شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حسين سراج وأعماله الكاملة (1)
بقلم: نبيلة حسني محجوب
رحل شاعرنا الكبير، رحل الأدب الذي احتوى الجميع بأبوته، عرفته قبل سنوات، عندما دعتنا ابنته الوحيدة، الإعلامية المتألقة، منى سراج نائب رئيس تحرير مجلة كل الناس، والوجه الإعلامي الصبوح، التي يتدفق حنينها للوطن كلما التقت بسعوديات على أرض الكنانة، موطنها الثاني، حيث تعيش بين أبويها وابنها وابنتها وحيث عملها وشهرتها في منزل الأسرة المستدفئ بالحب الذي يتحول إلى وطن صغير جميل.
نلتف حول الشاعر حسين سراج، لا نمل سماع قصائده، ونطالبه في كل مرة بقصائده التي كتبها لزوجته الجميلة التي ترف حوله كالفراشة، تهتم به، تشرف على كل صغيرة وكبيرة، رغم تقدمهما في العمر، يشعرانك بفورة الحب الذي جمعهما كل هذا العمر، وقدسية المودة والرحمة فتنصت إلى قصائده بابتسامة خجلى كفتاة تطرق أذنيها قصائد العشق لأول مرة!
آخر مرة رأيتهما كانت في رمضان الماضي وهو يقتطف آخر أيامه، كان شاعرنا قد وهن العظم منه، ومع ذلك التففنا حوله على مائدة الإفطار في حديقة الأزهر الشريف، شعرنا بالحزن الذي امتلأت به عينا ابنته منى، فهي تلمس تدهور صحته كل يوم، وتشعر بالخوف والقلق عليه، لكنها لا تملك غير مزيد من الرعاية والحب. آخر مرة جلست إليها في مكتبها في مبنى مجلة كل الناس، كانت مرهقة وحزينة وهي تشعر أن اللحظة قادمة وقريبة، لكن حزنها الأكبر من كلمات استعجال الأجل التي يطلقها البعض في وجه الأحبة كنوع من المواساة لكنها مؤلمة، قالت لي إنها تشعر بالحزن ولكنها لا تلوم الآخرين هذا هو الطريق، ولكنهم لا يدركون أنها سعيدة بوجوده رغم مرضه ((حسه بالدنيا)) لذلك شعرت بالحزن عندما بلغني نبأ وفاته شعرت بحجم الكارثة التي حلت بزوجته، فهو كان محور حياتها وموضع اهتمامها ورعايتها وعشقها وكل ماضيها وحاضرها وذكرياتها وكذلك كان بالنسبة إلى لابنته وحفيديه وأبنائه وكل من عرفه عن قرب.
استثارتني حياة الشاعر ـ رحمه الله ـ كثيراً وحاولت الكتابة عنها وعنه، لكني لم أكن أملك مرجعاً مكتوباً عنه، رغم أنه أخبرني أن الوجيه عبد المقصود خوجه في صدد طباعة أعماله الكاملة بمناسبة اختيار مكة عاصمة للثقافة.
حصلت أخيراً على الأعمال الكاملة للشاعر المكي الكبير الذي أهملته الندية الأدبية كل هذا العمر، واهتم صاحب الاثنينية بجمع هذه الذخائر في عشر مجلدات ضخمة فخمة وصلتني إلى منزلي هدية من الشيخ عبد المقصود خوجه يوم الثلاثاء الماضي.
انشغلت الأيام الماضية بقراءة الأعمال الكاملة للراحل التي طبعها الشيخ عبد المقصود خوجه مع العديد من الأعمال لكبار رموزنا التي كان يمكن أن تندثر لو لم تمتد إليها يد أمينة محبة لصونها كما فعل صاحب الاثنينية، أدهشني التنوّع في إنتاجه الأدبي وكنت أظنه شاعراً يقتصر إبداعه على نظم القصيد فقد سمعت منه أجمل قصائده بصوته في منزله في مصر الجديدة بالقاهرة لكني فوجئت بأنه كتب المسرحية الشعرية والمسلسلات الإذاعية والتلفزيونية والمقالات وأدب الرحلات والترجمة، كان أحد روّاد الإعلام السعودي، يقول عنه الوجيه عبد المقصود خوجه في المقدمة: (يمتاز شاعرنا بجرأة لا يستهان بها، وثقة بالنفس كبيرة، ليقف صنواً لجهابذة الشعر والنثر في الحجاز.. دفع شاعرنا نتاجه إلى ساحة النشر وهو في الرابعة والعشرين من عمره.. يتراوح شعره بين الوطني والغزلي.. كان يحافظ على وتيرة واحدة في التناول والإفصاح عن مكنون نفسه مع توسع مستمر في قاموسه اللغوي ما مكنه من ارتياد آفاق أوسع في الشعر الغزلي، فكلما قطع شوطاً زادت إمكاناته اللغوية وموسيقاه الداخلية فتوغل غير هياب في تجربته الشعرية الثرية).
كيف ينسى تاريخ بهذا الحجم، وكيف غفلت الأندية الأدبية عن أدب الكبار كل هذا العمر، إني مع تكريم المرء في حياته، لكن ما لم يدرك جلّه لا يترك كله لذلك أرى أن تقوم جهة رسمية كنادي جدة الأدبي بإعادة طباعة هذه الأعمال في طبعات شعبية ومتفرقة ليتسنى للراغبين اقتناؤها؛ فالقصائد تصدر في دواوين صغيرة تصنف بحسب موضوعاتها، وكل مسرحية منفصلة، والمقالات أيضاً هكذا، وحسبهم أنهم لن يبذلوا الجهد الذي بذل في البحث والجمع كما ذكر الشيخ عبد المقصود خوجه: (بدأت مرحلة شاقة من البحث وحصر الأعمال التي كان معظمها متناثراً.. وخضعت لمعايير صارمة من المراجعة والتدقيق أثناء مراحل الطباعة المختلفة) وأنا على ثقة بأنه لن يمانع في تقديم هذه الأعمال، لأن انتشارها متوافق مع أهداف صاحب الاثنينية، وهو الذي قام بما كان يجب أن تقوم به المؤسسات الثقافية والأدبية وهو جهد سيكتب له في سجلات التاريخ بمداد من ذهب.
الشكر والامتنان للشيخ عبد المقصود خوجه على إهدائه القيّم والرحمة والغفران لشاعرنا الراحل والصبر والسلوان لأسرته وأحبته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :412  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 102 من 107
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الثاني: تداعيات الغزو العراقي الغادر: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج