شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قراءة في كتاب
الأعمال الكاملة للأديب الدكتور عاصم حمدان (1)
بقلم: أ.د. بكري شيخ أمين
مقدمة لا بد منها:
قبل عرض هذا الكتاب يجب أن نذكر فضل صاحب الفضل ويجب أن ترفع آيات الشكر والامتنان للرجل الذي نذر نفسه لخدمة بلده وأحباب بلده ولغته وحماتها ودينه وأبناء دينه والمدافعين عنه..
إنه الأستاذ عبد المقصود ابن الأديب المرحوم محمد سعيد خوجه.. لقد وسع الله عليه في الرزق فلم يستأثر به هو وحده وأسرته بل سخره لخدمة وطنه في مجالات شتى وأولها العناية بالأدب وأهله سواء أكانوا من أبناء المملكة العربية السعودية أم كانوا من البلاد العربية الأخرى.
نشر الأستاذ عبد المقصود على نفقته الخاصة ما يزيد على خمسين كتاباً لمؤلفين سعوديين ويمانيين ومصريين وسوريين ومهجريين.
ونشر كذلك لكثير من أدباء المملكة أعمالهم الكاملة ومن هذه الأعمال الكاملة ما اقتصر على مجلد واحد ومنها ما بلغ عشرة مجلدات ومنها بين هذين الرقمين.
جزى الله خيراً هذا الرجل الذي يسخّر ما حباه الله من نعمة لخدمة عباد الله.. لا يبتغي منهم جزاء ولا شكوراً وإنما يدخر عمله ليوم يلقى الله بوجهه الأبيض.
* * *
الأعمال الكاملة للأديب الدكتور عاصم حمدان علي
من جملة الأعمال الكاملة التي نشرها الأستاذ عبد المقصود أعمال الدكتور عاصم حمدان وهي جميع ما ألف وكتب وأذاع وحاضر وكان منها: الجزء الأول ويتضمن الكتب التالية: (23 ـ 496) حارة الأغوات، وحارة المناخة، وأشجان الشامية، وذكريات من الحصوة، وهتاف من باب السلام، ورحلة الشوق في دروب العنبرية.
والجزء الثاني وفيه الكتب التالية (5 ـ 860) المدينة بين الأدب والتاريخ، الأخبار الغريبة فيما وقع بطيبة الحبيبة، حلقات العلم في الحرمين الشريفين، الشعر السياسي والوطني عند شعراء المدينة، صفحات من تاريخ الإبداع الأدبي بالمدينة المنورة.
والجزء الثالث فيه الكتب الثالثة (5 ـ 652) نحن والآخر، دراسات مقارنة بين الأدبين العربي والغربي التآمر الصليبي، الصهيوني على الإسلام، قراءة نقدية في بيان حمزة شحاته الشعري، قطوف آخر.
والجزء الرابع ويتضمن: (5 ـ 636) المقالات الصحفية:
اتصالي بالأعمال الكاملة للدكتور عاصم حمدان
اعتدت في كل فترة أكون فيها بجدة على زيارة أستاذي الفاضل والكاتب الإسلامي الكبير ذي القلم البديع والأسلوب الرائع السهل الممتنع الأخ محمد صلاح الدين فقدم لي الأعمال الكاملة لصديقي الأديب عاصم، وما كنت قبل تناولها بيدي أظنها تبلغ بضعة كتب لا تزيد صفحاتها على بعض مئات في أكثر تقدير.. وكانت مفاجأة كبيرة أذهلتني. ورجعت إلى منزل ولدي في جدة، وسرعان ما رحت أستعرض المجلدات على عجل، وأتعرف ما ضمت واحتوت.. وبقيت خمسة أيام بلياليها ألتهم الصفحات.. ولم يوقفني عن القراءة غير دعوة عاصم لي إلى مائدته العامرة مع ثلة من أصدقائي من أساتذة جامعة الملك عبد العزيز. والنادي الأدبي في جدة ولفيف من رجال الإعلام والصديق الشاعر الفحل عبد المحسن حليت الذي قدم من المدينة المنورة لهذه الأمسية المتلألئة، وكان تكريمه لي أكبر مما كنت أتصور.. وخلال حفلة التكريم استأذنت الدكتور عاصم أن أبوح بما اعتمل في خاطري على مسمع من الحاضرين فأذن.
كلمة عجلى
شكرت مضيفنا على كرمه، والضيوف الذين حضروا.. ثم بدأت أكشف عما دار في خلدي في الزمن القصير.. وقلت: منذ بدأت القراءة واستفتحتها بالمجلد الرابع غرقت في بحر عاصم.. وأنا فرح جذلان.. وكأني أقرأ ذاتي.. وأقرأ أفكاري.. فآراؤه هي آرائي.. ومواقفه على اختلاف حالاتها توافقاً وتخالفاً.. كأنها تعبر عما يجيش في خلدي.
هذا المجلد الرابع مفعم بفكر عربي مسلم.. يخاف على العروبة فيهاجم المتخاذلين، والزاحفين على بطونهم لتقبيل أحذية الغرب، لعلّهم يتصدقون عليهم بجائزة أو لقب أو ترشيح.. ويسميهم بأسمائهم.
ويخاف على اللغة العربية، فيهاجم دعاة الحداثة، سواء كانوا سعوديين أو غير سعوديين.. تسربلوا بالراية الثقافية أو الحداثية.. أو نادوا بالمعاصرة والتجديد.. سكنوا في أرض عربية أو غير عربية.
وراح يعريهم ويفضحهم، ويظهر نواياهم، ويعلن شعوبيتهم، ويكشف عن زيف أقوالهم، ويحلل ما يضمرون وما يخفون، ويبين الأهداف التي إليها يهدفون.
ويخاف على اللحمة الوطنية، وتشتت الصفوف، وتباعد القلوب وتنافرها.. فيدعو إلى نشر الحرية والانفتاح على الآخرين.
يدعو إلى حرية الرأي والكلمة، ونبذ ما رسب في بعض النفوس من معوقات.. فهذا أصيل وذاك دخيل، وهذا وطني وذاك أجنبي، وهذا سلفي، وذاك قبوري أو صوفي، وهذا متبع وذاك مبتدع، وهذا نجدي، وذاك حجازي، وهكذا.. ومن شدة خوفه على الوطن كان يلح في تلك المقالات على وجوب الانفتاح على المذاهب الإسلامية الأخرى واحترامها، من مذهب حنفي وشافعي ومالكي وجعفري.. فالانغلاق على مذهب واحد يؤدي إلى التعصب، والتعصب يؤدي إلى التفرقة، والتباعد، والتباعد يفتت وحدة الأمة وقوتها وتماسكها.
ويخاف على فصاحة العربية، ويخشى أن تطغى على لغة القرآن الرطانة والعجمة.. ويعجب من السكوت على هذا السيل المتدفق من ألفاظ العجمة وأساليبها التي اخترقت كل زاوية وركن، لا في السعودية وحدها، بل انداحت في كل قطر عربي. العجمة في أسماء المتاجر.. في إعلانات الصحف في الأحاديث المنشورة.. في الإذاعات.. في المرئيات.. في المحادثة والكتابة.. حتى في تحية اللقاء والوداع. وأبحاث أخرى.. لا أحصيها عداً.. وبل هي رموز أشرت فيها إلى بعض الموضوعات.. وكلها تشد القارئ وتجذبه إلى قراءتها.
* * *
لا أريد أن أطيل فأتحدث عن الجزءين الثاني والثالث.. ففيهما دراسات أكاديمية.. بعضها باللغة العربية. وبعضها الآخر باللغة الإنجليزية. إنما أريد أن أقف لحظات عند بعض فقرات الجزء الأول، وهو يتحدث عن ذكرياته في المدينة المنورة، ومكة المكرمة، كحارة الأغوات، وحارة المناخة، وشامية مكة، وحصوات المدينة، وباب السلام، ودرب العنبرية.
كلمة حق
الحق أقول: لم أكمل قراءة هذا الجزء ـ وهو الأول ـ وأخشى ألا أستطيع قراءته بسهولة كما قرأت المجلدات الأخرى.
لقد كانت عيناي تفيضان بالدمع في كثير من الصفحات وتخنقني العبرة.. وأعيد ما قرأت.. فيزداد الدمع انسكاباً ويخيّل إليّ أن الدكتور عاصم كان أكثر مني تأثراً وبكاء، وهو يكتب هذه الصفحات.
بعض فقرات من حارتي الأغوات والمناخة.
كانت حارتا الأغوات والمناخة ميداناً لأصحابي وأحبابي.. كانوا ملء السمع والبصر والفؤاد.. ثم صوّحت الواحة، وانطفأت الومضة، وبات الصديق الودود، والصاحب والحبيب.. تحت الثرى.. واختفى صوت المؤذن الذي كان يصدح بالأذان، فيملأ الدنيا نغماً مطرباً..
ويسأل عاصم صديقه فيقول:
حدثني يا صديقي!
أين اختفت الوجوه؟ وكيف تفرق الجمع؟ اسمعني صوت الحادي.. فلطالما أثار الشوق في نفسي، واسأل الدمع من عيني.. وأغرقني في بحر من الحب.. فنفسي كبلها القيد..والقيد ـ يا صاحبي ـ صنع نفسي، وآثار يدي.
يا رفيق الدرب!
حدثني عن ليل كانت تضيئه الوجوه السمحة.. وعن صبح تشهد طلعته الألسنة الذاكرة.
حدثني!
أي هاتف هتف بك من مقامات الغيب، فاستجيب له، كأنك وحدك المعني به؟
حدثني!
من أي نبع كانت تمتح عيونكم، فلا يحدثكم واحد بحديث من أحاديث المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا وتنتحبون؟
حدثني!
يا مشرق الوجه!
متى يشرق صبح النفوس؟
وأنت!
يا مؤذن باب السلام!
أطل وقوفك في (الطرف) فلقد طال وقوفنا على أبواب الدنيا.. وما زلنا نطلب المزيد.
أسمعني.. يا متبتلاً في المحراب.. صوتك!
وبلغ.. يا زائراً (المقام)! سلامي!
أبلغ وَجْدي!
وصِفْ له شَوقي!
* * *
أتراني بقادر على أن أعيش أوقاتاً للصفاء، وللحظات الحب؟ أتراني بقادر على أن أنقل خطوي بين باب الرحمة والسلام؟
وأجثو في الحلقة بين يدي عالم.. زهد في الدنيا، ورغبت نفسه عن محاسنها؟ فلطالما بكى رجال عن صدق وخشوع.. وأبكونا معهم!
لطالما ساحوا في عوالم الوجد، في دنيا الطهر.. في آفاق الصفاء!
رحمهم الله.. وآنس وحشتنا بعدهم، وغربتنا بعد رحيلهم.
يا صاحبي!
يا موقد الشموع في ليل الأحزان!
يا صانع الحب في زمن النسيان!
أعدني إلى موطن الأحباب..
وأسمعني أصواتاً طالما تغنت بالجمال الذي تبدى لها في عالم الروح! أليست هي الأصوات التي صنعت الشوق في نفوسنا. ونحتته في دواخلنا؟ أليست هي الأصوات التي كانت تدفق الوجد فينا، وتمنحنا الرغبة في البحار إلى ذلك العالم المجهول.. عالم النفس الذي أعيانا البحث في رغباته وتطلعاته؟
يا صديقي إلى النبع!
فهناك دوائي.. وهناك مطلبي!
* * *
خاتمة:
لقد صدق الأستاذ عبد المقصود محمد سعيد خوجه الذي وصف عاصم بقوله: (اختلطت ذرات كيانه بأدب النبوة).
ـ عضو اتحاد الكتّاب العرب
عضو اللجنة العالمية للغة العربية
 
طباعة

تعليق

 القراءات :513  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 89 من 107
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج