شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
( 19 )
فسحة...
ذهبنا نفتقد البلاجات في فسحة نهارية طويلة.. وكانت تستعد للموسم تهيئة، وترتيباً وتنظيماً.. إلاّ بعضها الذي شغله بعض القاطنين، أو النازحين.. كطليعة لها ما بعدها.. فهم يأخذون كاملاً ما سيحرمونه أو يزاحمون عليه بعد قليل. ولكن مكان الصورة الفنية الجميلة لن يكمل بإطارها، ولو زركشت اللوحة ببعض الخطوط..
والبلاج فتنة الحياة. والشباب. فالحرية، والمرح، والانطلاق أقاليمه الثلاثة الكبرى.. وكان جلوسنا في ـ ستانلي باي ـ على مقربة من عائلة أجنبية وما أكثر أمثالها هناك.. وقد راقنا ما درجت عليه من تربية ونظام، واستمتاع بالحياة.. فهؤلاء أطفالها الصغار يبنون من الرمال بيوتاً، ويتضاحكون، ويتلاعبون، ويهدمون، ويبنون متنقلين من مرح إلى مرح. كل ذلك بعد سؤال الأم أو الجدة عما إذا كان هذا موافقاً أم لا؟ وهما يرسمان لهم الخطة، ويحبذان، وينتقدان.. مع قيام كل واحدة منهما بشاغل لا أدري أهو فرعي أم أصلي.. وسيان ذلك. ففي يد كل واحدة من الأم والجدة إبرة وخيط تعمل بها حقيبة أو ما شبابهها. وإزاءهما بضعة جوارب وفانلات لا شك أنها معدة للرفو والرتق..
وبجوارنا كذلك ثلة من الجنود الإنجليز. إنهم يحسنون الاستمتاع بالحياة. والاستفادة من الوقت.. حتى لو كان وقت الفسحة. فهو الأساس القائم عليه وقت العمل..
إنهم يسبحون تارة. ويتمددون على الرمال أخرى. ويرون القوارب الخصوصية فيحاول أحدهم تجربة اللهو بواحد منها فتعجزه الوسيلة. إذ كلما ركبه انزلق عنه منقلباً فيعيد التجربة.. وتعود الوقعة.. وهم يضحكون. ولا يخطر لأحدهم ببال أن يعينه أو يرشده.. فلا تزال قاعدة "ساعد نفسك" الأساس الذي تقوم عليه الشخصية عندهم..
واستخف بعضنا الشوق للاستحمام.. فسرعان ما وجدنا بائعي "المايوهات" حاضرين ومستعدين لإرشاده إلى "الكابين" الذي يتعرّى ويلبس المايوه فيه.. ومكان "الدش" الذي يستعمله عقب خروجه من البحر.. فكان أن نزل واختلط بهذه المجموعة الصاخبة اللاهية المنطلقة..
إن هذه الصورة الحية المنطلقة من إسار التقاليد. وجمود العادات إلى حيث منطلق البشرية الأولى. لهي مثال الجمال المتحرر.. عدو القبح المتستر. فيا ليت هناك معرضاً أو بلاجاً لسفور النفوس من حدود هذه الأجسام، وسدودها في طبيعية لا يحجبها رياء. أو نفاق. أو عرف. أو تقليد..
حبذا الحرية ودواعيها، جسوماً، ونفوساً. فهي القنطرة إلى الجمال. والحق، والحرية. والحقيقة الخالصة..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :753  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الغربال، قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه: 1999]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج