شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
( 6 )
حقائق...
الطبع الحجازي شره للتحلل بنسبة قيوده العامة. لدى الفرصة المواتية.. أو المناسبة الداعية، ولكنه ـ لحرمانه أيضاً ـ قانع راض باليسير يحسبه الكثيرون منا القمة في الكثير، فغالبيتنا فراش يتساقط على فتات الموائد دون عناية باللباب ولو للعلم بوجوده..
ولن تقوم فكرة الوقتية للمنطلق من سجنه ـ ولو في رأيه ـ لأمد موقوت في سبيل العودة.. عذراً في هذا الترخص النفسي، والتسفل الخلقي، وإلاّ فأين هي المتاحف ودور المعرفة والدراسة ومسارح اللهو البريء، ومجالي المناظر الطبيعية الهادئة.. ومفاتنها الشعرية المبسوطة في حياة زائري مصر منا؟..
نعتقد أن هناك عقدة تسبب هذا الانحراف الشائع فينا، هي الاستماع لكل عائد عن مجال مخصوص في حياة مصر من كل متشوق إلى محروم منه في وضح النهار، وعلى خير مثال، وأمتع ممارسه.. هو الصالة، والكازينو، والمسرح، والسينما، والبنسيون.. وما انطوى في هذه، وطوته من مغامرات وحوادث، والوقوف عند هذا الحد بما فيه من خيال، وعطور، وأسرار، وجمال..
كما نعتقد أن الدوام، والكثرة والطبع الراسخ في النفس تنوع اللذة والممارسة والمشاهدة، والمعرفة، ولو للحكاية عن جديد غير مألوف كالمتحف ونوادي الرياضة وضفاف النيل، والملاهي البريئة، والمناظر المثيرة للأفكار والنفس، سيغير كثيراً من الوضع التقليدي الراهن.. ولحسن الحظ قد بدأ الطريق يسلك من قليل.. سيكثرون بسرعة واستمرار..
ولعلّ فكرة إصرار بعض الحجازيين في مصر على الاستقلال والتخفّي، والبعد عن ملازمة أو مصاحبة إخوانهم هناك بداية الإدراك الغشيم لهذا، وإن كان هو حتى الآن.. في خط خلق المجهول للحكاية ـ بدون شهود ـ والتوشية والسرية عنه، والتفرّد أولاً وأخراً بكون خاص.. وملابسات فردية، فالتقليدية أساس أولي ونهائي في سلوك هذا السبيل الواضح المعبد.. على أن المحصول منها تافه حتى في قلب هذا الخط المجهول وأطرافه، إذ الحقيقة المستوفاة فيه على ارتفاع الضرائب المبذولة به ـ أرخص بكثير في لبابها المذاق بأيسر تكليف ببلادنا.. ولكن الحكاية عنها إسراف لا يضاهى بدوافع التقليدية المؤسسة.. ولإشباع الذاتية في أنانيتها البشرية الراسخة.. ألا حبذا، لو صدق أضعف الإيمان بنفوسنا فكان المجتنى ـ على خساسته وتفاهته في رأينا ـ مجتنى يستحق الكدح والبذل، وهذا التهالك عليه.. كما هو في رأي الغالبية الممارسة له، والمتهافتة عليه، وهي في بلادها منتظرة دورها التجريبي الغائم في الأحلام، ورؤاها الحلوة الساحرة، والموجزة في كلمة "مصر" لمن زارها أو سيزورها بعد حين.. وبعد سماع هذه الأسرار المعطّرة والحوادث المثيرة، والمرائي المتلاحقة لحناً أخاذاً في السمع، وخيالاً راقصاً في العين، وخدراً لذيذاً في الجسم..
إن الغريق حتى أذنيه، لأقدر على وصف اللجة من زميل الساحل أو حلس البر.. وإنا حين نسرف في العتب على الغير، أو في نقد النفس، لا ننهش اللحم لنهش اللحم ولكن تقوية للنواجذ. وتربية للعضلات في سفور العاصي يلذعه الندم وحماس المخلص يدفعه الإخلاص.. لا جمود المتزمّت أو تشهيره يخفي المكنون في نفسه.. قصراً في الإرادة.. أو في "الذيل" وطولاً في اللسان للحس قفا الغير. سلباً لسعد، أو إرواء لحرمان..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :737  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الثاني: أديباً شاعراً وناثراً: 1997]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج