شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في حوار تصادمي مع عبد المقصود خوجه
حدود الاثنينية ألا تمس حدود الآخرين (1)
حوار: الأمير كمال فرج
عبد المقصود خوجه مثقف ومحب للثقافة ورجل أعمال غيور على ثقافته العربية، لم يقنع بالوقوف عند حدود الممارسة الثقافية ولكنه آثر المساهمة العملية بجهده في إثراء الحركة الثقافية وإعلاء القيم الجميلة، هو صاحب (( الاثنينية ))، هذه التظاهرة الثقافية المهمة التي تعنى بتكريم الروّاد والمبدعين في شتى المجالات، وهو أيضاً يسهم إسهاماً متواصلاً في دعم حركة النشر بتبنيه إصدار الكتب النوعية التي لم تجد طريقها إلى الناس؛ كما يساهم في دعم الحركة التشكيلية من خلال رعايته للعديد من المعارض التشكيلية..
وهو بمثل هذا الدور ظاهرة إيجابية فريدة تستحق الإشادة، ونموذج مشرف لرجال الأعمال الذين يساهمون بفكرهم وأموالهم في خدمة المجتمع، وهو نفس الدور الذي تقوم به الحكومات.
في حوارنا مع الأستاذ عبد المقصود خوجه آثرنا أن تكون الأسئلة تصادمية مستفزة لتكشف الكثير عن الشخصية ولإيماننا بأن تصادم الآراء يشعل الضوء، ورغم أسئلتنا الاستفزازية إلا أنها والحق جاءت إجاباته محملة بالوعي والمسؤولية. والآن إلى وقائع الحوار:
سيطرة رجال الأعمال:
ـ هناك اتهام عام مطروح في أكثر من مجتمع عربي حول سيطرة رجال الأعمال على السياسة والصحافة والأدب، فما هو ردكم على ذلك؟
ـ يبقى الاتهام الذي لا يسنده دليل مجرد زوبعة في فنجان.. فلكل من الأنشطة التي أشرتم إليها دائرتها التي تعمل في إطارها، ولا شك أن هناك تأثيراً وتأثراً متبادلاً بين هذه الدوائر، ولكن من الخطأ أن نقول بأن إحداها تسيطر على الأخرى وإلا لذابت الفوارق وتحولت كلها إلى كتلة هلامية واحدة، وهذا شيء يدحضه الواقع المعاش.
ـ يقتصر نشاط الاثنينية على تكريم الشخصيات البارزة في مجال الثقافة والعلم، مما قد يحد من قيمتها الفكرية، لماذا لا تكون الاثنينية ساحة للنقد والحوار الثقافي، ولماذا لا تنظمون في إطارها أمسيات شعرية وأدبية؟
ـ للاثنينية منهج ومسار اختطته منذ أول يوم لنشاطها بتاريخ 22/1/1403هـ الموافق 18/11/1982م لم تحد عنه حتى الآن، يتلخص ذلك الدور في أن الاثنينية عبارة عن كلمة شكر وتقدير وامتنان لرموزنا وروّادنا ولكل من ساهم مساهمة بارزة في أي مجال من مجالات الإبداع والعطاء الإنساني، وهكذا انداحت دائرة التكريم لتشمل الأديب والمفكر والعالم والطبيب والمهندس والفنان.. أما تساؤلكم بخصوص النقد والأمسيات الشعرية فتلك نشاطات لها ميادينها وفرسانها ولا تدخل ضمن منهج الاثنينية.
الحرية الفكرية:
ـ ما هي حدود الحرية الفكرية في الاثنينية؟
ـ حدودها ألا تمس حدود حرية الآخرين.
ـ ما تقومون به في دعم الثقافة دور مشكور ومقدّر.. ولكن ما ردكم على الزعم القائل بأن هذا نوع من الوجاهة الاجتماعية؟
ـ إنني أرثي لحال من يفكر بهذه الطريقة التي تنبئ عن شيء من عقدة النقص، وهل أحتاج إلى وجاهة اجتماعية حتى أحتال إليها؟!!
ليس يصح في الإفهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل.
ـ لكم بادرة طيبة في نشر بعض الإصدارات الأدبية والثقافية.. حدثونا عن هذه التجربة.. ولماذا التركيز على الإبداع المحلي؟
ـ التجربة برزت كرافد للاثنينية عندما لاحظت أن بعض الأعمال الإبداعية تحتاج إلى نشر ولكن تقف عقبات كبيرة دون ذلك، منها دروب ومسالك النشر المختلفة، والتوزيع، والتخزين، وغيرها من الأمور التي لا تخفى على كل من يتعامل مع الكتاب.. فعملت على تخصيص صندوق لدعم هذا العمل على أن يتم تدوير ريعه لنشر مزيد من الكتب، وكما توقعت تماماً أصبح الصندوق يسير باتجاه واحد! بمعنى أن هناك صرفاً على النشر وليس هناك مردود من جانب الإيرادات، وإنني سعيد بهذا الغرم لأن الثقافة عطاء، والعطاء لا يحتاج إلى مقابل.
أما التركيز على الإبداع المحلي فلأن الحاجة هنا أكثر مساساً وأوضح إشارة وأشد تأثيراً على المتلقي عندما يجد إبداع ابن جلدته بين يديه، ولكن هذا لم يمنع من نشر بعض الإبداعات من الوطن العريي الكبير مثل الأعمال الكاملة لمعالي الأستاذ أحمد الشامي.. وديوان ((حصاد الغربة)) للشاعر العراقي الدكتور زاهد زهدي ((شفاه الله وعافاه))، وديواني ((قلبي على وطني)) و ((جرح باتساع الوطن)) للشاعر العراقي الأسترالي ((يحيى السماوي)) رد الله غربته.. وديوان ((أوراق من هذا العصر)) للشاعر السوري الدكتور خالد محيي الدين البرادعي، وديوان ((قوس قزح)) للأستاذ الكبير مصطفى الزرقا، وديوان ((الأعمال الكاملة)) للشاعر المهجري زكي قنصل.. وأحسب أن هذه نسبة لا بأس بها.. وهي جهد المقل على كل حال.
حلم الجميع:
ـ الوحدة العربية حلم الجميع، والثقافة فعل وحدوي، برأيكم كيف السبيل إلى الوحدة الثقافية؟
ـ أعتقد أن الوحدة الثقافية موجودة فعلاً، ولكنها تحتاج إلى تفعيل فقط، فمع وجود عوامل اللغة، والتاريخ، والفن، والتراث المشترك، تتداخل عناصر الثقافة بشكل كبير وقد تندر بين شعوب كثيرة، ولكن الأهم في نظري الآن تفعيل هذا الكم الكبير من العوامل المشتركة بما يعود بالفائدة على المجتمعات العربية جميعاً، وهذا دور المثقف العربي في المقام الأول.
المال والإبداع:
ـ من المعروف أن لغة المال تتعارض مع لغة الإبداع فكلاهما يسلك طريقاً عكس الآخر، فكيف حققتم الجمع بينهما؟
ـ لا أوافقكم في طرح هذه المقولة ثم محاولة تأطيرها وكأنها حقيقة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها!! فليس للمال لغة وإنما هو مقابل عمل ما.. وهنا لا بد من الفصل بين العمل والنتيجة، ومن المضحك المبكى أن تتشبث بالنتيجة وتترك الأصل وهو العمل أو المهنة التي أدت إلى تلك النتيجة، وقد تكون المهنة تجارة أو في مجالات الطب والهندسة والمحاسبة والقانون.. الخ.. وقد تخرج مبدعون كبار من تحت عباءات تلك المهن، وما زالت تساهم بالكثير في مجال الإبداع الأدبي والفكري.. واحمد الله أني تمكنت من المشاركة ولو بجزء ضئيل في عالم الأدب من موقعي كرجل أعمال.
الانحياز للكلاسيكية:
ـ يلاحظ البعض أن الاثنينية منحازة إلى الاتجاه الكلاسيكي في الأدب، في اختيارها للشخصيات المكرمة، وتتجاهل بشكل واضح عدداً كبيراً من مبدعي التيارات الإبداعية الجديدة، فما هو ردكم على ذلك؟
ـ المسألة لا تعدو النسبة والتناسب.. فالاتجاه التقليدي ((الكلاسيكي)) هو الأصل وما عداه طارئ.. وبالرغم من ذلك استضافت الاثنينية بعض المبدعين من غير التيار التقليدي وعلى رأسهم الأديب الكبير الدكتور عبد الله الغذامي، والدكتور نذير العظمة، والباب مفتوح دون أي تحيز لاتجاه معيّن، ذلك أن الاثنينية كما أسلفت هي عبارة عن كلمة شكر وتقدير لكل مبدع يؤثر إيجاباً في المجتمع.
غاية لا تدرك:
ـ كرمت الاثنينية في بعض الأحيان شخصيات صحفية أو عامة ليس لها عطاء واضح في مجال الثقافة أو الأدب، فما هي مبررات هذا التكريم؟
ـ أعتز بكل من كرمتهم الاثنينية.. وكلهم صاحب عطاء مؤثر في زمانه ومكانه.. وإذا لم يجد ذلك القبول من الكل فهذا أمر عادي، لأن رضا الناس غاية لا تدرك.
ـ ما أصعب موقف مر بكم على مدار عمر الاثنينية، وما أطرف موقف؟
ـ أصعب موقف هو وفاة خالي الشيخ السيد محمود حافظ، الذي انتقل إلى جوار ربه في الوقت الذي تم الإعداد لتكريم أحد الروّاد الأفاضل، ولم أجد أمامي غير الزملاء الكرّام لتغطية غيابي واستقبال الضيف والسير بالأمسية حسب البرنامج، في الوقت الذي قمت بالواجب مع بقية أفراد العائلة.. ومن ناحية المواقف الطريفة والتي ترتبط دائماً بالحرج فالحمد لله أنها لم ترد.
ـ الاثنينية جزء من حياتكم الشخصية والعملية، فما هو دور الأسرة في هذا الجزء؟
ـ الأسرة بكل أفرادها منحتني مشاركتها الوجدانية وساهمت كثيراً في توفير الجو الملائم لإقامة هذه الأمسيات، وضحت بوقتها وراحتها في سبيل إسعاد ضيوفنا الأفاضل، بل إن أفراد أسرتي يستمتعون بهذا العطاء ويشعرون أنهم يقومون بواجب وطني واجتماعي غرسه فيهم حب العلم الذي درجوا عليه، فمن تربى في بيت علم لن يجد راحته إلا في مناخ العلم والثقافة والأدب.
لم ولن يحدث:
ـ ما الشخصية التي كرمتموها ثم ندمتم على ذلك؟
ـ لم ولن يحدث قط أن تفتح الاثنينية ذراعيها لتحتفي بأحد الأساتذة الأفاضل ثم يرد مثل هذا التساؤل الغريب!! فالاثنينية لا تمسك خلق الله في الشارع ثم تقول لهم تعالوا نكرمكم!! يا عزيزي هناك معايير محددة، وترجمة كاملة عن الضيف، ومعرفة أكيدة بعطائه ومشاركته في الساحة الإبداعية سواء كان أديباً أو شاعراً أو مفكراً أو مهنياً.. وكلهم كما أسلفت مكان تقدير وإعزاز واعتزاز، ولو أتيحت لي فرصة أخرى لتكريمهم لما ترددت في ذلك.
ـ هل هناك شخصيات رفضت التكريم، من هي ولماذا؟
ـ أستهجن قول إنهم رفضوا التكريم، فهؤلاء الأساتذة أكرم من أنهم يقابلوا عرض محبيهم لتكريمهم بالرفض، ولكن الاعتذار اللطيف قد يحدث أحياناً لظروف قاهرة يتم تقديرها من الطرفين، على وعد بتشريفنا في وقت لاحق عندما تزول مسببات عدم الدعوة.. هؤلاء أحبتنا وأساتذتنا.. وأخلاقهم أكبر مما تظنون.
ـ ما هي تكاليف الاثنينية الواحدة؟
ـ عندما سأل رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن الشاة التي يوزعانها على بعض المسلمين، قالت: ذهبت كلها ولم يبق إلا كتفها.. فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم: بل بقيت كلها إلا كتفها.. صلّى عليك الله يا علم الهدى، فقد علمتنا كيف نحسب الأمور كما ينبغي.. هل أجبت على سؤالك؟
دعوة مفتوحة:
ـ من هم الأشخاص غير المرغوب في حضورهم الاثنينية، ولماذا؟
ـ استثناء البعض من الحضور يستوجب أموراً عدة منها: إرسال رقاع دعوة للمدعوين فقط، وقفل الباب أو وضع حراسة لمنع من لا يحمل بطاقة دعوة.. وإذا لم ترسل رقاع دعوة، بل أشرت في كل لقاء إلى أن الدعوة عامة ومفتوحة لكل من يتعامل مع الكلمة، ويتم فتح الباب عقب صلاة المغرب مباشرة وإلى ما بعد نهاية حفل التكريم.. فكيف يستقيم عقل أن يكون هناك أشخاص غير مرغوب في حضورهم؟
تكريم المرأة:
ـ لماذا لم تكرموا حتى الآن امرأة؟ ألا توجد امرأة معاصرة تستحق التكريم؟
ـ هنالك الكثير من النساء المعاصرات يجب تكريمهن، بل هن في الواقع مكان تكريم مستمر وحفاوة لا مقطوعة ولا ممنوعة.. ولكننا في مجتمع له خصوصيته وتقاليده وأعرافه، وليس من الحكمة في شيء القفز عليها لإرضاء من لا يفهمها أو يعي أبعادها وعمقها وارتباطها بجذور هذا المجتمع الكريم.. وعندما تتاح لك الفرصة لدراسة هذا الأمر يكون لمثل هذا السؤال مكان في أجندتك مستقبلاً.
ـ ما الشخصية التي تتمنون تكريمها في الاثنينية؟
ـ كل المبدعين مكان حفاوة وتكريم.. وأتمنى أن تتاح لي فرصة الالتقاء بهم الواحد تلو الآخر لنسعد بتكريمهم والاستزادة من فضلهم وعلمهم.
أعترف رجل الأعمال الكويتي الذي أسس مؤسسة البابطين للإبداع الشعري وأصدر معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين بأن نشاط مؤسسته وإسهاماته في مجال الثقافة قد أفاده تجارياً وساهم في التعريف بأعماله التجارية، فهل ينطبق هذا التصريح عليكم؟
لم أطلع على هذا التصريح، ولكن إن حدث ذلك، فهو أمر عادي، إذ ليس من المستغرب أن يتعرّف الناس على مجمل نشاطات شخص معيّن نتيجة بروزه في نشاط محدد.. ولا غضاضة في أن ينطبق ذلك الأمر علي.. فالحياة بحر واسع.. ولا أعلم لماذا يحاول البعض تأطيرها في جداول ونهيرات؟!!
خدمة الثقافة:
ـ سلطان العويس، عبد العزيز البابطين، ابن تركي، د. زكي يماني، رجال أعمال يساهمون إسهاماً واضحاً في دعم الثقافة والأدب، ما هو انطباعكم عن هذه التجارب، وهل يمكن إيجاد نوع من التنسيق بين هذه الجهود لخدمة الثقافة بشكل جمعي؟
ـ إن خدمة هؤلاء الأفاضل للثقافة والأدب ستجد مكانها اللائق في صفحات التاريخ، وهي أعمال جليلة أقدرها حق قدرها وأعلم تماماً المعاناة والمشاق والصعاب التي يتكبدونها من أجل النهوض بهذا الدور الكبير.. سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يعينهم ويسدد على طريق الخير خطاهم ويكلل مساعيهم بالتوفيق..
ورأيي الشخصي أن العمل الفردي أكثر نجاحاً.. ويسعدني أن صديقي الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين رئيس النادي الثقافي الأدبي بجدة له رأي مطابق أشار إليه في مجلة، عندما قال في معرض رده على سؤال مشابه.. ((أؤكد ـ وبناء على تجربة طويلة وخبرة. أن العمل الفردي أكثر نجاحاً، لذلك فالكل يعمل والناس هم الذين يحكمون على العمل.. والتنافس موجود وهو ظاهرة صحية)).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :740  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 3 من 47
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء العاشر - شهادات الضيوف والمحبين: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج