شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
( 14 )
أخلاق...
نصطدم يومياً، بل ساعيًّا. بل آنيًّا نحن الحجازيين، بالواقع المادي المتحجّر رغم نعومته الأتوماتيكية.. في تصرف إخواننا المصريين.. وهذا ما يحزّ في نفوسنا وطباعنا الأصيلة المركزة.. فالقرش، والشلن، والفرنك، والجنيه، هي وحدها الأساس الذي يمكن أن يفهمك به المصري كيفما انتهت المسألة، أو العلاقة بعد استلامه..
وأنت لا تريد هذا لأنه ثانوي في اعتبارك يأتي حين لزومه.. وحين يأتي لزومه تدفعه مضاعفاً على أنك لا تشعره أنك دفعته للغرض الذي أومأ أو صرّح إليه وبه لتستبقي ما بينك وبينه خالصاً من الشوائب ولكنه للأسف لا يعرف منطقنا الصحراوي هذا.. وإنما يعرف أن العلاقة لا تنتهي ببساطة تامة بينك وبينه حين استلامه.. فإذا أنت مرجوج النفس. والعاطفة. والإحساس، لأنك خسرت رجلاً يمكن أن يكون معرفتك. أو صديقك.. وإذا هو منبسط الأسارير. مطمئن للنتيجة فرح بها لأنه وصل إليها.. أما الوسيلة لها فليست أكثر من أداة أياً كان أسلوبها التافه أو الرخيص..
وكم يكربنا أيضاً ما نعانيه من الجرسون.. وماسح الفرشاة لدى الحلاق.. وكمساري الترام.. حتى البيك المتوسط لك في إنهاء مهمة.. وحتى الدكتور وسكرتيره وخادمه.. وكم يغيظنا في نفس الوقت أن نجد من الخواجه. فهماً لمرامينا.. وتقديراً لبواعثها ـ واحتراماً لها. واختصاراً لتصرف من بمعيته من "المصريين" بالنسبة لواجب أو ملاك الخلق الإنساني العام..
ولقد يرجع الحاسب بإدراكه الحسابي الجامد إلى أساس هذا التنافر، فيعذر المصري رقمياً. ولكنه حين يعود إلى التحليل النفسي يجد أنه خاسر كل الخسران.. فهو يريد الشلن ولو بالتزييف والنصب وما يجران إليه ويلقاه. في حين أنه كان من الممكن أن يلقاه وأكثر لو سلك السبيل الطبيعي الذي مهدته الحياة في الإنسان وهو من أفطن خلق الله إليه. إلاّ أنه متعجل رخيص.. يناديك بالبيك. والباشا وما شئت.. طالما أمل.. وأمله غاية مستعجلة.. وبالأسطى.. وياهو.. والحاج، لو أخلفت ظنه، أو طمع في مزيد.. أو لو قصرت المسافة بين ميعاد السداد في نظره، وميعاد استكمال واجبه في نظرك..
إلا أن هذا الخلق. دليل العبودية المزمنة.. ما تأتى لها هو الكسب من أي الطرق أتى.. لأن المفروض لها في طبيعة وضعيتها الحرمان.. من الحق الشرعي، والبدهي المقرر.. فالإحتيال على إخراجه، والفرحة به، تركيز للذات المزعزعة. وسد للحاجة المستعجلة تنصرف إلى أتفه المنافذ الممكنة..
إنها قسوة أن أقول هذا. ولكنها في سبيل الصدق الراجي الكمال لأخيه الأرشد، تعبير ناعم بسيط عن واقع أعرج.. ودلالة من صبي القرية على الخط المستقيم لثري المدينة التائة..
هو خط التفاهم بين الإنسان والإنسان حتى حين ينعدم التفاهم بين لسان ولسان..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :734  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 16 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الغربال، قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه: 1999]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج