملك الأردن السابق فيما بعد) فأفرد له فصل خاص في المدرسة ضم إليه نفراً من عقلاء الطلبة وشرع يواصل دراسته ولكن الحسين نُميَ إليه أن المدرسة تغضي عن بعض أخطائه فعن له أن يفاجىء المدرسة بزيارته فكان من سوء حظ طلال أن رآه يشاكس بعض زملائه فصرخ يستدعي المدير حتى إذا حضر أمر بربط رجليه وأن يجلده المدير عدة جلدات ثم يهيب بالمدير: ((تسمع من فين يا مدير أنا جبته هنا عشان تعرف ما في فرق بينه وبين غيره.. هنا كلهم سوا.. أقول كلهم سوا)).
ومن طرائف الحسين التي تسجل عن غرامه بالتجسس على أصحاب الأعمال الرسمية أنه زار مدرستنا مرة بصورة مفاجئة لا يتخيلها عقل.
كان الوقت باكورة صباح لم يحن فيه موعد الدوام الرسمي وكانت طلائع التلاميذ بدأت تتوافد إلى المدرسة وتتجمع في ساحتها الخارجية لأن باب المدرسة لا يفتح لهم إلا إذا أذن الوقت الرسمي.
في هذه الأثناء كان مدير المدرسة قد سبق غيره إلى المدرسة ففتح له الباب ليأخذ طريقه إلى غرفة الإدارة ثم يبدأ جولته بين الغرف والردهات على عادته كل يوم.
كان يعلم أن باب المدرسة مقفل وأنه ليس في البناية غيره ولهذا ذهل عندما طرق أذنه صوت خطوات ثقيلة تنزل الدرج من أعلى البناية فوق ترى هل في المدرسة من بات فيها من المعلمين أو غيرهم فقام ينزل درجها بعد أن أصبح.
ليس في هذا ما يصح فقد مر بالغرف والردهات منذ دقائق ولم يكن ثمة أحد فهل يسكن المدرسة عفريت أو شيطان؟؟
كل هذه أسئلة مرت بذهنه وهو ينصت إلى الخطوات الثقيلة تتابع نزولها في أناة وتؤدة ولاحت منه التفاتة أخيرة فإذا الملك حسين شاخص أمامه بجبته وعمامته وهيكله الذي ينكره وخطواته الثقيلة التي يتابع بها نزوله.
صعق بالمفاجأة وارتعدت مفاصله فهذا الشاخص أمامه لا يمكن أن يقال إنه الحسين فالحسين لا يترك قصره ليبيت في المدرسة ثم لا يصح عقلاً أن يكون قد بادر إليها قبله لأن باب المدرسة مقفل لا يفتحه إلا البواب ولو فتحه البواب للحسين لأخبر المدير بما حدث.
أيكون هذا من عمار المدرسة إن كان للمدرسة عمار من العفاريت بدا له أن يتقمص شخصية الحسين ليعبث به أو بالمدرسة.
كانت أفكاراً مريعة ما لبث أن سمع في غمرتها صوت الشاخص أمامه يقول -أين مدير المدرسة، لماذا هذا اللعب، أين المدرسون، لماذا لم تبدأ الدراسة وقد أضحى الوقت.
لم يملك المدير حواسه في غمرة الاضطراب لهذا لم ينبس بشفة ولعله يفهم شيئاً مما يقال بدليل أنه ترك الشخص يتابع نزوله في الدرج دون أن يحرك ساكناً.
ومضت دقيقة سمع بعدها صوت باب المدرسة يفتح للشخص وسمع صوته يهيب بالبواب: هذا لعب هذا لعب أين مدير المدرسة أين المدرسون وارتهكت مفاصل المدير في مكانه فتهالك على نفسه حيث كان يقف وراح في شبه غيبوبة لم يتنبه منها حتى تعالى النهار وأقبل المدرسون ليجدوه ملقى بين الدرج.
وعندما تسامع الناس الخبر وتسنموا حقائقه ظهرت القصة تأخذ دورها المتطرف بالشكل الآتي.
نُميَ إلى الحسين أن موظفي البلدية لا يبادرون إلى أعمالهم من الصباح الباكر فأراد أن يمتحن الأمر بنفسه فركب إليها مبكراً ودار بين غرفها فلم يجد أحداً حتى إذا انتهى إلى سطحها رأى أن الجدار الفاصل بينها وبين المدرسة قصير ورأى إلى جانبه سلماً خشبياً فتراءى له أن يصعد السلم لينزل منه إلى سطح المدرسة وكان ما فعل فقد هبط إلى السطح وشرع ينزل درجات المدرسة على أمل أن يتحرى سير العمل فيها ونسي أو تناسى أن وقت الدوام لم يحن في المدرسة كما كان الأمر في شأن البلدية.. وهكذا رأيناه يفاجىء المدير بالصورة المهيبة التي فاجأه بها ولا يغادر المدرسة حتى يترك صدى صوته يملأ فراغها وفراغ بناء البلدية بجلجلة رهيبة جعلت الموظفين في البنايتين يحلمون بالبكور إلى أعمالهم قبل مواعيدها بأوقات غير قصيرة وهو لون المغالاة يبدو في رأيي إنه كان يكلف الأيام أكثر من طباعها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :424  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 89 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج